جميعنا يتحمّل مسؤولية مشتركة للعمل على تطوير العالم
يبدو أن الوضع الاقتصادي اليوم في حال جيدة. لكن يتوارى خلف هذا التوهّج الجميل مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي: وما يندرج تحت هذه المخاطر اليوم أسعار المواد الخام، والموازين غير المتعادلة في الميزانيات التجارية، والرفض المتزايد للسياسة التجارية المتّصفة بتشديد الحماية القومية الاقتصادية. هذا ما قاله بيير شتاينبروك وزير المالية الألماني في حوار أجراه مانفريد شيفر وكلاوس تيجيس من صحيفة فرانكفورتر ألجماينة.
ومضي شتاينبروك في القول إن صندوق النقد الدولي حذر لهذا السبب من احتمال انزلاق سعر الدولار في أسواق الصرف الأجنبية حتى وإن حافظ السعر على فرصة تعديل يتناسب مع ميزان الإنتاج الأمريكي. وحتى لو لم تصل هذه المسألة إلى فحوى القضايا الأخرى خلال المؤتمر السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لا تزال خطط إعادة الهيكلة لصندوق النقد الدولي قائمة على الأجندة، التي من المزمع معالجتها في لقاء سنغافورة، وحثّ الدول الصاعدة اقتصاديا على المزيد من المشاركة في اتخاذ القرارات، الأمر الذي تزداد أهميته بالنسبة للاقتصاد العالمي.
كان المجتمع الدولي قد قرر ما قبل عام، إعفاء أفقر الدول النامية من نحو 56 مليار يورو من المديونية. ولكن ألا تسير الدول الفقيرة اليوم نحو أزمة مديونية جديدة عندما تتاح لها فرصة الاستدانة الآن من البنك الدولي، وغيرها من المؤسسات الأخرى؟
نحن جميعنا نتحمّل مسؤولية مشتركة للعمل على تطوير العالم، ودون المساعدات عن طريق القروض فإن التقدّم غير ممكن. ولكن على بنوك التنمية أن تتأكد من أهلية من يود الحصول على القرض قبل منحه، حيث لم تعد التصريحات العامة، من غير بيّنة تساعد أكثر. أو ربما علينا أن نخبر شركاءنا بصراحة، إذا ما قاموا بمثل هذه الخطوة، كيف سينتهي بهم الأمر.
يُفترض بالصين، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، وتركيا، أن تحظى سريعاً بالمزيد من الحقوق في صندوق النقد الدولي. من وجهة نظرك هل يمكن القول إن هذه هي الخطوة الأولى نحو القيام بخطة إعادة هيكلة معادلة الكوتا؟
إن الأمر يدور حول إدراك الدور المتنامي للدول النامية في الاقتصاد العالمي. وفقط على هذا النحو يمكننا أن نصل إلى تعزيز صلاحية، وسلطة، وكفاءة الصندوق. وعقب 60 عاماً من الهبوط المستمر في أحجام التصويت للدول النامية، يُفترض أن تكون وُجهة التحوّل الآن قد أخذت مكانها بالكامل. وبالإضافة إلى هذا، فقد عملنا على ملاءمة اليد البنّاءة المُعلن عنها لصندوق النقد الدولي. ويمكن التأكيد إيجابياً بالنسبة لألمانيا، والاتحاد الأوروبي بأكمله، بأن هذه الخطوة لن تؤدي إلى خسائر تفوق المعدل في الكوتا. ومصلحة الاتحاد الأوروبي الأساسية تكمن في التأكيد على الإنتاج الاقتصادي، ودرجة انفتاح السوق من خلال معادلة الكوتا. والمهم هو، أن تحصل خطة إعادة هيكلة الكوتا على أغلبية واسعة من قبل الدول الأعضاء.
الكوتا الأعلى تجلب المزيد من الحقوق، ولكن كذلك المزيد من الالتزامات. أفلا يجدر بالصينيين في مقابل رفع الكوتا الخاص أن يُظهروا المزيد من الميول للمساعدة فيما يتعلّق بجعل عملتهم النقدية أكثر مرونة؟
كما قيل: إن مسألة خطط إعادة هيكلة الكوتا الخاصة كانت تتعلّق أكثر حول قضية الاعتراف الأكبر بالدول الناشئة، وكان على المرء ألا يربط هذا مباشرةً من جديد مع المتطلبات الأخرى. ولكنك تتحدث فعلاً عن نقطة سليمة: الحقوق والالتزامات توجد ضمن إطار علاقة واحدة ومترابطة. ولهذا أنا في انتظار أن تدرك الدول الناشئة بنفسها أيضاً المسؤولية المتزايدة عليها كونها مساهمة في استقرار النظام المالي الدولي.
اصطدم صندوق النقد الدولي في إحدى الجولات الاستشارية المشتركة مع الهدف الذي يسعى إلى تقليص الأوزان العالمية غير المتعادلة. ما حجم المخاطر، حسب تقديراتك، والتي من الممكن أن تنتج عن العجز الثنائي الأمريكي في "الخزانة المالية، والميزان التجاري"؟
توجد مخاطر مختلفة يمكن توقع أن تصيب تطوّر الاقتصاد العالمي. ومنها بالطبع العجز الثنائي الأمريكي. ولكن من وجهة نظري فإن تعداد هذه المخاطر أمرٌ غير منطقي، إن لم يكن مستحيلاً أيضاً. ورغم هذا، سنتباحث بشكل خاص في أمر هذه المخاطر ضمن مجموعة الدول السبع. وعلى أية حال، فإن المرء لا يمكن أن يعطي أية مقترحات أو نصائح عامة، خاصةً عندما يجد المرء نفسه في دولة مثل ألمانيا في طريقها نحو تحسن المالية العامة.
صندوق النقد الدولي ينظر إلى الاقتصاد العالمي ضمن تشكيل جيد، ولكنه يحذّر من خطر الفشل المحتمل لدورة التجارة العالمية الحالية. كيف تُقدّر احتمالية وعواقب تفجّر دورة الدوحة المخفقة؟
من المهم جداً للأنظمة الاقتصادية الموجّهة تصديرياً مثل الاقتصاد الألماني أن تنظر إلى منافع ومميزات التجارة الحرة، وليس في تعزيز العودة إلى الحماية القومية الاقتصادية. ونحن نرى، أن الجهود، التي من الممكن أن تعمل على إنجاح دورة الدوحة، تمشي مترنّحةً في الوقت الراهن على غير هدى. ولكنني آمل، أن يدرك جميع المشاركين في النهاية الأهمية الكبيرة للأسواق المفتوحة. وربما من المفترض العمل على تطوير الطريق نحو ميثاق تجاري مشترك ما بين الاتحاد الأوروبي، وبعض الدول، كإستراتيجية بديلة.