النساء يفضلن قضاء وقت أطول في المطبخ
في وقت من الأوقات كانت ربة المنزل الألمانية تعد "(صوص بيستو جنيف"، بنفسها في المنزل . كانت تنتقي الريحان الطازج مع الجبن الجاف والثوم وقليل من زيت الزيتون، وتضع الخليط في الهون الخشبي التقليدي و تمزجهم بقوة جميعا ...
أما اليوم فإن الأمهات لا يحرصن على وضع الهون الخشبي في أدوات المطبخ لبناتها، لأنه يستهلك الكثير من الوقت وتحول الهون الخشبي التقليدي نفسه إلى رمز لزمن ولى، يبدو لبنات اليوم و كأنه عصر حجري لن يعود..
والأعجب في الأمر أن مثل هذا التطور كان محور دراسة اقتصادية جديدة اسمها ( قرن من العمل و قضاء أوقات الفراغ ) أجراها فالري رامي و نيفيل فرانسيس وهما خبيران اقتصاديان توصلا من خلال الدراسة إلي أن الفترة ما بين عام 1912 إلى عام 1960 لم تشهد أي تراجع في الفترة التي تقضيها المرأة في المطبخ و هو ما مثل مفاجأة كبيرة لأنه في تلك الفترة الزمنية، أصبحت الأجهزة المنزلية ومنها الغسالات الكهربائية أكثر شعبية وانتشاراً.
وأفادت الدراسة أنه مع تطور تصنيع أدوات المطبخ تيسر للنساء المزيد من الوقت، وبالتالي تمكنوا من إنجاب عدد أكبر من الأطفال ومن ثم زادت فترة بقائهم في المطبخ عما كان متوقعا وبالتالي ربطت الدراسة بين هذه الفترة التي أطلق عليها في الولايات المتحدة فترة ازدهار معدل المواليد مع التطور الواضح في تصنيع أدوات المطبخ.
ويقول الباحثان رامي و فرانسيس في الدراسة: لم يتحقق للنساء فعلياً فائض من الوقت في رعاية المنزل. وتعتمد نتائجهما على دراسة تم فيها الإشارة بوضع بعض الملاحظات حول العمل المنزلي اليومي شديدة التعمّق في التفاصيل بدقة. وبناءً على التوضيح الأول باختصار: ما تنجزه آلات الغسيل اليوم، قامت به امرأة الغسيل سابقاً، حيث كانت الأيدي العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية أرخص بكثير مقارنة ببداية القرن العشرين، ومن ثم أصبحت أغلى وأغلى، وذلك عندما وُضعت الكثير من القيود والحدود على شروط الهجرة. وهذا ما عمل على تقليص عدد الخادمات في المنازل، وأتاح الفرصة لتجهيز المنزل بآلات الغسيل قدر الإمكان. والتوضيح الثاني حول نقص الزمن الفائض في العمل المنزلي، هي نظرية البيستو: إن العمل المنزلي يمدد نفسه بنفسه ليشغل أي وقت زائد متاح.
وفي الفترة ما بين عام 1965 حتى عام 1975 تقلّص حجم العمل المنزلي من 52 إلى 45 ساعة في الأسبوع، وبقي هذا المعدل مستقراً حتى الفترة الحالية. ولكن إن لم يكن فعلاً هناك توفير في الوقت في الأعمال المنزلية، كيف أثر ذلك في معدل المواليد ؟ ولا يقدّم العالمان إجابة عن هذا السؤال. وقد يكون لهذا علاقة بتصورات الوالدين حول فلسفة الإنجاب وليس بالضرورة أن يكون التصوّر نابعا من تيسير العمل المنزلي وتطور تصنيع حفاضات الأطفال وعدم حاجة الأم إلى تكرار غسل ملابس الأطفال الداخلية. و حتى مع تطور صناعة الغسالات الأوتوماتيكية القادرة على تجفيف الغسيل فمازالت المرأة العاملة تعاني قلة الوقت المتاح و الفائض لديها.