"بيرنانكيه" يكسر الرماح المستهدفة للعولمة
على ما يبدو أن التداخل المتزايد في الاقتصاد العالمي يحقق ازدهاراً إضافياً، وبالتالي يفسح الطريق لمزيد من الفرص في محاربة الفقر. ولكن على السياسة أن تُهيئ الشروط اللازمة لذلك، بحيث يتمكن المزيد من الناس مستقبلاً الاستفادة من مزايا وفرص العولمة أكثر مما هم حالياً. هذا ما طلبه المدير العام لبنك الاحتياط الأمريكي الفيدرالي، بين بيرنانك. وحذّر بيرنانك مباشرةً، أثناء خطابه في مؤتمر السياسة المالية في جاكسون هول في الولاية الأمريكية "ويأومينج"، من الحماية التجارية، التي تشهد انتشاراً سريعاً. وقال: "إن الانغلاق التجاري هو الطريق الخطأ".
"إن هذا يُعتبر تحدياً للساسة، الذين عليهم توزيع ثمار التداخل الاقتصادي الناتج عن العولمة بطريقة عادلة ومجزية"، حسبما ورد عن بيرنانكه. "وهذه الجهود مجدية، حيث إن الأرباح المتحققة من القدرة الكامنة للعولمة كبيرة للغاية". لقد تسلّم هذا البروفيسور الاقتصادي في جامعة النخبة "برينكتون"، وصاحب الخبرات الطويلة في هذا المجال، مسؤولياته في هذه الدائرة منذ بداية شهر شباط (فبراير) الماضي. وهو خليفة لآلان جرينسبان، والذي أدار البنك الفيدرالي لما يزيد على 18عاماً . ووصف بيرنانكه في خطابه أمام المشاركين في المؤتمر من عالم المال، ومن الدوائر الأكاديمية، تاريخ العولمة في العقود الماضية. "قياساً على المساطر الاقتصادية المتعددة، فقد تقلّصت الفجوات ما بينها منذ فترة من الوقت بسرعة كبيرة جداً. وهذه الخاصية تميز العالم حالياً"، حسب أقوال بيرنانكه. وبالفعل كان يوجد تداخل اقتصادي قبل مائتي عام لكنه لايقارن بأبعاد، وسرعة التطوّر الحالي. واليوم يسهم تصدير البضائع، والخدمات الإنتاجية بما يزيد على 20 في المائة من حجم النمو الاقتصادي للاقتصاد العالمي. وفي عام 1913 سجّلت هذه النسبة نحو 8 في المائة. وحتى في عام 1990 بلغت نسبة المساهمة نحو 15 في المائة. وبالطبع حققت العولمة خطوات كبيرة في إحداث النمو الاقتصادي السريع، والتداخل ما بين الدول، مثل الصين، والهند، وإزالة عوائق عديدة. ويمكن القول الآن إن الدول الصناعية المتقدمه، والدول الناشئة، مرتبطة ببعضها البعض بمختلف الأساليب والطرق الاقتصادية.
ولاحظ رعاة الأموال، أن بعض الموظفين، وكذلك بعض أصحاب الشركات، يعتقدون أن العولمة سيئة نتيجة المنافسة الخارجية المتزايدة. ولا يزال الانطباع سائدا حتى هذه اللحظة، بأن العولمة تفرز إما فائزاً أو خاسراً دائماً. "وبالطبع فإن الرد الطبيعي على هذا هو الرفض"، حسبما ورد عن بيرنانكه. فهم يتخلون عن تحمل مسؤولياتهم عن طريق المناشدة باستخدام إجراءات الحماية التجارية مثل فرض الجمارك على البضائع المستوردة. ولكن على السياسة أن تقاوم هذه المتطلبات. وبدلاً من هذا عليها أن تبدي المزيد من الاهتمام والحرص على مصالح الناس التي تفقد عن طريق العولمة فرصها في العمل، وبأنه يمكنهم تحقيق فرص جديدة عن طريق متابعة التعليم في الداخل أو الخارج.
ولم يتطرق بيرنانكه في نماذجه التمثيلية إلى الوضع الحالي للاقتصاد في أمريكا، ولم يتقدم بأية مؤشرات على السياسة المالية للبنك الفيدرالي خلال الأشهر المقبلة. ويستبعد رعاة الأموال عقب 17 عملية رفع في سعر الفائدة الأساسية على التوالي ما بين شهر حزيران (يونيو) من عام 2004 و حزيران (يونيو) من عام 2006 المزيد من الرفع في سعر الفائدة الأساسية خلال هذا الشهر. وأرجع مستشار بنك الاحتياط الفيدرالي هذا القرار بالإشارة إلى التحذير من مخاطر التضخم القائمة.