النفط يشهد أكبر انخفاض في 16 عاما ويواجه صعوبة في الانتعاش
النفط يشهد أكبر انخفاض في 16 عاما ويواجه صعوبة في الانتعاش
تراجعت أسعار النفط بنحو 16 دولارا عن ذروتها في أكبر هبوط لها منذ 16 عاما في إطار اتجاه تصحيحي يقول المتعاملون إنه سيكون أصعب في تغييره من انتكاسات سابقة أثناء موجة صعود السوق التي دامت أربع سنوات.
وبالقيم الحقيقية انخفض سعر مزيج برنت القياسي 16.02 دولار منذ أن
بلغ ذروته عند مستوى 78.65 دولار للبرميل يوم 8 آب (أغسطس) الماضي في أكبر انخفاض له من أعلى مستوياته إلى أدناها منذ انخفاض الأسعار قبيل حرب الخليج الأولى في أواخر التسعينيات. وانخفض سعر برنت بأكثر من 20 في المائة عن ذروته مما يحقق المعيار الفني لموجة هبوط بالسوق.
وانخفض الخام الأمريكي الخفيف بنحو 15 في المائة ليسجل أدنى مستوياته في ستة أشهر عند مستوى 63.53 دولار للبرميل أمس وهو انخفاض أقل بقليل من انخفاضه في فترات من آب (أغسطس) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2005، ومن تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر) 2004. وفي هاتين الحالتين انتعش سعر الخام ليبلغ مستويات قياسية في غضون خمسة أشهر في الحالة الأولى وثمانية أشهر في الحالة الثانية.
ومن حيث النسب المئوية كانت هناك تعثرات أكبر في موجة ارتفاع أسعار
النفط في الفترة الأخيرة عندما ارتفع باطراد منذ عام 2002 مدفوعا بالحرب في العراق وارتفاع الطلب في الصين والضغوط على إنتاج الحقول والمصافي وبالأعاصير المدمرة التي اجتاحت خليج المكسيك وأخيرا المخاوف المتعلقة باحتمال تعطل الإمدادات من إيران. لكن البعض يقول إن هذه الانتكاسة قد تستمر فترة أطول.
وقال جون برادي من مؤسسة أيه. بي. إن أمرو "على الرغم من أننا شهدنا
انخفاضات بمثل هذه النسب فإن السوق تبدو بالتأكيد في وضع مختلف الآن". وأضاف "في المرات الأخرى كنت أشهد (عمليات تصحيح سعري) تقود إلى فرص شراء كبيرة، لكني لا أعتقد أن الأمر سيتكرر هذه المرة".
ويقول المحللون الفنيون الذين يدرسون تحركات الأسعار السابقة للتنبوء
باتجاهاتها في المستقبل إن ما حدث الأسبوع الماضي من انخفاض في نطاق متوسط التحرك في 200 يوم والانخفاض هذا الأسبوع عن المستوى السائد في ثلاث سنوات والمستقر منذ منتصف عام 2003 يوجهان إشارات تحذير.
ويقولون إن المناخ العالمي مختلف عنه قبل عامين أو ثلاثة أعوام عندما
كانت البنوك المركزية تعزز السيولة بأسعار فائدة منخفضة وكان المستثمرون يبحثون عن بدائل لأسواق الأسهم والسندات الهابطة.
وتشديد السياسات النقدية في اليابان والولايات المتحدة قد يحد الآن من
تدفق المستثمرين الذي أسهم في إعادة أسعار النفط إلى مسارها في كل حالة
هبوط سابقة في حين يبدو أن النمو الاقتصادي آخذ في التباطؤ لا التسارع.
ومن جهة أخرى كانت أوضاع السوق على مدى عامين تجبر الأعداد المتزايدة من مستثمري الأجل الطويل على ترحيل سداد المدفوعات الخاصة بمشترياتهم ودفع علاوة سعرية في المقابل مما يحد من زيادة الاستثمارات.
وفي حين يقول العديد من المستثمرين إن الأسوأ لم يأت بعد في أحدث موجة هبوط يتفق أغلبهم كذلك على أنه ما زالت هناك فرصة لمحاولة أخرى لتجاوز الذروة السابقة. وقال توبين جوري محلل سوق السلع في كومنولث بنك أوف أستراليا "إذا كان الهبوط سريعا وقويا بما يكفي فستكون هناك قوة دفع للبيع على الجانب الآخر، وهذا قد يترك أثرا على الأسعار يستمر أسابيع أو أشهرا". وأضاف "لا أعتقد أن هذا الانخفاض سيفوق بكثير الانخفاضين السابقين لكني أعتقد أنه لن يخالف كثيرا الرواية المتوقعة".
وفي وقت سابق هذا العام انخفض سعر الخام الأمريكي 16.5 في المائة عن ذروته المسجلة في 23 كانون الثاني (يناير) الماضي مع تبدد أثر أموال صناديق الاستثمار، وعندما بدا أن إمدادات النفط الأمريكية ستكفي احتياجات فصل الشتاء.
وعوضت الأسعار خسائرها خلال شهرين مع اشتعال المسألة الإيرانية وتوقف جزء من إنتاج نيجيريا واقتراب فصل الصيف. وكانت عمليات التصحيح السابقة قد استغرقت وقتا أطول قبل عودة الأسعار إلى مستوياتها السابقة. وفور بدء موجة صعود الأسعار في عام 2003 شهدت أسعار النفط موجة هبوط عندما بدا أن الغزو الأمريكي للعراق سيكون سريعا ولم يضر بحقول النفط فانخفضت بنسبة 31 في المائة من 39.99 دولار للبرميل يوم 27 شباط (فبراري) وهو أعلى سعر منذ حرب الخليج الأولى عام 1990.
واستغرق الأمر 14 شهرا حتى تعود الأسعار إلى مستوى 40 دولارا من جديد مدعومة بإدراك أن النمو الاقتصادي المتصاعد في الصين يدعم الطلب على النفط بمعدل أسرع بكثير من المتوقع مما يفرض ضغوطا على المنتجين وشركات التكرير.
وتراجعت الأسعار بعد بلوغها 55.67 دولار للبرميل يوم 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2004 وهي ذروة أسهم فيها الإعصار إيفان وهبطت بنسبة 27.7 في وقت لاحق.
وبعد خمسة أشهر من انخفاض الأسعار يوم 30 كانون الأول (ديسمبر) إلى 40.25 دولار عادت للارتفاع لمستويات قياسية فيما يرجع جزئيا إلى خفض إمدادات السعودية وهو إجراء يتوقعه المتعاملون الآن.
وقبل عام ارتفعت الأسعار إلى 70.85 دولار عندما اجتاح الإعصار كاترينا خليج المكسيك. لكن في غضون ثلاثة أشهر انخفضت الأسعار بمقدار 15.40 دولار للبرميل مع تحول اهتمام المتعاملين إلى الانخفاض المتوقع في الطلب بسبب ارتفاع الأسعار وحلول شتاء معتدل نسبيا.