معايير اختيار الخبير المناسب لاتخاذ القرارات المهمة
ما المعايير التي يمكن الحكم بها على الخبراء وتحديد أيهم أفضل من الآخر في السياسة أو الاقتصاد أو غيرها من المجالات؟ تظهر هذه المشكلة بصورة خاصة عند الاستعانة بآراء الخبراء في اتخاذ القرارات المهمة التي ليس لها إجابات واضحة.
اعتاد الناس على الاستعانة بآراء الخبراء. ويتوافر الخبراء (غالبا عن طريق وسائل الإعلام) في جميع المجالات ليشرحوا للناس الأحداث الجارية ويطرحوا توقعاتهم المستقبلية. فنجد القنوات التلفزيونية تستضيف يوميا عشرات الخبراء في مختلف المجالات ليعرضوا آراءهم وتوقعاتهم وتحليلاتهم للأحداث الجارية، ويتراوح المشاهدون في هذه الحالة بين مصدق أو مكذب.
فما المعايير التي يمكن الحكم بها على الخبراء وتحديد أيهم أفضل من الآخر في السياسة أو الاقتصاد أو غيرها من المجالات؟ تظهر هذه المشكلة بصورة خاصة عند الاستعانة بآراء الخبراء في اتخاذ القرارات المهمة التي ليس لها إجابات واضحة.
يهدف الكتاب إلى تعريف القارئ بكيفية تحديد الخبير المناسب في أي مجال يحتاجه، وأسباب تفاوت درجات الدقة بين الخبراء والتوقيت والطريقة المناسبين لاستخدام تخطيط السيناريوهات.
يمكن تقييم آراء الخبراء في ضوء نظرية التوافق التي تفحص الأفكار من حيث كونها مترابطة داخليا وتتمتع بأنماط تدل على الترابط فيما بين أجزائها. وتقول هذه النظرية إن معتقدات الإنسان يجب أن تتوافق مع الواقع.
لاحظ الباحثون أن بعض النتائج التي يتوصل إليها الخبراء في تحليلاتهم تكون ذاتية غير موضوعية، وبالتالي لا يمكن تقييمها من خلال تطبيق قواعد معينة عليها. لذلك يقدم الكتاب مجموعة من المعايير لتقييم قدرة الخبير على تقديم توقعات دقيقة موضوعية:
* هل اختار الخبير أحداثا سهلة التوقع مثل أي الأحزاب سيفوز في الانتخابات المقررة في بلد يتمتع نظام سياسي مستقر؟
* إذا صرح الخبير بعدة توقعات فكم منها تحقق بالفعل؟ من المتوقع أن تتحقق معظم توقعات الخبير الحقيقي.
* هل يمكن حساب هذه التوقعات كميا؟
هذه هي المعايير التي تقيّم قدرة الخبير على إطلاق أحكام وتوقعات ترتفع احتمالات تحققها. بعد ذلك تأتي مرونة الخبير في التعامل مع الحقائق المتغيرة في العالم من حولنا، وبمعنى آخر أن يكون قادرا على تغيير توقعاته في ضوء تغير الظروف المحيطة، وإلا فسيكون مثل الخبير الرياضي الذي يتوقع فوز فريق ما في إحدى المباريات ولا يغير رأيه أبدا حتى لو أصيب أهم لاعب في هذا الفريق مثلا. أو كمن يتوقع فوز أحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية حتى لو تعرض هذا المرشح لفضيحة مالية مثلا تفقده ثقة الناخبين.
يحمل الكتاب وسائل الإعلام جزء كبيرا من مسؤولية انسياق الناس وراء آراء الخبراء، إلا أن الناس الذين يعتمدون على هذه الآراء غالبا ما يصدقون الآراء التي تتوافق مع أهوائهم ولا يتناولونها بالتحليل أو يمعنون التفكير فيها. كما أن بعض الخبراء خاصة في المجال السياسي يعمدون إلى وضع توقعات مبهمة لا يمكن تقييمها وبالتالي يبدون دائما على حق مهما حدث.