آسيا تعاني قصص البنات المفقودات بسبب المـفهـوم الخاطئ

آسيا تعاني قصص البنات المفقودات بسبب المـفهـوم الخاطئ

عادة ما يلام التوجه الاجتماعي الثقافي القوي في المجتمعات الآسيوية المحافظة عند الحديث عن معظم الويلات الناجمة عن اختيار جنس الجنين، وما يسفر عنها من عمليات إجهاض في مثل هذه المجتمعات.
فطبيعة المجتمع البطرياركي (الأبوي) الغالبة في الهند تجعل من تربية البنات عملا مكلفا.
إن سياسة الطفل الواحد في الصين تقف وراء عمليات الإجهاض التي تجريها النساء للأجنة البنات للحصول على صبي واحد.
بيد أن قصة اختيار جنس الجنين في آسيا ليست بهذه البساطة التي تبدو فيها من الخارج، كما ترى المحررة العلمية والحاصلة على عدد من الجوائز في اختصاصها مارا هفيستينداهل في كتابها الجديد ''اختيار غير طبيعي''.
وتتهم هفيستينداهل الغرب بتشجيع انتشار عمليات اختيار الجنس التي طغت في آسيا منذ مطلع السبعينيات. ويكشف تقرير نشره موقع ''بي.بي. سي'' حديثا أنه منذ ذلك التاريخ تم أكثر من 160 مليون حالة إجهاض لأجنة بنات في آسيا وحدها، تبعا لتقديرات كثيرا ما يتم الاستشهاد بها وتعود إلى عام 2005 بسبب انتشار الكشف بالموجات فوق الصوتية وفحوص ''بزل السائل الآمنيوسي'' (Amniocentesis) وهي عملية يقوم الطبيب بإدخال إبرة رفيعة إلى البطن للحصول على عينة من السائل المحيط بالجنين في بطن الأم للكشف عن خصائصه الوراثية.
ويرتبط ذلك في نظر هفيستينداهل بحركة تنظيم النسل في الغرب خلال الحرب الباردة وتنامي الخوف من تزايد الأطفال الجائعين والتحول إلى الشيوعية.
وتضيف أن ما تسميه ''وحش تحديد الجنس في آسيا'' قاد إلى تغيير نسب المواليد بشكل كبير في بلدان مثل الهند والصين وكوريا الجنوبية.
وتكتب أن الأموال الغربية قد استخدمت لتأسيس شبكة واسعة من مستشاري تنظيم الأسرة والأطباء تشجع المرأة على اختيار عمليات ''بزل السائل الآمنيوسي''. وتضيف هفيستينداهل أنه في أواخر الستينيات ومطلع السبعينيات دعم خبراء أمريكيون بارزون البحوث الأكاديمية لعمليات اختيار الجنس وأقيمت ندوات برعاية حكومية في هذا الصدد. ففي عام 1969 ضمن اختيار الجنس كواحد من 12 استراتيجية لتنظيم النسل عالميا في ورشة عمل علمية أمريكية. ووقع هنري كيسنجر الذي أصبح وزيرا للخارجية في عهد ريتشارد نيكسون، مذكرة سرية يشير فيها إلى أن ''الإجهاض أمر حيوي في حل '' مشكلة نمو السكان في العالم. وتقول هفيستينداهل إن مستشارين من البنك الدولي ومنظمات أخرى قد ضغطوا على الحكومة في الهند ''لبناء نموذج'' كان فيه النمو السكاني هو المشكلة. وصبت مؤسسات روكفلر وفورد أموالا في ''البحث في بيولوجيا الإنجاب''.
وتضيف أنه في منتصف الستينيات عرض عالم الأجنة والكيمياء الحيوية شيلدون سيغال على أطباء هنود في أعلى مدرسة طبية في الهند- معهد العلوم الطبية لعموم الهند- (AIIMS ) كيفية اختبار الخلايا البشرية للكشف عن الكروماتين الجنسي الذي يحدد كون الشخص أنثى. الطريقة التي تقول عنها إنها كانت الممهد لفحوص تحديد جنس الجنين.
وفي الهند، كانت أولى عمليات الإجهاض بسبب جنس الجنين تنفذ بشكل مفتوح في المستشفيات الحكومية. وساعد الأطباء على تحديد جنس الجنين والقيام بإجهاض الجنين إذا كان بنتا.
وتقتبس هفيستينداهل من أوراق علمية كتبها أطباء كبار في معهد العلوم الطبية لعموم الهند (AIIMS ) يدعمون فيها تحديد الجنس قبل الولادة بوصفه طريقة لإنهاء ''الخصوبة غير الضرورية''. أو بكلمات أخرى حسب تعبيرها تم إجهاض الأجنة الإناث باسم تنظيم النمو السكاني.
ولم تتمكن الجماعات النسوية الهندية وناشطون آخرون من إثارة ضجة على اختيار الجنس إلا في أواخر السبعينيات، حيث اكتفت الحكومة بتسجيل ملاحظة عن ذلك.
وتكتب هفيستينداهل أن الضرر حدث بمرور الزمن ، ففي معهد العلوم الطبية لعموم الهند وحده أجهض الأطباء ما مقداره 100 ألف جنين أنثى. وصرفت أموال دافعي الضرائب والمنح الغربية لتمويل عمليات الإجهاض القائمة على اختيار جنس الجنين.
واليوم يولد 112 صبيا مقابل كل 100 فتاة في الهند وذلك أعلى من النسبة الطبيعية للمواليد وهي 105 صبيان لكل 100 فتاة . وهذه ما يسميها الدكتور سابو جورج الخبير البارز في عمليات اختيار جنس الجنين ''القصة المنسية'' عن فتيات الهند المفقودات.

الأكثر قراءة