"حكاية" بقيت من وحي محطة عابرة!
"جلست على مقعدي في الطائرة، وفكرة واحدة، فكرة بحجم الطائرة أو أكبر، تملأ ذهني, هل كنت أتعامل مع جنية؟ جنية؟ لم أجرؤ على إخراج الورقة من جيبي وقراءتها إلا بعد يوم وليلة من مغادرة الدار البيضاء، بعد أن حطت الطائرة في مطار لوس أنجلوس. أخرجت الورقة, ولم يكن فيها سوى كلمة واحدة كتبت بقلم رصاص، وبخط نسخ جميل: عائشة, عائشة؟ عائشة؟ هل هذا اسم الجنية؟".
هكذا ذيل المؤلف روايته التي عرّف بطلها فيما بعد عن نفسه قائلا: "أستاذ جامعي متقاعد، بلغ عمره حين بدأ كتابة هذه الأوراق خمساً وستين سنة, اسمي الثلاثي هو ضاري ضرغام الضبيّع (أو ض. ض. ض. كما يسمّيني أصدقائي), عرف السبب في تسمية العائلة الضبيّع، ولكنني أجهل السبب الذي دفع الوالد، رحمه الله، إلى أن يطلق عليّ اسم ضاري الشرس في حين أنه أطلق على أخويّ، ماجد الذي يصغرني بسنتين، وحامد الذي يصغرني بأربع سنوات، اسمان رقيقان نسبياً، بينما أطلق على أختي التي تصغرني بسبع سنين، اسماً رقيقاً جداً هو سندس. ."
وفيما بعد يأخذ البطل في سرد القصة التي بدأت في صيف 1961 وكان حينها في الحادية والعشرين وفي طريقه جوا من لوس أنجلوس إلى الخبر، تتوقف به الرحلة مؤقتا في الدار البيضاء ليجد نفسه أمام لحظة غير متوقعة، ففي مطار الدار البيضاء بدأت قصة غير معتادة للحب حين التقى فتاة مغربية، تعمل مضيفة أرضية في شركة الطيران أخذته إلى فندق متواضع اسمه (مولاي إدريس) يقع في شارع جانبي من شوارع الدار البيضاء اسمه «زنقة الريف». قضت معي معظم الوقت في تلك المدينة، إلى أن ودعته عند سلم الطائرة.
ومع قصة الحب استقرت في مشاعره رغم كونها وليدة محطة عابرة ، ورفض والديه فكرة الزواج، كان البطل أسير تجربة عاصفة سافرت به على جناح الحيرة والتهيؤات التي بقيت تجتاحه من حين لآخر، ومن ذلك ما رآه البطل ورواه قائلا "لعلّ الكآبة الحادة الممزوجة بصورة الحبيبة كانت المسؤولة عن الحلم/ الكابوس المريع الذي رأيت فيه فاطمة الزهراء تدفن في قبر, والتفاصيل مذهلة في دقتها: جدار المقبرة، وبابها، والقبر المفتوح، والجسد الذي يُدسّ في التراب، وأهل الحبيبة يتلقوّن العزاء".
كانت تلك بعض ملامح القصة التي تدور أحداثها في المغرب العربي التي قامت عليها الرواية الجديدة للدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي وجاءت بعنوان "الجنية" وصدرت في 240 صفحة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر من خلال فرعها في عمّان في الأردن.