حلواني: أحلم بمدن اقتصادية للتمور
حينما قدم محمد عبد الحميد حلواني إلى السعودية من دمشق أوائل الخمسينيات الميلادية وضع نصب عينيه تأسيس مصنع مستقل به. وقتها كان هذا التفكير يعتبر جنونا وخروجا عن المنهج التربوي للأسرة, خاصة الأسر الشامية، التي تعرف بصرامتها في تربية الأبناء وحبها إشراك أبنائهم في أعمالهم.
لكن الفكرة التي تخمرت في رأس الحلواني ذاك الشاب الذي لم يتجاوز العشرين عاما عاندت للخروج والتنفيذ وحينما صارح والديه كان أشبه بمن يخرج عن الطاعة.. حاول أهله ثنيه وعاند الفتى بإصراره. وبين الخوف عليه والخوف مما قد يخلفه هذا المشروع ارتضى والداه طلبه وأقرضا ابنهما مبلغا من ميزانية الأسرة لعل وعسى أن يكون هذا القرض أيضا عثرة أمامه حتى يرجع إلى جادة العقل ويترك المصنع ويعود إلى التفرغ لدراسته, فهو في المرحلة الثانوية العامة التي تتطلب تفرغا للدراسة فقط. لكن هذا الفتى المملوء بالحيوية والنشاط والتحدي كان فلتة بين أقرانه آنذاك, إذ تمكن من التفوق في دراسة واستكمال إنشاء مصنعه وتحقيق أرباح في نهاية العام. وأمام هذا الإنجاز الذي لفت سكان جدة والشهرة التي حققها أجبر على إغلاق مصنعه والانتقال به خارج مدينة جدة.
يقول الحلواني "النجاح الذي حققته وصل إلى أخي منير في الشام وحينما عاد إلى جدة في أوائل الستينيات طلب أن نتشارك في مصنع التنك وتشاركنا بالنصف واشتغلنا معا ليلا ونهارا, وكنا نفتح المصنع الساعة الخامسة فجرا ونغلق في الحادية عشرة ليلا, والحمد لله, ونظرا لهمتنا وتفانينا في العمل ونشاطنا انتقلت تلك الشراكة إلى مصنع الحلاوة وتسلمت أنا الإدارة وإخواني التصنيع".
يعرف عن حلواني قوة بأسه وشدته في العمل, ولقد لمست هذا حينما كنا في رحلة عمل خارج البلاد مع شهبندر التجار المرحوم إسماعيل أبو داود رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة.
يحمل تاريخ محمد حلواني نشاطا من النجاح والتفوق, إذ تمكن من تسجيل عدة اختراعات, منها اختراع ماكينة لتعبئة الحلاوة من دون أن تلمسها الأيدي, واختراع خط لمعالجة السمسم من تنظيفه إلى تقشيره إلى تحميسه أوتوماتيكيا, وفي 1982 سجل براءة هذا الاختراع عالميا. وكذلك تمكنه من تطوير ماكينة تعمل معمول التمر أوتوماتيكيا. وفي عام 2005 قام بتطوير خط لإنتاج الحلاوة أوتوماتيكيا بالكامل بإنتاج مستمر وتحكم الكمبيوتر بالكامل لإنتاج 500 إلى 600 كيلو جرام حلاوة طحينية في الساعة.
مر تاريخ الحلواني بعثرات طويلة ومتباعدة لم تثنه عن الاستمرار في العمل. يقول لا أنسى حينما قرر والدي هجرة السعودية إلى مصر إثر الانفجار الذي خلفه مصنع الحلاوة الطحينية وقرر أهالي جدة إغلاق المصنع وكذلك طردي من بيت الجمجوم في جدة بعد أن نجح مصنع التنك, وطالت شهرة جدة ومكة والطائف, لكنها العزيمة والإصرار, فأنا لا أعرف اليأس". محطات عديدة وتجارب جيدة اخترت منها الحوار التالي:
بداية نود معرفة قصة تأسيس مصنع حلواني للحلاوة الطحينية في السعودية؟
تاسست مصانع حلواني للحلاوة الطحينية في دمشق سنة 1830, أي قبل 176 سنة. وبالنسبة إلى السعودية تم تأسيسه بعد قدوم والدي المرحوم عبد الحميد حلواني إلى المملكة عام 1949, واشتغل المصنع عام 1950, وفي 1951 حصل حادث مؤسف, إذ انقطعت المياه ما أدى إلى ارتفاع الحرارة في الغلاية وانفتح صمّام الأمان لغلاية البخار ونتج عن ذلك دويّ صوت عال جمع أهالي حارة الشام وصار هرج ومرج في جدة, وصدرت توجيهات بعدم تشغيل المصنع في الحارة ما سبب لوالدي صدمة نفسية سافر على أثرها إلى مصر, وبعدها قام أخواي هشام وفضيل, يرحمهما الله, بإعادة فتح مصنع الحلاوة في باب مكة كيلو 1, وبدأ إنتاجه عام 1952.
ماذا كان اسم المصنع؟
كان اسمه المصنع الحديث للحلاوة الطحينية (ماركة النخلة) ، وكان استثمارا أجنبيا، وبعد أن أخذنا الجنسية السعودية بمنحة ملكية من الملك فيصل, رحمة الله عليه, في أوائل الستينيات غيرنا اسم المصنع إلى حلواني إخوان كاسم عائلي.
ولكن يقال إنك بدأت بالعمل في مصنع آخر غير الحلاوة الطحينية؟
نعم, أنا بدأت في الصناعة في نهاية عام 1958, وتحديدا في صناعة التنك, وكان أول مصنع يفتتح في المملكة بعد مصنع "أرامكو", وقتها عمري لم يتجاوز 20 عاما وكنت طالبا في الثانوية العامة, وكانت هناك معارضة شديدة من الأهل خوفا من اهتمامي بالمصنع على حساب دراستي, ولكن أمام الإصرار والعزيمة والإرادة تمكنت من إقناعهم بأن الصناعة هوايتي وحلمي, وسوف أتابع الدراسة, واشترطت أن يقرضوني قيمة مصنع التنك وأسددها لهم من الأرباح ووافقوا وبدأت العمل.
أين كان مقر المصنع؟
كان في البغدادية تحت منزل أسعد جمجوم, رحمه الله, وكانت والدته تسكن معه, وتضايقت من صوت المكبس وطلبت من ابنها إلغاء عقد الإيجار، ونقل المصنع من عندهم وأرسل لي سيد جمجوم إنذارا بعدم تجديد العقد للسنة المقبلة, واضطررت أمام إصرار والدته إلى البحث عن موقع خارج جدة, ووجدت في باب مكة كيلو 2 أمام مصنع الكوكاكولا واستأجرته ونقلت المصنع إلى هناك, وبفضل من الله خلال تلك الفترة سددت لإخوتي القرض وأصبح المصنع ملكي, والحمد لله, وبدأت العمل في المصنع عام 1960، وكان أخي منير, يرحمه الله, خارج المملكة وعاد عام 1960 وتشاركنا مناصفة واشتغلنا معا ليلا ونهارا, وكنا نفتح المصنع الساعة الخامسة فجرا ونغلق في الحادية عشرة ليلا, والحمد لله, في نهاية السنة ونظرا لهمتنا وتفانينا في العمل ونشاطنا, عرض الأخوان هشام وفضيل عمل شراكة معهما لمصنع الحلاوة والتنك, وكان ذلك في عام 1961, وبعدها بدأنا في تأسيس مصنع الحلاوة والتنك بطريق "بترومين" وانتهى تأسيسه عام 1962، وتسلمت أنا الإدارة وأخواي التصنيع.
كيف كان أهالي جدة يتقبلون الحلاوة الطحينية؟
حقيقة أهل جدة كانوا يأكلون الحلاوة الطحينية من قبل, وكانت الحلويات وبعض أنواع الجبن موجودة في جدة ومكة المكرمة, لأنها ملتقى الحجاج, أما بالنسبة إلى مصنعنا وقتها فأخد حقه من الشهرة منذ أواخر الخمسينيات, وكان لدينا المصنع ومحل بقالة في حارة الشام, وكان في البلد يسمونها آنذاك "بنوكا" فكان هناك بنك للخواجة يني وبنك الخضري وبنك الحلواني والباقي كانوا يبيعون في المباسط.
هل كانت بجودة الطحينية نفسها؟
طبعا، الحلاوة الطحينية أصلا من أيام جدي, رحمه الله, في الشام معروفة بماركة الخروف وهي أفضل حلاوة طحينية في البلد.
هل لكل بلد ومصنع خلطة خاصة به؟
نعم, لكل مصنع له خلطة وطريقة, وهذا ما يمّيز "حلواني" عن غيره من المصانع.
وهل الخلطة الموجودة الآن في الحلاوة الطحينية هي نفسها من قبل أم شهدت تحسنا من عام إلى عام؟
الخلطة الموجودة الآن هي من عام 1977، ولم تتغير من ناحية التركيبات والتحسين.
يقال إن لك براءة اختراع في الحلاوة الطحينية ؟
نعم, أنا وبفضل الله أول مخترع لمعالجة السمسم بطريقة ميكانيكية أتوماتيكية لا تمسها الأيدي من السمسم الخام، تنقيته وتقشيره وفصل القشر عن اللب وتحميص اللب وطحنه لإنتاج الطحينة المعروفة، وهذا الاختراع مسجل براءته في العالم في عام 1982 باسم محمد عبد الحميد حلواني, والحمد لله. ومصنع الحلاوة الموجود الآن الذي أسسناه عام 1976 هو أحدث مصنع وأكبر مصنع في العالم لغاية اليوم رغم مرور 30 عاما على تأسيسه.
هل اقتصر عملكم على الحلاوة الطحينية فقط؟
لا, لا .. لم نتوقف عند حدود الحلاوة الطحينية بل نحن أول من أسس مصنع اللحوم ومصنع الجبن المصهور Processed cheese ومصنع المعمول في المملكة, وكان محلنا في شارع قابل من أوائل المحال التي استوردت الجبن الفرنسي والسويسري إلى السعودية, إضافة إلى الأجبان الشامية واليونانية والمخللات والزيتون، وكان محلنا في شارع قابل في عمارة الشربتلي مشهورا جدا بالأصناف ذات الجودة العالية والمتجددة.
في أي عام دخلتم الأجبان السويسرية إلى السعودية؟
من عام 1956, وكنا نأتي بها من بيروت بالطائرات إلى السعودية.
كيف كان تطوير شركتكم؟
في أواخر الستينيات وصل إنتاج مصنع الحلاوة إلى أربعة أطنان في اليوم, وكان هذا هائلا على مستوى مصانع الحلاوة في الخارج، وكان المخطط الأقصى 7.5 طن يوميا وقد تباحثت مع أخي فضيل, رحمه الله, بفكرة تطوير المصنع ورفع طاقته الإنتاجية, ولكنه رفض بشدة, وقال إذا وصلنا إلى الطاقة القصوى التي هي 7.5 طن فنحمد الله ونشكره ولا نكون طماعين، وبفضل من الله بعد عدة سنوات وصلنا إلى الطاقة القصوى وصار التسليم بعد أسابيع من البيع ووصلنا إلى ثمانية أطنان, والحمد لله، وأمام إصرار أخينا على عدم التوسع والتطوير قررت أنا وأخي منير, رحمه الله, التطوير وصرت أتردد على أوروبا للتطوير، وتوفقت في شركة ألمانية تطحن الخردل وسافرت إليها ومعي عشرة كيلو جرامات سمسم, وجربنا المطحنة ونجحت التجربة وأجريت عليها بعض التعديلات وعملت تصميما لمطحنة تصل طاقتها إلى 750 كيلو جراما في الساعة وحجمها لا يتجاوز حجم حجر الطحينة الذي إنتاجه لا يتعدى 27 كيلو جراما في الساعة, وكان لدينا 32 حجرا إنتاجها طن واحد في الساعة, وهذا كان بداية التطوير، وبعدها اشترينا أرضا جديدة في طريق بترومين عام 1974 وأقمنا عليها مجمعا صناعيا حديثا, وعملنا عليه سنتين, وقمنا والحمد لله ببنائه وتشغيله مدة لا تتجاوز تسعة أشهر, وكان مخطط طاقته الإنتاجية القصوى 56 طنا في اليوم, وذلك بعد أن نجحنا, والحمد لله, في تطوير طبخ الحلاوة, فبدلا من أربع ساعات للطبخة 100 كيلو تطورت لتصبح 13 دقيقة, وهذا كان إنجازا هائلا في العالم, ولأول مرة والحمد لله وكان عام 1976.
وفى بداية الثمانينيات أيضا فكرنا في بناء مجمع صناعي إضافي جديد لإنتاج الألبان والأجبان واللحوم والآيس كريم والعصائر والمربيات .. وكنا بفضل الله الأوائل في كل هذه الصناعات، وفي الفترة نفسها قمت أنا وأخي منير, رحمه الله, ببناء أول وأكبر وأجمل سوبر ماركت في جدة, وكانت تحمل اسم "الأسرة السعيدة" وكان معنا الإخوة عبد الله بخش وعبد الرحمن شربتلي شركاء وأنا وأخي منير, رحمه الله، وكان الزبائن فعلا سعداء ويشعرون بالسعادة حين دخولهم هذا السوبر ماركت.
لماذا بعتم السوبر ماركت؟
الحقيقة القصة تبدأ حينما توسعت شركتنا وتطورت هذا التطور السريع وفتحنا مكاتب في جميع أنحاء العالم ( نيويورك, باريس, لوسيرن, أثينا, بيروت, ودمشق) وأصبحت شركة عالمية وزادت الالتزامات المالية، عندها فكرنا أن ندخل معنا شريكا ووقف معنا الأخ صالح كامل ودخل شريكا, علما أنه كان زميل دراسة في الخمسينيات، وبعد دخوله معنا بفترة باع أخواي هشام ومنير, رحمهما الله, حصصهما للأخ صالح كامل وكان ذلك عام 1994 وبعدها انتقلت إلى شركة دلة للاستثمار الصناعي, وأصبحت شركة حلواني إخوان يملكها محمد عبد الحميد حلواني وشركة دلة للاستثمار الصناعي. وبعد أن باع أخي منير, رحمه الله, حصته في "حلواني إخوان" أراد أن يتفرغ للسوبر ماركت (الأسرة السعيدة ) واشترى حصص بخش والشربتلي وكذلك حصتي وأصبحت ملكه, وبعد عدة أشهر باعها للأمير الوليد بن طلال.
هل صحيح أن الحلواني أول من افتتح مطعما للعائلات في السعودية؟
نعم, وأهل جدة يشهدون بذلك, حيث افتتحنا محل كيمك كلاس عام 1966 في البغدادية, وكان تدخله العائلات ويأكلون الآيس كريم الشامي التقليدي (بالدق) والحلويات العربية, وبعد سنتين انتقلنا إلى جانب وزارة الخارجية, وكان محل حلويات وآيس كريم ومطعما وساندوتش, وكان أول مطعم يستقبل عائلات في جدة.
كيف كان إقبال الناس في جدة على محل العائلات في ذلك الوقت؟
سجل حضورا متميزا نظرا لرغبة الناس في التغيير والتمدن بوجود هذه الخدمة, خاصة الأكل المتميز آنذاك.
كم فرعا لديكم في المملكة؟
لدينا مجمع صناعي في جدة ومجمع صناعي في مصر، وطبعا هناك فروع في المملكة تعتبر مراكز توزيع ووكلاء توزيع لجميع أنحاء العالم.
يقال إن مادة أوكسايد تيتانيوم تستخدم في تبييض الحلاوة الطحينية؟
نحن لا نستخدمها إطلاقا كـ "حلواني إخوان" وهي مسموحة بنسبة محددة عالميا, ومنتجنا يدخل الأسواق العالمية ومختبراتها متحققة من تركيبة حلاوة الطحينية التي تنتجها مصانعنا.
ما قصة معمول التمر؟
أذكر في منتصف الثمانينيات كانت توجيهات الملك فهد, رحمه الله, أن يقدم التمر على "الخطوط السعودية" وطلبوا منا (بما أننا كنا نقوم بتصنيع أكثر مواد تموين الطائرات السعودية), طلب منا أن نقدم التمر. وفكرنا في تصنيع المعمول وقدمنا عينات نالت إعجاب المسؤولين وتم تقديمها على الطائرات السعودية, وكان التوجيه السامي بأن يقدم هدية علبة معمول لكل راكب مما طلب منا كميات كبيرة جدا قمت على أثرها بتطوير بعض المكائن لتصنيع المعمول أتوماتيكيا بدلا من يدويا, والحمد لله, نجحنا, وكنا أول من يصنع المعمول أتوماتيكيا في المنطقة, ودفعنا لذلك حبنا تحقيق التوجيه السامي, ولا ننسى زيارة وزير الصناعة في الثمانينيات, وكان أيامها الدكتور غازي القصيبي, جاءني فجأة إلى المصنع ليطلع بنفسه على سير العمل في الشركة بتوجيه من الملك فهد, رحمه الله, ليطمئن على وضعنا, لأنه سمع أن الشركة تعاني تعثرا ماليا، وكان الوزير مسرورا جدا من زيارة المصانع وأعجب بالإنتاج الجيد الذي نقوم به ونقل الصورة إلى المقام السامي وطمأنه, رحمه الله.
بالمناسبة من أكثر المعجبين بالحلاوة الطحينية آنذاك ؟
أتذكر أن أكثر الزعماء إعجابا بالحلاوة الطحينية الرئيس الراحل محمد أنور السادات, وكنا نرسل له كميات إلى القاهرة, وذات مرة أرسل إلى جدة طائرة حملت عدة كراتين من الحلاوة الطحينية, وكذلك رئيس وزراء لبنان سليم الحص, فهو معجب بالحلاوة الطحينية من "حلواني إخوان", ومن رجال الأعمال المتذوقين للحلاوة الطحينية يحضرني آنذاك الشيخ إسماعيل أبو داود, رحمه الله, والشيخ عبد العزيز السليمان وأحمد عبد الواسع رئيس المراسم الملكية سابقا وأحمد زكي يماني وزير البترول سابقا, وغيرهم مما لا تحضرني الذاكرة.
هناك مهرجانات موسمية للتمور وجهود تطوير وتسويق تنشط بين القصيم والرياض والأحساء والمدينة .. هل اطلعت عليها؟
نعم, وأنا أحلم بمشروع قومي غذائي من شأنه أن يضيف للمملكة مصدر أمن غذائي ونحن في عصر الطفرة الاقتصادية، والمشروع هو إنشاء مدينة متكاملة للتمور ولتكن مثلا مدينة الملك عبد الله للتمور, وتقام في كل منطقة تكثر فيها التمور, ولتكن بدايتها في المدينة المنورة, وهذه المدينة تؤسس فيها مصانع لمعالجة التمور والصناعات المستخرجة من التمور, وتكون فيها العمالة قسم للرجال وقسم للنساء, وتكون مجهزة بكادر رفيع المستوى من المهندسين والدكاترة السعوديين للإشراف على مزارع النخيل ومراقبة هذه الثمرة الطيبة من بدايتها إلى قطافها إلى فرزها وتصنيعها طبقا للمواصفات الغذائية العالمية لإمكانية التصدير للدول المستهدفة.
منطقة المدينة المنورة محصولها جزء من محصول المملكة الذي يفوق 860 ألف طن إلى مليون طن تمر في العام .. فما تصوركم؟
هذه المدينة (مدينة الملك عبد الله للتمور في المدينة المنورة) ستكون نموذجية وبطاقة إنتاجية, إن شاء الله, 100 ألف طن, وبعدها ستكون (مدينة الملك عبد الله للتمور في الأحساء, وبعدها في القصيم, وبعدها في بيشة, إن شاء الله), وهكذا كل مدينة طاقتها تبدأ من 100 ألف طن وممكن توسعتها إلى 150 ألف طن, بإذن الله.
ألا تعتقد أن تصوركم مبالغ فيه؟
سؤال جيد، أكثرنا زار ماليزيا، ولكن في زيارتي علمت أن فيها وزارة الزيت يرأسها وزير وتعرفت عليه، وهو وزير زيت النخيل وليس وزير بترول لأنه ليس لديهم بترول، ومن عدة أيام قرأت في جريدة "الاقتصادية" .. الاستثمارات في زيت النخيل أموال تنمو على الأشجار, وارتفعت أسعار أسهم مالكي زيت النخيل في ماليزيا وإندونيسيا بشدة، كذلك صرح وزير الصناعة الفرنسي بأن الدولة اعتمدت بفتح 500 محطة وقود مستخرج من الشمندر, وسيبدأ البيع للمستهلك في شباط (فبراير) 2007 للمحافظة على البيئة وتشجيع وتشغيل المزارعين وزيادة الدخل القومي، ومما لا شك فيه أن التمر يفوق الشمندر في الطاقة ما يشجع على دعم صناعة التمور.
هل لك أن تذكر لنا بعض الصناعات من التمور غير المعلومة كالدبس والخل والشراب والمعجون والمربى؟
طبعا توجد صناعات كثيرة من التمور لا مجال لذكرها, والهدف من هذا المشروع هو أن ربنا أنعم علينا بهذه الثمرة الطيبة المباركة, ومحصول المملكة وصل إلى مليون طن, وجميع الإحصائيات تدل على أن الصناعة والتصدير والاستهلاك المحلي لا يتجاوز 200 ألف طن, فأصبح هناك 800 ألف طن تمر لا أحد يهتم بها، وأنا أحلم بأن يوفقني الله وبمؤازرة الملك المفدى الحبيب "أبو متعب" سنتمكن من الاستفادة من هذه النعمة المهدرة.