قرار المهنيين ينقض دون الرجوع لهم في قطاع يهم صحة الناس
العمل المهني هو الساعد الأول لبناء الأوطان وإذا عطل أو أعيق لأي سبب تعطل البناء وتأخر الوطن والهيئات، والمؤسسات المهنية هي المعنية بكل الأعمال المهنية والتخصصية، ويحتاج قيام هيئة إلى تجهيز الأرضية المناسبة لنشوئها ودعم بكل الوسائل القائم منها، ومن غير المقبول إجهاض أحكام تخصصية مبنية على التخصص والخبرة خاصة في مجال حيوي يهم صحة الناس و600 ألف قضية نصفها مهني من المفترض أن تذهب لأهل الاختصاص ليكون لهم رأي فيها على أدنى حد. وإكمالا للجزء الأول من الندوة مع المختصين والخبراء نطرح المقترحات والحلول وإلى الندوة:
متى يولد نظام الهيئات؟
الشمري: هو الآن في مجلس الشورى, مرفوع من وزارة الشؤون الاجتماعية ومحال من الحكومة إلى المجلس، ورأي المجلس أن يحال إلى لجنة خاصة تشكل من مجموعة من المتخصصين من الأعضاء لدراسته وإعادته إلى المجلس, وأعطيت اللجنة مهلة ستة أشهر, مضى منها شهران, وأتوقع أنه خلال أربعة أشهر أن يعاد إلى المجلس, وأتمنى أن يكون بصورة جيدة بحيث يوافق عليه المجلس.
لدينا قصور في الكم و الكيف للجمعيات التخصصية التي تخدم القضايا التخصصية لكل مهنة, ما الحلول لذلك؟
التويجري: أعتقد أن ما نتكلم فيه في هذه الندوة هو واقع الهيئات والجمعيات الموجودة, وهي ليست بالكم والكيف المطلوبين على مستوى دولة بحجم السعودية وإمكاناتها المادية والاقتصادية, وأعتقد بشأن ما طرح عما هو أفضل في الأداء بالنسبة إلى الهيئات أو الجهات الحكومية التي كانت تقوم بتنظيم العمل المهني في السابق, أنا أعتقد أن هذا سؤال عمومي لأنه كما ذكرت حتى الآن أن الهيئات بدأت تأخذ وضعها وتبدأ الآن تضع أنظمتها الداخلية والتنظيمية, وأن التنظيم الخاص بهذا الأمر لم يتبلور بالصيغة والصورة المطلوبة لتنظيم أعمال هذه الهيئات, لذلك أنا أعتقد أن دور هذه الهيئات يحتاج منا إلى أن يفعل وتفعل الصلاحيات المطلوبة عندها, وأنه في فقه الإدارة "الصلاحيات تؤخذ ولا تعطى".
وأعتقد أن المبادرات التي بدأتها الهيئات الآن وبدأت تبلور هذه الأفكار, أعتقد أنها بدأت من القطاعات الحكومية وهي الوزارات المعنية بذلك, لما تراه من أهمية لوجود هذه الهيئات, فأعتقد أن وجود هيئات متخصصة في العوائل المهنية المتخصصة في كل مهن هو أمر أساسي، وأعتقد أن هذا ما تسعى إليه الدولة وتحث عليه, نحتاج إلى وضع الأنظمة. و المؤسسة العامة للتعليم الفني عندما بدأت في مراجعة مناهجها التي تقوم بالتدريب فيها, تدرب في أكثر من 250 مهنة وجدنا أننا نحتاج إلى البدء من الأساس.
250 مهنة, كم تحتاج إلى جمعية وهيئة مهنية؟
التويجري: مثل ما ذكر الإخوان, هي تخصصات, مثل الهيئة السعودية للتخصصات للمهندسين فيها جزء من هذا الأمر, الهيئة السعودية للمحاسبين فيها جزء أيضا لأننا نخرج مساعدين محاسبين، كذلك الجمعية السعودية للإدارة لأننا نخرج من أقسام إدارية, الهيئة السعودية للمهندسين اهتماماتها الآن لفئة المهندسين وأعلى من ذلك, وفئة ما تحت المهندسين لم يتبلور لدى الإخوان في الهيئة الإشراف عليهم وتصنيفهم, لذلك المؤسسة انطلقت من المعايير المهنية وتم بناء المعايير المهنية مع القطاع الخاص والممارسين لهذه المهن.
نأمل أن نعرف كم عدد الهيئات المهنية التي تتابع شؤون الـ 250 مهنة التي ذكرت؟
التويجري: الهيئات الموجودة لا تتعدى حاليا خمس هيئات, والهيئات تبدأ من الجهات الحكومية, وأقول ردا على سؤال هل الهيئات قامت بعملها أفضل من الجهات الحكومية؟ أقول إن الجهات الحكومية بادرت بإنشاء هذه الهيئات لأنها تريد أن تعطيها وتحملها مسؤولية تتناسب مع هذه المهن وأن تعطي أهل الاختصاص هذه المهام, ولذلك عندما نرجع إلى 250 مهنة الموجودة لدى المؤسسة, فبعضها يندرج تحت الهيئة السعودية للمهندسين, وبعضها تحت هيئة المحاسبين, وبعضها تحت جمعيات الإدارة, الحاسب الآلي, والتربية وعلم النفس وهكذا لا تستطيع أن تقول تحتاج من الهيئات لها.
هذه الهيئات الخمس كم لزمها من الوقت حتى نشأت؟ وكم يلزمنا من الزمن حتى يكون لدينا 250 هيئة؟
التويجري: أعود فأكرر ما ذكره الأخ الشمري لا نريد أن نستعجل ونحن لم نضع الأساس لهذا الأمر, الهيئات الآن موجودة.
إذا كنتم مقتنعين بأهمية دور هذه الهيئات, فلماذا لا تسعون أنتم إلى إنشاء البذرة لولادة الهيئة؟
التويجري: هناك عدة اقتراحات تقدمت بها المؤسسة في تقاريرها السنوية التي ترفع, بأن يوجد هناك هيئة متخصصة للمهنيين, وحتى الآن لم تأتنا الموافقة عليها منذ أربع سنوات ونحن نرفع في تقاريرنا بهذا الاقتراح.
لم تأتكم الموافقة من مجلس الشورى أم من الديوان الملكي أو من أي جهة؟
التويجري: تأخذ إجراءات, تعرض على مجلس الشورى ثم بعد ذلك على هيئة الخبراء ثم تعود إلى مجلس الشورى مرة أخرى إذا كان عليها بعض الملاحظات, حتى تنتهي إلى الصياغة المناسبة ثم تعرض على اللجنة الوزارية ثم ترفعها إذا وافقت عليها إلى مجلس الوزراء. وأود أن أشير إلى نقطة أن المؤسسة عندما احتاجت إلى إيجاد معايير مهنية وجدت أن التدريب يعتمد على ثلاثة محاور: البيئة المناسبة, والتجهيزات المناسبة, المدرب والمنتج.
هل يشرف الكادر الحكومي الموجود على هذه الهيئة ويقومها, لماذا لا ينتقل جزئيا ويكون هيئة؟
التويجري: مثل ما ذكر الإخوان، الهيئات لا يمكن أن تنقل قطاعاً حكومياً وتجعله هيئة، أنا أعيد شرح هذا الأمر مرة أخرى، ففي تجربتنا مع الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، التخصصات الطبية انتقلت من زملائنا من يعمل منهم الآن في مجال التدريب الأهلي، لكن هذا الانتقال ليس بسبب انتقال من قطاع حكومي إلى الهيئة الخاصة، بل هو عبارة عن إعارة للهيئة للاستفادة من خبراتهم في هذا الجانب وتبنى الخبرة الداخلية للهيئة وتكوين كادرها في هذا الجانب.
الهيئات يجب أن يكون لديها استقلالية عن القطاع الحكومي، كما ذكرنا في مداخلاتنا السابقة وبناء عليه لا نستطيع أن تنقل أشخاصاً معينين يقومون بمهمات معينة إلى المهنية فقط لأن لديهم الخبرة في ذلك، لكن تستفيد منهم الهيئات بسبب أنهم أصحاب تخصص وينتمون لهذه المهنة ويكون عملهم مع الهيئة كدور تكميلي، هذا الجانب هو الذي نبي بناءً عليه المعايير المهنية التي بنى عليها المؤهل المهني، وبنى عليها الآن عندما تم تكليف المؤسسة من قبل وزير العمل لوضع نظام الفحص المهني الذي سيتم تصنيف جميع المهنيين في سوق العمل بناء عليه، هذا باختصار دور كان يجب أن تقوم به الهيئات، وهذا ما نتوقع أن يكون دور للهيئة السعودية للمهندسين، والمؤسسة ممثلة للمملكة في أكبر تجمع لعرض المؤهلات المهنية، والمعايير والمناهج من قبل هيئة عالمية وهي هيئة المؤهلات المهنية الاسكتلندية وهي الدولة العربية الوحيدة الموجودة في هذه الهيئة، وتضم تجمعاً للدول المتقدمة مثل أمريكا وكندا وأستراليا لعرض تجاربهم المهنية والمناهج، فأعتقد أن تجربة المؤسسة في هذا الجانب تدل على أن هناك أناسا جادين.
التجارب الدولية في المجال المهني، هل هي تحت مظلة الحكومة أم هي مستقلة بالكامل؟
العمرو: التجارب الدولية التي وقفت عليها في أوروبا وأمريكا وماليزيا، تعتبر مستقلة عن الدولة تماماً، ويكون الإشراف للدولة، لكن فيما يتعلق بالوضع المهني في المملكة، أقول إن لدينا إشكالية كبيرة في إيجاد القطاع المهني كما يأخذ دوره، فالهيئة السعودية للمهندسين استغرق إنشاؤها 12 سنة.
لماذا هذه الإشكالية وهذا الزمن الطويل؟
العمرو: أعتقد أن كل هيئة يكون لها نظام خاص بها، ويكون هناك إطار عام، وأي جماعة ينطبق عليهم هذا الإطار يدخلون ضمن هذه المظلة ويؤسسون هيئتهم وينظمون مهنتهم، الآن، المؤسسة العامة للتعليم الفني، ليست مطالبة بتأسيس جهات مهنية، جهات تعليمية يفترض أنها لا ترخص. ولا تؤهل فهي تخرج كما تخرج الجامعات، الأطباء والمهندسين، وبالتالي يذهبون إلى هيئات مهنية أخرى تحتضنهم، وأنا أتكلم أيضاً حتى الهيئات المهنية الحرفية.
مظلة القطاع العام عندنا،هل يختلف عن المظلة الموجودة في الهيئة؟
العمرو: يختلف تماما، وأرى أن جميع الهيئات المهنية يجب أن تندرج تحت الجهة التي تحفظ لقطاع العمل، يفترض أن تأتي كلها تحت مظلة وزارة العمل، وأنا سبق أن أعددت مقترحاً متكاملاً ووضعته على مكتب الدكتور غازي القصيبي وزير العمل، وطلبت أن يدرس الاقتراح بجدية، بأن تكون جميع الهيئات المهنية تأتي تحت وزارة العمل وبالتالي تكون كل هيئة لها جمعية عمومية ومجلس إدارة ونضمن الإشراف الحكومي عليها.
وما هذا الاقتراح؟ ومتى قدمته؟
العمرو: أن ما قدمته لوزير العمل، وقدمته منذ نحو سنة، وطلبت أن أقابل الدكتور غازي لأشرح أهمية هذا المقترح، وأعتقد وأجزم أنه هو الذي سيقودنا إلى إعادة هيكلة القطاع العام القطاع المهني، أنا لا أتكلم حقيقة عن بيروقراطية الحكومة، تحدث الدكتور الفريحي عن 12 سنة حتى أخذت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية التسجيل المهني.
نحن نتكلم عن نظام عام، بحيث تأتي جميع المهن في إطار هذا النظام، ليتم إعادة صياغة أنظمة الدولة وصلاحية القطاع العام بما يتماشى مع البيئة الجديدة في القطاع المهني.
مظلة الحكومات، في كل الدول الأجنبية، هل يماثل مظلة الجهاز الحكومي لدينا على الهيئة وأين الخلل؟
المغامس: بالنسبة للمظلة الحكومية، على تخصص المحاسبة، والمراجعة، ولكن بعد الانهيارات التي شهدتها شركات عالمية كبرى مثل شركة ايزون، وورلد كوم، الأمريكيين في عام 2001م، بانهيار وإفلاس، تدخلت الدولة بقوة وعن طريق الكونجرس الأمريكي وأنشأت لجنة وأصدرت نظاماً في عام 2002 ألزم بتكوين جهة إشرافية رقابية على مهنة المحاسبة، وعين لها أشخاص ليسوا مهنيين وإنما معنيون من قبل الحكومة للإشراف على المهنة، فنحن السعوديين في الهيئة نرى أنه لا يمكن أن تعطى المهن الحرة للاستقلالية مائة في المائة، حتى تدير أعمالها كما ينبغي، لا بد من وجود تدخل الدولة ولو بشكل بسيط، أما إعطاء الحرية مائة في المائة، فقد أثبت عدم فاعليته في دول مثل أمريكا، تدخلت الدولة والكونجرس، وتدخل الرئيس الأمريكي نفسه لضبط المهنة.
والحمد لله في مهنة المحاسبة كان هناك في نظامنا أن يكون مجلس الإدارة مكونا من خليط من المهنيين وخليط من الحكومة والأكاديميين، حتى يعطى نوعاً من التوازن ولا يكون هناك سيطرة للمهنيين على المهنة، وهذا لا ينبغي ألا يكون، أن يسيطر المهنيون على مهنتهم، لأن المهنة فيها التعليم وفيها التدريب، وفيها العقاب والمعايير، فيجب أن يكون هناك جزء ولو بسيط من الإشراف.
المريخي: نحن ليست لدينا التجربة العميقة، نحن في مرحلة النشأة، فالجمعيات التي عندنا ربما يكون أكثر شيء بارز في المجال الصحي وجمعياتنا الخيرية، ولكن إلى الآن لم يبرز خط واضح، لا بد أن يكون هناك مرجعية، إقرار لإطار معين تعمل من خلاله هذه الجمعيات وتراقب، أما أن تتركها، فهذا يعد خروجاً عن الخط العام، تضارب مصالح، مهاترات، تدخلا في أشياء أخرى، لا بد أن يكون هناك رقابة، إطار عام، وأعتقد أن هذا هو الصحيح، ولكن لا يجب أن تكون تحت وصاية وتكون مجمعة، وأيديها مكبلة هذا غير صحيح أو مفيد.
وأين نحن في المملكة، هل هو في الوصاية، أو التحجيم أو ماذا؟
الفريحي: لا أعتقد كما ذكر الإخوان أنه لدينا شح في وجود جمعيات أو هيئات، ولا يوجد إطار عام، أنا كنت قد شاركت قبل سنوات في هيئة الخبراء في مجموعة ممثلين لقطاعات مختلفة في الحكومة، وأوصينا بأن الآن الوقت مناسب أن يكون هناك إطار عام للجمعيات المهنية، وأن يكون لكل قطاع أن يتقدم للمقام السامي بإطار معين، ومتى ما اعتمد الإطار، مثلاً في المجال الصحي، المحاسبين، المهندسين، يمكن من خلال الإطار أن تنتج جمعيات متفرعة لكل مهنة، ولكن أين مصيره، لا أعلم، لكن أعتقد أنه لدينا غيابا واضحا جداً لوجود إطار معين، تشريع معين، مرجعية معينة، لذلك فعدد الجمعيات أو الهيئات عندنا محدود، دورها محدود إلى الآن، أعتقد أنه الآن بعد أن أصبحت المملكة عضواً في منظمة التجارة العالمية لا بد أن يكون هناك تغيير وانفتاح، واعتقد أن لدينا الآن انفتاحاً، لدينا مجلس الشورى، إلخ، ولكن ينبغي ألا يكون الانفتاح مسيبا غير مراقب ولا بد من ضوابط وإشراف من الدولة.
لا يوجد تشريع معين،أو آلية معينة لولادة هيئة، لماذا لم يدرس هذا الأمر في مجلس الشورى؟
الشمري: أولا أتكلم من ناحية العدد الكافي من الجمعيات والهيئات المهنية، أقول إن وجود خمس هيئات مهنية منها ثلاث عاملة واثنتان في الطريق، هذه لا تشكل حتى بداية بالنسبة لعدد المهن الموجودة لاحتياج المجتمع، البداية لا تكون إلا إذا تجاوزنا رقم 20 أو 30 جمعية، وفي تقديري أن المسألة لا تقاس بالوقت، كما نصل إلى العدد الكافي من الجمعيات والهيئات، ولكن تقاس بتجهيز الأرضية المناسبة لنشوء مثل هذه الجمعيات، فالمسألة مسألة وقت، لا أكثر ولا أقل.
من ينشئ هذه الأرضية؟
الشمري: طبعاً الدولة، هي الراعية لهذا المجتمع، وهي التي تسهل جميع ما يؤدي إلى تطوره، فقطاع المنظمات غير الربحية في المجتمع، يشكل حتى من الناحية الاقتصادية القطاع الثالث، في اقتصاد أي أمة بعد القطاع العام والقطاع الخاص، فهو موظف ضخم من ناحية سوق العمل يعتبر القطاع الثالث في التوظيف، له استثمارات ضخمة ينشأ عنه قطاع عمل كبير جداً، فالدولة يجب أن تسعى له الآن بكل ما أوتيت من قوة بحث تجهز الأرضية المناسبة لنشوء مثل هذه الهيئات.
الآن، سأشرح الوضع الراهن، وما هو المأمول، بالنسبة للوضع الراهن أن كل جماعة ترغب في تأسيس جمعية أو هيئة مهنية عليها أن تذهب إلى الوزارة أو الجهة الإدارية التي مجمل أعمالها ذات ارتباط بعمل هذه المهنة بطلب إنشاء هذه الجمعية، وإذا تبنى الوزير هذه الرغبة، رفعها إلى الحكومة، ومن ثم صدر النظام.
وإذا لم يتبن؟
الشمري: إذا لم يتبن وهذا حاصل في كثير من المهن، وأعرف مهنة المحامين، حتى الآن لم يتبن وزير العدل على حد علمي جمعيتهم المهنية.
لماذا؟
الشمري: لا أعلم، قد يكون بعض المسؤولين يقول مهمة وزارتي أن تتبنى إنشاء جمعية أو هيئة مهنية تعنى بهذا الأمر، بعضهم يرى أن الوقت مبكر، بعضهم يجد أن عدد المتخصصين غير كاف لإنشاء مثل هذه الهيئات، يخشى أحيانا من الدور الذي قد تلعبه هذه الجمعية عندما تنشأ، المهم أن المبررات أغلبها إدارية لا تتناسب مع المرحلة التي نعيشها، لا المرحلة السياسية والانفتاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهو والحمد لله كبير جدا، ولا يتناسب مع المرحلة الدولية بعد انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية وكثير من المنظمات العالمية التي أصبحت تطالب بشكل أو بآخر أن يكون هناك تمثيل شعبي من خلال جمعيات أو هيئات سواء كانت مهنية أو ذات نفع عام.
المأمول أن تتبنى الدولة إنشاء نظام، وأنا أعرف الدولة متبنية ذلك وفرع النظام الآن من وزارة الشؤون الاجتماعية باسم نظام الهيئات والجمعيات والمؤسسات الأهلية، وهو نظام عام وأحيل من الحكومة إلى جانب الشورى، والمجلس درسه من خلال لجنة الشؤون الاجتماعية في المجلس وعرض عليه ورأى المجلس بعد مناقشته أن يحال إلى لجنة خاصة لدراسته وإعداده بشكل آخر، ثم يعود للمجلس لإقراره ومن ثم يأخذ الدورة النظامية لإصداره رسميا.
ومن وجهة نظري الشخصية، وهذا ما تقدمت به فعلا، أنا تقدمت بمشروع نظام للهيئات المهنية فقط، وأنا أرى أنه قد يكون هناك أو يجب أن يكون هناك أنظمة تعنى بالهيئات والمؤسسات.
هل نشأت الهيئات الموجودة من دون نظام؟
الشمري: لا، الهيئات الموجودة الآن، نشأت بأنظمة ولكن لكل هيئة نظامها المستقل.
هل النظام الأساسي للجمعيات القائمة كاف أم يحتاج إلى إضافة وتطوير؟
التويجري: أعتقد كما ذكر الإخوان خلال مداخلاتهم أنه ما زالت الجمعيات والهيئات تحتاج إلى أنظمة لبدء مثل هذه الهيئات على مستوى التشريع والمشرعين، وكذلك التنظيم الداخلي لهذه الهيئات، أعرف أن بعض هذه الهيئات لم تنته من تنظيمها الداخلي ولم تأخذ عليه الموافقة من الأعضاء المنتسبين لهذه الهيئات وما زال هناك أخذ ورد في هذه التنظيمات.
وأنا أعتقد أن هذه التشريعات والتنظيمات ضرورية، وكما ذكرت لنبدأ بما لدينا من خبرات وتنظيمات ثم بعد ذلك بعد تجربتها وبعد كشف الخلل فيها نقوم بتعديلها وتكون هناك المرونة للتعديل ورغبة ومرونة للتعديل للأفضل، ولتكن بدايتنا صحيحة يجب أن نضع النظام الداخلي، وكذلك يجب أن يكون هناك تشريع لجميع هذه الهيئات المهنية ويكون مظلة أو إطارا تدخل من خلاله جميع الهيئات المهنية، ثم تضع النظام الداخلي لها بما يتناسب مع هذه المهنة، ويكون هناك رقابة حكومية على أدائها وإنجازاتها من خلال ما أقرت من تنظيمات متكاملة.
النظام الموجود كاف أم غير كاف؟
التويجري: لا يوجد نظام أصلا.
العمرو: الأنظمة القائمة حاليا الأطباء، المهندسين، المحاسبين، كل منها يقرأ بلغة أخرى تختلف عن الهيئة الأخرى، لذلك نحن نحتاج إلى نظام للهيئات المهنية، يقرأ بنفس اللغة وينص على الأهداف نفسها والسياسات والاستراتيجيات ويكون لها نفس المظلة بما يحتاج ربط القطاع العام والقطاع الصناعي، ويجب أن تكون هناك مساحة مشتركة بين النظام والهيئات المهنية وبين القطاع العام، بحيث يضمن إشراف الدولة على هذه القطاعات وسلامة توجهاتها.
المغامس: لا يوجد نظام، كل جهة لها نظامها الخاص بها، فالمحاسبون صدر نظام للمحاسبين القانونيين، وجاء في مادة من مواده بإنشاء الهيئة السعودية للمحاسبين، ولكن هو نظام للمحاسب عن إصدار الترخيص لممارسة المهنة ومسؤولياته، ولكن الهيئة المهنية صدرت من داخل النظام، لم يصدر نظام خاص لها من المقام السامي، وإنما نظام المحاسبين القانونيين ومن ضمنه إنشاء هيئة للمحاسبين القانونيين، فكل جهة لها نظامها.
الفريحي: لا يوجد نظام موحد للهيئات المهنية، كل هيئة صدرت بموجب نظامها الخاص الذي يراعي ظروف المهنة، وبالتأكيد هناك حاجة إلى إيجاد نظام عام موحد يكون مرنا يراعي الفوارق والاختلافات في كل مهنة، ويكون قادرا على التطوير والتحديث ويراقب الزمن، النظام الخاص بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية صدر قبل 15 سنة، وفي فقرة تقول متى ما رأت الهيئة ضرورة لتعديل أي مادة من النظام أن تتقدم بطلب إلى المقام السامي لإجراء هذا التعديل، ولا أعتقد أن هذا يكفي لتلبية حاجة كل الهيئات والمهن ذات العدد الكبير، فالحاجة ماسة إلى إيجاد نظام مرن يراعي ظروف كل مهنة وقابل للتطوير والتحديث.
الشمري: لا يوجد نظام موحد ولكل من يرغب في إنشاء هيئة أن يرفع للمقام السامي بطلب، وبالتالي يصدر له نظام إذا رؤي الموافقة على الطلب، وعلى الناحية الأخرى، هناك لائحة تنظيمية للجمعيات والمؤسسات الخيرية، فجميع المؤسسات الخيرية محكوم نشاطها بلائحة تنظيمية صادرة عن مجلس الوزراء ويمكن إنشاؤها عن طريق التقدم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بطلب ذلك. أما الهيئات المهنية وغيرها من الهيئات ذات النفع العام الأخرى سواء للمجتمع أو لأعضاء المهنة نفسها، فحتى الآن وهذا ما نسميه بالنقص التشريعي في هذا المجال، لا يوجد أي تنظيم يساعدهم، وطموح المهتمين بالشأن العام في هذا الخصوص، هو أن تنشأ عندنا هيئات متعددة في كل المجالات وأن يكون بين هذه الهيئات اتحادات.
هل من الأجدى فصل كل تخصص في القطاع نفسه لجمعيات متخصصة أم شاملة أجدى؟
التويجري: أعتقد أن وجود مظلة للعائلة المهنية، ثم بعد ذلك تتفرع منها شعب أو لجان فرعية في التخصصات المختلفة، أعتقد أن ذلك أجدى.
العمرو: طالما نحن الآن في بداية الطريق فيما يتعلق بالعمل المهني وتنمية المهنة كممارسة وثقافة، لا يمنع أن نركز على التخصصات الرئيسية وتتدرج تحتها الشعب، ويمكن في وقت قريب جدا أن يرى كل شعبة إلى تخصص مستقل، مثلا المهنية السعودية للمهندسين تشمل جميع التخصصات الهندسية لا يمنع في يوم من الأيام، أن يكون هناك هيئة للمهندسين المدنيين، وأخرى للمهندسين الكهربائيين والميكانيكيين، لا يمنع الأمر ذلك، لكننا ما دمنا الآن في مرحلة البناء والتأسيس، وتوجه نحو ثقافة جديدة لدى المجتمع بتأسيس هذه الهيئات المهنية فنكتفي في هذه المرحلة بالحسم الرئيسي.
المغامس: أعتقد أن تجميع المهن الحرة المترابطة، و يكون لها هيئة مهنية واحدة، ولكن هناك بعض المهن التي تواجه ما يسمى بتضارب المصالح ويجب أن يكون هناك في هذه الحالة استقلالية، نحن رفعنا لوزارة التجارة مشروعا لإجراء دراسة مسحية للخدمات الاستشارية أو التراخيص التي تقدمها وزارة التجارة يكون هناك جهة تقوم بمسح ثم الإشراف على المهن الحرة، فقالت الوزارة أجروا أنتم الدراسة، مع عدم توفر المادة للقيام بمثل هذه الدراسة.
الفريحي: أعتقد بالذات في المجال الصحي، أنه من الأجدى والأولى أن تكون هناك هيئة أم كمظلة ومن ثم تكون الجمعيات تحت إشراف هذه الهيئة، ونظام الهيئة السعودية للتخصصات الصحية يشمل في مادته، أنه يجوز للهيئة إنشاء مهنية صحية.
ففي المجال الصحي بلغ عدد المسجلين في الهيئة حتى الآن ما يقرب من 140 ألف ممارس صحي، فبالتالي لا يمكن أن تجمعهم في هيئة ولا خمس ولا عشر جمعيات، فنظام الهيئة يجوز أن تنشأ جمعيات تخدم ذوي المهن المتشعبة من المهنة الأم الجراحين، الباطنيين، الأشعة، التخدير، الجلدية، الصيدلة، وهكذا، ونحن بالفعل منذ سنتين بدأنا نعطي موافقات على إنشاء جمعيات والجمعيات تعتبر مكملة لدور الهيئة الأم، وهي الذراع التي تعنى كل تخصص في مجاله، وهي التي تعنى بالتعليم المستمر لذوي المهنة في هذا التخصص، وهي تعنى بالتحكيم في التصنيف المهني، وهذا كله مطبق في الهيئة السعودية للتخصصات المهنية.
الشمري: هذا سؤال بيروقراطي يدل على هيمنة الفكر الإداري للقطاع العام على ثقافة المجتمع المدني، الأصل أن يكون الحق إنشاء الجمعيات سواء كانت مهنية أو مدنية، هو حق أصيل لكل شخص أو لمجموعة أشخاص متى ما توافرت فيهم الشروط التي وضعها نظام الإطار العام، فيؤسسون الجمعيات ولا يجب أن نتدخل في هذه الحرية، وهذه الجمعيات إذا رأت هي فيما بينها أن تضع اتحاداً بينها تميلها جميعاً إذا وجد بينها فكر مشترك أو رأي مشترك إلى آخره، في الغرب مثلاً الجمعيات المهنية متعددة بعضها قائم على فكر سياسي وبعضها على فكر مهني بحت، وبعضها قائم على تخصص، وبعضها قائم على إقليمية أو دين، لكل منها توجهاته، وفي المملكة ينبغي أن تترك حرية تأسيس هذه الجمعيات، وهذا حق أصيل من حقوق الإنسان بتأسيس جمعيات أو هيئات ذات نفع عام سواء كانت مهنية أو غيرها، وأن يترك لكل مجموعة من المتخصصين أو المهتمين متى ما بلغوا عدداً معيناً ووفق شروط النظام العام فلهم أن يؤسسوا المهنية أو الجمعية، فهم الذين يتحملون التكاليف، وأعباء التأسيس، إذن لماذا نقف أمام حريتهم الشخصية؟ فقط نريد أن نضمن أن يكون عملهم جميعاً وفق الإطار العام للمجتمع، وحتى الآن لا يوجد تنظيم، و إلا لوجدنا عشرات من الهيئات تؤسس، ولكن من الآن لا يوجد، إلا من خلال الأوامر الرسمية، الأخوة في تخصص الهيئات الصحية ذهبوا عن أروقة وزارة الصحة، المهندسون والمحاسبون ذهبوا عن أروقة وزارة التجارة، والإخصائيون ذهبوا إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، والمحامون تقدموا إلى وزارة العدل، لأنهم يبحثون عن قطاع رسمي، وهذا المفترض ألا يكون، المفترض أن يكون تأسيس الجمعيات والهيئات من حق الجميع وفق إطار عام للمجتمع، ووفق قانون عام يضع المجتمع لهذا العمل ووفق نظام داخلي موافق عليه من البداية. لماذا تتدخل وزارة العدل في مهنة المهندسين، تتدخل وزارة التجارة في المحاسبة، لماذا لا تحكم المشكلة في الجهة المتخصصة نفسها؟
التويجري: أعتقد أن هذا الأمر لن يأتي في يوم وليلة، هذا الأمر كما أخذت بعض الهيئات بعض المهام التي كانت تقوم بها جهات حكومية، أعتقد أن هذا مع الوقت ومع تكامل الخبرة لدى الهيئة وإثبات قدرتها على تنفيذ هذه المهام تنتقل إليها، والإثبات يكون من خلال التشاور والدخول مع هذه الجهات التي تقوم بهذه المهمة والعمل معها يداً بيد وتقديم خدمات في الهيئات لهم لمساعدتهم في الخبرات المهنية المتخصصة في هذا الجانب، ستكون مبادرة الجهات المختصة سواء وزارة العدل، التجارة أو العمل أو غيرها من الوزارات، ستوكل تلقائياً إليهم هذه المهام، لأن القطاعات الحكومية تعاني قلة الكادر، والإمكانيات، فوجود جهات تتولى المهمة وبطريقة مهنية صحيحة ستكون دافعاً أساسياً لهذه الجهات لإعطائها هذه المهام.
لماذا لم تأخذ هذه الجمعيات دورها للفصل في النزاعات الداخلة في اختصاصاتها بدلاً من تحميل القضاة هذا العبء؟
التويجري: هذا من وجهة نظري، كما ذكرت، ومتى ما كان هناك تكامل بين هذه الهيئات وبين القطاعات الحكومية والدخول في صلب هذا النوع من التكامل في أداء هذه المهام، سيكون له تأثير في إعطاء جزء من هذه المهام.
لماذا لا يكون كل المهام؟
التويجري: أعتقد أن هيئاتنا التي لم يمض علي تأسيسها سوى ثلاث سنوات لا يمكن أن تقوم بمهام قطاع حكومي يتولى هذا منذ زمن طويل وقضايا كثيرة بإدارة هذا العمل، أعتقد أن هذه الهيئات ستظلم، والقائمون على هذه الهيئات يظلمون بأن يطلب منهم القيام بأعمال أكثر من إمكانيات وقدرات الهيئات الداخلية، في تقديري أن هذا الأمر يمكن أن يتم تدريجياً وبطريقة منظمة ومرتبة وسلسة حتى لا ترتبك مصالح المستفيدين، وهم إما أصحاب القضايا أو غيرهم، ومن المهام التي ستوكل إلى هذه الهيئات، أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تكامل بين هذه الجهات من خلال تقديم خبرائها وخدماتها لهذه الجهات حتى تتكون الثقة بين القطاعين، قطاع الجهات الحكومية و الخاصة التي تقوم بهذه المهمات، وبين هذه الهيئات، بأن يكون هناك تكامل وثقة بأن هذه الهيئات مستعدة لتسلم هذه المهام، وأن تكون الجهة الحكومية واثقة بأن الهيئة ستقوم بأداء مهامها وفق المطلوب منها، هذا يحتاج إلى تداخل وتكامل لتنفيذ ذلك.
كم يلزم من الوقت لتنفيذ ذلك؟
التويجري: حسب نشاط الهيئات في هذا الجانب.
العمرو: بالنسبة للقطاع الهندسي، يمارس الآن العمل في عدة قطاعات، والهيئة يفترض أن تقوم بها الآن، لكننا لا نريد أن نجلس 12 عاماً كما انتظر الإخوان في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، نحتاج إلى إعادة هيكلة ما بين القطاع العام والقطاع المهني، بحيث تعطى للقطاع المهني دوره الحيوي في وضع الأسس والمعايير في ممارسة المهنة، وخدمة المجتمع.
اطلعت على إحصائية منشورة عن أكثر من 600 ألف قضية معروضة على وزارة العدل سنوياً، و50 في المائة منها تعتبر قضايا مهنية، يفترض أن تذهب إلى الهيئات المهنية للفصل فيها، وأيضا الحقوق المهنية تعالج كثيرا من القضايا التي تستطيع الهيئات المهنية أن تقوم بدور وتخفف العبء عن القطاع العام عن بعض القضايا، وزارة العمل مازالت تصدر العمل، يفترض أن تربط بالهيئات المهنية لأنها مسؤولة عن التأهيل والتصنيف والتسجيل المهني.
المغامس: هناك نظام اسمه نظام المهن الحرة أعطى صلاحيات لوزارة التجارة أن تنظم المهن الحرة بمن فيها المحاسبون والمهندسون والإداريون والاستشاريون والماليون وغيرهم، فهذا النظام وجد فيه بعض المواد التي أعطت صلاحية لوزارة التجارة، هناك الأنظمة الأخرى المنظمة للمهن الحرة، مثل نظام المحاسبين، نظام المهندسين، أعطت صلاحيات لنفس الجهة، هناك نوع لا أقول تضارب ولكن تواصل، أو أن بعض الفقرات لما صيغ نظام المحاسبين ربطت بنظام المهن الحرة والتطبيق العملي في دول العالم المتقدم بالنسبة لمهنة المحاسبة يوضح لنا أن من يعطي التراخيص يجب أن يكون للجهة الحكومية، وهي أيضا من يقوم بالعقاب، في هيئة المحاسبة هناك لجنة وليست تابعة لهيئة المحاسبين ولكن تابعة لوزارة التجارة فتحكم في القضايا، ولكن النظام الأساس للحكم أعطى الصلاحيات للتظلم أمام أي قرار يصدر من لجنة قضائية عن طريق ديوان المظالم فهذا حق من حقوق المهن أن يتظلم من أي قرار، ولكن نتمنى أن يكون هناك تعديلات لأنظمتنا، نظام المحاسبين أن يعطي للهيئة أن تكون هناك لجنة قضائية تقوم بإصدار القانون والعقوبة، مثل ما ذكرت من عدم التخصص أو التنوع من القائمين على لجنة التحقيق هذه أدى إلى تراكم القضايا المرفوعة من قبل المحاسبين القانونيين أو ضدهم.
الفريحي: هذا السؤال غاية في الأهمية، فمن خاض التجربة ويعاني مشاكل قضائية وتضاربا في الآراء والاهتمامات، يدرك هذا الأمر، والهيئة السعودية للتخصصات الصحية لديها الآن مكتب محاماة، ولا يوجد وقت إلا وتوجد فيه قضية مرفوعة ضد الهيئة لديوان المظالم، ومع احترامي وتقديري لكل القضاة فإنهم يحكمون في القضايا بشكل ذاتي منفرد وفي قضايا مهنية يجب أن يكون للمهنيين دور فيها، وأعتقد أنه في كندا وأمريكا والعالم الذي يكون هناك لجان يكون فيها أشخاص مهنيون مع قانونيين، ولكن أن يترك الأمر ولرجل قانون يحكم في قرار صادر عن هيئة مهنية ويقول إن هذا الشخص غير قادر على الممارسة أو غير كفء لهذه الدرجة المهنية ويأتي قاض ينقض هذا القرار، فأعتقد أن هذا في غاية الخطورة.
والهيئة تصدر قرارات من وقت إلى آخر تحجب حق الممارسة عن طبيب أو صيدلي أو تعطيه درجة مهنية ولا نصدر حكما إلا بعد أن نحكم للشخص المتقدم ويقيم من قبل مختصين ويقولون هذا، أو لا يجوز لهذا الشخص هذا العمل، فيتظلم لديوان المظالم، ثم تصدر أحكام ضد قرار المهنيين ودون الرجوع لهم وهم أصحاب شأن.
الآن هناك قضايا أو في التدريب، ناس يفشلون في جزء معين من التدريب تقول هذا الإنسان ارتكب أخطاء يذهب لديوان المظالم فيحكم فيها أنا لا مانع عندي أن يحكم فيها ولكن يجب أن يحتكم إلى ذوي اختصاص ويكون لهم رأي فيها.
أعرف أن في دول العالم لم يكن هناك لجنة قضائية أو هيئة تحكيم يكون فيها قانوني ومختصون بالمهنة، ويكونون رأيا موحدا، القانوني يفند الجانب القانوني، والمختصون يعنون بالشأن المهني، ولكن للأسف غير موجود في بلادنا ونحن الآن نعاني قضايا كثيرة تقام ضد الهيئة بشكل يومي، وجزء منها يتفق مع رأي الهيئة، وجزء آخر يظل في جانب مغاير لما صدر عن الهيئة، وهذا عائق لنا.
أليس في ذلك ظلم؟
الفريحي: وهذا ما نقوله، نحن هيئة عامة تعنى بالشأن العام ليس لها أي أهداف خاصة ضد الناس، بعض الناس لا نعرفهم، لكن واجبنا ومهمتنا وضميرنا يقول إن هذا الشخص يجب ألا يمارس المهنة لأي سبب، ونقدم السبب المهني لذلك، وحتى يكون أحيانا عليهم أحكام قضائية ولكن لقصور التوثيق أن القاضي لا يرى أن يحكم عليه، لأنه لا يحكم إلا بشكل واضح وموثق قانوني، أنا يهمني الجانب المهني في الدرجة الأولى، وإذا كان للشخص ممارسات خاطئة ومثبتة، حتى لو أن القضية غير موثقة، أنا يهمني ما يعمله في العيادة وغرفة العمليات وهذا واقع ملموس ويحكم في هذه القضايا قاض لوحده دون أن يشاركه في اتخاذ القرار أو الرأي أو الحكم ناس مختصون في المهنة.
هل خاطبتم وزارة العدل في هذا؟
الفريحي: لا، ربما يكون قصور منا، أو ربما لا تتجاوب معنا الوزارة، بل إنني فكرت يوما أن أرفع الأمر إلى المقام السامي، فلا يجوز صراحة أن تجهض أحكام هيئة مهنية ليست ضد أحد وإنما تسعى إلى الصالح العام وحماية المجتمع في مجال حساس.
من يجهض أحكامكم؟
الفريحي: ديوان المظالم.
الشمري: حقيقة بدأنا الندوة عن المهام التي من المفروض أن تأخذها الهيئات من الدولة وهي مهام أصيلة لهذه الهيئات ولكن الدولة تنهض بها، وانتهينا إلى أن نطالب بمهام أصيلة للدولة أن تنتقل إلى الهيئات، هذه مداخلة فقط، القضايا يا إخوان مهمة أصيلة للدولة لا أحد ينازعها عليها، حتى أكثر أكثرالناس الذين يطلبون حرية الفرد لأعلى درجة، يقولون ببقاء الدفاع والأمن والقضاء للدولة، كسلطات رئيسية لا يمكن خروجها، لكن هذا لا يمنع ألا تكون هناك استثناءات، ولكن هذه الاستثناءات يجب ألا تكون إلزامية، الإلزام هو اللجوء إلى القضاء الذي تقوم به الدولة هذا هو الأصل، أما الاستثناء فهو أن تسمح للأفراد باللجوء إلى جهات أخرى عن طريق التحكيم. ولدينا نظام تحكيم صادر يسمح للأفراد بأنهم إذا اختاروا طريق التحكيم أن تقر لهم المحاكم أو تسمح لهم باللجوء إلى هذا التحكيم وتهتم بالأحكام، ولكن يجب ابتداء أن يكون لجوؤهم للتحكيم في القضية التي يجوز فيها التحكيم.
لماذا يتدخل القاضي في أمور وتفاصيل غير ملم بها وبعيدة عن مجال تخصصه؟
الشمري: لا، القاضي هو أكثر واحد يعلم أنه لا يعلم في كل الأمور ولكنه يعلم بمهنة القضاء وهي مهنة مثل المهن الأخرى لها أصولها ولها تقاليدها، وإجراءاتها. والقاضي له جميع الوسائل من أجل التحقق، فهو يلجأ للخبرة أي له الحق في اللجوء لأي شخص ذي خبرة من أجل مساعدته في فهم القضية. ما يتكلم عنه الدكتور الفريحي مختلف، يقول نحن في ممارساتنا لمهامنا تأتينا أحكام من ديوان المظالم أحيانا تكون صادرة عن عدم فهم دقيق لتخصصنا وبالتالي تنقض قرارات تتخذها الهيئة في حق آخرين وينقض ديوان المظالم هذه القرارات دون أن يفهم لماذا اضطرت الهيئة لاتخاذ مثل هذا القرار، هذا موضوع آخر، له مجاله الآخر، فالهيئة مكفول لها حق التقاضي، حق الاستئناف، اللجوء إلى محامين وفي الوقت نفسه لا نأخذ الأمور بشكل مطلق، الدكتور الفريحي يمثل طرفا لوجهة نظر الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، لكن باقي طرفين لم نسمع رأيهم وهما الشخص الذي تأثر بقرار الهيئة وديوان المظالم نفسه الذي يجب أن يسمع رأيه أيضا، أعرف أن كثيرا من القرارات للجهات الحكومية أيضا تنقض، يعني وزارة الداخلية ووزير الداخلية تنقض لها يوميا قرارات في ديوان المظالم، ووزير الصحة أيضا، هذا شيء طبيعي، أن الحق لمن صدر بحقه قرار إداري يعتقد أنه مشوب بخطأ أو أنه قرار غير سليم بحقه بسبب نقص من أي أنواع النقص في المعايير التي يجب أن تكون متوافرة في القرارت الإدارية، أن يلجأ إلى القضاء، لكن القضاء يعمل العدالة، ولكن العدالة كما يقولون في عدة دول عمياء، لا تبحث عن المقاصد أو النوايا، هي تبحث عما أمامها من أدلة وإثباتات وبراهين وتحكم على ضوئها حتى وإن كانت تخالف الواقع الذي علمه آخرون، هذا لا يعني أن الحكم غير عادل، الحكم عادل وفق الحكم غير العادل، الحكم عادل وفق الوقائع المعروضة أمامه ولكن ليس وفق معلومات أو آراء قد تكون غير معلومة أو لم تقدم أمامه بالطريقة الصحيحة.
مداخلة الفريحي: أنا لا أنكر للقضاء حقه ودوره واستقلاليته وأنه سلطة أكيدة من سلطات أي مجتمع، ولكن ما يعيب على القضاء أن القرار يتخذ بشكل فردي، أريد أن يكون هناك شيء على غرار اللجان الطبية الشرعية يكون هناك قاض، وعضوا هيئة نظر كأطباء خبراء يستدل برأيهم ويشاورنهم في الأمر، أما أن يحكم في قضية مهنية صرفة ويصدر فيها حكما يكون معاكسا لقرار صادر عن جهة مهنية مؤسسة بنظام صادر من مجلس الوزراء وتعني بشؤون المهنة وتنظيمها وحماية المجتمع، فأعتقد أن شيئا لابد أن يعاد فيه النظر ولابد أن يكون للمهنيين فيها دور، هذا ما قلته، وأن يكون أطباء في التحكيم مع قاض ولكن لا يكون القرار فرديا من قاض بعيد عن الطب.
كيف تستمر الجمعيات في أداء دورها في ظل وضع مالي ضعيف؟
في موضوع الوضع المالي للجمعيات لكن أعتقد أن هناك مداخيل مناسبة تستطيع الجمعيات أن تحصل فيها على دخل يتناسب مع المهمات التي تقوم بها.
العمرو: أعتقد أن الجمعيات والهيئات تحتاج إلى دعم مالي خاصة في بداية تأسيسها، نحن وضعنا في الهيئة السعودية للمهندسين، لا نحسد عليه وصعب جدا، وأنا أعتقد أنه إن توفر لنا الدعم المالي لاستطعنا أن نسرع في كثير من الأمور المهنية والخدمية، لكن نحن علينا أن نركز على من يدعم هذه القطاعات، أعتقد أن الجهات المستفيدة من خدمات هذه الهيئات هي التي يجب أن تدعم، فالقطاع الهندسي يؤثر في استثمار الموارد الاقتصادية ويستطيع من وضع الأسس الجيدة للممارسة المهنية أن يوفر ملايين الريالات على خزينة الدولة والقطاع الخاص. إذاً هناك فائدة عائدة على القطاعات الصناعية من وضع الأسس والمعايير للممارسة المهنية ووضع ضوابط لأخلاقيات ممارسة المهنة وبالتالي سيعود عليها بالفائدة ويفترض أنها تقوم أيضا بدور كبير في دعم هذه الهيئات المهنية خاصة في بداية تأسيسها وأعتقد في مرحلة لاحقة تستطيع هذه الهيئات أن تعتمد على مصادرها الذاتية المتحصله من رسوم التأهيل والتدريب والاعتماد.
المغامس: الدعم المادي هو عصب الحياة في الجمعيات والهيئات المهنية، ومثل ما ذكر الإخوان، يجب أن يكون الدعم في بداية تأسيس الجمعية أو الهيئة ممولا من الحكومة حتى تقف على أقدامها. وبالنسبة للهيئة السعودية للمحاسبين فهي مثال جيد لأنها قائمة الآن على دعم ذاتي ومعظمه من التدريب والتبرعات وإن كان هناك نقص شديد من تبرعات الجهات المستفيدة من خدمات الهيئة مثل البنوك وهيئة السوق المالية والشركات وغيرها، ولكن نتمنى أن يكون هناك وعي ثقافي من قبل القائمين على الاتصال بالتجار لدعم المهن الحرة لأنها هي صمام الأمان، مثل المهندسين أو المحاسبين، فهناك حاجة لدعمهم ماليا.
في العالم بدأت أسواق المال في دعم مهنة المحاسبة والمراجعة لأنها وجدت أن الشركات عندما تدعم هيئة محاسبية تعد المعايير المهنية للمهنة، أن هناك عدم استقلالية وتضارب مصالح ونوعا من التساهل في إعداد المعايير اللازمة لإيجاد معايير محاسبية موثوق بها.
الفريحي: كما ذكر الإخوان المال هو عصب الحياة وبدونه لا تستطيع أن تنظيم أي شيء، والهيئة الصحية عندما قامت كان يفترض أن تدعمها الدولة بمبالغ متناقصة سنويا، ولكن للأسف هذا واكب السنين العجاف التي مرت بنا خلال فترة تعثر أسواق النفط، وكادت الهيئة أن تتوارى عن الوجود، لولا أن الله هيأ لها الدعم وانتعشت تدريجيا، نظام الهيئة المالي مستقل ولها تشريع من الدولة أن تستوفي رسوما مقابل خدماتها، وهي الآن قائمة 100 في المائة على الرسوم التي تقدمها.
وإذا قدمت خدمة للدولة تستوفي الرسوم؟
الفريحي: نعم إذا قدمنا خدمة للدولة نأخذ رسوما، وهذا هو الذي تعتمد عليه الهيئة، كذلك الدولة لم تقصر مع الهيئة فشرعت لها أن تستثمر أموالها كما تريد وهذا أصبح رافدا جيدا للهيئة.
وللأسف إن التبرعات والهبات تمثل موردا أيضا، ولكنها للأسف هنا مربوطة دائما بمصالح آنية، والهيئة حصلت في بداية تأسيسها على تبرعات ولكن منذ سبع سنوات لم يدخل خزانتها ريال واحد كهبة بالرغم من أنها تعني بالصالح العام وتقدم خدمة للمجتمع ولكن لا أحد يتبرع، وتعتمد اعتمادا كليا على رسومها واستثماراتها.
لماذا لا يقوم مجلس الشورى ببرنامج خاص يدعم الهيئات والجمعيات المهنية خاصة في بداية تأسيسها؟
الشمري: مجلس الشورى لا يستطيع أن يقوم بمثل هذا العمل، لكنه يستطيع من خلال متابعة تقارير أعمال الجهات الحكومية أن يقدم توصيات قد تصب في صالح بعض الهيئات المهنية والجمعيات.
ولماذا ليس من اختصاص مجلس الشورى؟
الشمري: دور مجلس الشورى محدد بموجب نظامه أن يناقش ما يحال إليه من خادم الحرمين الشريفين أو من الحكومة.
لو أن هيئة المحاسبين أو المهندسين قدمت شكوى من أنهم يعانون من وضع مالي مترد ويريدون الدعم لاستمرار عملهم، ألا يساندهم مجلس الشورى؟
الشمري: مجلس الشورى قد يسهم باقتراح مشروع نظام تعديل نظام قائم بما يصب في مصالح هذه الهيئات وهذا يحتاج إلى الهيئات لتشكل جماعات ضغط كما سبق أن أشرت، فالمفروض أن تتبنى هذه الهيئات هذه الأمور وتتقدم بها إلى مجلس الشورى، والمجلس أعتقد أنه مليء بالكفاءات والأشخاص الذين هم أصلا ينتمون إلى هذه الهيئات لأن أغلبهم متخصصون، وعضو واحد من المجلس يستطيع أن يتقدم باقتراح مشروع للمجلس وإذا تبناه المجلس يصبح اقتراحا خاصا من المجلس إلى الحكومة، والحكومة قد تتبناه وعادة ما تتبنى الحكومة ما يأتيها من المجلس من اقتراحات.
والحقيقة بالنسبة للدعم إن جميع الهيئات بما فيها الجمعيات الخيرية مفلسة لأنها تنتظر ما يأتيها وتصرفه وبالتالي لو وقف المورد لفترة معنية بسبب ظرف معين، عجزت عن أداء مهامها.
وما هو السبب؟
الشمري: السبب أن التمويل غير منظم وأيضا هناك سبب يعود للهيئات نفسها، لأنها دائما ترفع من مصروفاتها بما يتناسب مع مداخيلها وهذا في تقديري خطأ من الناحية الاستراتيجية بعيدة المدى. هل المفروض أن تصرف جزءا و تقتطع الجزء الآخر كاحتياطي لها؟
الشمري: هذه مؤسسات تحكمها أنظمة صادرة من الدولة مصروفاتها محددة والأموال التي تحت يديها ليست ملكا لها، مؤسسة التأمينات الاجتماعية، مصلحة معاشات التقاعد، صندوق الموارد البشرية. لكني ارجع وأقول إن الاستثمار وتخصيص جزء من المداخيل لا يمس كاحتياطات وكاستثمارات قصيرة وبعيدة المدى.