المستقبل المادي كابوس يهدد معظم النساء العاملات

المستقبل المادي كابوس يهدد معظم النساء العاملات

المستقبل المادي كابوس يهدد معظم النساء العاملات

أظهرت نتائج دراسة أمريكية صدرت أخيراً أن معظم الأمريكيات لا يشعرن بالأمان المادي كما تخفي نسبة كبيرة منهن مدخراتهن المالية عن أسرهن.
وقالت نحو نصف النساء اللاتي استطلعت آراؤهن أنهن يعانين قلقا شديدا وخوفا من خسارة أموالهن والإفلاس، رغم أن نصف من استطلعت آرائهن يجنين نحو 100ألف دولار سنوياً أو أكثر.
كما أظهر الاستطلاع الذي أجرته شركة Allianz للتأمين على الحياة وشمل 3183 سيدة أن 90 في المائة من عينة المسح ذكرن أنهن يشعرن بالقلق تجاه مستقبلهن المادي أو أنهن لا يشعرن بالأمن المادي مطلقاً حيث وجد أن نسبة 33 في المائة من أفراد العينة لا يشعرن بالأمن المادي أبداً.
ووجدت الدراسة أيضاً أن معدل النساء اللاتي يخفين مدخراتهن المالية يفوق عدد الرجال بنحو الضعف حيث بلغ عدد النساء اللاتي يخفين مدخراتهن نحو 18في المائة مقارنة بنسبة 9في المائة بين الرجال.
ويعد العامل الاقتصادي أحد أسباب دخول المرأة سوق العمل إما بسبب الحاجة المادية أو بهدف الاستقلال المادي عن الرجل، في حين ترتب على انخراط المرأة في العمل خارج المنزل تحملها بعض العبء المادي الذي يقع على الأسرة فأصبحت تسهم في ميزانية الأسرة.
وأدى ذلك إلى شعورها بأن المسؤولية المادية تقع على عاتقها جنبا إلى جنب مع الرجل, الأمر الذي زاد من إحساسها بالقلق تجاه مستقبلها المادي. وترتفع نسبة هذا القلق عندما تكون المرأة هي العائل الرئيسي للأسرة, فعملها في مثل هذه الحالة يعتبر ضرورة وليس خيارا, فهي ملزمة بتغطية تكاليف المعيشة للأسرة وفي الوقت نفسه تحمل عبء الادخار لتأمين مستقبل جيد لأبنائها.
وتؤيد الدكتورة منى الصواف استشارية الطب النفسي ورئيسة وحدة الطب النفسي في مستشفى الملك فهد في جدة ما جاء في نتائج هذه الدراسة فتقول" إنه لا تتوفر لدينا دراسة حول هذا النوع من القلق ولكن من خلال الملاحظات الإكلينيكية نجد أن لدى المرأة قلقاً أكثر على المستقبل المادي من الرجل.
وأرجعت منى أسباب شعور المرأة بالقلق إلى عدة أمور منها أن لدى المرأة ميلا للشعور بالقلق أكثر من الرجل بمعدل المثلين، إضافة إلى أن نسبة الفقر بين النساء هي الأكبر، تدني نسبة أجور النساء مقارنة بالرجال، وذلك كون بعض النساء هن المعيلات الرئيسيات للأسرة كأن تكون المرأة إما أرملة أو مطلقة وتتحمل مسؤوليات الأسرة ككل ما يضاعف من معدلات القلق لديها.
كما بينت أن قلة فرص العمل المتاحة للمرأة أيضاً تزيد من المخاوف المتمثلة في فقدان الوظيفة وبالتالي انقطاع مصدر الرزق الأساسي للأسرة، وكذلك جهل المرأة بالقوانين الخاصة بالتقاعد وكيف سيكون عليه وضعها المادي بعد التقاعد يزيد من مخاوفها من المستقبل.
في حين نوهت الصواف إلى أن الشعور بالقلق على المستقبل المادي يتولد حتى عند النساء اللاتي لا يتحملن مسؤولية مادية في المنزل حيث يكون لديهن خوف من أن يحصل مكروه لرب الأسرة فتفقد بذلك مصدر الدخل الرئيسي.
من جانبها ذكرت الدكتورة ابتسام حلواني أستاذ مشارك بقسم الإدارة العامة كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبد العزيز أن هذا القلق قد ينشأ لدى النساء اللاتي يعانين سيطرة الزوج على رواتبهن فتتولد لديهن ردة فعل وهي الخوف على مستقبلهن المادي والذي قد يدفعها لإخفاء مدخراتها عن الزوج.
وأفادت بأن القلق يكون بشكل اكبر في الأسر التي ظروفها المعيشية الحالية لا تغطي احتياجاتهم القائمة, فمن الطبيعي أن تشعر المرأة التي تعيش مستوى اقتصاديا صعبا من قلق على مستقبلها المادي, وكذلك الحال فيما لو كانت المرأة هي المعيل الوحيد للأسرة.
وحول ما إذا كان عجز المرأة عن ادخار أموالها بشكل جيد دور في نشأة هذا النوع من القلق أبانت الدكتورة ابتسام أن السلوك الاستهلاكي للمجتمع السعودي يؤثر سلباً في قدرة المرأة على الادخار بسبب تنوع وسائل الإنفاق بشكل كبير وتزايد المغريات التي حولت المجتمع إلى مجتمع استهلاكي وكذلك ارتفاع مستوى المعيشة.
وتضيف الدكتورة أن خروج المرأة للعمل واستقلالها المادي وفر لها أمانا أكثر فعملها يوفر لها دخلا جيدا وتستطيع أن تتخذ قراراتها في التصرف في أموالها بنفسها بعكس ما كان عليه الوضع سابقاً, حيث كان الرجل هو المسيطر والمسؤول عن دخل الأسرة.
وفي استطلاع لآراء بعض النساء العاملات لوحظ أن نسبة هذا النوع من القلق ترتفع بين النساء المتزوجات، وهنا تشير نوف عبد الله أن دخلها السنوي الخاص يصل إلى 84 ألف ريال سنوياً إلا أنها تشعر بقلق شديد على مستقبل أسرتها المادي.
وتؤكد هدى محمد أنها تعاني قلقا مستمرا وخوفا من المستقبل رغم أن دخلها السنوي يصل إلى 150 ألف ريال وأنها بدأت العمل منذ نحو 19عاماً إلا أنها لم تتمكن خلال هذه الفترة من ادخار أي مبلغ يذكر لأنها كانت تصرف جميع دخلها في الإنفاق على متطلبات الأسرة، وتقول "لهذا السبب يلازمني القلق وعدم الشعور بالأمان المادي خاصة وأني مسؤولة عن عائلة مكونة من طفلين فأنا أرملة, لذا فجميع الأعباء المادية تقع على عاتقي".
وتابعت أن الخوف على مستقبل الأبناء المادي والرغبة في تأمين مستقبلهم وتحسين وضعنا المادي دفعني إلى اقتراض مبلغ كبير من أحد البنوك واستثماره في أحد صناديق الاستثمار, والآن بعد أن خسرت نحو نصف المبلغ تحتم علي تسديد مبلغ القرض فبدل أن يتحسن وضعنا المادي حصل العكس ما زاد من قلقي على مستقبلنا المادي أكثر.

الأكثر قراءة