تحويلات العمالة في الدول النامية تفوق الاستثمار المتدفق عليها 200 %
أظهر تقرير صادر من البنك الدولي ارتفاع حجم تحويلات المغتربين من دول العالم من 257 مليار دولار عام 2005 إلى 268 مليار دولار عام 2006، في حين يبلغ حجم تحويلات المغتربين من الدول النامية وحدها إلى أوطانهم 199 مليار دولار في 2006، مقابل 188 مليار دولار في 2005.
إلا أن التقرير يوضح أن هذه التقديرات تشمل التحويلات الرسمية فقط، وإذا ما تم إحصاء التدفقات غير المسجلة عن طريق القنوات الرسمية وغير الرسمية معاً فإن الحجم الحقيقي للتحويلات سيكون أكبر بكثير ويرتفع بنحو 50 في المائة على الأقل، ما يجعلها أكبر مصدر للتمويل الخارجي في الكثير من البلدان النامية. وبهذه الأرقام أيضا تفوق تحويلات العمالة - كما يوضح التقرير - حجم الاستثمار المباشر المتدفق للدول النامية بنحو مرتين.
وفي مايلي مزيداً من التفاصيل
أبرزت بيانات جديدة أصدرها البنك الدولي تزايد الحجم والتأثير الإنمائي لتحويلات العمالة الأجنبية في الاقتصادات العالمية، وذلك في إطار المؤتمر الدولي الثاني المعني بتحويلات المهاجرين الذي عُقد في قاعة بلدية العاصمة البريطانية لندن. وأظهر التقرير ارتفاع حجم تحويلات المغتربين من دول العالم من 257 مليار دولار عام 2005 إلى 268 مليار دولار عام 2006، في حين يبلغ حجم تحويلات المغتربين من الدول النامية وحدها إلى أوطانهم 199 مليار دولار في 2006، مقابل 188 مليار دولار في 2005.
إلا أن التقرير يوضح أن هذه التقديرات تشمل التحويلات الرسمية فقط، وإذا ما تم إحصاء التدفقات غير المسجلة عن طريق القنوات الرسمية وغير الرسمية معاً فإن الحجم الحقيقي للتحويلات سيكون أكبر بكثير ويرتفع بنحو 50 في المائة على الأقل، ما يجعلها أكبر مصدر للتمويل الخارجي في الكثير من البلدان النامية.
وبهذه الأرقام أيضا تفوق تحويلات العمالة - كما يوضح التقرير، حجم الاستثمار المباشر المتدفق للدول النامية بنحو مرتين.
وفي حين لا يوضح التقرير تقسيم التحويلات المالية من حيث الدول المصدرة لهذه التحويلات، فإنه يوضح أن منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي لا تزال تعتبر أكبر متلقٍ للتحويلات (المسجلة) بالقيمة الاسمية للدولار. وتبلغ نحو 53 مليار دولار تليها شرق آسيا، الباسيفك 45 مليار دولار، ثم جنوبي آسيا 36 مليار دولار، ثم أوروبا وأمريكا الوسطى 32 مليار دولار، ثم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومعظمها من الدول العربية 25 مليار دولار.
أما من حيث نسبة التحويلات من إجمالي الناتج المحلي فجاءت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المرتبة الأولى. ونظراً لنقص البيانات، فإن تدفقات التحويلات إلى إفريقيا جنوب الصحراء تم تقديرها بأقل مما هي عليه فعلياً. وشهدت تدفقات التحويلات المسجلة نمواً كبيراً في جميع مناطق العالم تقريباً، إلا أنها كانت أكثر سرعة في منطقتي أوروبا وآسيا الوسطى، وشرق آسيا والمحيط الهادئ.
ويشير التقرير إلى تضاعف التحويلات العالمية المسجلة على مدى السنوات الخمس الماضية من 132 مليار دولار في عام 2000 إلى نحو 268 مليار دولار سنوياً في هذا العام. ويرجع ذلك إلى ازدياد مستوى تدقيق التدفقات منذ هجمات أيلول (سبتمبر) 2001 ، انخفاض تكاليف التحويلات واتساع الشبكات في صناعة التحويلات، وانخفاض قيمة الدولار (الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع قيمة التحويلات المقوّمة بالعملات الأخرى)، وزيادة عدد المهاجرين ومستويات دخولهم.
وعلى الرغم من خلو التقرير من الإشارة إلى الدول المصدرة للتحويلات العالمية، فإنه من المعروف أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر من الدول المصدرة الرئيسية لهذه التحويلات، حيث أشارت تقارير نشرت أخيرا إلى أن التكلفة الفعلية للعمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي تتجاوز بمقدار الضعفين تقريبا قيمة التحويلات المالية السنوية لهذه العمالة التي تراوح بين 30 و35 مليار دولار سنويا. ووفقا لما أعلن، فإن قيمة التحويلات المالية للعمالة الأجنبية من السعودية وحدها بلغت نحو 15 مليار دولار وهو ما يضع المملكة في المرتبة الثانية عالميا من حيث حجم التحويلات المالية للعمالة الأجنبية. بينما يقدر محللون إجمالي التحويلات المالية المصدرة من قبل الدول العربية مجتمعة بما يراوح بين 40 و50 مليار دولار.
ويرى محللون اقتصاديون أن التكلفة الحقيقية التي تتكبدها الاقتصادات الخليجية من استخدام العمالة الأجنبية تتجاوز بكثير قيمة التحويلات المالية السنوية، حيث يجب هنا الأخذ في الحسبان كذلك التحويلات المالية غير الرسمية أو المباشرة التي لا تذهب عبر المصارف أو محال الصرافة، كذلك تكلفة دعم الخدمات الصحية والتعليمية والسكنية والكهرباء والماء والسع الغذائية المدعومة التي تستخدم من قبل العمالة الأجنبية، كذلك الآثار غير المباشرة نتيجة استخدام المرافق ووسائل الاتصالات وغيرها.
وتتعاظم الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المشكلة نتيجة وجود بطالة متنامية بين المواطنين في دول التعاون حيث تراوح هذه النسبة بين 7 و15 في المائة، إلى جانب تعاظم استنزاف العمالة الأجنبية الموارد المالية، علاوة على أعبائها على مرافق الخدمات وغيرها مما يخلق إفرازات اقتصادية واجتماعية سلبية عديدة. ومن هنا تتركز الأضواء مجدداً على الجهود الجماعية التي تبذلها دول المجلس في هذا المضمار.
وتراوح نسبة العمالة الأجنبية في بعض دول الخليج ما بين 60 و80 في المائة من إجمالي قوة العمل، حيث يصل عددها إلى نحو 11 مليون عامل. وهذا الأمر يستدعي بذل جهود إضافية لإعداد القوى العاملة الوطنية إعدادا مهنيا ومهاريا كفوا بحيث تسهم هذه العمالة في تنفيذ خط التنمية وتسهم أيضا في ترشيد العمالة الوافدة. ولا شك أن وجود هذه النسبة العالية يؤثر في فرص العمالة الوطنية وتدني الأجور، إضافة إلى تأثيرها في الاقتصاد بشكل عام. وتبذل دول مجلس التعاون الخليجي جهودا مشتركة لتشكيل لجنة عليا بين الدول الأعضاء لوضع آليات التنفيذ لتفعيل قرارات المجلس الأعلى لقادة دول المجلس في الدورة العشرين حول كيفية الاستغناء عن العمالة الوافدة ووضع استراتيجيات التوطين. كما أن موضوع العمالة الوافدة وموضوع توطين الوظائف من الموضوعات المهمة التي بحثت على جميع المستويات، حيث أكد قادة دول المجلس أهمية النظر في النظم والتشريعات والقوانين العمالية التي توصل الأهداف إلى التنفيذ من ناحية توطين الوظائف والحد من استيراد العمالة الأجنبية، ولا سيما أن دول المجلس الآن مليئة بالكفاءات الوطنية والمؤهلة علميا وعمليا.
وتقول مصادر في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي إن دول المجلس وضعت مشروع الخطة الإرشادية الموحدة لإنشاء نظام نموذجي موحد لمعلومات سوق العمل في الخليج. وأهمية المشروع كبيرة جدا وخطة العمل تهدف للوصول إلى أهدافه النهائية خلال فترة خمس سنوات وهو مشروع ضخم جداً يحتاج إلى جهد. وترمي الخطة إلى أن تزود كل دولة خليجية المكتب التنفيذي بمعلومات عن سوق العمل سواء عن السكان أومخرجات التعليم والعمالة ومن خلال جمع هذه المعلومات يقوم المكتب بإعداد الإحصائيات والدراسات لتحليلها لتحقيق الأهداف المرجوة من المشروع.