600 مليون دولار تنفقها "مايكروسوفت" على الأبحاث والتطوير شهريا
600 مليون دولار تنفقها "مايكروسوفت" على الأبحاث والتطوير شهريا
أكد الدكتور خالد الظاهر، مدير عام "مايكروسوفت" العربية، أن شركة مايكروسوفت ملتزمة بالمساهمة في تطوير صناعة المعلومات والاتصالات في السعودية حتى تصبح في مصاف الدول المستفيدة من هذين المجالين الحيويين، مشيرا إلى أن التعاون الاستراتيجي بين مايكروسوفت والهيئة العامة للاستثمار يمثل توافقا في الرؤية بين مايكروسوفت والهيئة العامة للاستثمار والتي تهدف إلى وضع البلاد في مصاف الدول الأولى الجاذبة للاستثمارات والذي يعد مطلبا استراتيجيا يتعين على الجميع التكاتف من أجل إنجاحه وتحقيقه على أرض الواقع.
وذكر الظاهر في حوار لـ"الاقتصادية" أنه سيتم إطلاق مبادرات تهدف إلى تطوير بيئة اقتصادية وتقنية تجذب الاستثمارات الخارجية لتعود بالفائدة على جميع شرائح المجتمع كافة، مضيفا أن زيارة بيل جيتس، رئيس شركة مايكروسوفت، للمنطقة للمشاركة في "منتدى التنافسية الدولي الأول" في الرياض اليوم، الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار في السعودية، والتي تعكس اهتمام "مايكروسوفت" بموضوع التنافسية وتشجيعها واستخدام تقنية المعلومات لتحسين التنافسية. إلى تفاصيل الحوار:
تشهد المملكة قريبا انعقاد منتدى التنافسية الدولي الأول، ماذا عن مضمون كلمة التنافسية، وما انعكاسات زيارة بيل جيتس للمملكة على أعمال المنتدى؟
زيارة بيل جيتس للمنطقة تعكس اهتمام مايكروسوفت في المملكة العربية السعودية بموضوع التنافسية وتشجيع التنافسية بالطريقة الصحيحة واستخدام تقنية المعلومات لتحسين التنافسية في الدول بشكل عام.
بالطبع مايكروسوفت موجودة في معظم دول العالم، ويهمها نقل المعرفة والخبرة التي اكتسبتهما من خلال التعامل مع الجهات الحكومية ودول العالم لتحسين التنافسية. والتنافسية، بشكل عام، هي إعطاء الاقتصاد إمكانية أكبر لجذب الاستثمار الاجنبي وتوطين الاستثمار المحلي؛ لأنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك نوع من التنافسية بين الاقتصاد الوطني وبين جذب الاستثمار الأجنبي وتوطين الاستثمار المحلي. وفي المقابل، تعمل الدول الأخرى على جذب مثل هذه الاستثمارات، لأن كل المستثمرين، سواء كانوا جهات أو محليين يهمهم بالدرجة الأولى الربحية، واستمرارية المشاريع، واستمرارية العائد على تلك المشاريع ونموها، كما يهمهم احتمالية الدخول في مشاريع أكثر، وكل هذه العوامل مهمة جدا لتحديد تنافسية دولة، أو تنافسية الاقتصاد داخل دولة عن تنافسية، أو اقتصاد دولة أخرى.
وللوصول إلى مفهوم التنافسية الصحيح هناك معايير دولية معروفة تحدد تنافسية كل دولة وموقعها من الدول الأخرى. وهذه المعايير تأتي في هيئة انطباعات للمستثمرين، فأي مستمثر عاديا كان أم محليا، يحاول أن يدرس أين تكمن مواطن الاستثمار الأفضل والأمثل، سواء في المملكة، أو الصين، أو الهند، أو في أوروبا، أو في أمريكا الجنوبية. وبالطبع يحدد المستثمر نوعية الاستثمار، والصناعة، والشركة التي يستثمر فيها داخل هذا البلد. هذا بشكل عام مفهوم التنافسية ومفهوم المعايير لتحديد التنافسية وهي معايير مدروسة وبها مقاييس محددة.
وهذه هي أهم أهداف الهيئة العامة للاستثمار في السعودية، ومايكروسوفت يهمها أيضا أن يكون هناك توافق في الرؤية بينها وبين الحكومات التي تتعامل معها بشكل عام، وأيضا يهمنا جدا أن يكون هناك توافق في الرؤية بين مايكروسوفت العربية في المملكة وبين الجهات الحكومية أو الجهات الخاصة، ويهمنا بالدرجة الأولى أن يكون هناك توافق في الرؤية بين مايكروسوفت العربية وهيئة الاستثمار؛ لأنها هي المسؤول الأول عن جذب الاستثمارات الأجنبية. وبالطبع، كما تعلمون، فإن مايكروسوفت موجودة بالمملكة منذ أكثر من عشر سنوات، واستثماراتنا موجودة قبل ذلك بفترة.
أكثر من عشر سنوات هو عمر رحلة الاستثمارات داخل المملكة، ماذا عن أبرز محطات الاستثمارات الخاصة بالشركة خلال أكثر من عقد مضى؟
تنظر مايكروسوفت إلى الاستثمار من معايير مختلفة، فنحن لا نركز على الاستثمار المالي أو النقدي فحسب، وإن كان بالطبع هناك جزء نقدي منه، فهناك مستثمرون محليون يستثمرون أموالا، لكن مايكروسوفت لديها خبرة عالمية في مجال التقنية، وبالتالي يهم مايكروسوفت أن يكون لديها أستثمارات بشكل أكبر من خلال توطين التقنية والمشاركة في بناء قطاع تقنية معلومات قوي يكون فيه استمرارية التعاون مع قطاع التقنية بشكل عام، فمايكروسوفت استثمرت في بناء ما يُعرف بـ ecosystem وهو شبكة الشركاء في المملكة وهذه من استراتيجية مايكروسوفت والتي مفادها ألا يكون عملها فرديا بل جماعي على الدوام مع مجموعة من الشركاء يقدمون خدماتهم. ولدينا- الحمد لله – شبكة شركاء يبلغ عددها مئات الشركاء بالمملكة يتم تطوير التعاون معهم لتقديم أفضل خدمات للعملاء. والشركاء مقسمون إلى عدة أجزاء، شركاء تعليم، تصاميم، تنفيذ، إدارة مشاريع، فهناك نوعية مختلفة من الشركاء يقدمون خدمات بحسب حاجة العملاء. والاستثمار في بناء هذه الشبكة تكلف مئات الملايين.
وهناك أيضا طرق أخرى للاستثمار بالنسبة للشركة، فمايكروسوفت تستثمر أيضا في مجال الأبحاث والتطوير، وأنفقت نحو 7.5 مليار دولار خلال العام الجاري فقط في مجال بحث وتطوير البرامج على مستوى العالم. وهذا الرقم ليس بسيطا، حيث إنه يعادل نحو 600 مليون دولار شهريا، وهي بالطبع ميزانية ضخمة جدا. وينتج عنه تطوير البرامج نفسها وأيضا براءات الاختراع. فمايكروسوفت تعد أكبر شركة برمجيات في العالم حصلت على براءات اختراع العام الفائت، ووصل عدد براءات خلال العام الفائت إلى نحو ثلاثة آلاف براءة اختراع، وهو ما يعرف بـ granted، وهذا الرقم ليس هو المقدم، حيث تم تقديم براءات اختراع أكثر بكثير وصلت إلى نحو 10 -11 ألف براءة اختراع. وجميع براءات الاختراعات تلك في النهاية البعض منها سيتم إدراجه داخل منتجات مايكروسوفت، والبعض منها حسب نوعية براءة الاختراع، فقد تكون في التعرف على الصوت voice recognition وحلول الكتابة اليدوية hand writing solution .
كما أن لدينا مبادرات البعض منها يدعم مبادرات محلية، كمبادرة الحاسب الآلي المنزلي، مليون جهاز، ولاحظنا خلال الفترة الماضية حركة جيدة في هذه المبادرة وسنشهد دعما أكثر من مايكروسوفت في مثل هذه المبادرات.
كما ستكون هناك مبادرات أخرى سنطلقها خلال الفترة القادمة، وبالإضافة إلى هذه المبادرات، هناك برامج محلية على سبيل المثال، إذا أصبح لدى البعض ترخيص أو ما يعرف بـEnterprise Agreement وهذا نمنحه للشركات الكبيرة والجهات الحكومية، فلكل جهاز مرخص عن طريق هذا البرنامج، يتم ترخيص جهاز استخدام شخصي في المنزل لهذه الجهة، فإذا تم التوقيع مع جهة معينة تراخيص بخمسة آلاف جهاز، فيتم منح هذه الجهة تراخيص لخمسة آلاف جهاز لمنازل الموظفين كي يستخدموها في بيوتهم، وهذا يهدف إلى تشجيع استخدام التقنية؛ لأنه من الملاحظ من واقع الدراسات العالمية أن هناك ما يعرف بـ "رهبة استخدام الحاسب الآلي"، وبالتالي يمكن معالجتها بتعويد الشخص سهولة استخدام الجهاز ليس فقط في العمل، ولكن باستخدامه في المنزل واستخدام برامج العمل بطريقة مريحة، وأيضا تشجيع أطفالهم على استخدام برامج مايكروسوفت وهذا يشكل عاملا آخرا مفيد، فالإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن نسبة 40 في المئة من سكان المملكة من مستخدمي الحاسب هم ذوو الأعمار أقل من 16 عاما، وهي سمة مميزة للمملكة، ، وهذا يعني أن هناك جيلا جديدا ناشئا بالمملكة، وإحصائية أخرى تشير إلى أن متوسط عمر الذكور بالمملكة 22 سنة والإناث 19 سنة من مستخدمي الحاسب الآلي؛ الأمر الذي يوضح أهمية الاستثمار في هذا الجيل الناشئ الجديد، وفي النهاية فإن تسهيل وصول التقنية يعطيهم القدرة على ركوب موجة تقنية المعلومات، وهذا شيء مهم جدا، حيث إن التقنية ستكون العامل المميز بين الشباب في مجال الإبداع والابتكار وتحقيق النجاح، وأيضا بين القطاعات الناجحة من غيرها.
اختيار صناعة المعلومات كعنوان لأول منتدى للتنافسية ماذا يمثل بالنسبة لمايكروسوفت بوجه خاص وقطاع التقنية بوجه عام؟
بالنسبة لمايكروسوفت يمثل توافقا في الرؤية بين مايكروسوفت والهيئة العامة للاستثمار؛ لأنه في رأي مايكروسوفت نجاح أي صناعة أو تجارة، كتجارة التجزئة على سبيل المثال، واستخدام التقنية في القطاعات والصناعات يحدد تنافسيتها ونجاحها بالنسبة للآخرين. وفي رأي مايكروسوفت مَنْ يستخدم التقنية سيكون منافسا أكبر، وسيكون أكثر حظا من الآخرين، وأكثر قدرة على توصيل الخدمة للمستخدم بطريقة أسهل وبسعر أفضل. وبالطبع سيوصل المعلومة إلى صانع القرار بطريقة أفضل. وإذا كانت تلك هي أيضا نظرة هيئة الاستثمار، وهذا ما لاحظناه أخيرا، فإن هذا يوضح مدى تطابق الرؤية بين هيئة الاستثمار ومايكروسوفت.
ومايكروسوفت على قناعة تامة بأن صناعة تقنية المعلومات صناعة تكاملية تكمل كل الصناعات الأخرى، وصناعة أساسية لنجاح وتنافسية الصناعات الأخرى. ومرة أخرى، فإن التنافسية تعني بالنسبة لنا إمكانية توصيل الخدمة للمستخدم بطريقة أفضل وسعر أقل وراحة أكبر. خذ على سبيل المثال صناعة البنوك، فعن طريق التقنية يمكنك التواصل مع البنك على مدار الأربع والعشرين ساعة، وهذا استخدام أسهل عن طريق استخدام البنك في المنزل، كما وفرت التقنية الاستخدام على بعض الأشخاص الذين لم يكن بوسعهم الحصول على تلك الخدمة ككبارالسن وبعض النساء. كما وفرت الإنترنت خدمات أخرى لم يكن البعض يسمع عنها.
وبالتالي، فإن اختيار صناعة المعلومات كعنوان لأول منتدى للتنافسية يعكس التوافق في الرؤية بين مايكروسوفت وهيئة الاستثمار، ويعكس التزام مايكروسوفت بالمشاركة في منتديات عالمية مثل هذا المنتدى، والمشاركة بخبرة، فبيل جيتس سيتحدث عن خبرة مايكروسوفت في الأماكن الأخرى من دول العالم لتقديم تقنية تساعد صناعة المعلومات في خدمة الصناعات الأخرى.
نود إلقاء الضوء على التعاون الاستراتيجي القائم بين مايكروسوفت والهيئة العامة للاستثمار؟
التعاون القائم بيننا وبين الهيئة العامة للاستثمار ننظر إليه بأنه تعاون استراتيجي من الطراز الأساسي، بمعنى أنه تتوافق فيه الرؤية المستمرة بين مايكروسوفت ونظرتها للسوق السعودية ونظرتها إلى استمرارية الاستثمار في السوق السعودية، وبين نظرة هيئة الاستثمار للسوق السعودية في جذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الاستثمار المحلي.
وكما نعلم فإن هيئة الاستثمار لديها ثلاثة قطاعات مهمة جدا هي الطاقة، والنقل، والمعرفة، وبالطبع تقنية المعلومات هي من أهم الصناعات المعتمدة على المعرفة. وهذا شيء يسُّر مايكروسوفت بشكل كببر، حيث يعني نظرة بعيدة الأمد على أهمية قطاع تقنية المعلومات، فإذا كانت هناك مساواة في المملكة العربية السعودية بين قطاع الطاقة بشكل عام، وهو قطاع معروف بأنه يحقق 80 في المئة من الناتج المحلي القومي.
وهذا شيء مهم جدا، حيث إنه من دون البنية التحتية والتقنية المستمرة والناس ونقل الخبرات لا يمكن الوصول إلى التنافسية الصحيحة بين دول العالم. والمملكة، الحمدلله، خلال السنوات الثلاث الماضية، ارتفع حجم الاستثمارات بها بشكل كبير لتصل إلى المرتبة 43 عالميا، وهي مرتبة ممتازة مقارنة بالأعوام السابقة.
شهدت المملكة خلال الفترة الماضية إحجاما من المستثمرين عن إقامة مشاريع بالبلاد، ترى ما الأسباب وراء ذلك، وكيف ترون الصورة في الوقت الحالي، ولا سيما مع عودة جذب الاستثمارات كما يبدو من خلال الحراك التقني الذي نلاحظه حاليا؟
ثمة عوامل يعتمد عليها المستثمر من أجل اتخاذ قرار الاستثمار في بلد معين، أحد هذه العوامل هي الشفافية في التعامل؛ بمعنى عندما يريد المستثمر تقديم طلب لجهة معينة، أو الحصول على ترخيص، أو بناء مصنع، فهو يحتاج إلى شفافية في طريقة التعامل. فإذا كان كيفية تقديم طلب لإنشاء مصنع، وسهولة دخول مواد معينة، أو سهولة تعيين موظفين أمرا غامضا بالنسبة للمستثمر، فلن تكون لديه الثقة بأنه في حالة الاستثمار في هذا البلد سيكون لديه عائد لهذا الاستثمار، أو استمرارية في الاستثمار. ومن ثم فإن الشفافية عامل مهم جدا، وبالطبع خلال الفترة الماضية نجد أن استخدام تقنية المعلومات لتوفير الشفافية كان واضحا، فمن خلال الإنترنت يمكنك الوصول إلى أماكن كثيرة كالجهات الحكومية، والمالية، والتشريعية كي تعطيك فكرة أفضل حول إمكانية الاستثمار في المملكة، واستقدام موظفين، واستيراد بضائع، وفتح أنشطة تجارية، والتعاون مع جهات تجارية أخرى، وكل هذه العوامل نطلق عليها عوامل شفافية.
عامل ثان مهم جدا وهو العامل التشريعي، فإن وجود قوانين تشريعية تحمي المستثمر توفر له الجو المناسب للاستثمار. وبالطبع التشريعات قد تختلف في بعض الأحيان من صناعة إلى أخرى، فقد يكون من المهم لبعض الصناعات أن تكون هناك تشريعات تمكنها من إنتاج منتج، أو كمية معينة. فلا يمكنك، مثلا، أن تخطط لبناء مصنع لإنتاج السيارات بمعدل 500.000 سيارة، وتفاجأ أن قوانين البلد تحد من طاقتك الإنتاجية وتحدد إنتاج 100.000 ألف سيارة فقط، الأمر الذي سيسفر عنه تكبد المصنع لخسائر عديدة، وهذا ينطبق على الصناعات الأخرى كافة، فلا يمكن أن يخطط مستثمر لبناء بنك تبلغ عدد فروعه 200 فرع، ثم يفاجأ بأن المتاح له سنويا افتتاح 20 فرعا فقط.
وهناك أيضا عوامل أخرى مثل تطبيق الأنظمة، وكيف تمنح الدولة الثقة بأن هذه الأنظمة ليست مجرد حبر على ورق، بل أنها تطبق. وهذا ما نشعر به حاليا، حيث إن الدولة تهتم جدا بتطبيق الأنظمة بطريقة تخدم المواطن بشكل أصلي وأساسي وتخدم المستثمر.
هل تعتقدون أن الإجراءات الاحترازية المتخذة حاليا من جانب الجهات المعنية في محاربة القرصنة وحماية الملكية الفكرية أكثر جدوى من ذي قبل وأنها أصبحت واقعا ملموسا لأصحاب الأعمال والمستثمرين؟
لا شك أن ما يحدث الآن أفضل بكثير مما كان عليه الأمر في السابق، فالاهتمام والتركيز على تطبيق نظام حماية الملكية الفكرية واضح جدا في جميع القطاعات والجهات الحكومية سواء وزارة الداخلية، أو الإعلام، أو البلديات، أو الشرطة، أو الجمارك. وبالطبع مايكروسوفت إحدى الشركات، إن لم تكن أكثرها تضررا، وهناك أيضا من دون شك شركات محلية تعرضت للضرر. وأعمال القرصنة وحماية الملكية الفكرية تضرر الشركات المحلية أكثر بكثير من الشركات العالمية؛ لأن الشركات العالمية موجودة في كل مكان بالعالم، فإذا تضررت، على سبيل المثال، في المملكة، سيكون لها عوائد استثمارية في بلدان أخرى. بيد أن الشركات المحلية إذا لم تكن الحماية المحلية للملكية الفكرية متوافرة لها، فمن الصعب عليها العمل في أماكن أخرى، حيث إنها محلية بطبعها وإذا لم تعمل في بلدها، فستتعرض للإفلاس. وفي النهاية، فإن قوانين حماية الملكية الفكرية تؤثر بشكل رئيسي وأساسي في الشركات المحلية، بمعنى أنها تسهم في بناء صناعة تقنية معلومات بالمملكة تستقطب شبابا سعوديين، وتعمل على توفير وظائف تحقق عوائد مادية ضخمة للشباب السعودي عن أي وظائف أخرى. ومن ثم فإن تقنية المعلومات صناعة مستمرة ومستدامة تستفيد منها جميع الصناعات الأخرى وتدعمها.
أمضيتم سبع سنوات في أوراكل قبل الانتقال إلى مايكروسوفت، كيف تقيمون تلك التجربة، ولماذا الانتقال إلى مايكروسوفت تحديدا؟
أعتقد أن مايكروسوفت أفضل شركة تقنية في العالم، وهذا رأي الكثيرين، من ناحية اهتمامها بتطوير صناعة المعلومات بشكل عام، واهتمام شركة مايكروسوفت بطريقة تعاملها مع شركائها، ومن ناحية اهتمامها بالبيئة التي تعمل فيها واستثماراتها في البيئة التي تعمل فيها من استثمار صناعي أو استثمار في الأشخاص والمبادرات التي تصل إلى الشخص نفسه. وفي رأيي أن استثمارات مايكروسوفت من ناحية المبادرات الخيرية والإنسانية في المملكة تعد الأولى ولا تقارن بغيرها من الشركات. وهذا يعطي عاملا آخر يتمثل في الراحة النفسية للعمل في شركة مثل مايكروسوفت تركز على بيئة العمل وليس الربحية أو التقنية فقط، وهذا لا يعني أن باقي الشركات تهمها الربحية فقط. ولكن العمل في شركة بحجم مايكروسوفت يمكن من خلاله فعل الكثير، ومن خلال موقعك في مايكروسوفت يمكنك الوصول إلى عدد أكثر من الناس. ولذا أعتقد أنه لا توجد شركة صناعة معلومات تستثمر في تدريب أكثر من 30 ألف مُعلم ومُعلمة في المملكة مجانا، وإن وُجد فهذا شرف أن نعمل في صناعة توفر مثل هذه الخدمات. كما لا توجد شركة أخرى توفر، مثلا، برامج مجانية لبعض الجهات مثل الجمعيات الخيرية وتوفر مقررات تدريبية مجانية لذوي الاحتياجات الخاصة مثل مايكروسوفت. وهذا بالنسبة إليّ يمثل لدي قناعة شخصية بأنني أعمل في شركة تمكنني من فعل مثل هذا الشيء.
كيف تجدون مدى إقبال السوق السعودية واستيعابها منتجات مايكروسوفت، وماذا عن أبرز المنتجات التي تشهد إقبالا من الجمهور؟
هناك ثلاث شرائح مختلفة بالمملكة نتعامل معها، الأولى وهي ما يُطلق عليها enterprise customers الشركات الكبيرة، والحكومة بشكل عام، وشركة الكهرباء، وشركة سابك، وقطاع البنوك.
وهناك قطاع آخر يطلق عليه small and medium business وهو الشركات الصغيرة والمتوسطة. والإقبال على استخدام منتجات مايكروسوفت في هذه القطاعات أكبر بكثير من الإقبال على أي منتج لأي شركة أخرى. وهناك أيضا قطاع المستهلكين، وهو أكبر بكثير من أي قطاع آخر، حيث إن المستهلك يقبل على البرامج الأسهل استخداما والبرامج المتوافرة دوما، التي توفر له احتياجاته الشخصية. كما أن أكثر من 95 في المئة من الأجهزة في البيوت تستخدم أنظمة مايكروسوفت لتشغيل البرامج. وهناك أيضا البرامج الإنتاجية وتشمل برامج الطباعة، والعرض، والتقارير المالية، ونظام البريد الإليكتروني، والمتصفحات وهذه البرامج يستخدمها الأفراد بشكل يومي، فالاقبال بشكل عام، من وجهة نظرنا ممتاز، فكل شخص يستخدم جهاز حاسب الآلي، بلا شك، تتاح له فرصة التعامل مع منتجات مايكروسوفت. فلا يكاد يوجد شخص في العالم يستخدم جهاز كمبيوتر دون أن يستخدم منتجا من منتجات مايكروسوفت.
ثمة إشارات متزايدة إلى أن مايكروسوفت تمر بمأزق شديد يتمثل في تهم الاحتكار التي تُثار ضدها من حين إلى آخر، ومن بينها القضية التي رفعتها المفوضية الأوروبية، إلى أي مدى يمكن أن تؤثر مثل هذه القضايا في سمعة الشركة وأرباحها.
كلمة احتكار تعني أن هذه الشركة لها نسبة معينة من السوق، وهذا الشيء ليس عيبا، فبعض الشركات قد تنفي أنها تحتكر جزءا من السوق، وكون أن شركة مايكروسوفت تحتل نسبة عالية من السوق فهذا شرف لنا، ومع هذا الاحتكار يأتي نوع من المسؤولية لتوفير ما يحتاج إليه المستخدم، وبالتالي تصبح لدينا مسؤولية تطوير المنتج الذي يستخدمه المستهلك، بحيث يكون أفضل على الدوام. لاحظ أن استثمارات مايكروسوفت في الأبحاث والتطوير تصل إلى 7.5 مليار دولار لتطوير البرامج.
فموضوع الاحتكار ليس عيبا، بل مسؤولية. وفي رأينا الاحتكار هو نسبة السوق التي تستخدم منتجا معينا، وهي مسؤولية تلزمنا دوما بتوفير منتج أفضل ومنتج يعكس احتياجات المستخدم.
ومن ينظر إلى مايكروسوفت بطريقة محايدة، يرى أن مايكروسوفت تحاول فعلا توفير المنتج للمستخدم بطريقة سهلة، وبسيطة، ومناسبة، وتلبي احتياجاته.
هناك اتجاه لدى بعض العملاء لاستخدام برامج وحلول المصادرالمفتوحة، فنجد بعض القطاعات المصرفية الغربية تتبنى تلك المصادر وترى أنها أكثر أماناً، فماذا عن حجم المنافسة مع تلك البرامج، ولا سيما أن الفارق المادي كبير في الأغلب، وكيف ترون مدى الخطورة التي تمثلها على مايكروسوفت مستقبلا؟
وجود التنافسية شيء مهم جدا، لأنه يشجع دائما على تقديم خدمة أفضل للمستهلك، وهذه نظرتنا البعيدة التي مفادها أن وجود تنافس ووجود شركات أخرى توفر خدمات مماثلة لما تقدمه مايكروسوفت فهذا شيء جيد ونشجع عليه. ويهمنا في النهاية أن يكون لدى المستخدم خيارات متعددة. ونحن نستثمر، كما ذكرت آنفا، مليارت كي نقدم الأفضل، فوجود حلول أخرى لا يسبب لنا أي إزعاج، بل يذكي روح المنافسة لتقديم خدمة أفضل للمستهلك.
أشخاص كان لهم تأثير في حياة الدكتور خالد الظاهر الشخصية والعملية والمهنية؟
كثيرون كان لهم تأثير كبير في حياتي، وأول اثنين أدين لهما بالكثير من الفضل، هما والداي اللذان كان لهما عظيم الأثر في النجاح في حياتي الشخصية والعملية وفي تربيتي. إخواني أيضا كان لهم تأثير في حياتي، ولا سيما أختي. وفي حياتي العملية، كان الدكتور محمد السويل محافظ هيئة الاتصالات، حينما كان عميدا في جامعة الملك فهد، كان هو المثل الأعلى بالنسبة إلي، وكان يولي الاهتمام بشخصي وبدقة وجودة العمل والطلاب. وكنت طالبا صغيرا، واهتمامه بطالب صغير وهو رئيس للقسم ثم عميد بالجامعة يعد أمرا كبيرا ومثلا يحتذى به.
ولذا فقد تعلمت منه الكثير، هو أيضا شجعني على دراسة الدكتوراة، حيث لم يكن لدي تفكير في هذا الأمر، وسعى من أجل حصولي على بعثة لدراسة الدكتوراة، ولولاه لم حصلت على الدكتوراة. ولا أنسى كل من وقفوا بجانبي في أوقات التعليم، والدراسة، والعمل، وكل من أتاح لي فرصة في كل شركة التحقت بها، ولا أنكر أياديهم البيضاء عليّ. فعندما تكون في قطاع أكاديمي ثم تخرج إلى قطاع العمل، فهذه تعد نقلة نوعية مختلفة؛ لأن طبيعة العمل مختلفة، فكل من وثق بي وأعطاني الفرصة للخروج من القطاع الأكاديمي إلى قطاع العمل، لا شك أنني مدين له بالفضل طوال عمري؛ لأنه منحني هذه الفرصة. والانتقال من شركة إلى أخرى يوضح مدى ثقة الشركات بقدراتك وإمكاناتك يمنحك القدرة على تقديم خدمة أفضل للعملاء والأشخاص. وأنا أحمد الله على الدوام أنه قيّض لي هؤلاء الأشخاص على مدار حياتي الشخصة والمهنية.
ماذا عن استراتيجة مايكروسوفت بالمملكة والبرامج والتقنيات التي توفرها لشرائح المجتمع المختلفة؟
من الناحية الخيرية، يدور واهتمام مايكروسوفت في المملكة حول ثلاث محاور هم الشباب والفتيات وذوو الاحتياجات الخاصة، ولدينا برامج صممت خصيصا لهذه القطاعات الثلاثة. وهذه البرامج قد تكون برامج تدريبية، أو تطويرية للتأهيل والتوظيف. ولدينا تعاملات مع جهات خيرية مختلفة تهتم بهذه القطاعات الثلاثة وتهتم بتدريبهم وإتاحة الفرص الوظيفية لهم. والبرامج التي نطلقها تكون من خلال توفير أجهزة كما حدث مع جمعية الأطفال في مكة، على سبيل المثال، من خلال إنشاء معمل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير برامج تدريبية، وأجهزة خاصة. كما نقوم بتدريب الآباء والأمهات حتى يتمكنوا من متابعة تدريب الأطفال وتشجيعهم في منازلهم.
ومن خلال "الاقتصادية" أوجه دعوة عامة إلى جميع الجهات الخيرية التي يهمها التعاون مع مايكروسوفت لإطلاق مبادرات. وأود أن أشير هنا إلى أن مايكروسوفت تختلف عن مؤسسة الأعمال الخيرية التابعة لـ بيل جيتس. ويسرنا التعامل مع أي جهة خيرية سعودية ويكون لدينا تعاون معها.
ما رأيكم حول ملحق صناعة المعلومات بـ "الاقتصادية"؟
وجود صفحة متخصصة في مجال تقنية المعلومات يعد شيئا ممتازا. ويهمنا أن تتناول تلك الصفحات كل ما هو جديد في عالم التقنية على مستوى العالم. واقترح أن يكون هناك موضوع شهري على أقل تقدير يتناوله المتخصصون في مجال تقنية المعلومات كي يطلعوا القارئ على كل ما هو جديد في هذا المجال من واقع خبراتهم واطلاعهم.