فضيحة تجسس في HP أدت إلى استقالة رئيسة الشركة
فضيحة تجسس في HP أدت إلى استقالة رئيسة الشركة
قدمت رئيسة مجلس إدارة شركة هيلوت باكارد (HP)، باتريشيا دان، استقالتها من الشركة بعد أن ثبت تورطها، ضمن آخرين، في عملية الكشف عن مصدر تسريب معلومات سرية عن الشركة للإعلام، تحولت إلى فضيحة تجسس، لتفتح أبواب تحقيقات جنائية وبرلمانية لم تغلق بعد.
وسيتسلم إدارة الشركة المدير التنفيذي مارك هيرد، الذي كان من المفترض أن يتسلم العمل في كانون الثاني (يناير) المقبل، كجزء من حركة تنقلات أُعلن عنها قبل أسبوعين، بيد أن الأمور تغيرت منذ ذلك الحين في ظل موجة من وقائع تسرب وثائق للإعلام كشفت عن كيفية تدخل محققين من الشركة في الحياة الخاصة لمديري الشركة، وتسعة صحافيين، وموظفين اثنين، وأفراد أسر هؤلاء الأشخاص.
وأصدرت دان أمرا بفتح التحقيقات، وكانت على علم بتطور سيرها، بالرغم من أنها قالت إنها لم تكن تعلم أن محققي الشركة سيتمادون إلى هذا الحد.
كما أُقيل اثنان من موظفي الشركة، لعبا دورا أساسيا في الفضيحة، حسبما أفاد مصدر مطلع. والموظفان هما كيفين هانساكر مدير إدارة قواعد العمل في الشركة، وأنتوني جنتلوتشي الذي يدير وحدة التحقيقات الدولية في بوسطن. كما قال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، حيث إن عملية إقالتهم من الشركة مازالت قيد التفاوض.
وقال هيرد في مؤتمر صحافي للإعلان عن رحيل دان عن الشركة، عرض خلاله آخر تطورات برنامج التجسس الخاص بالشركة "الآن وقد عرفنا عمق ما تم الكشف عنه، فإنني أعلن مسؤوليتي الكاملة عن تعديل الأمور وإعادتها إلى نصابها".
وكانت دان تنوي الاستمرار في إدارة الشركة بعد توليها المنصب في كانون الثاني (يناير) المنصرم، ولكن "الآن" أعلنت استقالتها من مجلس الإدارة".
وقالت دان في بيان لها "أتمنى مصلحة الشركة من كل قلبي، ولذا قبلت طلب مجلس الإدارة بتقديم استقالتي". ومازالت دان (53 عاما) تدافع عن قرارها ببدء التحقيق للكشف عن مصدر تسريب معلومات عن الشركة. وأكدت نيتها للمثول يوم غد أمام لجنة برلمانية تحقق في الواقعة.
وكانت دان قد استعانت بمحققين للحصول على التسجيلات الهاتفية لعاملين بالشركة وأعضاء في مجلس الإدارة وصحافيين. كما تجسس المحققون على مدير الشركة وأرسلوا خطابا بالبريد الإلكتروني لخدعة أحد الصحافيين العاملين في شبكة (سي نت) الإخبارية، وهو موقع تكنولوجي على شبكة الإنترنت.
واعترف هيرد أنه أمر بإرسال الرسالة الإلكترونية المزيفة، ولكنه قال أنه لا يذكر أنه وافق على استخدام تقنية جديدة للتجسس على جهاز كمبيوتر خاص بالصحافي.
كما أكد أنه حضر اجتماعا في آذار (مارس) الماضي، حيث اطلع على تطورات سير التحقيقات، ولكنه قال أنه لم يقرأ التقرير المكتوب الذي تضمن هوية المسؤول عن تسريب معلومات سرية بشأن الشركة وتفاصيل عن أسلوب عمل المحققين.
وقال هيرد أنه "بالرغم من القيام بالعديد من العمليات بالصورة الصحيحة، إلا أن المحققين للأسف فشلوا، ولم يتمكن أحد من الإدارة بما فيهم أنا من كشفهم".
وقالت سيندي شو، وهي محللة تكنولوجية مستقلة كانت تعمل في الشركة في وقت سابق "إن تبرير هيرد بشأن تورطه في الواقعة غالبا ما سيهدئ من قلق المستثمرين بشأن احتمال إقالته في ظل الأزمة الحالية".
يُذكر أن هيرد قد عُيِّن رئيسا لمجلس إدارة الشركة قبل 18 شهرا، وهو من الشخصيات البارزة في أسواق المال الأمريكية بعد أن ارتفعت أرباح الشركة بصورة خيالية منذ تعيينه.
ويحقق بيل لوكير، النائب العام في كاليفورنيا، وعدد من الوكالات الاتحادية، في ما إذا كانت شركة إتش بي ومديروها التنفيذيون انتهكوا أي قوانين خلال عملية الكشف عن مصدر تسريب المعلومات.
ورغم أن هيرد ليس من بين مجموعة العاملين في الشركة قيد التحقيق، كما أفاد المتحدث توم دريسلار، إلا أن النائب العام مازال يحقق في دور هيرد في الفضيحة. وقال دريسلار "نحن لا نستثني أحدا فيما يختص بالتواطؤ الجنائي". وفي الوقت نفسه أوضح هيرد أنه "يعتزم المثول في جلسة الاستماع التي تنظمها لجنة الطاقة والتجارة".
وكانت دان والمستشارة العامة للشركة آن باسكينز، اللتان لعبتا دورا محوريا في الواقعة، قد قبلتا المثول أمام اللجنة.
وامتدح توم بيركينز، الذي استقال من مجلس الإدارة احتجاجا على أساليب التحقيق والتجسس، قرار مجلس الإدارة في بيان. وقال إن "مارك هيرد أثبت أنه الرجل المناسب للتحليق بالشركة لآفاق أعلى". مضيفا "أود أن أشكر باتي دان لتنحيها والسماح لمارك هيرد بقيادة الشركة ودفعها إلى الأمام".
كما أعلن هيرد عن تغيير جديد، حيث عين ريتشارد هاكبورن في منصب المدير الإداري المستقل للشركة، فيما تولى المدعي الفيدرالي السابق بارت شفارتز مراجعة أساليب التحقيق ومنهج العمل في الشركة.
يُذكر أن هيرد قد علم بالواقعة من قبل المحامي مايك هولستون، الذي عين في الثامن من أيلول (سبتمبر) الماضي، لحل مشكلة التحقيق في واقعة تسريب معلومات الشركة.
وقال إن تسلسل القيادة يبدأ من هانساكر، ويضم جنتيليوتشي وفنسنت ني من فريق الأمن الخاص بالشركة، وفرد آدلر من الفرع الأمني للشركة. وأنهم تعاقدوا مع رونالد ديليا من شركة (سيكيوريتي سوليوشنز) قرب بوسطن.
وكان الفريق يطلع دان وباسكينز على تطور سير التحقيق، وأكدوا لهما أن السبل المتبعة في التحقيقات مشروعة.
يذكر أن الشركة حصلت على الأرقام القومية لثلاثة صحافيين، وثلاثة من الأعضاء الحاليين في مجلس إدارة الشركة، وأحد العاملين في شركة إتش بي. ونقلتها شركة (سيكيورتي أوتسورسينج سوليوشنز) لطرف ثالث وهو مجموعة (أكشن ريسرتش).
وقال هولستون إن شركته اكتشفت واقعة أخرى في آذار (مارس) الفائت، حيث استخدمت شركة (سيكيورتي أوتسورسينج سوليوشنز) الرقم القومي الخاص بأحد الصحافيين للحصول على تسجيلاته الهاتفية.
ووفق هولستون، راقبت الشركة عددا من المديرين والصحافيين، من بينهم محقق راقب أحد أعضاء مجلس الإدارة وأسرته وراقب منزل أحد الصحافيين.