«قاضي محاكمة القرن» شغوف بالقانون والجوانب الإجرائية.. ومحاكمة الرئيس آخر قضية يتولاها
كلف القاضي المصري أحمد رفعت في آخر قضية يتولاها في حياته المهنية بمهمة ليست بالسهلة. أن يقر العدل في محاكمة أول رئيس عربي يمثل أمام القضاء منذ اجتياح انتفاضات شعبية العالم العربي.
وفيما يتابع مشاهدون من أرجاء المنطقة بشغف شاشات التلفزيون ليشاهدوا الظهور الثاني للرئيس المصري السابق حسني مبارك في قاعة المحكمة أمس ينظر القاضي البالغ من العمر 69 عاما القضية التي أطلقت عليها وسائل الإعلام العربية محاكمة القرن.
ولكن من المستبعد أن يتأثر رفعت بالرأي العام فقد عرف عنه التزامه بالقانون وشغفه بالجوانب الإجرائية.
وسبق أن قال رفعت إنه يحكم بناء على الأدلة والسوابق والوثائق ويضيف أن الرأي العام لن يشفع له حين يلقى ربه.
وسبق أن نظر رفعت قضايا حساسة لساسة ومسؤولين خدموا في عهد مبارك.
ففي عام 2005 أودع الرئيس السابق للجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الشعب المصري عبد الله طايل و18 متهما آخر السجن بتهمة الاستيلاء على أموال عامة دون وجه حق وغسيل الأموال في فضيحة فساد نظرها القضاء في عام 1999.
وأدين طايل وحكم عليه بالسجن 15 عاما وغرم 21 مليون دولار لتقديمه تسهيلات ائتمانية لرجال أعمال بشكل غير قانوني من خلال منصبه كرئيس مجلس إدارة بنك مصر اكستريور وهو مشروع مصري إسباني مشترك.
كما أصدر رفعت الحكم في قضية تهريب الآثار التي اتهم فيها أمين عام سابق للحزب الوطني الديمقراطي المنحل الذي كان يتزعمه مبارك.
ويذكر له جيدا إطلاقه سراح 16 متهما فيما اعتقد كثيرون أنها محاكمة سياسية ملفقة ضد الإخوان المسلمين أكبر حركة معارضة لمبارك. ومثل جميع قضاة مصر يتقاعد رفعت حين يبلغ السبعين من عمره في 17 تشرين الأول (أكتوبر) ولكن موعد تقاعده سيؤجل إلى نهاية حزيران (يونيو) 2012.
وفي حالة عدم صدور حكم حتى ذلك الحين يستكمل قاض آخر قضية مبارك ولم يتضح بعد كيفية حدوث ذلك. وفي الوقت ذاته يتعين على رفعت السيطرة على مئات من المحامين في محاكمة مشحونة يواجه فيها مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه تهمة التامر لقتل نحو 850 متظاهرا.
وكثيرا ما يبدو أن رفعت فقد صبره إزاء الطلبات التي تبدو بلا نهاية والمرافعات المطولة. ففي أولى جلسات محاكمة مبارك في الثالث من آب (أغسطس) شوهد يهز رأسه وهو يطلب من المحامين تقديم طلباتهم أو الجلوس في مقاعدهم أو إعطاء مكبر الصوت لزميل لهم.
وأمس الأول، رفع القاضي الجلسة أربع مرات وأعلن بشكل مفاجئ تأجيلها إلى الخامس من أيلول (سبتمبر) بعدما رفضت مجموعة من المحامين الامتثال لأوامره بالتزام الهدوء. ولا يطيق رفعت صبرا بالأداء الاستعراضي.
ونقلت إحدي الصحف المحلية أن سبق أن وبخ أحد الشهود قائلا له إنه لا يقف على خشبة المسرح.
وسيجري تذكر رفعت دائما بأنه أول قاض مصري يحاكم رئيسا سابقا ويعتبره كثيرون رمزا لاستقلال القضاء.
وعلى عكس الرئيس العراقي السابق صدام حسين يحاكم مبارك أمام محكمة مدنية وليس قضاة جاءوا بتعليمات من أجانب.
وكتبت صحيفة الأهرام: لم يتخيل أحمد رفعت المستشار الهادئ الوقور والقدير أنه سيصبح أول مصري في التاريخ يحاكم فرعون مصر.