اقتصاديون: يجب فرض ضرائب «مقننة» على العمالة الوافدة
أكد عدد من الاقتصاديين أن إجبار المؤسسات التي لديها أقل من تسعة عمال ضمن حلول برنامج نطاقات لن يعمل على فك التكتلات العمالية بقطاع التجزئة بقدر ما يعزز التستر في القطاع التجاري.
وحذروا في تصريحات لـ"الاقتصادية" من أن هذا التوجه سيرفع من سيطرة العمالة على القطاع، موضحين أن الإحلال لا بد أن يكون بنظرة اقتصادية وليست عاطفية تكفل تنمية القطاع وتحسين الإنتاج, خاصة أن قطاع أعمال التجزئة يعد محركا رئيسا للاقتصاد السعودي، إذ يبلغ حجم قطاع التجزئة 140 مليار ريال سعودي لـ200 ألف محل تجاري، و54 ألف بقالة موزعة في أنحاء المملكة.
ووفقا للدكتور حبيب تركستاني أستاذ اقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، فإن "نطاقات" لا يستطيع فك التكتلات العمالية في قطاع التجزئة، فما يعانيه قطاع التجزئة من تكتلات عمالية ناتجة عن التستر في القطاع، مما أحدث خللا كبيرا في القطاع وانعكاسات سلبية، وعواقب فاقمت من سيطرة العمالة الوافدة على القطاع، وذلك بتكوين تكتلات عمالية كبيرة في قطاعات التجزئة يصعب على العامل السعودي اختراقه أو الدخول به، بل أظهر السعودي في دور العامل الفاشل، وزادت من توسيع دائرة البطالة بين قطاع الأعمال السعودي المحلي وإحباط توطين الوظائف، وعدم القدرة على التعرف على الأنشطة التي يستطيع العامل السعودي ممارستها.
وحول كيفية القضاء على التستر وإبدالها بنطاقات طالب تركستاني بوضع قوانين تستطيع أن تخلق نوعا من التنافس العادل بين العمالة الأجنبية والسعودية، وذلك بالسماح للعمالة الوافدة بالعمل في القطاع الخاص، ولكن وفق ضرائب مقننة نستطيع من خلالها السيطرة على القطاع والحد من سيطرة العمالة عليه ومعرفة عدد العمالة الوافدة والوظائف التي تشغلها، إضافة إلى استفادة الاقتصاد والقضاء الأخلاقيات السيئة الناتجة من التستر التي بمقابل حفنة من الريالات.
ولفت تركستاني إلى ضرورة الأخذ في الحسبان الطرف الآخر (قطاع الأعمال) والتبعيات المترتبة عليه من تطبيق نطاقات، وما أشير إليه مؤخرا بتوظيف سعودي لكل مؤسسة تملك أقل من تسعة عمال والأضرار التي تنعكس علية سلبا أو إيجابا لقطاع الأعمال.
وقال "أغلب المشكلات التي يعانيها قطاع الأعمال أن كل جهة تضع قوانين وأنظمة جديدة دون مراعاة الجهات الأخرى مما يرفع معدل المعوقات التي تواجه قطاع الأعمال"، متفقا مع من يذهب إلى أن تطبيق الأنظمة الجديدة دون دراسة متأنية وشاملة لانعكاسات النظام قد أعاق الكثير من إنجازات الأعمال.
وقال "نظرية سوق العمل يجب أن تكون سوقا حرة يستطيع من يريد أن يأخذ ما يريد هذه المنافسة الحرة، وعند تغييرها لا بد من النظر للمحاذير، فإيجابيات نطاقات وسلبياتها لن تظهر إلا بعد مرور وقت لنرى انعكاساتها على السوق". وأضاف أن لكل قطاع ظروفا خاصة لا بد من أخذها في الحسبان حتى لا تزيد المعوقات وتتأخر المصالح، ومن ثم يتأثر الاقتصاد.
وأشار تركستاني إلى أن توطين الوظائف يهدف إلى تحسين الأداء ورفع الإنتاجية، فلا بد من عمل دراسة شاملة لقطاع التجزئة للقضاء على التستر والسيطرة على قطاع حيوي وكبير كقطاع التجزئة، وذلك بخلق بيئة وظيفية منافسة، بها نوع من التوازن الوظيفي.
من جهته، أوضح الدكتور محمد شمس رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية، أن توظيف سعودي لدى المؤسسات التي يكون فيها عدد العمالة أقل من تسعة لا يعد حلا لفك التكتلات العمالية بقطاع التجزئة، بل إن ذلك سيدخل السعودي في منافسة غير عادلة مع الأجنبي، حيث يتعرض السعودي إلى المحاربة من قبل التكتلات العمالية مع تعزيز عامل التستر، وبذلك نعود إلى نقطة البداية.
وقال "لا بد من ضوابط وقوانين مدروسة ومقننة بدلا من استمرار الوضع الحالي الذي يمثل تحديا كبيرا للشاب السعودي، ويزيد من ضعف دور العامل السعودي من العمل في القطاع، خاصة أن قطاع التجزئة يعد أحد الروافد الاقتصادية التي تدر دخلا جيدا يستلزم اهتماما خاصا، وقال "لا بد من النظرة الاقتصادية في توطين الوظائف وليس نظرة عاطفية، فإحلال السعودي بدل الأجنبي يكون وفقا لإنتاجية مصلحة القطاع حتى لا يتأثر الاقتصاد بشكل عام".
ويؤكج أنه لا بد من الحذر من العواقب حتى لا يكون الفشل مصير الخطوة، فلا بد أن يكون هدف نطاقات رفع كفاءة الإنتاج وتحسين الأداء وليس الإحلال فقط.
ولفت شمس إلى أن الاعتماد الكبير على وزارة العمل لتوطين الوظائف يعد "خطأ فادحا"، مشيرا إلى أنه لا بد من أن تكون هناك رغبة قوية من الشباب في الدخول إلى قطاع التجزئة، والعلم بها كموظف أو كصاحب محل وتغير ثقافة المجتمع حول هذه الوظائف وكسر حاجز الخجل والتعالي عن هذا القطاع. وقال "لا يمكن أن يتم توطين الوظائف إذا لم تكن هناك رغبة من الشباب السعودي لتغيير ثقافة العمل والدخول في هذا المجال".
وحذر الدكتور أسامة فلالي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز من استمرار سيطرة العمالة الوافدة على قطاع التجزئة، المحرك الاقتصادي للمملكة.
وقال "إننا بجميع الإجراءات التي قمنا بها لم نستطع السيطرة على القطاع وتوفير بيئة مناسبة وغير منافسة لدخول الشاب السعودي القطاع، لذلك لا بد من أخذ القطاعات الأخرى التي حقق السعوديون فيها تقدما ونحاجا والعمل بها"، موضحا أن الشاب السعودي استطاع أن يثبت جدارة في كثير من القطاعات مثل أرامكو وسابك لتوفير جميع العوامل التي تساعد على نجاحه مثل الأجر والخبرات والعمل على التحسين والتطوير، إضافة إلى بعض المصانع التي تعمل على مدار 24 ساعة تعمل بها ثلاث فرق لا تتجاوز عمل الفرقة الواحدة ثماني ساعات، مما رفع إنتاجية المصنع إلى أضعاف.
وقال "قطاع التجزئة يعد تحديا كبيرا للشاب السعودي مما يجهض عمليات السعودة، ويرفع من سيطرة العمالة على القطاع عبر أسماء تسترية". وأوضح أن أول المعوقات التي تواجه الشباب بقطاع التجزئة تدني الأجور، إضافة إلى عدم تطبيق نظام العمل الذي يحدد ساعات العمل بثماني ساعات متواصلة، وما يزيد على ذلك يكون بمقابل، ويطبق على السعودي والأجنبي على حد سواء، مما أضعف قدرة العامل السعودي على الاستمرار في العمل بهذا القطاع لعدم وجود الحوافز التي تشجع العامل السعودي على الاستمرار.