"ملابس المرحوم" .. أضخم سوق للمتاجرة بالملابس المستعملة في المملكة

"ملابس المرحوم" .. أضخم سوق للمتاجرة بالملابس المستعملة في المملكة

"ملابس المرحوم" .. أضخم سوق للمتاجرة بالملابس المستعملة في المملكة

تصحو جدة المدينة السعودية النشطة تجاريا صباح كل عمل على أصوات المنادين من البائعين والمشترين في مختلف النشاطات الاقتصادية لما تتميز بها من حركة تجارية تمثل كبريات المدن النشطة في عالم المال والأعمال العربي.
ولعروس البحر الأحمر خفاياها التجارية نظرا لكثرة المراكز التجارية والأسواق الشعبية العديدة التي تمتع بها هذه المدينة الاقتصادية الكبيرة مثلها مثل المدن التجارية الكبيرة حول العالم.
وتركن في جنوب مدينة جدة سوق الصواريخ المعروفة بصخبها المعتاد وبثقل نشاطها التجاري الكبير الذي يمتاز بغرابة معروضاته واختلاف بضائعه وعجائب تجاراته.
فريق "الاقتصادية" أخذ جولة في سوق الصواريخ التي تعتبر أكبر سوق شعبية على مستوى الشرق الأوسط تتربع على مساحة هائلة وتحوي آلاف المحال التجارية فيها جميع المستلزمات والمتطلبات الحياتية اليومية من الإبرة والقلم وحتى المفروشات وغرف النوم.
وفي يوم الجمعة فقط يتحرك جزء من سوق الصواريخ ليتحول إلى شعلة تجارية تمتد في ساحات عريضة للمزاولة والمتاجرة في أضخم نشاط لبيع الملابس المستعملة وشرائها على مستوى المملكة اشتهر بين زبائنه ومرتاديه الخاصين وتجاره الأجانب بسوق "ملابس المرحوم".
فمع إشراقة كل جمعة تبدأ بسطات الملابس المستعملة في فرد بضائعها من الملابس المستعملة بشكل عشوائي موزعة على جنبات سوق الصواريخ وطرقاتها حاوية كل ما يمكن أن يلبس ويرتدى لينتهي مهرجان فعاليات يوم الجمعة لتعود جمعة أخرى مليئة ببضائع مختلفة تحوي (موديلات جديدة قديمة).
وفي هذا اليوم الحافل بالمهمات التجارية يتسابق على هذه التجارة الزبائن من جنسيات عديدة أبرزها الجنسية البنغالية والباكستانية والهندية والصومالية وبعض الزبائن العرب من المصرين واليمنيين والسودانيين أصحاب الدخل المحدود، بحثا عن ملابس صالحة للاستخدام تراوح أسعارها بين ريال وخمسة ريالات.

إغراء لعلامات عالمية.. والقيمة عشرة ريالات
هوامير هذا السوق والمسيطرون على تجارته هم سيدات صوماليات أغلبهم في العقد الرابع والخامس في العمر وذلك بشراكة مع عمال بنغاليين يعاونون هؤلاء السيدات في إدارة أعمالهم في البسطة تروي خيوط أسرار تجارة أبطالها هذه المرة سيدات إفريقيات يتاجرن بكل شيء يدخل في مجال الملابس والأحذية والأعقلة وفساتين السهرات المتنوعة.
الحاجة منى الصومالية في العقد الخامس من العمر هي أحد تجار سوق "ملابس المرحوم" تحدثت إلى "الاقتصادية" بلغة عربية ركيكة قائلة "هذه السوق رخيصة وللناس المساكين وعندنا كل شي موجود بسعر ريال وريالين والحمد لله الناس اللي هو فقير يجي هنا ويحصل السعر بلاش لماركات عالمية كثيرة".
ولم تكتف بذلك بل حاولت إغراءنا بالشراء منها "الموجود في السوق 2000 ريال عندنا بس عشرة ريالات والله يا بلاش!!".

ملابس صدقات وملابس مسروقات
وتعمل هؤلاء السيدات الصوماليات على جمع ما يرد لهن من صدقات عبر زميلاتهن العاملات كخدم في البيوت واللاتي يبعن فضلات المنازل التي يعملن فيها إلى بني جنسهن من هؤلاء الصوماليات ليقمن هن بعد ذلك ببيعها في بساطتهن المتواضعة كل يوم جمعة.. وفي ذلك الشأن تقول الحاجة آمنة "نحن نعمل طيلة شهرين وثلاثة لتجميع هذه الكومات التي تراها من الملابس ونقوم بجمعها وعرضها أمام الجمهور ليشتريها" فيما يشير البعض إلى أن بعض هذه الملابس ترجع لمسروقات يقوم بها لصوص متخصصون في هذه الأنواع من السرقات ويجدون هذه السوق منفذاً سريعاً لتصريفها وبيعها دون تردد أو سؤال من أصحاب هذه البسطات عن مصادر هذه البضائع. فيما يقول أصحاب بسطات ملابس المرحوم إن أصول بعض هذه الملابس المستعملة لكونها (استوكات) ومسترجعة في بعض محال الملابس الجاهزة المعروفة في منطقة وسط جدة التي تبيعها برخص الثمن لعدم صلاحيتها للبيع أو لأنها بضاعة غير متصرفة. ويبقى اسم السوق يدل على المصدر الرئيس لهذه الملابس المعروضة وهي ملابس المتوفى التي يرفض أهله ارتداؤها ولبسها ويفضلون إعطاءها خادمات البيوت عندهم والذي يقومون ببيعها على هذه البسطات وعرضها للبيع ومن هذا جاء اسم سوق "ملابس المرحوم".

فساتين أعراس بـ 70 ريالاً
تستطيع هنا العروس أن تجد كل ما تحتاج إليه من أشكال مختلفة لفساتين الأعراس والزفاف التي تعرض منها هذه البسطات العديد والعديد بتسعيرة واحدة متفقة عليها مسبقا بين تجار بسطات الملابس المستعملة وهي بقيمة 70 ريالاً تكفي لارتداء عروس للباس يوم عرسها، ويلاحظ على هذه النوعية الفاخرة من الملابس وضعها في علاقات ممن يعني أنها ملابس فاخرة عالية القيمة. كما توجد بعض ملابس السهرات بأسعار أقل تراوح بين العشرة والعشرين ريالاً.

أرواح ماتت وملابس المرحوم بيعت
منظر ذاك الطفل البريء وهو يبحث بين ثياب المتوفين وحاجياتهم لعله يتحصل على مراده أو يناسبه شماغ ميت أو ثوب متوف صغيرا، كان لافتاً، ومنظر والده الذي يعاونه ويبحث عن مقاسه بين صفوف علاقات متراصة.
وفي هذه الزاوية التجارية النادرة يتوافر للمشتري عدة خيارات من ملابس رجالية (ثياب) ذات الأناقة والفخامة التي يصل سعر الواحدة منها ما بين 250 إلى 300 ريال بينما يصل سعرها في سوق (المرحوم) نحو عشرة ريالات وأقل، وذلك حسب مدة استعمالها التي يتضح من نضارة الثوب وبقاء جودته التي ترجع لموتى قدر الله عليهم ألا يعودوا للحياة مرة أخرى.
وتختلف أنواع ملابس المرحوم ولكن الثياب تعتبر السواد الأعظم، فيما يوجد ركن خاص بالأشمغة والأعقلة والمشالح لمختلف المقاسات والألوان وتختلف أسعارها كذلك على حسب اختلاف تماسك جودتها.
وتتميز ملابس المرحوم بأن غالبيتها من الملابس التي تلقى عناية خاصة من الباعة عكس بسطات الملابس المستعملة والتي يهمل أصحابها ترتيب حاجياتها
وتغسل ملابس المرحوم جيدا وتكوى وبعضها يتم تغليفها بنايلون لإبرازها بالشكل الجديد والمغري أمام المشترين، فيما تحظى المشالح العربية اهتماما خاصا وتبرز بشكل مغر على قائمة الملابس المباعة أمام الجمهور وتتراوح أسعارها بين 5 و20 ريالا.

مزاد للملابس المستعملة.. والسعر يبدأ بريال
يشهد صباح كل جمعة مزادا للملابس والأحذية المستعملة تتخللها مناوشات على أسعار شراء الملابس وبيعها، ويغلب على هذه الملابس أنواع التهري والتقطع حيث تباع مجموعة من الملابس دفعة واحدة وتختلط المقاسات والألوان والأشكال والموديلات والحاجيات من ملابس وأحذية وأحزمة وحقائب السفر وطواق ببعضها البعض ويبدأ التسعير بالريال للقطعة الواحدة وبأقل من ذلك حسب حجم الكمية.

الأكثر قراءة