الأنثى مخيفة أكثر من الذكر
في الأسبوع الماضي ذهبت إلى حفلة أقامها صديق قديم في الجامعة. وكانت مناسبة بهيجة بما فيه الكفاية، حضرها الكثير من الأشخاص الذين أعرفهم منذ أكثر من 30 عاماً. ولكن أدركت في أثناء مغادرتي أمرا غريبا؛ بدأت صديقاتي الناجحات يبعثن في نفسي الخوف.
ثم فكرت في الرجال الذين كانوا موجودين في الحفلة، الذين أصبح معظمهم أنحف في الجزء العلوي من الجسم وأكثر سمنة في منتصف الجسم. لم يجعلني أي واحد منهم أشعر بالتوتر ولو قليلا، حتى الرجال الذين يشغلون مناصب عالية الذين يعتبرون أنفسهم شيئا مهما جدا.
ما الذي يميز النساء الناجحات إذن ويجعلهن أكثر إثارة للخوف؟ خذ مثلا المرأتين الأكثر إثارة للخوف في العالم، اللتين في الخمسينيات من العمر: مادونا وأنجيلا ميركل. أطلقت الأولى للتو فيديو جديداً يظهر القدرة إلى استخدام القيود والسيطرة على مجموعة من الرجال السود. مصدر هذا الخوف ليس غامضا تماما.
الخوف الذي تثيره ميركل مختلف تماما، وأكثر غموضا. فهي لا ترتدي البنطلون اللامع- تم تصويرها الأسبوع الماضي وهي ترتدي جاكيت أخضر محتشما، شبيها بجاكيت أملكه. إن مقياس الخوف الذي تثيره لا علاقة له برأس المال المثير جنسياً، بل يحيط بها مثل هالة في قصة شعرها والطريقة التي تزم بها شفتيها.
قمت بتجربة ضابطة حيث نظرت إلى صورة لنيكولا ساركوزي، ولكن بدلا من الشعور بالخوف كنت أريد أن أضحك- إلى أن رأيت زوجته، كارلا بروني، تقف بشكل مخيف بجانبه. الأمر مشابه مع الزوجين كلينتون، حيث إن هيلاري تخيفني ولكن بيل لا يبعث في نفسي الخوف.
إذا فكرت في زملائي، يظهر نمط مماثل. فالسيدة مارجوري سكاردينو، الرئيسة التنفيذية لـ''بيرسون''، وهي المجموعة التي تملك ''فاينانشال تايمز''، تثير في قلبي الخوف بطريقة لم يكن يثيرها سلفها. العديد من زميلاتي اللواتي يشغلن مناصب عليا مخيفات. ونظراؤهن من الذكور ضعفاء بالمقارنة.
لا أقول هنا إنه ليس هناك رجال مخيفون. فإذا واجهت بشار الأسد، يمكنني القول إني سأشعر بعدم الراحة على أساس أنه مرتكب لعمليات قتل جماعية. وأنا واثقة بأن ستيف جوبز كان أيضا مخيفا، على الأقل حين ينفجر غضبا. ما أقوله هو أني بحاجة إلى سبب لأعتقد أنهم مخيفون.
قلة من النساء من اللواتي يجعلنني أشعر بالخوف يفعلن ذلك لسبب معين. ومن ضمن هؤلاء مارغريت تاتشر وآنا وينتور، اللتان تعتبران استبداديتين على مستوى عالمي. وأيضا ربيكا بروكس، بشعرها الأحمر الناري ومزاجها الغاضب. في الواقع، هي مخيفة أكثر بكثير من مردوخ الأب والابن معا، وهو أمر له دلالة كبيرة على اعتبار أن مردوخ الأب بحد ذاته مخيف جدا.
ولكن الغالبية العظمى من النساء اللواتي يثرن الخوف في نفسي لم يفعلن شيئا لإثارة هذا الخوف. ما الأمر بالضبط إذن؟ لقد فكرت كثيرا وخرجت بالكثير من الأسباب. ولا يعطي أي منها تفسيرا كاملا، ولكن ها هي على أي حال:
أولا، قد يكون الخوف ذا منشأ دارويني (أي له علاقة بالتطور وبنظرية البقاء للأفضل). من الأصعب على النساء تحقيق التقدم، لذا لا بد أن أولئك اللواتي يتقدمن هن أكثر شراسة وإثارة للإعجاب. ثانيا، ربما تكون النساء يتصرفن بشكل مخيف لإسكات الصوت الداخلي الذي يشير إلى كونهن ينتحلن دوراً ليس لهن. أو ثالثا، ربما تكون النساء مخيفات بطبيعتهن؛ لأنه من الأصعب فهمهن. عدم القدرة على التنبؤ يؤدي إلى القلق.
أو ربما لا يكون الأمر متعلقا أبدا بالنساء الناجحات، وإنما له كل العلاقة بالطريقة التي ننظر بها إليهن. إذا كنا لا نزال نتوقع من النساء التصرف كأمهات، نشعر بالذعر حين يظهرن أي علامة تدل على أنهن ليس كذلك. أو ربما يكون هذا نتاج الندرة. إذا كنت نادرا، من الأسهل أن تثير الخوف.
الاحتمال الأخير هو أن الأمر قد يكون متعلقا بالنساء من طفولتنا. أذكر أني ذهبت إلى عشاء حضره رجلان كانا يضطلعان بدور مهم جدا في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة. في البداية، كان النقاش يدور حول أفغانستان، ولكن في أثناء تناول القهوة تحول الحديث إلى المدرسة الإعدادية، وأصبح واضحا أن مديرة المدرسة وعمليات التفتيش التي تقوم بها على الطلاب في المقاعد تثير الخوف أكثر من طالبان.
أيا كان السبب، فأن تثير الخوف هو أمر في مصلحة المرأة. أعرف الكثير من النساء اللواتي يحصلن على ما يردنه؛ لأن رؤساءهن يخافون أن يرفضوا طلباتهن. هؤلاء النساء ليسوا طغاة أو سيئات على الإطلاق. بل قد يكن ما يمكن اعتباره زعماء في التنشئة ولكنهن يعرفن متى يبدين مخيفات ويقلن كلمات حادة وكيف يرفعن رؤوسهن لجعل الجميع- رجالا ونساء- يلتزمون بالقواعد.
جعلني كتابة هذا العمود مصممة على زيادة خاصية إثارة رعب الآخرين. ولكن قبل أن أبدأ، حاولت قياس نقطة البداية وطلبت من زميل لي تصنيفي من حيث كوني أثير الرعب على مقياس من واحد إلى 10. قال لي ''إحدى عشرة''. وكانت عيناه تلمعان وهو يتحدث، ما يعني ربما أنه كان يقول الصدق. أو قد يعني أنه كان يمزح.