المفتي من عرفة: من خصائص الشريعة الالتحام بين الراعي والرعية

المفتي من عرفة: من خصائص الشريعة الالتحام بين الراعي والرعية

دعا سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ في خطبة عرفة أمس المسلمين إلى تقوى الله - عز وجل - حق التقوى ومراقبته في السر والنجوى، قال الله - تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
وقال سماحته: أمة الإسلام، بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق، بشيرا ونذيرا برسالته إلى جميع الخلق، ليُخرج الناس من ظلمات الكفر والضلال إلى نور التوحيد والإيمان، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم والرشاد، ومن عبادة النفس والشيطان إلى عبادة الملك الديان، ومن النزوات الشهوانية إلى سمو الأخلاق الإسلامية، ومن طغيان العقل والهوى إلى ضفاف الشرع ووحي السماء، ومن التعلق بالدنيا الفانية إلى التعلق بالدار الباقية في النعيم بالدرجات العلى".
وبيّن أن الله - عز وجل - شرع دين الإسلام ليكون منهج حياة للبشرية يسير وفق أحكامه وتعليماته، فلا شأن من شؤون الدنيا إلا وللإسلام فيه حكم وبيان، ليحقق الغاية التي من أجلها خلقوا، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، ولتستقيم حياتهم كلها عقيدة وعبادة وسلوكا وأحوالا شخصية ومعاملات وأخلاقا وسيادة وتعليما، قال الحق - عز وجل (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وأكد سماحة المفتي على الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن كل ما يجري فهو بإرادة الله الكونية موافقا لما سطر في اللوح المحفوظ وما كان في الأجل لا يكون شيء من ذلك لا في شؤون الكون ولا في أحداث البشر.
وأكد سماحة المفتي، أن من خصائص الشريعة الإسلامية الالتحام بين الراعي والرعية، وقال: الراعي يسعى لتفقد رعيته وحل مشاكلهم، والرعية بمحبة راعيهم والدعاء له، وهكذا يريد الإسلام من المجتمع المسلم، مشيرا إلى تكاتف المجتمع المسلم بجميع مؤسساته كاملة الشرعية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والقضائية والأمنية؛ فالجميع في حمى الدين والحفاظ على هويته ومنعه من التميع والتغريب.
وشدد سماحته على أن الدين الإسلامي يختص بأنه مجتمع رباني، كون الإسلام ينظم شؤونه العامة، وحياة المجتمع مرتبطة بالدين لا بأهواء الناس، مفيدا بأن القيم والأخلاق المعنوية مقدمة على المصالح المادية، فالمصالح المادية لا بد أن توافق قواعد الشريعة.
وقال: من خصائص هذا الدين أنه لا يفرق بين الجنسين، فالمسلم يصوم ويصلي ويحج ويذكر الله، سواء في مسكنه أو في مزرعته أو مصنعه، فالدين معه في كل شؤون الحياة، والدين يدعوه إلى ذلك كي يكون مؤمنا صالحا، فهو قائم بما طلب منه، وهكذا المسلم، إنه مجتمع مدني وديني في آن واحد. وأشار سماحته إلى ما يمر به العالم الإسلامي اليوم من مراحل هي أخطر ما يكون في حياته، حيث يواجهه ظروفا وتحديات صعبة ويعاني انقساما بين أبنائه ونزاعا بينهم وهجوما شرسا من أعدائه وتدخلا سافرا في شؤونه. وقال: ما يحزن المسلم هو ما يشاهده من هذه الفوضى والبلاء الذي أدى إلى انعدام الأمن واختلاف النظام والحياة اليومية ومصالح الأمة، وما حصل من تبديد الأموال ونهب للممتلكات وسفك للدماء البريئة، حتى ترك بعض المسلمين ديارهم فرارا من تلك الفتن والمصائب، إن ما يقض مضاجع العبد المسلم الذي يحمل شفقة على أمته ورحمة بهذه الدماء التي تسفك بغير حق، ولنا في هذه الأحداث الأليمة المحزنة وقفات لنتذكر ما حصل للخروج من هذه الأزمات والتحديات.

الأكثر قراءة