«الزنك» .. الحارس الضابط لـ «سكر الدم»
يكوّن البروتين المسمّى "أميلين" لدى مرضى النوع الثاني للسكري، كتلاً كثيفة تغلق الخلايا المنتجة للأنسولين، ويفسد السيطرة على سكر الدم، لكن لعنصر الزنك قدرة على منع "الأميلين" من ذلك.
ولتحديد كيفية أداء الزنك وظيفته حارس أمن تلك الخلايا، أجرى باحثون في جامعة ميتشيجن الأمريكية دراسة لتفصيل هذا الأداء نشرت حصيلتها مجلة "البيولوجيا الجزيئية".
وقال أيالوسامي رامامورثي أستاذ الكيمياء والفيزياء الحيوية، إن للشأميلين طبيعة مزدوجة، فعند الأصحاء المتمتعين بمستويات زنك طبيعية بخلايا جزر البنكرياس المنتجة للأنسولين، يساعد الأميلين على ضبط سكر الدم.
وأضاف أن هناك أيضا مركباً يناظر الأميلين، يسمّى سايملين، يستخدم مع الأنسولين لضبط مستويات سكر الدم لدى مرضى السكري.
ويقوم الأميلين بهذا السلوك الجيد لأن الزنك الموجود يقوم بدور الحارس مانعاً الأميلين من تكوين كتل ضارة تماثل تلك المتكوّنة لدى مرضى الزهايمر وباركنسون وأمراض عصبية وتنكسية أخرى.
لكن في بيئة الخلايا المتعطشة للزنك لدى مرضى النوع الثاني للسكري، ليس هناك حارس يكبح الأميلين، فيتكتل بحرية مع جزيئات أخرى.
وتؤدي عملية التكتل هذه، في المحصلة، إلى تشكيل تكوينات شريطية الشكل تسمّى لويفات fibrils، (مفردها لويفة)، سار الاعتقاد طويلا بأنها ذاتها سامة نظراً لارتباط تكوينها بأمراض عدة.
لكن تراكم الأدلة يشير إلى أن مسبّبات الأمراض الفعلية ربما هي كتل صغيرة تتجمّع في عملية تكوين اللويفات الكاملة، لذلك من المهم فهم عملية التكتل بكاملها، وليس فقط بنية اللويفة النهائية.
وهذا ما حدا برامامورثي وزملائه إلى محاولة فهم أفضل لكيفية تفاعل الزنك مع الأميلين تحديداً، لعلهم يجدون سبلاً لعلاج أو منع النوع الثاني للسكري، وأمراض شيخوخة أخرى.
وكان الباحثون قد توصلوا في السابق إلى أنه بتقييد الزنك إلى الأميلين قرب منتصف جزيء الأميلين، يتلوى جزيء الأميلين، مما يعرقل تشكيل كتله السامّة.
لكن الدراسة الجديدة أظهرت أن تقييد الزنك في منتصف جزيء الأميلين يجعل إحدى نهايتي الجزيء، وتسمّى (ن- ترمينوس) أكثر انتظاماً.
ووفق الباحثين، يتطلب بدء الأميلين بتكوين أشرطة اللويفات طرد الزنك من مواقعه، وهذا الطرد مكلف من حيث متطلبات الطاقة، مما يثبط تشكيل اللويفات.
والزنك ـ كالأميلين - له طبيعة مزدوجة، ففي أحوال تماثل الظروف خارج خلايا جزر البنكرياس المنتجة للأنسولين حيث يتكتل أي قدر ضئيل من الأميلين لحظيا، يستطيع الزنك أن يثبط تشكيل اللويفات.
لكن الظروف داخل الخلايا، تضعف قدرة الزنك على التثبيط، كما تنافسه عوامل أخرى كالأنسولين مثلا في واجباته كحارس أمن.