المسابقات المحلية تكشف تواضع مستوى التشكيليات السعوديات

المسابقات المحلية تكشف تواضع مستوى التشكيليات السعوديات

المسابقات المحلية تكشف تواضع مستوى التشكيليات السعوديات

حينما نحاول الاقتراب من عالم الإبداع, وعندما نبحث في علم الجمال تكثر الآراء وتختلف وتتباين، يصعب على الإنسان أن يضع أسساً ومعايير ثابتة، لذلك حاول الفيلسوف هيجل بكل جهده أن يعرف الجمال وماهيته إلا أنه عاد من حيث ابتدأ دون أن يحقق هدفاً أو يعرف مجهولاً.
الإبداع... الجمال... الذوق... كلها تنطلق من الفن وإليه, فليس للفن مقاييس محددة فهي دائمة التغير والتطور، فالحياة الاجتماعية تؤثر فيها والفكر والثقافة يعيدان صياغتها والسياسة تحدد أحياناً اتجاهاتها.
الفن لا يفرق بين الأجناس, وليس مقتصراً على شعب دون آخر أو أمة من غير الأمم, ففي الشعر نساء ورجال, وفي العالم تجد الفنانين التشكيليين والفنانات, وفي المملكة العربية السعودية هناك إبداع وفن, فالمرأة - الفنانة التشكيلية - تشارك الرجل المسيرة الإبداعية والعمل الفني دون حدود أو قيود إلا ما أمرت به الشريعة الإسلامية أو ما أملته علينا عاداتنا وتقاليدنا فُتِحَت لها المجالات, فقدمت موهبتها, وأطلقت لخيالها العنان, فأبدعت معبرة عن أحاسيسها الداخلية, مترجمة تلك الحالات الانفعالية بكل ما تحمله من عاطفة جمالية عاشتها, وتبلورت في عالمها اللاشعوري تلك المواقف والأحدث فظهر نتاجها, وأطل منها على المجتمع بعرض أعمالها بجانب الرجل في المعارض الداخلية والخارجية على حد سواء، وكذلك في المسابقات التي تنظم من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو غيرها من الجهات الحكومية والخاصة.
تلقت المرأة (الفنانة) تعليماً فنيا موازياً للرجل ابتداء من التعليم العام الذي أتاح لها فرصة اكتساب الخبرات, وحتى المراحل الجامعية حيث نالت فرصتها لتتخصص في المجال الفني والعمل الإبداعي, بل تجاوزت ذلك إذ واصلت بعض الفنانات تعليمهن في أرقى الجامعات والمعاهد الخارجية, كما أتيحت لها فرصة زيارة المعارض والتعرف على المبدعين, وكذلك مارست النقد بجانب الرجل في صفحاتنا المحلية.
عندما تلقي نظرة على السير الذاتية لبعض الفنانات التشكيليات تجدهن يملكن الكثير من الخبرات المتراكمة, والتجارب الغنية ويملكن ثقافات متنوعة, واطلاعا واسعا، ورغبة واضحة لتقديم ما لديهن من أعمال فنية وترى خطوطها وألوانها في جميع المناسبات والفعاليات إلى جانب الرجل.
وفي محاولة بسيطة للاطلاع ومعرفة المستوى الفني الذي وصلت إليه الفنانة السعودية تتبعنا بعض المعارض المقامة داخل المملكة العربية السعودية والتي شاركت فيها الفنانة التشكيلية إلى جانب الرجل, ونظرنا إلى نصيبها الذي حققته من الجوائز المقدمة في تلك المعارض فكانت النتائج مثار استغراب ودهشة, وتجعل المتابع يصاب بحيرة يصعب معها التفكير, تبحث عن الأسباب لذلك فلا تجدها, تفتش عن مبرر لهذا المستوى(الضعيف) فلا تملك تحليلاً لذلك.
ولمعرفة ذلك بشكل أدق رصدنا خمسة معارض تشكيلية، أقيمت خلال سنوات خمس ماضية من عام 1420هـ حيث أقيم المعرض العام الخامس عشر للفن السعودي المعاصر وكذلك السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر إضافة إلى المعرض الأول لمسابقة متحف الفن التشكيلي السعودي المعاصر المقام في عام 1423هـ, هذه المعارض تمثل عينة عشوائية.
جاء عدد الفنانين المشاركين أكثر بكثير من الفنانات، ففي كل معرض يراوح عدد الفنانين ما بين 85 و95 فناناً، أما الفنانات فكانت أعدادهم تراوح بين 17 و25 فنانة.
قدمت الرئاسة لهذه المعارض مجتمعة 90 جائزة بمختلف المجالات التشكيلية حصل الرجال على 74 جائزة فيما تبقى 16 جائزة للفنانات. هذه المفارقة العجيبة أمر يثير تساؤلاً خاصة عندما نعلم بأن الفنانات لم يحققن أي جائزة في المعرض الثامن عشر الذي بلغت جوائزه 15 جائزة وتوزعت على التصوير التشكيلي والرسم والفن التطبيقي والجرافيك وتكرر ذلك في المعرض السادس عشر حيث وزعت 8 جوائز كانت كلها من نصيب الرجال، إضافة إلى ذلك لم تنل فنانة تشكيلية على الجائزة الأولى خلال تلك الفترة.
هذه النتائج تحتاج إلى وقفة ومراجعة لبحث الأسباب والمسببات لمعرفتها ومعالجتها.
هذه النتائج المحققة أهي ضعف في المستوى الفني النسائي أم ماذا؟ .
هل للجان التحكيم دور في هذه النتائج, وخاصة عندما نعلم بأن جميع لجان التحكيم التي تولت تحكم تلك المعارض هم من رجال وليس بينهم فنانة واحدة؟!
هل الذوق الفني للرجل ( الفنان ) يجعله ينجذب ويعجب بعمل الرجل فينحاز لا شعوريا لذلك النوع من الإبداع أم ماذا؟
أسئلة كثيرة... تحتاج إلى العديد من الوقفات والمناقشات... نأمل أن نتلقى تفسيراً لذلك سواء من المسؤولين أو من لجان التحكيم أو من الفنانات أنفسهن.

الأكثر قراءة