«حمامات المدارس» مخزن الأمراض المعدية.. مئات الطلبة في المستشفيات سنويا

«حمامات المدارس» مخزن الأمراض المعدية.. مئات الطلبة في المستشفيات سنويا
«حمامات المدارس» مخزن الأمراض المعدية.. مئات الطلبة في المستشفيات سنويا
«حمامات المدارس» مخزن الأمراض المعدية.. مئات الطلبة في المستشفيات سنويا

لم تكن الطالبة هيام محمد في المرحلة المتوسطة هي الطالبة الوحيدة التي ترفض استخدام دورات المياه في مدرستها رغم نصيحة الطبيب لها بضرورة الذهاب إلى الحمام كل ثلاث ساعات، خوفا على كليتها بعد إصابتها باختلال في وظائف المثانة نتيجة الحبس المستمر للبول لأكثر من ست ساعات خلال الدوام، فهناك عشرات الطلبة في مختلف المراحل الدراسية في بعض المدارس يعانون مشكلة حصر البول بسبب سوء نظافة دورات المياه والمغاسل وانقطاع المياه المستمر وانبعاث الروائح الكريهة في كثير من مرافق المدارس الحكومية بشكل يومي.
ويؤكد الدكتور حسن فارسي استشاري جراحة المسالك البولية والتناسلية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، أن كثيرا من المرضى الأطفال يعانون من مشكلات في المثانة بسبب حبس البول في المدارس. وأضاف قائلا: ''عندما ننصحهم باستخدام دورات المياه كل ثلاث ساعات يفيدونني بأنهم لا يستطيعون أثناء اليوم الدراسي لسوء وعدم نظافة دورات المياه في مدارسهم''، لافتا إلى أنه إذا لم يتبول الطفل بانتظام فإن ذلك قد يؤدي إلى ما يعرف بـ ''المثانة الكسلانة''، حيث إن المثانة الممتلئة تفقد خاصية الانقباض وهذا بدوره يؤدي إلى التهابات بولية وتضخم الكليتين أو ارتجاع البول من المثانة إلى الكليتين.
وأبان فارسي أن هناك كثيرا من الأمراض التي تنتقل في البيئة المدرسية التي لا تتوافر فيها النظافة والتعقيم، وهذه الأمراض تنقل جميع أنواع الميكروبات مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات والديدان المعوية.

#2#

#3#

وأضاف أن الأمراض التي تنتج من انعدام النظافة في المدارس وخاصة في المرافق الحيوية كالمغاسل ودورات المياه تؤدي إلى إصابات مرضية متنوعة بعضها خفيف وبعضها الآخر خطير؛ مثل الإسهال والقيء والأمراض الجلدية وديدان الأمعاء، مؤكدا أن هذه الأمراض لها تأثير سلبي في صحة الطلاب في طور النمو، نافيا انتقال الأمراض التناسلية في مثل هذه الظروف بين الطلبة.
وشدد استشاري الأمراض التناسلية، على المدارس بضرورة الاهتمام بدرجة كبيرة بنظافة دورات المياه وتنظيفها بشكل دوري خلال اليوم الدراسي، مطالبا إدارات المدارس والأسر بتوعية الطلبة وخاصة في الصفوف الأولية حول أهمية النظافة والغسل المستمر للأيدي قبل تناول الطعام، والسماح لهم باستخدام الدورات أكثر من مرة خلال الدوام. من جانبها أوضحت سلمى عبد الله مديرة إحدى مدارس الرياض، أن المشكلة تكمن في قلة عدد دورات المياه التي لا تتجاوز في كثير من الأحيان ثلاث دورات في حين يوجد في المدرسة أكثر من 400 طالبة، ما يسبب ازدحاما شديدا ينتج عنه سوء في الاستخدام والنظافة، مؤكدة أن دورات مياه المعلمات منفصلة تماما عن دورات المياه الخاصة بالطالبات.
وأبانت أن المدارس الحكومية عموما تعاني مشكلات كبيرة في الصيانة وتسريب المياه والانقطاع المستمر، منوهة بأنه ليس من صلاحياتها كمديرة مدرسة شراء مواد التعقيم والتنظيف التي يجب أن تزودها بها الوزارة بشكل دوري، فيما وصفت فوزية سالم ـــ طالبة في المرحلة الثانوية ـــ حمامات المدارس بالسيئة والمتهالكة لانعدام الشروط الأساسية للنظافة فيها، فضلا عن الانقطاع المتكرر للمياه فيها وعدم توافر المناديل ومواد التنظيف أو التعقيم مع تجاهل المستخدمات تنظيف الحمام حتى نهاية الدوام. وتشير الإحصائيات السنوية لوزارة الصحة إلى أن أكثر من 482987 مريضا في المملكة أصيبوا بأمراض الجهاز البولي والتناسلي العام الماضي، في حين أصيب 280849 بحالات إسهال، و89 في المائة من حالات الإسهال بين الأطفال السعوديين ممن هم في عمر المدرسة ـــ 53 في المائة ذكور ـــ تم تنويم 3.9 في المائة من الحالات في المستشفى، في الوقت الذي أصيب 16649 من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 5 و14 بالجديري المائي، و679 طفلا في عمر المدرسة بالالتهاب الكبدي، و72 طفلا بالتهاب الكبد ''ب''، و37 طفلا بالتهاب الكبد ''ج'' و92 طفلا بالتهاب كبدي غير نوعي، وأصيب 537 طفلا في المرحلة الابتدائية بالنزلات المعوية الطفيلية ـــ الدوسنتاريا الأميبية ـــ نتيجة تلوث المياه والطعام وعدم نظافة الأيدي واستخدام أدوات غير نظيفة.
بدورها لم تنكر حصة الفارس مديرة إدارة الصحة المدرسية في تعليم منطقة الرياض تدني النظافة في بعض المدارس، معللة الأسباب بأن المباني المستأجرة في بعض الأحيان هي السبب الرئيسي لعدم التهيئة لوجود أعداد كبيرة من الطالبات والطلبة مقابل قلة عدد المرافق العامة ودورات المياه ومشكلة الصيانة التي تبرز بسبب وضع المباني المستأجرة بشكل مستمر، منوهة بأن القصور في النظافة متعدد الأسباب؛ منها ما يعود إلى قصور في تكوين البيئة المدرسية التي تهدف إلى استيعاب أكبر عدد من الطالبات أو قصور نتيجة إهمال من داخل المدرسة؛ محملة المسؤولية للطالبات. وأضافت: ''هناك 1500 مدرسة للبنات في مدينة الرياض فقط يوجد فيها أكثر من 500 ألف طالبة، لذا قد لا نصل إلى الهدف المنشود ولكننا نسعى من خلال التخطيط والعمل لتحقيق بيئة مدرسية صحية ومثالية، خاصة أن عام 1433هـ سيشهد انتقال جميع المدارس إلى مبان حكومية صممت لاستيعاب أكبر عدد من الطلبة. وأشارت إلى أن الوحدات الصحية في الوزارة كانت إلى وقت قريب مبانيها مستأجرة لكنها الآن انتقلت منذ العام الماضي إلى مبان حكومية مهيأة. وقالت الفارس، إن من إجراءات إدارة الصحة المدرسية للتأكد من نظافة وسلامة البيئة المدرسية، قيام فريق متخصص بزيارة المدارس بشكل دوري وتفقد المرافق المدرسية عبر استمارة مخصصة لدراسة أوضاع المدارس، علاوة على مقابلة المديرة وتفقد جميع المرافق وتوقيع المديرة على ما دون من معلومات، ثم ترسل للوحدة لمعالجة الملاحظات العاجلة، حيث يتم الرفع بخطاب إلى مدير التعليم بصفة عاجلة للتدخل الفوري، وذلك في أعطال الكهرباء وتلوث مياه الشرب، إذا وجدت فيها جرثومة وما شابه ذلك.
وتابعت مديرة الصحة المدرسية، أن الملاحظات غير العاجلة ترفع لإدارة الصيانة وشؤون المباني في الوزارة وعادة ما تحتاج إلى وقت، منوهة بأن الإشراف التربوي لديه كذلك استمارة أخرى يقوم خلالها فريق بدراسة وضع الصحة المدرسة ضمن التقويم الشامل الذي يجرى للمدارس لدراسة مدى تكامل الصحة مع البيئة مع التعليم مع الجوانب التربوية، إضافة إلى نظافة وسلامة المقاصف، ويرفع إلى الإدارة بأي قصور موجود في المدرسة بحيث تتم محاسبة المتسبب.
وقالت إن الجهة المختصة بالنظافة هي شركات نظافة تتفق معها إدارة الخدمات العامة في إدارة تعليم المنطقة، فيما تعد مراقبة النظافة اليومية من مسؤوليات مديرات المدارس. وأضافت قائلة: ''إننا نتحدث عن المديرة كقائدة ومشرفة مقيمة، خاصة بعد أن رفعت صلاحياتها إلى 55 صلاحية من ضمنها الحفاظ على بيئة المدرسة، لافتة إلى أنه يتم توفير أدوات للمدارس من قبل إدارة الصيانة، مثل: الصابون، المناديل، أكواب المياه الورقية بكميات هائلة إلى درجة أن بعض المدارس رفعت خطابات تشير فيها إلى زيادة الكميات لديها.
وأوضحت الفارس أن إدارة الصحة المدرسية تقدم بدورها حقيبة إسعافات يدوية تحدث أدويتها سنويا، حيث تسلم للمدرسة وتنبه المديرة إلى متابعة صلاحية الأدوية، مبينة أن ذلك يأتي ضمن التعاون بين إدارة تعليم الرياض ممثلة في شؤون المباني ووحدة أعمال الرياض ــ المختبر المركزي في شركة المياه الوطنية، حيث تتم دراسة وتحليل مياه خزانات جميع المدارس دون استثناء لمعرفة مدى صلاحيتها للشرب.
وعن الأمراض الوبائية أوضحت الفارس، أنه يرفع أسبوعيا تقرير من جميع الوحدات عن جميع المدارس، وتبلغ المراكز الصحية في حال اكتشاف أي حالة، حيث يتم عمل استقصاء في بيت المريضة بعد الدوام إذا كان عندها أي حالة وبائية ويكلف فريق آخر بدراسة المدرسة ولا تعود أي طالبة مصابة إلا بموافقة الوحدة الصحية، مبينة أن لدى الوزارة نظام دقيق جدا، حيث لا تمر أي حالة دون علم الوحدة من خلال التعاون مع وزارة الصحة، الذي يشمل المستشفيات الخاصة والحكومية، حيث يتم تبليغ إدارة المدرسة أو المركز الصحي في منطقة الطالبة، مؤكدة أن أغلبية الأمراض المعدية محدودة وهي حالات فردية.
وشددت الفارس على أنه لا يتم حرمان الطالبة المصابة بمرض معد أو خطير مثل الدرن والكبد الوبائي من الدراسة، ويعتمد ذلك على الحالة إذا كانت معدية أو غير معدية، مضيفة أن من الإجراءات عزل الطالبة خلال المرض لكنها لا تحرم، ويمكن أن تحول إلى منازل أو أن يجرى اختبار بديل لها، مؤكدة أن الإدارة حاليا كثفت جهودها في نشر ثقافة التوعية والوقاية وإقرار عدة برامج خاصة هذا العام، كون الوقاية أقل تكلفة من خلال وجود متخصصات في التثقيف ولدينا برامج مع جهات مساندة، موضحة أنهم يعقدون دورات متنوعة وتوعوية للطالبات، منها دورة الإسعافات الأولية من خلال التعاون مع الهلال الأحمر السعودي، إضافة إلى بعض الجمعيات المتخصصة مثل ''نقاء'' للتوعية بمخاطر التدخين والجمعية الخيرية لأمراض السكري والصدر كونها من الأمراض المنتشرة بين الطلبة، وقالت: ''إن من برامجنا التي نفذت على أرض الواقع كرسي محمول لطب الأسنان بالتعاون مع وزارة الصحة، يزور كل فترة مدرسة ويعالج مشكلات الأسنان واللثة للطالبات من خلال طبيبات متخصصات ويقدم محاضرات توعوية، وانتهى هذا العام من معالجة طالبات 12 مدرسة، كون صحة الفم والأسنان من متطلبات الصحة المدرسية وضمن دائرة اهتمامها. وزادت: ''إن من البرامج برنامج ''مدرستي معزز للصحة'' الذي يعد من البرامج الرائدة على مستوى الشرق الأوسط، بحيث تقدم المدرسة بيئة مثالية وصحية عبر عدد من البرامج، منوهة بأن البرنامج يتيح لمديرة المدرسة حرية الاختيار للمشاركة، حيث بادرت 28 مدرسة، في حين تقدم للمدرسة تسهيلات للتواصل مع الإدارة وتكون لها الأولوية من خلال شعار يختم على مراسلاتها مع الوزارة، ويتم تقييم المدرسة من جهات خارجية بحيث تحصل على البرونزي ثم الفضي ثم الذهبي إذا أتمت خمس سنوات، مشيرة إلى وصول خمس مدارس للذهبي إلى الآن وجميعها حكومية.

الأكثر قراءة