"الزراعة" تبدأ الخطوة الأهم.. التحفيز يقود المزارعين إلى ترشيد المياه ورفع الإنتاج
شرعت وزارة الزراعة في تطبيق خطط مبتكرة تتعلق برفع وعي المزارعين بأهمية الاستخدام الأمثل للمياه، في مسعى لترشيدها مقابل رفع الإنتاج، في الوقت الذي قال الدكتور فهد بن عبد الرحمن بالغنيم وزير الزراعة إنه " جار العمل حاليا مع جهات حكومية أخرى لتبني آليات تشجع وتحفز المزارعين لتبني أساليب الري الحديثة، بحيث يقتنع المزارع وباختياره بأن يتبنى نظم وأساليب الري الحديثة لكونها أكثر فائدة وجدوى اقتصادية، وهذا ما نحن نسعى له ونتمنى تطبيقه قريبا".
وجاءت تعليقات الوزير في الورشة التي نظمتها الوزارة أمس الأول بعنوان "الاستخدام الذكي لمياه الري" بالتعاون مع شركة رين بيرد في مقر الوزارة بحضور كبار التنفيذيين في الوزارة والشركات وعدد من المزارعين.
وأكد لـ"الاقتصادية" بالغنيم أنه في "البداية لا بد من الوضوح بمعنى أن نعرف ما نريد" وهدفنا الأساسي في المملكة أن تكون لدينا زراعة مستدامة، من خلال أن تكون الموارد المتاحة لدينا كافية لاستمرار الزراعة، وليس زراعة لسنوات ثم نقف بسبب نفاد بعض الموارد.
وشدد الوزير على المورد الأهم وهو المياه، وقال "يوجد شح تقريبا في بعض المناطق في المملكة وليس كلها، ولهذا يجب علينا أن نعمل على أسلوب زراعة يكفل لها الاستدامة بإذن الله تعالى واستمرار الموارد. ولفت النظر إلى وجود ممارسات خاطئة لدى بعض العاملين في القطاع الزراعي في مجال مياه الري، وهذه الممارسات غالبيتها تتم من قبل صغار المزارعين، بينما المشاريع الكبيرة لديها الإمكانات الفنية والعلمية والمالية والخبرة والدراسات في انتهاج أساليب ري حديثة ينتج عنها توفير في استهلاك مياه الري، وهذا ما هو معمول به في المملكة".
وتطرق بالغنيم إلى وجوب إيجاد توجه لدى صغار ومتوسطي المزارعين لرفع مستوى الوعي لديهم نحو استخدام أساليب ري حديثة، رافضا في الوقت نفسه فكرة إيجاد جهات رقابية على المزارعين، "هذا التوجه غير مجد" "وإنما المجدي وضوح في الرؤيا والعمل على وضع آليات، حيث العمل جاري حاليا مع جهات حكومية أخرى لتبني آليات تشجع وتحفز المزارعين لتبني أساليب الري الحديثة، بحيث يقتنع المزارع وباختياره أن يتبنى نظم وأساليب الري الحديثة لكونها أكثر فائدة وجدوى اقتصادية، وهذا ما نحن نسعى له ونتمنى تطبيقه قريبا".
وحول تبني الوزارة بالتعاون مع شركة "رين بيرد"، تنظيم ورشة عمل تسهم في رفع مستوى الوعي عند المزارعين حول استخدام النظم والأساليب الحديثة لتقنين استخدام مياه الري، أكد الدكتور بالغنيم أن هذا العمل يتم ضمن تصور في الوزارة أن مصادر المعلومات في القطاع الزراعي ليست محصورة في الوزارة فقط، وإن كان لدى الوزارة خبراء وفنيون قادرون، لكن أيضا لدى القطاع الخاص الخبرة والرغبة والدوافع لنشر خبراتها، ونحن دائما في الوزارة ننسق مع القطاع الخاص في عدد من الأعمال، وورشة العمل "الاستخدام الذكي لمياه الري" تأتي ضمن هذا التوجه، وسائرون فيه مستقبلا.
وفي سؤال لـ"الاقتصادية" حول التقرير الصادر من وزارة الزراعة والمتعلق بزراعة الأعلاف وأنها في تناقص، ولابد من التوجه نحو التصنيع، أكد الوزير السعي نحو تبني سياسات تهدف إلى وجود توازن بين كمية المياه المتاحة للزراعة والزراعة التي تبنى عليها، "ونتطلع إلى الاستفادة من زراعة المحاصيل التي لها قيمة سوقية أكثر، وفي الوقت نفسه لدينا قطاعات زراعية مهمة وناجحة اقتصاديا في المملكة مثل قطاع الألبان وقطاع الدواجن والمدخل الرئيسي الذي يستهلكه هذان القطاعان الأعلاف. وحاليا لدينا توجه في الوزارة إلى إمكان النظر نحو الاستثمار والتشجيع على فكرة استيراد الأعلاف، وخصوصا الأعلاف المستخدمة في مشاريع الألبان والدواجن، بما فيها البرسيم إذا كان استيراده من الخارج بأسعار أقل من تكلفة زراعته في المملكة.
وأوضح بالغنيم أن الوزارة تعمل حاليا على إيجاد استراتيجية للأعلاف، الهدف منها تقليل استهلاك المياه أولا، ثم تحسين نوعية الأعلاف، خاصة أننا وجدنا أن كثيرا من أصحاب الماشية يستخدمون الشعير كعلف رئيس، ولكن في الواقع الشعير لا يصلح علفا رئيسا، لذا لا بد من إيجاد أعلاف مصنعة مخلوطة من مكونات طبيعية ولكنها ذات قيمة غذائية عالية تحسن من الحالة الصحية للماشية.
وعن تجربة شركة "نادك" في تخفيض معدل استهلاك المياه في مشاريعها في المملكة، نوه وزير الزراعة بالجهود التي تبذلها الشركات والمشاريع الزراعية الكبيرة في المملكة، مؤملا في المزيد من الجهود، خاصة أن الشركات الزراعية هي التي تقود العملية الزراعية في المملكة، ولهذا فالأمر الطبيعي من خلال توافر الإمكانات المالية والفنية والتقنية أن تتمكن الشركات من استخدام النظم والأساليب الحديثة في استخدام مياه الري، ونأمل أن يسهم نجاح هذه الشركات في انتقالها إلى المزارعين والمشاريع الصغيرة وأن تصبح الشركات الكبيرة قدوة.
وكان الدكتور فهد بالغنيم قد أكد عند تدشينه ورشة عمل "الاستخدام الذكي لمياه الري" إدراك وزارة الزراعة أهمية التوازن بين ندرة الموارد المائية وتحقيق الأمن الغذائي في المملكة، ولهذا انتهجت سياسة زراعية متوازنة، تمثلت في اتخاذ العديد من الإجراءات والقرارات للمحافظة على المياه، بما في ذلك الاستفادة القصوى من مصادر المياه غير التقليدية في الزراعة. ويأتي إنشاء الإدارة العامة لشؤون الري ليؤكد عزم الوزارة على أهمية قيام الزراعة وفق أسس علمية، تستند إلى منهجية تطبيق الإدارة المتكاملة والمستدامة لمياه الري، وذلك للاستفادة من كل قطرة ماء يمكن أن تسهم في إنتاج الغذاء.
وأردف وزير الزراعة بقوله إن للوزارة جهود في مجال ترشيد استهلاك الموارد المائية، منها منع تصدير القمح والأعلاف، وعدم قبول الوزارة طلبات جديدة لإقامة مشاريع أعلاف، والتوقف عن شراء الشعير، كما تسعى جاهدة لتشجيع استخدام طرق ونظم الري الحديثة والابتعاد عن استخدام طرق الري التقليدية كالري بالغمر، كما صدر قرار مجلس الوزراء بشأن إعادة هيكلة الإعانات الزراعية، حيث من المتوقع أن يحدث هذا القرار نقله للإعانات في القطاع الزراعي، سيسهم بمشيئة الله في التشجيع على العمل في الأنشطة الزراعية التي تعتمد على الاستهلاك المائي المنخفض مثل نشاط الدواجن والأسماك والزراعة في البيوت المحمية.
وشدد الدكتور بالغنيم على وجوب التعامل مع الواقع حيث إن بلدنا يقع في منطقة تعاني من ظروف مناخية صحراوية قاسية، تفتقر إلى الموارد المائية الطبيعية المتجددة، وعدم وجود الأنهار وشح الأمطار، إلا أنه رغم ذلك يشاهد بعض الممارسات الخاطئة في استخدام مياه الري. وهنا يجب أن يكون الترشيد عاملا أساسيا، فالمياه تستخدم لجميع الأغراض البلدية والصناعية والزراعية بعقلانية لتكون متاحة للجميع سواء في حاضرنا أو لأجيال المستقبل.
وعليه فالزراعة لا غنى عنها في حياة الشعوب فهي أحد المصادر الرئيسة لدخلنا وغذائنا الذي نحتاج إليه في خضم عالم بدأ يعاني من نقص في إمدادات المواد الغذائية لسد حاجة آلاف الملايين من البشر في العالم.
وبين وزير الزراعة في كلمته أن السياسة الزراعية الحالية في المملكة تسير نحو الإبقاء على مستويات معينة من الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل الزراعية الأساسية المهمة مع الاستمرار في تنويع القاعدة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية والاستفادة من الميز النسبية لمناطق المملكة، والتركيز على المحاصيل ذات الاحتياجات المائية القليلة، واستخدام نظم الري الحديثة الموفرة للمياه وزيادة إنتاجية مياه الري بالزراعة وذلك بتطبيق مفهوم إنتاج محصولي أكبر بكمية مياه أقل، حتى نتمكن من تخفيض استهلاك المياه في الزراعة إلى المستويات المقبولة وبما يتناسب مع إمكاناتنا المائية.