مختصون يرصدون واقع قطاع المقاولات ويضعون خططا لتوطين العمل فيه

مختصون يرصدون واقع قطاع المقاولات ويضعون خططا لتوطين العمل فيه

أكد جمع من الخبراء والمتخصصين والقيادات في كبريات الشركات العاملة في قطاع البناء والتشييد والمقاولات، وكذلك في المؤسسات المعنية بإدارة وتطوير قطاع التدريب والتأهيل المرتبط بقطاع المقاولات أهمية بناء وتطوير العنصر البشري الوطني وزيادة الاستثمار فيه من أجل إعادة التوازن لمعادلة قطاع البناء والتشييد وتقليل الفجوة بين العمالة الوطنية والوافدة لمصلحة الوطن وللنهوض بهذه الصناعة، وتعزيز جهود إحلال العمالة المواطنة، ونقل وتوطين التقنية.
ويشهد القطاع حالياً خللاً بيناً حيث تسيطر العمالة الوافدة على القطاع، إلا أن شركات كبرى وضعت خططاً طموحة تتواكب مع طموحات وتطلعات حكومة خادم الحرمين الشريفين من أجل تعديل المعادلة في هذا القطاع لمصلحة العمالة المواطنة.
وقد شهدت أروقة غرفة الرياض خلال الجلسات العلمية لورشة عمل التدريب والتوطين في قطاع المقاولات التي نظمتها لجنة المقاولات وقطاع المقاولات بالغرفة نقاشات واسعة وواعية وشفافة وأوراق عمل جادة أدارها باحترافية وحيوية الدكتور سعد الكثيري.
وقد رصد الدكتور عبد الله العبيد المدير التنفيذي للموارد البشرية لشركة سعودي أوجيه التحديات التي تواجه برامج التدريب والتوطين في قطاع المقاولات، فأشار إلى أنها ترجع إلى عوامل كثيرة من أبرزها الارتفاع النسبي في تكلفة العمالة الوطنية مقارنة بالعمالة الوافدة، إضافة إلى استمرار تدفق العمالة الوافدة إلى سوق العمل ما يشكل ضغطاً كبيراً على الوضع التنافسي للعمالة الوطنية سواءً بالنسبة لحصولها على وظائف جديدة أو لإحلالها، في ظل الاهتمام بالجوانب الكمية في مجال التوظيف دون أن يصاحب ذلك اعتماد مؤشرات نوعية للوظائف مثل تحسين مستويات الأجور، وظروف العمل، والتدريب، إضافة إلى وجود وظائف لا يقبل عليها العاطلون نتيجة تدني رواتبها، أو طبيعة عملها، أو بسبب طول فترة العمل، ما يجعلها مواتية بصورة أكبر للعمالة الوافدة.
وأضاف العبيد: إن كثيراً من المواطنين يرغبون العمل في المدن الكبرى بينما يتوافر كثير من المشاريع في القرى والمناطق النائية التي يحجم المواطنون عن الالتحاق بها، كما يرغبون العمل في الوظائف الإدارية، وليس الخدمية والفنية، وقال: إن القطاع الخاص عموماً وقطاع المقاولات خصوصاً يعاني نقص الأيدي العاملة الوطنية المدربة، بينما يجد وفرة في العناصر الجامعية، مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع تكلفة التدريب، وفي إطار المقارنة بين العمالة الوطنية والوافدة، فإن الوطنية تكون أقل تأهيلاً وأكثر تكلفة من الوافدة، كما أن الشركة تستطيع أن تتخلص من العمالة الوافدة في حال تعرضها لظروف تقتضي التخفيف من أعباء العمالة نتيجة تقلص المشاريع مثلاً، بينما يصعب عليها ذلك بالنسبة للعمالة الوطنية.
من جانبه أكد صالح الجوير مستشار موارد بشرية في شركة اتحاد شركات المقاولات السعودية في ورقة عمل الشركة أن استراتيجية شركة الاتحاد تستهدف بحلول عام 2020، وبخطط مرحلية توطين الأعمال الإدارية والكتابية خلال خمسة أعوام، ثم توطين الأعمال الفنية والهندسية على مدى عشرة أعوام بنسبة 80 في المائة، وعلى مدى 15 عاما سنتمكن من نقل وتوطين التقنية الحديثة والمعرفة بإنجاز خمسة اختراعات على أقل تقدير، وفي نهاية الاستراتيجية يتم إنشاء نحو 100 منشأة صغيرة تدار بأيدٍ سعودية، مشيرا إلى أن الاستراتيجية تهدف إلى إيجاد قوة عمل حقيقية مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتخطط الشركة لتوظيف نحو 20 ألفا من خريجي الثانوية العامة من الذكور والإناث خلال السنوات العشر المقبلة.
وتحدث رائد الرشيد المدير التنفيذي للمعهد العالي الوطني للتقنية والتدريب التابع لمجموعة بن لادن السعودية عن دور المجموعة من خلال المعهد في إعداد برامج ودورات التدريب والتأهيل والتوظيف للمواطنين السعوديين في قطاع البناء والتشييد فأوضح أن المجموعة أبرمت مع المؤسسة العامة للتدريب الفني والتقني اتفاقية لتطوير الكفاءات الحرفية بهدف تخريج كوادر حرفية ذات تأهيل يتناسب مع واقع ومتطلبات قطاع المقاولات، وبما يسهم في تطوير مخرجات المؤسسة لهذا القطاع.
وأضاف الرشيد: إن الاتفاقية تهدف كذلك إلى تقديم التدريب على رأس العمل من أجل إكساب الحرفي المهارات الضرورية لمهنته بطريقة عملية، وتوظيف المتميزين من الخريجين في قطاعات عمل المجموعة، مشيراً إلى أن تخصصات البرنامج التدريبي غطت الكهرباء الإنشائية، التمديدات الصحية، اللحام، الصفائح المعدنية، وحدادة ونجارة التسليح، وقال: إن عدد الخريجين في هذا البرنامج بلغ 1245 خريجاً، تم توظيف 850 منهم، مشيرا إلى أن إجمالي عدد القوى العاملة من سن 15 عاماً فأكثر في قطاع التشييد والبناء في المملكة من السعوديين والوافدين بلغ نحو 963 ألف عامل في عام 2009، بينهم نحو 99 ألف سعودي.
وعن أولويات تحسين العمل في الشركات قال: إنها تتطلب الفصل بين الملكية والإدارة، والالتزام باتباع إدارة متخصصة محترفة، إضافة إلى الاهتمام بتطوير الموارد البشرية.
واستعرض الدكتور صالح المقرن مدير عام الشؤون المهنية في الهيئة السعودية للمهندسين من خلال ورقة عمل قدمها للورشة جهود الهيئة في مجال التدريب الهندسي في المملكة بشكل عام، ومن بينها البرامج التدريبية الموجهة للتخصصات الهندسية المندرجة تحت قطاع المقاولات، فأوضح أن الهيئة تنظم برامج تدريبية هندسية متخصصة موجهة لمهندسي التنفيذ، ومهندسي التشغيل والصيانة، ومهندسي الإشراف، ومهندسي التصاميم والدراسات.
وأوضح المقرن أن عدد المهندسين العاملين في المملكة يقدر بنحو 131 ألف مهندس 20 في المائة منهم فقط سعوديون 26 ألفاً، بينما يبلغ عدد المهندسين الوافدين 105 آلاف 80 في المائة، ويتوزع المهندسون السعوديون بنسبة 80 في المائة 20 ألفاً في القطاع العام، والباقي 20 في المائة خمسة آلاف في القطاع الخاص.
ومن جانبه قدم زياد الصايغ مدير عام خدمات المتدربين في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني رؤية المؤسسة لقضية التدريب وتوطين الوظائف فأوضح أن المؤسسة تعمل على إيجاد بيئة آمنة ومحفزة للعمل، وتشجيع الاستثمار في التدريب في جميع مناطق المملكة بهدف توفير الكفاءات الوطنية التي يحتاج إليها سوق العمل، وأشار إلى أن المؤسسة تعمل على سد احتياجات قطاع المقاولات من الكوادر المؤهلة في التخصصات التقنية والصناعية في المعاهد الصناعية والكليات التقنية، ومعاهد العمارة والتشييد.
ثم ألقى الدكتور محمد بن علي العبد الحافظ مدير الإدارة العامة للتدريب في صندوق تنمية الموارد البشرية ورقة عمل الصندوق حول مساهمته في تمويل برامج التدريب والتوظيف في سوق العمل في قطاع المقاولات، وأوضح أن الصندوق وفر أكثر من 10 آلاف فرصة تدريب وتوظيف في القطاع خلال عام 2010م وحده، تمثل نسبة 17 في المائة من إجمالي فرص التدريب والتوظيف التي وفرها الصندوق لمختلف القطاعات.
وأكد العبد الحافظ أن قطاع المقاولات لديه فرصة كبيرة للاستفادة من إمكانات ومساعدات الصندوق، لكنه لفت إلى إشكالية تتمثل في عدم توفر معاهد تدريب متخصصة كافية لدى القطاع الخاص في قطاع المقاولات، وقال: إن قطاع المقاولات هو قطاع ضخم والصندوق مستعد لدعم أي أنشطة لتدريب وتأهيل العمالة الوطنية لتعديل ومحاصرة الواقع الحالي الذي يعطي العمالة الوافدة السيادة على القطاع.

الأكثر قراءة