جامعية تمتهن "الطبخ المنزلي " وتحقق عوائد مالية مجزية

جامعية تمتهن "الطبخ المنزلي " وتحقق عوائد مالية مجزية

جامعية تمتهن "الطبخ المنزلي " وتحقق عوائد مالية مجزية

من بين عشرات النساء السعوديات الباحثات عن فرصة عمل شاردة في مكاتب وزارة الخدمة المدنية, أو عبر صفحات الجرائد أو من خلال الأقارب, توجد نساء يرفضن الواقع المرير ويرفضن البقاء طويلا في بيوتهن انتظاراً لفرصة عمل قد تأتي وقد لا تأتي, وكأنهن يفضلن رفع راية التحدي على الخضوع والاستكانة.
"أم عبد الله" سعودية من خريجات كلية البنات عام 1423 هـ, أجبرتها البطالة التي تتجسد أمامها في أقربائها من الجنسين على حفظ شهادتها بين دفاترها القديمة حتى إشعار آخر, واقتحام سوق العمل من خلال مطبخ منزلها, يدعمها في ذلك الأمر زوج لم يجد حرجا في أن تعمل زوجته طباخة تطهو الأكلات السعودية للعمال السعوديين في المصانع والمؤسسات التجارية المنتشرة في المنطقة الشرقية, فباتت تجربتها تستحق الدراسة, كما تستحق الاقتداء بها من قبل عشرات النساء اللائي يرفضن القبول بوظائف لا تتناسب – من وجهة نظرهن – مع مؤهلاتهن وأسماء عائلاتهن.. وهنا نص الحوار مع ( صاحبة التجربة).

من أين جئت بتلك الشجاعة للعمل طباخة على الرغم من أنك جامعية والمستقبل أمامك في وظيفة حكومية تصل بك إلى مكانة مرموقة في المجتمع؟

الموضوع ليس به شجاعة أو بطولات, ولكن فيه حاجة امرأة إلى العمل وإثبات الذات بهدف شغل فراغها أولاً, ورفع مستوى معيشة أسرتها ثانيا, وهذان الأمران يجبران أي شخص على تقبل أي عمل بأي راتب مادام شريفا وبعيدا عن المساس بالشرف والكرامة, وحتى أكون صادقة معك أؤكد أنني كنت مترددة في امتهان وظيفة الطبخ خشية لوم الأقارب والزميلات, ولكن بعد تفكير قررت أن أخوض تجربة عمل وجبات سعودية وبيعها للعمال السعوديين في المصانع والشركات الموجودة في المنطقة الصناعية الأولى في الدمام بمساعدة زوجي الذي تعهد بإيصال هذه الوجبات في سيارته الخاصة إلى طالبيها عبر الجوال.

كيف طرأت لك هذه الفكرة وكيف كانت البداية؟
لا أدعي أن هذه الفكرة فكرتي, ولكن سبقني إليها أناس آخرون منهم من نجح ويواصل المشوار حالياً, ومنهم من يأس واتجه لفكرة أخرى, ولكن ما جئت به أنا هو طهو أكلات يشتهر بها المجتمع السعودي, مثل العصيدة والهريسة والممروس وخبز الرقاق (المسح), بالإضافة إلى اللقيمات والإيدام, ومن ثم تغليفها طازجة في عبوات مصنوعة من الألمنيوم قبل أذان الظهر بساعة على الأقل, وفي البداية اقتصر توزيع الوجبات على زوجى الذي ساعدته وظيفته في القطاع الخاص على القيام بهذه المهمة, حيث إنه اتفق مع العمال السعوديين على تلبية رغباتهم في الأكلات التي يريدونها, وبعد توسع العمل اضطررت للاتفاق مع أحد المطاعم التي توزع وجباتها في المنطقة الصناعية لتوزيع الوجبات التي أصنعها مقابل ريالين عن الوجبة الواحدة, بجانب التوزيع الذي مازال يقوم به زوجي.

هل تعتمدين على ضرب أسعار المطاعم بأسعار منافسة أم على ماذا تعتمدين؟
أنا لا أنافس المطاعم, فهي لها وجباتها الخاصة بها وأنا لي وجباتي, فالمطاعم اعتادت على توزيع وجبات الكبسة والأرز البرياني والبخاري أو المندي مع اللحم أو الدجاج, وكما قلت لك سابقا إنني أتميز بالأكلات السعودية الخالصة, وأستهدف العمال والموظفين السعوديين الذين يشتهون هذه الوجبات الدسمة أثناء دوامهم اليومي, ولو كان هناك تنافس مع المطاعم لرفض أصحابها توزيع وجباتي, وبالنسبة للأسعار فهي تقترب كثيرا من أسعار المطاعم, حيث تتراوح بين 12 و20 ريالا, وهي المبالغ التي تناسب القدرة الشرائية لفئة العمال.

كم وجبة توزعينها يوميا؟
حاليا أقترب من قضاء 14 شهرا في هذه المهنة, في البداية بدأت بتجهيز 15 وجبة من العصيدة والهريسة, وقام زوجي بتوزيعها على العمال والموظفين السعوديين, واستطاع التواصل معهم واستطلاع آرائهم في الوجبات المفضلة لديهم على مدى الأسبوع, وتعددت الطلبات, الأمر الذي جعلني أتوسع شيئا فشيئا حتى وصل العدد اليوم إلى نحو 50 وجبة يوميا تزيد أو تنقص حسب الطلب.
ألا تجدين مشقة في طهو هذه الكمية يومياً؟
لا أستطيع النفي, فأنا ألاقي مشقة ومعاناة في إنجاز هذه الوجبات قبل أذان الظهر, لذلك يبدأ عملي في الثامنة مساء من كل يوم للإعداد والتجهيز, وفي الصباح أكمل العمل في الطهو والتعبئة حتى تكون الوجبات جاهزة قبل مجيء سيارة المطعم لتحميلها, واستعين بإحدى قريباتي, كما تتعاون معي إحدى صديقاتي القديمات في عملي, وأجد منهما كل تعاون مقابل مكافآت شهرية جيدة.

وماذا تعملين إذا طرقت بابك الوظيفة الحكومية؟
لن أتركها تفلت من بين يدي, سوف أقبل بها وألتزم بدوامها, وفي الوقت نفسه سأكون حريصة أيضا على الاستمرار في إعداد الوجبات وتوزيعها, خاصة أن لي زبائن امتدحوا طعامي ولا أريد أن أخسرهم نهائيا, فهذه المهنة أعتز بها وأحببتها من كل قلبي, ويكفي أنها أشعرتني بقيمة نفسي وأشغلت وقت فراغي الذي كنت أوزعه بين شاشات التلفزيون وقراءة المجلات والثرثرة في الهاتف.
ماذا تقولين للنساء اللائي ينتظرن فرصة الوظيفة؟
أقول شيئا مهما أتمنى لو استوعبوه, وهو أن الوقت من ذهب ويجب استثماره بالشكل المطلوب, فمن الصعب أن ينتظر الشاب أو الفتاة سنة أو سنتين حتى تأتيه الوظيفة, فلا مانع من كسب خبرة في وظيفة أخرى وإن كانت دون المستوى ولا تتناسب مع المستوى التعليمي أو الاجتماعي, فالعمل ليس فيه عيب, واكتساب الرزق واجب على الجميع, هذا أفضل من اليأس والإحباط وتضييع الوقت فيما لا يفيد.

الأكثر قراءة