الاقتصاد الآسيوي 2012 .. من بعد عسر يسرا

الاقتصاد الآسيوي 2012 .. من بعد عسر يسرا

يبدو أن النمو الاقتصادي في آسيا سيتعثر خلال الأشهر القليلة المقبلة بما يؤدي إلى موجة من قرارات تخفيض أسعار الفائدة وارتفاع حجم الإنفاق التحفيزي؛ وهو ما قد يمهد السبيل في النهاية لانتعاش قوي في النصف الثاني من 2012.

وقال روب سوبارامان، كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي لدى نومورا في هونج كونج "العبارة الشائعة لعام 2012 هي اليويو الآسيوي، مشيرا إلى الكرة المربوطة بخيط وتتأرجح جيئة وذهابا حسب حركة اليد"، وأضاف "كلما اشتد الضرر على اقتصادات آسيا ازدادت الريح الدافعة للانتعاش مرة أخرى".

ويبدو أن توقعات الاقتصاديين في نهاية العام حفلت بفكرة أن الأنباء السيئة تولد أنباء طيبة. فمن المتوقع على نطاق واسع أن تخفض الهند وإندونيسيا وتايلاند والفلبين أسعار الفائدة العام المقبل. وربما تؤدي الانتخابات في تايوان وماليزيا وكوريا الجنوبية إلى زيادة الإنفاق الحكومي. أما الصين فستواصل على الأرجح خفض متطلبات الاحتياطي الإلزامي للبنوك في محاولة لحفز مزيد من الإقراض. لكن فيما عدا الفرضية الأساسية بأن صانعي السياسيات في آسيا سيكونون أميل لإجراءات التيسير؛ فلا يوجد توافق يذكر في الآراء على مدى تحمل كل دولة على حدة للاضطرابات الاقتصادية، فالأوراق المجهولة في لعبة التوقعات كثيرة في ضوء مشاكل الديون الأوروبية والمخاوف من ركود سوق الإسكان في الصين وعدم اليقين بشأن مسار النمو الأمريكي.

وتوضح بيانات بنك التسويات الدولية، أن الالتزامات الآسيوية تجاه البنوك الأوروبية وذلك باستبعاد اليابان تبلغ 1.4 تريليون دولار، وإذا اشتدت مشاكل الديون الأوروبية وتراجعت بنوك أوروبا عن تقديم القروض فربما تلجأ لسحب جانب من هذا الرصيد دون تحذير مسبق بما يجعل آسيا عرضة لنزوح مفاجئ لرأس المال. وقال تشوا هاك بن الاقتصادي لدى بنك أوف أمريكا - ميريل لينش في سنغافورة: إن سنغافورة أكثر عرضة لهذا الأمر من غيرها وأن التزاماتها للبنوك الأوروبية تعادل 83 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. أما بالنسبة لماليزيا فالنسبة تبلغ 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن الصعب التنبؤ بما إذا كانت البنوك الأوروبية ستأخذ هذه الخطوة أو متى وأين يحدث ذلك.

وسحب مستثمرون أجانب أموالهم من السندات الإندونيسية والأسهم الهندية في الأشهر الأخيرة فيما يمثل دليلا على موجة عالمية من العزوف عن المخاطرة. لكن من الصعب معرفة حجم التراجع الفعلي في القروض المصرفية. وتصدر بيانات بنك التسويات الدولية وهي أكثر البيانات مصداقية في هذا الصدد متأخرة نحو ستة أشهر.

وقال سوبارامان كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي لدى نومورا إنه بناءً على المعلومات المستقاة من مصادر في السوق "لا يبدو أن هناك انسحابا على نطاق واسع من جانب البنوك الأوروبية"، لكنه أضاف "إن المجال كبير لحدوث ذلك".

وبالنسبة لبعض اقتصادات آسيا فإن الصين وليست أوروبا هي التي ستؤثر في المسار العام المقبل؛ فالصين هي أكبر شريك تجاري للعديد من الدول الآسيوية، كما أنها لم تعد مجرد نقطة تجميع للسلع الموجهة للتصدير. وتبين بيانات نومورا أن 58 في المائة من واردات الصين وجهت لتلبية الطلب المحلي في الربع الثالث من 2011 ارتفاعا من 44 في المائة في مطلع عام 2007، وهو ما يعني أن ما يحدث داخل الصين له أثره الكبير في بقية آسيا.

الأكثر قراءة