لماذا لا تعطي المصارف الإسلامية أرباحا على الحسابات الجارية للمودعين؟

لماذا لا تعطي المصارف الإسلامية أرباحا على الحسابات الجارية للمودعين؟

تعد الحسابات الجارية أهم الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف الإسلامية والتقليدية للعملاء. ويتيح الحساب الجاري للعميل حفظ أمواله في المصرف مع إمكانية سحبها أو سداد أي التزام مالي عليه في أي وقت، سواء عن طريق إصدار شيكات للدائنين، أو السحب من رصيده مباشرة من خلال فروع المصرف أو من خلال ماكينات الصرف الآلي ATM والتي تعمل طوال اليوم، أو سداد قيمة مشتريات من خلال ماكينات نقاط البيع P.O.S.
وتعد الحسابات الجارية أحد مصادر أرباح المصارف الإسلامية والتقليدية على حد سواء، وذلك من خلال استثمار أرصدة تلك الحسابات.
ولكن تختلف الحسابات الجارية في المصارف التقليدية عنها في المصارف الإسلامية، حيث يمكن للمصارف التقليدية أن تقوم بتوزيع نسب فائدة بسيطة على أصحاب الودائع الجارية، كما يمكنها أن توزع هدايا أو جوائز كما يمكن لها أن تقرض تلك الأموال للمقترضين بسعر فائدة، وكل تلك الأمور لا يمكن للمصارف الإسلامية اتباعها وذلك لطبيعة العلاقة التعاقدية بين المصرف الإسلامي وأصحاب الحسابات الجارية، وقد اختلف في التكييف الشرعي للحساب الجاري: هل هو عقد وديعة أو عقد قرض؟ وقد اتفق الفقهاء على أن الحساب الجاري هو "عقد قرض"، والقرض في الشريعة هو قرض حسن.
ويحكم الحساب الجاري القاعدة الشرعية المستمدة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو "الخراج بالضمان"، وجاء في تفسير هذا الحديث أن من ضمن أصل شيء فله ما يخرج منه من ربح أو خسارة، والعميل عندما أودع أمواله في المصرف الإسلامي كحساب جار لم يرغب في الحصول على أرباح وإنما رغب في حفظ أمواله وضمانها، ولذلك فإن البنك قد ضمن للمودعين رأسمالهم، ولا يجتمع الضمان مع الأرباح وإلا تحولت إلى قرض بفائدة، ولذلك فإن من حق المصرف الإسلامي استثمار أموال الحساب الجاري بتفويض من العميل وأرباحها له وخسائرها عليه وللعميل رأسماله فقط، ويلتزم المصرف الإسلامي باستثمار تلك الأموال في مجالات مشروعة ووفق الضوابط الشرعية التي قررتها الهيئات الشرعية.
وأمر آخر، وهو أن التكييف الشرعي لنوعية العلاقة بأنها "عقد قرض" لا تبيح للعميل الاستفادة من هذا القرض، سواء في شكل الحصول على هدايا أو جوائز مقدمة من المصرف الإسلامي لأنها تعد انتفاعا من القرض، وهذا غير جائز لأن القاعدة الشرعية تقول "إن كل قرض جر نفعا فهو ربا"، وفي الواقع تلجأ بعض المصارف الإسلامية بحجة المحافظة على عملائها ووجود منافسة من البنوك التقليدية إلى توزيع هدايا أو جوائز على عملائها، وهذا غير جائز شرعا حيث تنص الفتاوى الشرعية الصادرة من العديد من الهيئات الشرعية للمصارف الإسلامية بعدم جواز توزيع هدايا أو جوائز على أصحاب الحسابات الجارية.
ولذلك فقد اتفق على أن عوائد استثمار الحساب الجاري تضاف إلى عوائد المساهمين، وليس للمودعين حصة فيها، حيث إن المصرف ضامن لهذه الأموال وتقع مخاطر استثمار هذه الأموال على المصرف وليس على المودع.

الأكثر قراءة