شكوك حول أرقام مؤشرات نمو الاقتصاد الصيني
النمو الاقتصادي جيّد وهو الأسرع و الأفضل و يعمل على رفع مستوى الانتعاش الاقتصادي و يؤكّد ثقة المستهلكين والمستثمرين على حد سواء ويوفر المزيد من فرص العمل ويفرض مساحة للتفاعل الحكومي ونوعا من الاستقرار السياسي هذا هو الوضع في الصين . ويمكن القول بصورة عامة إنه من الأخبار الجيدة أيضاً، إن الصين تحقق منذ عقد من الزمان معدلات النمو الاقتصادي الأعلى بنحو 11.3 في المائة. ولكن رغم كل هذا لا تزال الأسئلة تطرح حول مدى مصداقية مثلا هذه المؤشرات وإمكانية استمرار معدلات النمو إضافة إلى تساؤلات تطرح حول " جودة و كفاءة " النمو نفسه.
ويُعدّل الصينيون معدلاتهم النمو بصورة متكررة على نحوٍ هائل. وقليلاً ما تكون التقارير التي تروج لها الدولة محلياً مرتكزة على حقائق واقعية، وهي تتّسم في الوقت ذاته بكونها متفقة مع مصالح الأقاليم المختلفة حيث إن الأرقام المُعدّلة ليست في توافق مع معطيات المناطق منفردةً. وكل قيمة إحصائية تفد عن الصين، هي قيمة تقريبية. وبالفعل تقدّم القيم اتجاهات، وتتميّز هذه بكونها مفاجئة، حيث أغلب المراقبين قدّروا تراجعاً متباطئاً في معدلات النمو لحجم الناتج الإجمالي في الصين. وتحثّ الحكومة نفسها على تثبيط النمو السنوي للاقتصاد المحلي ليبلغ نحو 9 في المائة. ولكنها بعيدة عن هذا المعدل كلّ البعد: فقد نما الاقتصاد الصيني خلال الربع الثاني نحو 11.3 في المائة، هذه القيمة التي تم إعلانها أخيرا.
الانتقادات لا تتمسّك بالحجم، ولكن بالجودة. ولهذا تُفسح المظاهر المرافقة للنمو الاقتصادي السريع الناتج أسباباً متعددة للتفكير: معدل النمو الاقتصادي يشير إلى أن الحكومة في بكين لا ترغب في قيادة الاقتصاد الصيني بنفسها أكثر، هذا ما تتمناه الحكومة بنفسها وتشير إليه، حيث تنعكس اللامركزية والمغالاة في تقدير الذات ضمن المؤشرات الناتجة. ويرتكز النمو المرتفع على ازدهار الاستثمارات، وليس على استهلاك المواطنين في الصين. وتتوارى خلف القيمة عدم المساواة المتزايدة والخطرة لتوزيع الانتعاش، حيث يوجد النمو بالأخص على امتداد الساحل الشرقي, وبالإضافة إلى هذا، فإنه يشير إلى نقص في الديمومة، بما أن الصين تبدد مصادر لا تندرج تحت سيطرة منتظمة.
ويشيع النقص المرتفع في حجم المال المخاوف، وكذلك حجم القروض المرتفع، وتعزيز السعات الفائضة المهددة في كثير من المناطق. وإذا ما انهارت أرباح المصانع بسبب تناقص الجودة قد يكون ذلك مؤشرا لبداية تساقط قطع الدومينو في الصين حيث تحظى الشركات بالعادة بتشكيل رأسمالي ضئيل فقط، ولا يمكنها أن تستمر في الأزمات. هذا ما أدى إلى تراجع متزايد في الأرصدة الائتمانية للبنوك. وإذا ما انهارت البنوك، بدأت البورصة بالمعاناة. وإذا ما حلّت فقاعة العقارات، فقد المستهلك الثقة، لأنه سيفقد حينها ضمانه الاجتماعي. وكان عدم الاستقرار السياسي هو النقطة الجوهرية لردود الفعل المتسلسلة، والذي تطمح الصين تجنّبه بمساعدة معدلات النمو المرتفعة.
على بكين أن تعلم، بأن المحاولة في تقليص حجم النمو لبعض القطاعات الملتهبة ضمن معدلات دائمة فشلت. ويُعزى السبب إلى أن الحكومة تتطلّع إلى خطوة كبيرة، في إطلاق سراح سعر اليوان، وإطلاق اقتصادها بالكامل أمام المنافسة الدولية. والسبب الذي يكمن وراء هذا الغضب يحظى بجانبين أحدهما عقلاني والآخر غير عقلاني. أما الجانب غير العقلاني هو أمنية بكين، بغض النظر عن تأثير إلحاح قوى العالم، في تحقيق قراراتها الخاصة بها حتى فترة معينة من الوقت. والجانب العقلاني، بأن بكين لديها القدرة في إطلاق سراح اليوان جزئياً، وفي انسجام مع تعزيز سوقها المالية الخاصة. ولكن هذا يستلزم المزيد من الوقت، حيث إن الحكومة تخشى أحد المشاهد، كما وصفها أحد المحللين من مؤسسة (ستاندرد أند بورز): ارتفاع سعر اليوان نحو 25 في المائة، وارتفاع في سعر الفائدة بنحو نقطتين في المائة، سيعملان على تراجع الأرباح الصينية بنحو الثلث. وهذه المجريات من الممكن أن تكون خطرة جداً، لأنها تهدد بعدم الاستقرار أيضاً.
والسبب الثاني الذي يكمن وراء هذا النمو المرتفع يرعب العارف بالصين: حيث يعتمد هذا بصورة ملحوظة بناءً على تصورات قيم بكين، على أن الحكومة بالكاد لها علاقة بالمناطق والأقاليم، حيث يكترث كل حاكم مقاطعة في تشكيل و تلوين النتائج بناءً على توجيهات العاصمة. وتعتمد هذه الحماية الخاصة في الغالب على قشرة بيانات من خلال أسواق عقارية مشكوك بها. ولهذا بدا رئيس الوزراء الصيني وين جيابو مضطرا أخيرا إلى مطالبة المناطق والأقاليم مرة أخرى بالتوسط والاعتدال. ولكن هذا لن يعود بفائدة كبيرة.
وعلى هذا تبقى الخُطى الصغيرة، من وجهة نظر بكين، الطريق الوحيد، للتمكّن من تثبيط بعض القطاعات الملتهبة على نحوٍ مبالغ به، وكذلك المتّسمة بفائض الاستثمارات فيها. وفي الطليعة، تظهر خطوة الفائدة، ومن الممكن أن يتبعها رفع آخر في إلزامات الاحتياط المالي للبنوك. وعلى الصين على المدى المتوسط أن تتحوّل من حجم نمو تدفعه الاستثمارات إلى نمو يدفعه حجم الطلب. ولكن لا يزال المستثمر الصيني من هذا الجيل يتّسم بالحذر، وتُعتبر سياسة بكين بالنسبة لهم غير موثوقة: ولهذا يفضلون التوفير لمستقبل غير معلوم، بدلاً من الاستثمار في صمت كبير. وتسجّل ثقة المستهلكين بنظامهم الخاص هذا المعدل المتدني منذ ثلاثة أعوام.