إقبال رجال الصناعة على العمل في الشركات المساهمة الخاصة
كان الأمر يتعلق بمزيد من الأموال وبنوع من أشباه الموصلات. وكان يبدو منطقيا أن يلتقي اثنان من الأضداد القدماء :هانز يواخيم نويبيرجر، المسؤول المالي السابق لدى مجموعة سيمنز ورئيس مجلس الإشراف لدى شركة أنفنيون وخصمه سنوات طويلة : أولريش شوماخر، رئيس مجلس إدارة أنفنيون السابق.
وعلى أية حال فكلاهما يعملان الآن في خدمة شركات قابضة أمريكية : فالسيد نويبيرجر يعمل لدى شركة كولبيرج كرافيس روبرتس (كي كي آر) بينما يعمل شوماخر في شركة فرانسيسكو بارتنرز. ومن الجدير بالذكر أن الشركتين تسعيان للحصول على قسم الرقائق الإلكترونية في شركة فيليبس، غير أن شركة (كي كي آر)هي التي كسبت الرهان، كما أعلن الأسبوع الماضي، فحصلت بذلك على مرادها مقابل 6.4 مليار يورو.
نويبيرغر البارع، الذي ما زال جديدا في هذا المجال، كان أحد المنتصرين. فبعد أن خسر المنافسة ضد كلاوس كلاين فيلد على رئاسة مجلس إدارة "سيمنز"، أعلن في ربيع هذا العام انسحابه من مجموعة شركات سيمنز، وسرعان ما ثارت تساؤلات في مختلف مناطق العالم : ترى أين سيعود هذا المصرفي السابق والخبير في شؤون الاستثمار للظهور ثانية؟ لقد تحدث نويبيرغر عن فترة استراحة، ولكنه فعل كما يفعل كثيرون من أعضاء مجالس الإدارات عندما اكتشفوا أن طريقهم في المهنة لم يعد ممهدا: وهكذا وقع عقدا للعمل مع إحدى الشركات المساهمة الخاصة.
وبهذه الوسيلة انتقل الرئيس السابق لشركة مانيسمان للعمل مع شركة جنرال أتلانتيك عندما انتهت معركة الاستحواذ ضد شركة فودافون بالفشل. أما توماس ميدلهوف، الذي سبق له العمل موجها في شركة بيرتيلسمان وقضى فترة من الزمن باحثا عن فرص لاستثمار الدولارات النفطية، قبل أن يقرر العودة للعمل مسؤولا تنفيذيا لدى شركة كارشتات. وبالمثل قام رون زومر بمساعدة شركة بلاكستون للانضمام لشركة تيليكوم التي كانت مقر عمله السابق.
بيرنارد شويبله، الذي استقال بصورة مفاجئة قبل بضعة أشهر، كرئيس لشركة " ميرك "، عاد للظهور من جديد كمستشار في مسابقة العروض للاستحواذ على شركة ألتانا للصناعات الدوائية. وقد قام بهذا الدور من قبل الأخوين شترونج مان، اللذين باعا شركتهما "هيكسال" لشركة "نوفارتيس" ثم لم يلبثا أن استقالا، بعد فترة وجيزة، من مناصبهما الإدارية.
أما الرئيس السابق لشركة مرسيدس "أيكهارت كورديس" فقد مد يد المساعدة لصندوق فالينبيرغ السويدي في مساعيه للاستحواذ على شركة "ام تي يو فريدريش هافن"، قبل أن ينتقل إلى المرحلة التالية للعمل مع شركة هانييل، ليعمل الى جانبه في " البودن زيه " زميله العضو السابق في مجلس إدارة مرسيدس رولف أيكروث، الذي لا يزال إلى اليوم على علاقة عمل بالسويديين. ويعمل في هذه الشبكة الرفيعة أيضا أعلام من الاقتصاديين المرموقين مثل مارك فوسنر الذي سبق له العمل مع شركة بيرتلسمان ويان فان هيفتين الذي سبق له العمل مع شركتي هانييل وميترو.
إن لأمريكا موطن المستثمرين في الشركات المساهمة الخاصة( تقاليد راسخة في استقطاب الشخصيات البارزة، حيث تكتظ مجالس الإدارة برؤساء سابقين لمجالس إدارات شركات وبوزراء سابقين. ولما كانت رؤوس الأموال تتدفق بقوة نحو ألمانيا فقد ازدادت الحاجة هنا للمديرين بما لديهم من قدرات ومعارف وعلاقات عامة.
وأخيرا تقوم الشركات القابضة لدينا بتمويل المنشآت التي تشغل أيدي عاملة يبلغ عددها 800 ألف شخص. وبذا يزداد الخوف من عمليات بيع الشركات، من ناحية، كما يتعاظم القلق من النشاط الزائد في السوق، من الناحية الأخرى، الذي يمكن أصغر المنشآت من أن تجد لها مشترين بأعلى الأسعار. يقول إيرنست – موريتس ليب، الرئيس السابق لمجلس إدارة دريزدنر بانك والمدير التنفيذي الحالي لإحدى الشركات القابضة: "أما المال فإن الشركات المساهمة الخاصة لديها منه الكثير، ولكن ما ينقصها هو المديرون الجيدون"، وقد شاركه هذا الرأي كل من المدير السابق لشركة كاوف هوف، ينز أودافالد وكلاوس أير هوف الرئيس السابق لمؤسسة تيل – لوجيستيك.
ويتحدث السيد ليب أيضا عن أحد المديرين الكبار، الذي اختار الانتقال إلى الجانب الآخر وكيف أنه اضطر لمواءمة نفسه والتكيف مع الأجواء الجديدة، وقال إن زمن الطواقم الكبيرة والأعداد الهائلة من الموظفين قد ولى إلى غير رجعة. أما من يحب الظهور الاستعراضي الكبير فلم يعد له لزوم من وجهة نظر المستثمرين. ومن المعروف أن الشركات بشكل عام لم تعد تريد تسليط الأضواء عليها. ثم يضيف السيد ليب قائلا: "لقد أصبح عملنا حافلا بالأخطار ومثيرا للأعصاب". كما أصبح يتوقع من المديرين أن يساهموا بأموالهم الخاصة في أية عملية استحواذ جديدة، حيث إن من شأن ذلك أن يزيد من درجة الحوافز الفعلية.
ويقول السيد ليب أيضا: "عندما يكون أحدهم مديرا ناجحا لشركة من الشركات المساهمة الخاصة فإنه في العادة يكسب أكثر بكثير مما يجنيه أعضاء مجالس إدارات الشركات المشمولة بمؤشر داكس، أما إذا لم يكن مديرا ناجحا فإنه يكسب أقل بكثير أيضا".