رش الجلد.. أحدث الابتكارات لعلاج الحروق
يُطلق على عملية إصلاح الجلد بالنسبة لمن تعرضوا لحرق اسم الترقيع الذاتي Autotransplantation. يقوم الجراح في البداية بإزالة الأنسجة التالفة من المنطقة المصابة، ثم يأخذ رقعة من الجلد السليم من موضع آخر من جسم المريض، ويغطي بها المنطقة المصابة، ثم يثبتها في الجرح بواسطة خيط جراحي أو شريط لاصق أو مادة مثبِّتة. وبالنسبة لأي جراح ماهر، دائما ما تتسم عمليات الترقيع بالنجاح، ولكن من الممكن تحسين العملية باستمرار.
هذه على الأقل هي وجهة النظر التي يتبناها جورج جيرلاش الأستاذ في جامعة بيتسبرج. ومن هنا طلع علينا – هو وجراحة تجميل أخرى تعمل بشكل منفصل هي ''فيونا وود'' من بيرث في أستراليا – بتحسين دقيق: فبدلا من ترقيع جلد جديد على المنطقة المصابة بالحرق، فإنهما يقومان برش الجلد الجديد عليها. ومصدر الجلد الذي يتم رشه هو نفسه مصدر الرقعة التقليدية؛ أي عبارة عن قطعة من الجلد التالف تؤخذ من المريض الخاضع للعلاج. ولكن بمجرد أن تتم إزالة هذا النسيج، يكون العلاج مختلفا تماما. أولا، يتم عمل حمام للجلد المقتَطَع في محلول إنزيمي يفصل خلاياه عن بعضها بعضا. بعد ذلك، باستخدام محقنة أو رذاذ يعمل بالهواء المضغوط، يقوم الجراح برش الخلايا على الجرح. يمكن إكمال العملية بالكامل، بما في ذلك فصل الخلايا، خلال 70-90 دقيقة (إن عملية ترقيع الجلد التقليدية تستغرق ما بين عشر دقائق وساعة، حسب حجم المنطقة المصابة)، وبعد ذلك تشفى الحروق بنفس المعدل الخاص بتلك الحروق التي تتم مداواتها باستخدام الرقع التقليدية، حيث تشفى تماما بعد 12-13 يوما. وبحسب دورية العلوم والتكنولوجيا البريطانية، تتمثل إحدى مزايا الطريقة الجديدة في المساحة التي تتم تغطيتها بواسطة قطعة من الجلد السليم. في عملية ترقيع عادية، يتم بسْط الجلد بما يزيد على حجمه الأصلي بمقدار ثلاث أو أربع مرات قبل لصقه بالجرح. وهذا يقلل من حجم قطعة الجلد المقتَطَعة، ومحاولة بسْط الجلد أكثر من ذلك قد تؤدي إلى مخاطر ظهور ندوب متشابكة في المنطقة المعالَجة. ولكن يمكن أن تغطي الطريقة الجديدة منطقة في الجسم تزيد على حجم الجلد الأصلي المستخدَم بمقدار 20 مرة على الأقل. إن الخلايا التي يتم رشها تشكّل جُزُرا عبر الجلد وتتكاثر بسرعة بحيث تكوّن سطحا متصلا. في الواقع، تقول دكتورة وود إنها تمكّنت من استخدام قطعة من الجلد بحجم طابع بريدي لتغطية حرق عبر صدر طفل بالكامل.
هناك فوائد أخرى أيضا؛ حيث يؤكد الباحثون أن الجلد الذي يتم رشه يؤدي إلى ظهور ندوب بشكل أقل من الترقيع العادي، حتى عندما لا يتم بسْط رقعة بشكل مفرط. والحاجة إلى إزالة قطعة صغيرة من الجلد تعني أنه من الأسهل مطابقة لون الأنسجة التي يتم الترقيع بها مع المكان الذي توضع عليه. في واقع الأمر، تقول دكتورة وود إنها أحيانا ما تضغط على ندوب حروق متغيرة اللون وتقوم بتغطيتها بخلايا جلدية للحصول على درجة لونية أفضل للجلد.
في دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام، يصف دكتور جيرلاش معالجة ثمانية مرضى حروق باستخدام بخاخ جلد. كان المرضى الثمانية يعانون حرقا من الدرجة الثانية (إنها الحروق التي تؤدي إلى تلف البشرة، مع إتلاف جزء فحسب من الأدمة التحتية) ولم يتم إخضاعهم لعمليات ترقيع؛ نظرا لأن الأطباء المعالجين لهم اعتقدوا أن الحروق التي بدت أمامهم ستشفى بطريقة مُرضية بدون جراحة. ولكن في تلك الحالة، ثبت أن هذا التقدير الطبي غير دقيق ولم تلتئم الجروح. وهذا النوع من تأخير الشفاء غالبا ما يرتبط بظهور ندوب بشعة. وبعد أسبوعين على الأقل من إصابة المرضى بالحروق – في الأرجل والأيدي والوجه، وكانت هناك حالتان تعانيان إصابات في القضيب – تم إخضاع المرضى الذين تم تشخيص حالتهم بشكل خاطئ للعلاج بواسطة بخاخ جلد. لقد حصل الجميع على الشفاء بدون مضاعفات، وكان التقدير الطبي للنتائج الجمالية هو الامتياز.