ارتفاع أسعار مواد البناء يثقل كاهل ذوي الدخل المحدود
لا شك أن قضية ارتفاع أسعار مواد البناء تعد من القضايا التي كان لها تأثير سلبي في بناء المساكن. "الاقتصادية" استعرضت هذه القضية وتأثيرها في بناء المساكن واستمعت إلى آراء بعض المختصين والمستهلكين، للتعرف على مدى تأثير ارتفاع الأسعار في بناء المساكن.
في البداية التقينا المهندس عبد العزيز الراجح الذي أكد أن ارتفاع الأسعار له تأثير سلبي في ذوي الدخل المحدود لكنه لم يؤثر في بناء المساكن والمشاريع الكبيرة، إضافة إلى المشاريع الاستثمارية، مضيفا أن "طفرة البناء على أشدها مع ازدياد أسعار البناء والمشكلة الأخرى التي بدت تلوح في الأفق هي مشكلة ارتفاع أسعار العمالة، وأصبح معها كثير من المؤسسات تعجز عن تنفيذ عقودها والتزاماتها.
وبين أن التشدد في استقدام العمالة سيدفع ثمنه بالتأكيد المواطن البسيط، خصوصا أن تلك الأعمال لا يمكن أن يقوم بها الشاب السعودي، وتساءل عن الحكمة في هذا التشدد والتعقيد، خصوصا أن ذلك سيكون على حساب سكن المواطن البسيط.
أما المهندس فيصل الدلبحي فارجع المشكلة إلى طريقة البناء الانفرادي وقال "تعد الطرق المتبعة حاليا وهي بناء المواطن مسكنه بنفسه طريقة خاطئة، حيث يصاحبها هدر في المواد ومبالغة في كميات الخرسانات والحديد، مضيفا "إذا أردنا حل المشكلة علينا فهمها من جذورها، إذ إن علينا أن ننطلق من فكرة البناء الشامل للأحياء السكنية وهي الفكرة التي ناقشها الكثير من المخططين و المهندسين.
من جهته، ذكر المواطن صالح الغانم أنه فوجئ بارتفاع أسعار الحديد، الذي تسبب في هروب المقاول الذي يقوم ببناء منزله، ولم تفلح الوساطات لإكمال العمل و قال إن المقاول واجهته تلك المشكلة فجأة ولأن لديه العديد من المشاريع فقد تعرض لمشاكل كبيرة مع عدد من المواطنين مما أدى إلى تخليه عن تلك العقود، مبينا أن العقود التي تبرم مع المقاولين الصغار عادة ما تكون بدائية ولا تحمي بنودها عن حدوث أي خلل في العقد، مما يوقع الأطراف في حرج شديد. موضحا أنه ما زال يبحث عن مقاول يكمل بناء منزله.
من جهته، قال المحامي خالد المنصور إن الدولة تدفع ثمن سوء العقود وضعفها، مبينا أن النسبة الكبرى من القضايا تعود إلى مشكلة العقود، متمنيا أن تبادر وزارة العدل بالاضطلاع بدورها التوعوي لمساعدة المواطنين والتنبيه على ضرورة توقيع العقود المتكاملة، مؤكدا أن ذلك سيحد من المشاكل العديدة، ويوفر الجهد على الجهات المختصة بتقليص عدد القضايا التي تصلها. ويفضل المنصور أن تنص العقود على فقرة تحدد الحالة التي يمكن تعويض المقاول عن فروقات أسعار مواد البناء.
وقال عبد العزيز الزهراني إن المشكلة الحقيقية ليست ارتفاع أسعار البناء بل أسعار الأراضي التي ترتفع باستمرار دون توقف، مضيفا "ربما نجد تبريرا لارتفاع مواد البناء لكننا لا نجد تبريرا لارتفاع أسعار الأراضي غير الجشع و استغلال حاجة المواطن المغلوب على أمره، مبينا أن مشكلة السكن هي الأرض، التي لو توفر بأسعار مقبولة لحلت مشكلة توفير المساكن واستغرب الحديث عن ارتفاع أسعار الحديد أو الأسمنت، وتجاهل المشكلة الأكبر"ارتفاع أسعار الأراضي".