السيدة هتلر.. الحياة الخفية لإيفا براون

السيدة هتلر.. الحياة الخفية لإيفا براون

العلاقة الغرامية التي ربطت بين أدولف هتلر وإيفا براون لم تنطلق بعيداً عن أكبر بداية لافتة للنظر. التقى الاثنان في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1929. وبعد أن تناولا معاً وجبة من السجق والشراب، عرض هتلر على إيفا (حيث كان قد عرَّف عن نفسه باسم مستعار هو وولف)، عرض عليها أن يوصلها في سيارته المرسيدس. لكن هذه الفتاة التي كانت عاملة في أحد المتاجر وتبلغ من العمر 17 عاماً، والتي لم تكن لديها فكرة عن الهوية الحقيقية للشخص الذي تناولت معه الوجبة، رفضت عرضه دون سؤال أو جواب.
تشير هذه القصة إلى أن براون لم تكن على اطلاع أو معرفة بأبرز شخصية في المشهد السياسي الناشئ في ميونيخ الذي كان ينحو نحو اليمين المتطرف. لكن في الكتاب المعنون ''إيفا براون: حياتها مع هتلر''، والذي وُصِف بحق أنه ''أول ترجمة لبراون تعتمد على الاستفادة النقدية من المصادر''، تتصدى المؤرخة هايكِه جيرتِميكر للرواية التي انعقد عليها الإجماع والتي مفادها أن صديقة هتلر كانت شخصية غير مهمة من الناحية التاريخية وأنها لم تلعب دوراً في قراراته التي أدت إلى ''أسوأ الجرائم في القرن العشرين''.
المؤسف أن شح المعلومات الجديدة يعني أن المؤلفة تخفق في القضاء على الرأي السائد الذي يعود إلى ألبرت شبير، التابع المخلص لهتلر والمهندس الرئيس، ومفاده أنه ''سيتبين أن إيفا براون هي خيبة أمل كبيرة للمؤرخين''. لكن المؤلفة تعتمد على شهادات مشكوك في صحتها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية جاءت في إفادات كبار النازيين، أو أنها تتناول بصورة واهية السؤال الخاص بماهية الأمور التي اجتذبت هتلر إلى إيفا براون، وذلك من خلال فحص سلوكه مع الآخرين.
براون، وهي فتاة لطيفة من نتاج عائلة من طبقة البرجوازية الصغيرة، كان يبدو أنها أكثر اهتماماً بزينتها من أي أمور مهمة في سياسة هتلر الخارجية. إن نتائج أبحاث جيرتِميكر لا تبدأ في إظهار تركيز أصيل حتى نصل إلى الفصول الأخيرة، التي تتحدث عن الفترة المؤدية إلى زواج براون وهتلر الذي انعقد على عجل، ثم انتحارهما معاً في الثلاثين من شهر نيسان (إبريل) 1945.
في ظل الأجواء الخانقة داخل أحد الملاجئ في برلين، يستمد هتلر، الذي أوهنه المرض وجنون العظمة، الحافز من ''الهدوء الغريب'' الذي تتمتع به براون. وتقول المؤلفة: ''ساعد سلوكها هتلر على التمسك بصورة جامدة بثقته الجنونية بالنصر وعزز وهْمه بأنه سيكون في إمكانه رغم كل شيء هزيمة الروس وتحرير برلين''.
''لم تكن تسمح له بالوهن أمام أي ضعف، وكانت توبخه حتى على أصغر إهمال، مثل وجود بقعة صغيرة من الوسخ على زيه العسكري''. إن هذه الفكرة التي توحي بأن براون ساعدت هتلر على إطالة أمد الحرب، أو على الأقل دوره في تلك الحرب، هي أكبر إدانة دامغة تستطيع المؤلفة تقديمها (ضد براون).
بعد الحرب كتبت تراودل يونجِه، التي كانت أصغر سكرتيرة خاصة لهتلر، تصف كيف أن براون كانت تهدئ من روع هتلر في الملجأ وتخاطبه كأنه طفل صغير وتعِد بالبقاء معه. وكان رد فعل هتلر على ذلك هو تقبيلها أمام دائرته الخاصة.
حتى ذلك الحين، وخلال علاقتهما التي دامت 16 عاماً، حاول هتلر إبقاء علاقتهما سراً عن الآخرين. وتستنتج المؤلفة أن هذا ''لا يكشف عن عيوب براون بقدر ما يكشف عن جوانب القلق التي كان يعانيها هتلر وعن الافتقار إلى الثقة بالنفس، وكأنه شخص حديث عهد بالثراء''. لكن ما يدعو إلى الأسف هو أنه بالنظر إلى المهمة التي حددتها المؤلفة لنفسها، يمكن قول الشيء نفسه عن كتابها.

الأكثر قراءة