موظفات القطاع الحكومي أكثر "ثرثرة" من نظيراتهن في القطاع الخاص
موظفات القطاع الحكومي أكثر "ثرثرة" من نظيراتهن في القطاع الخاص
تواجه المرأة العاملة اتهامات تنذر بالخطر, تدور معظمها حول الثرثرة وإضاعة أجزاء من دوامها الرسمي فيما لا يفيد العمل, رغم نفي المرأة هذه الاتهامات, وتأكيدها أن الثرثرة الرجالية أثناء فترات العمل لا تقل عن مثيلتها النسائية, إلا أن الاتهامات مازالت مرتبطة بالمرأة على الأقل في أذهان الرجال, بيد أن هذه الاتهامات تطال الغالبية من النساء, وإن تفاوتت درجتها من امرأة لأخرى وفقا للمستوى الثقافي والمستوى الاجتماعي.
وتحتل موضوعات الأناقة والتجميل مساحة كبيرة في الأحاديث النسائية اليومية أثناء الدوام, تليها الموضوعات النسائية الخالصة, والموضوعات الخاصة مثل المشاكل الشخصية ومشاكل العمل, ثم تأتي الدردشة العامة في موضوعات الفن والمجتمع والأدب والثقافة.
وتقول نتائج استبيان أجرته "المرأة العاملة" على 60 امرأة عاملة في قطاعات حكومية وأهلية، إن نحو 50 في المائة منهن، لا يجدن حرجا في استقطاع جزء من وقت الدوام اليومي في الحديث عن شؤون منزلية أو حياتية لها علاقة بالمرأة, مادام الأمر لا يؤثر في سير العمل, وأن 30 في المائة يرفضن الحديث في مثل هذه الموضوعات على الملأ, ولكنهن لا يمانعن الاشتراك فيها, شريطة أن تكون مع الزميلات المقربات جدا, وفي أوقات الراحة أو تناول الغداء, فيما تبتعد النسبة الباقية 20 في المائة، عن الشبهات, وتفضل عدم الحديث إلا في المواضيع الخاصة بالعمل, تجنبا للدخول في متاهات القيل والقال وتسرب الشائعات التي تتسبب في خلافات بين زملاء العمل وتهدم مبدأ الثقة بينهم.
ولا تجد هياء العلياني، مندوبة مبيعات، عيبا في الإمساك بسماعة هاتفها في العمل بمجرد جلوسها على مكتبها, للحديث فيه ساعات وساعات, وتتساءل:" ما العيب في ذلك, فأنا مندوبة توزيع, ووظيفتي التعرف إلى أكبر عدد ممكن من العملاء, وعرض منتجات الشركة التي أعمل فيها عليهم, وهذا يتطلب مني نوعا من اللباقة وانتقاء المفردات والجمل في سبيل إقناع العميل بجودة هذه المنتجات وأسعارها المنافسة, وهذا الأمر لا يتحقق في مكالمة هاتفية دقيقة أو دقيقتين, وإنما أكثر من ذلك حسب مواصفات الشخصية التي أتحدث إليها".
وتضيف:"يجب أن نعترف أن الدوام الرسمي لمعظم الموظفات لابد أن تتخلله أوقات, ولو دقائق, للراحة وتناول الوجبات السريعة, ولا مانع أن يتواصل الحديث بين الزميلات في القضايا المختلفة, مادام الأمر لا يؤثر في سير العمل, أما أن تحتل هذه الأحاديث أوقاتا كبيرة, وتؤدي إلى إهمال أعمال ما أو تأجيلها, فهذا لا يجوز شرعا ولا قانونا, ويجب وقفه عن طريق اللوائح الداخلية التي تحددها كل شركة ومؤسسة.
وكشف الاستبيان أن موظفات القطاع الحكومي حصدن النسبة الكبرى من اتهامات الثرثرة, بالمقارنة مع نظيراتهن في القطاع الأهلي, نظرا لوجود أعداد كبيرة من الموظفات في القطاع الحكومي يفوق عدد الوظائف الشاغرة, الأمر الذي يساعدهن على إنجاز أعمالهن في أسرع وقت, وبالتالي تتوافر لديهن أوقات فراغ يقضينها في الدردشة.
وتفسر شريفة سالمين (معلمة في مدرسة أهلية) السر بأن موظفة القطاع الأهلي لديها شعور بأنها مراقبة دائما من رؤسائها, وأن كل هفوة تصدر منها يتم رصدها ومن ثم تحاسب عليها, وتقول"غالبية موظفات القطاع الأهلي ليس لديهن وقت كاف يمكن إضاعته في الثرثرة وإثارة قضايا ليس لها علاقة بالعمل, خاصة إذا عرفنا أن هناك تنافسا متواصلا بين الموظفات لتحقيق درجات انتاج عالية.
وتضيف"الموظفة مهما علا مركزها أو منصبها, فهي امرأة, تريد أن تشعر بأنوثتها, وبالتالي تنجذب لموضوعات الجمال والموضة, وتستهويها حكايات الفنانات مع صيحات الأزياء الحديثة والماكياج وعمليات التجميل, كما أنها تميل إلى معرفة أسعار الأسواق وتخفيضاتها, وتشترك في هذه الموضوعات جميعها بالرأي أو الاستماع, كما أنها لا تستطيع أن تعيش في معزل عن المحيطات بها ومجاراتهن في اهتماماتهن".
وتنفى ندى العتيبى الإخصائية النفسية في مستشفى تداوى العام تهمة الثرثرة الفارغة لدى النساء وتقول "المرأة سواء موظفة أو غير موظفة فهي مخلوق اجتماعي يميل إلى بقية المخلوقات مثله, فلا تستطيع الموظفة أن تستغني عن أقرانها ولاهن يستطعن الاستغناء عنها, والأمر لا ينطبق على النساء فقط بل يشمل الرجال أيضا، والثرثرة لدى الرجال لا تقل عنها لدى النساء, إلا أن الناس اعتادوا على إلصاق هذه التهمة للنساء بخاصة".
وتعود العتيبي لتؤكد أن اتهامات الثرثرة النسائية ليس لها وجود في البلاد الغربية, خاصة الصناعية منها, وتوضح"تبقى المرأة العربية بخاصة عاطفية أكثر من اللازم, ولديها فضول كبير لمعرفة ما يدور في المجتمع الذي تعيش فيه, ومن هنا تنخرط تلقائيا في الموضوعات التي تهمها أو تهم أحدا من أفراد أسرتها, في حين تكون المرأة الغربية أكثر براجماتية) في استغلال أوقاتها في الأشياء التي تعود عليها بالنفع المادي أو المعنوي".