لولا دا سيلفا: رئيس الفقراء

لولا دا سيلفا: رئيس الفقراء

روبيرتو سيتوبال كانت لديه حاسة شم قوية قبل أربعة أعوام. فعندما فرت رؤوس الأموال الأجنبية من البرازيل عام 2002 خوفاً من الانتصار الكبير الذي حققه ( لويس إناتشيو لولا دا سيلفا) سارع سيتوبال وهو رئيس ثاني أكبر بنك خاص في البرازيل (بانكو إتاو) بالتوجه إلى نيويورك، ليعمل على تهدئة المستثمرين الأجانب. وقال سيتوبال حينها إن لولا ليس ثوريا بالمعنى التقليدي للكلمة بل هو رجل برجماتي عملي و سيمضي في السياسة الاقتصادية للبلاد بالأسلوب نفسه. بدت توقعات سيتوبال حينها شجاعة وخطرة لكنه كان محقاً. فخلال فترة رئاسة لولا دا سيلفا حافظ على الاستقرار الاقتصادي للبرازيل بثبات كما حققت البنوك في عصره و هو صاحب التوجه اليساري من الأرباح ما لم تحققه من قبل. وخلال فترته الأولى التي امتدت أربعة أعوام تضاعفت أسعار البورصة في سي باولو نحو أربعة أضعاف، وتبلغ قيمة الريال ( العملة المحلية ) اليوم نحو الضعف مقابل الدولار، وهي قيمة مماثلة للقيمة أثناء الأزمة المالية في عام 2002.

ويحظى لولا بأفضل الفرص في هذه الانتخابات لتولى فترة رئاسية جديدة مدتها أربع سنوات . ولم تؤثر سلسلة فضائح الفساد في حكومة دا سيلفا بشكل عام على تغيير شيء من تلك الفرص ويعتمد لولا كما في الفضائح الماضية على تكتيكات ناجحة حتى الآن في الحدّ من الأضرار.
وكما قال سيتوبال في عام 2002 فإن لولا يفوز بالانتخابات لأنه يخاطب قلوب الناس واليوم يمكنه أن يُكرر هذا النموذج .
أما منافس دا سيلفا فهو ( جيرالدو الكامين ) من الحزب الديمقراطي الاشتراكي فقد طرح برنامجا انتخابيا يتألف من 200 صفحة قبل موعد الانتخابات بعشرة أيام، ورغم هذا فإنه يمثل بديلا مجهولا في مقابل سياسة لولا الواضحة كما أن الكامين يبدو ضعيفا ولا يتمتع بسمعة طيبة بين الشباب في مواجهة دا سيلفا الذي صنع اسمه و تاريخه منذ أن جاء مهاجرا فقيرا من مناطق شمال شرق البرازيل كصانع للأٌقفال في الإقليم الصناعي سي باولو مرورا بقيادته لنقابات عمال المعادن وحتى أصبح رئيسا.

ولا يأخذ أغلب البرازيليين مأخذ الجد تصريحات دا سيلفا أن الميزان الاقتصادي للبلاد في حالة تنامٍ. فقد بقي نمو الحجم الإنتاجي المحلي بالمعدل خلال فترة حكم لولا ما يقل عن 3 في المائة، بينما توسّع نحو ثلاثة أضعاف في الدول الصاعدة الأخرى. وتزامناً مع عام الانتخابات، عمل لولا على تسليح نفسه من خلال الأعمال الخيرية الاجتماعية. كما ارتفع الحد الأدنى من الأجور بقوة، والذي يرتبط به الأجور التقاعدية، حيث تزايدت بصورة أوتوماتيكية. وهذا يساعد الطبقة الوسطى بالأخص، ويعمل على تحفيز الاستهلاك. وزادت المعونات الموجهة لمشروع المساعدات الاجتماعية حيث تحظى اليوم كل عائلة من أربع بميزة هذه المدفوعات. وتعادل هذه المدفوعات بالوحدة الواحدة نحو 25 يورو شهرياً.

وقد حقق لولا تأثيراً كبيراً عن طريق خطط إعادة الهيكلة البسيطة على نحوٍ مقارن لتشريعات القروض. فقبل عامين أصدرت الحكومة شكلاً جديداً للقروض الخاصة، والتي يمكن للبنوك عن طريق حسابات الأجور أن تسجّل الفوائد والسداد مباشرةً. وهذا يقلل مخاطر خسارة القرض، ويسمح للبنوك، بتخفيض حجم الفوائد. وحظي الكثير من البرازيليين عن طريق هذا التشريع بمدخل إلى القروض البنكية لأول مرة. وبالفعل تُعتبر الفوائد بما يزيد على 40 في المائة مرتفعة إلى حد غير معقول. ورغم هذا يُقبل الناس على الدخول إلى متعة عالم التجارة والبنوك تلك.

وتُعد البرازيل اليوم أقل تعلّقاً بتقلبات تدفقات الرأسمال الدولي. وبفضل ارتفاع حجم تصدير المواد الخام بقوة، فإن الميزان التجاري في فائض من الحصص بصور واضحة. وتمكنت الحكومة من إعادة سداد نحو 15 مليار دولار من القروض لصندوق النقد الدولي قبل أوانها، و10 مليارات دولار من المديونية مقابل الدائنين الخاصين. ورغم أن احتياطي تبادل الصرف أعلى اليوم مما سبق، فإنه يمكن للحكومة أن تعمل على سداد المديونية الأجنبية كافة بضربة واحدة تقديرياً. وفي المقابل، فإن المديونية المحلية ارتفعت بالقدر نفسه تقريباً. وفيما إذا كانت هذه سوقاً جيدة، يبقى الأمر محلّ تساؤل، حيث إن المديونية المحلية ذات فائدة أعلى، وبالتالي تصبح مستحقة الدفع في وقت أسرع. إن حجم المديونية الصافي للحكومة يسجّل دوماً أعلى بنحو 50 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي.

ويخشى الخبراء الاقتصاديون من ستاندرد إنفستمنت، أنه بالكاد يمكن للشركات أن تأمل من فترة الحكومة المقبلة بقيام مشاريع إعادة هيكلة تهدف إلى تقليص التكاليف في تشريعات الضريبة والعمل. وحتى بالنسبة إلى مشروع إعادة هيكلة الأجور، الذي يمكن أن يحتجز النمو غير المتوقف لعجز التأمين الاجتماعي، تبدو الفرص سيئة.

الأكثر قراءة