قافلة الخير .. ملتقى السياحة والدعوة والتاريخ والتجارة
نجحت قافلة الخير هذا العام في أن تتبنى فعاليات وبرامج وأنشطة هادفة استطاعت أن تمزج ما بين مفاهيم السياحة الداخلية المنضبطة وأساليب الدعوة الحديثة وقليل من الموروثات التاريخية للمنطقة، تمثل رموزا لشخصيات بارزة وضعت بصماتها واضحة على حياة مدينة الدمام.
وتخطت قافلة الخير في عامها الثامن حدود البرامج والفعاليات التقليدية عندما فتحت الباب على مصراعيه أمام أكثر من 90 شركة ومؤسسة تجارية للهروب من ركود كانت تعاني منه طيلة فترة الصيف من كل عام, عرض منتجاتها وسلعها التجارية أمام أكثر من 8 آلاف شخص يزورون المخيم بشكل يومي, الأمر الذي يدل على أن القافلة انتهجت نمطا اقتصاديا وهي تفتح المجال للشركات والمؤسسات في المنطقة للاستفادة من هذا التجمع الشبابي لتسويق منتجاتها وسلعها بعد أن خصصت لها مساحات كبيرة لإقامة معارضها داخل المخيم.
وحظيت الفعاليات والبرامج الثقافية والترفيهية والرياضية لقافلة الخير باهتمام كبير من أهالي وزوار المنطقة الشرقية طيلة الأيام الماضية بعد أن وجد كثير من الأسر متنفسا سياحيا لها في المنطقة, بفضل جهود القائمين على أمر القافلة في تهيئة أجواء سياحية ثقافية توعوية خلال فترة الصيف الحالية.
ووفقا لعدد من زوار المخيم الشبابي في كورنيش الدمام، فإن فعاليات وبرامج القافلة تنوعت بشكل ملحوظ لتلبي كافة تطلعات واهتمامات شرائح المجتمع في المنطقة, حيث تميزت البرامج بتنوع أفكارها حيث هنالك برامج ثقافية تخاطب فئة الشباب وفق أعمار مختلفة منها البرامج العلمية المتمثلة في الخيمة التي تضم عدة أقسام تتحدث عن قدرة وعظمة الخالق في خلق الإنسان والحيوان والطيور وسر الحياة في أعماق البحار, حيث يتمكن الزائر لتلك الخيمة من تكوين معلومات علمية ثقافية توضح له كثير من الحقائق التي غابت عنه، وبذلك يتمكن الزائر من حقيق غرضين متوازيين خلال زيارته المخيم أولها الفائدة الكبيرة التي تلقاها من خلال إدراكه حقائق عملية قلما يجدها في مواقع أخرى, أما الغرض الثاني فيتمثل في قضائه وقتا ممتعا وهو يتجول بين المعارض المصاحبة للمخيم.
تاريخ الدمام عبر القافلة
كما اهتمت القافلة هذا العام بتعريف الشباب بملامح الحياة التي كانت عليها مدينة الدمام في السابق وقدمت القافلة نموذجا رائعا للتعريف بشخصيات بارزة كان لها أثر كبير في حياة مدينة الدمام ولعل من أبرزها الشيخ عبد الله إبراهيم الأنصاري مفتي ومعلم بلدة دارين, الشيخ إبراهيم بن السيد صالح قاضي دارين والقطيف، الشيخ خالد بن يوسف بوبشيت قاضي الدمام في السابق, الشيخ يعقوب بن يوسف وهو قاضي مدينة الجبيل. فقد تمكنت القافلة من تقديم إسهامات هذه الشخصيات البارزة وفق تقنيات حديثة متطورة تساعد كثيرا على تمليك المعلومة للزائر بصورة مبسطة وتقنية عالية تشد من انتباه ذهن الزائر, حيث تم عرض كثير من المخطوطات التاريخية والمقتنيات الشخصية لتلك الشخصيات.
ملتقى التجارة
ولم تغفل القافلة الجانب الاقتصادي في برامجها هذا العام عندما دعت مجموعة كبيرة من الشركات والمؤسسات التجارية للمشاركة في المخيم الشبابي من منطلق توفير احتياجات زوار المخيم من السلع الضرورية وفق أسعار مناسبة جدا تنوعت ما بين السلع الغذائية والملابس الجاهزة والأحذية الرياضية. وفي الوقت نفسه أتاحت القافلة فرصة نادرة للشركات المؤسسات التجارية التي تعاني لحد ما من تدني مبيعاتها خلال موسم الصيف من كل عام, لتسويق منتجاتها والتعريف بها من داخل المخيم, وهذا يدل على عمق فكر القائمين على شؤون القافلة من الناحتيين السياحية والاقتصادية من خلال 90 معرضا تجاريا تم توزيعها بصورة لافتة للأنظار داخل خيمة المعارض التجارية.
ويشير عدد كبير من العاملين في المعارض التجارية إلى أن حصيلة مبيعاتهم اليومية داخل المخيم تعتبر جيدة للغاية, بفضل التدافع الكبير من قبل زوار المخيم على شراء مستلزماتهم اليومية من معارض المخيم, مؤكدين أن هنالك عددا من السلع التجارية قد نفدت منذ الأيام الأولى لانطلاقة المخيم, مما شجع أصحاب المعارض على توفير كميات كبيرة من هذا السلع مجددا, مشيرين إلى أنهم لم يتوقعوا أن يكون مستوى التسوق في المخيم بهذا الحجم الكبير.
ملتقى الدعوة والرياضة
جندت القافلة أكثر من 150 شابا متطوعا لتقديم خدماتهم لزوار المخيم, حيث تجدهم كالنحل منتشرين في كل ركن من أركان المخيم, مما إتاح فرصة طيبة لهم لخوض تجربة العمل الطوعي وتوسيع إدراكهم وكسب مهارات كيفية التعامل مع الآخرين دون مقابل, إلا أن الفائدة الكبرى التي سيجنيها هؤلاء الشباب تتلخص في إلمامهم بحقائق ومعلومات ثقافية وعملية من خلال وجودهم قرابة سبع ساعات متواصلة داخل معارض المخيم لشرح وتعريف الزائرين بما يحتويه كل معرض. كما شكل المخيم حلقة تعارف بين كثير من الشباب نتيجة وجودهم المستمر مع بعضهم بعضا.
وبرعت القافلة بشكل كبير في تنظيم مباريات كرة القدم بين عدد من المنتخبات التي توشحت بأسماء منتخبات عالمية كالبرازيل في حين فضلت منتخبات أخرى أن تختار أسمائها من واقع الحياة المحلية كمنتخب مخابز الخبر, الساحة, نجوم الشرقية, الضيافة, القاعدة الجوية, فندق النمران, ومنتخب الزعيم. لاعبو ومشجعو تلك المنتخبات وجدوا أنفسهم داخل ملعب مكيف صمم خصيصا لاستضافة المنتخبات المتنافسة, مما أضفى شعورا جميلا بأنهم يمارسون هذه الهواية وفق القواعد المنظمة لإقامة هذا المباريات, حيث هنالك منصة خاصة بكبار الشخصيات التي ترافق منتخباتها إلى جانب مدرجات خصصت لمشجعي المنتخبات.
الملتقى الترفيهي
عملت القافلة على تهيئة مناخ صحي لأشبال المخيم, فشيدت لهم مدينة للألعاب الرياضية تضم قرية هوائية متكاملة زودت بأحدث وسائل السلامة, لتشهد تنظيم مجموعة من الألعاب والمسابقات خاصة داخل الملعب الصابوني وألعاب مائية, إضافة إلى الألعاب الكهربائية الخاصة بالأشبال.
وتشهد مدينة الألعاب الرياضية الخاصة بالأشبال حضورا مميزا من فئات عمرية مختلفة, حيث يقدر عدد الأشبال الذين يمارسون ألعاب ترفيهية يوميا بأكثر من 200 طفل وطفلة. ورأت القافلة أهمية مشاركة المرأة السعودية في فعالياتها وبرامجها التوعوية والثقافية, لذا حرصت هذا العام ولأول مرة منذ انطلاقة فكرة القافلة على إبقاء المخيم الشبابي الحالي على ما هو عليه الآن ليكون مقرا للفعاليات النسائية, وإتاحة الفرصة أيضا للمرأة السعودية للتعرف على مسيرة القافلة وإنجازاتها من خلال الفعاليات التي ستقام عقب الانتهاء من مخيم الشباب مباشرة. وستكون فعاليات النساء هذا العام مختلفة عن الأعوام السابقة, حيث سيتم التركيز على البرامج التوعوية والدينية الموجهة للمرأة كالمحاضرات والندوات والملتقيات الثقافية.
لقد مثل مخيم الشباب في كورنيش الدمام نقطة انطلاقة حقيقية لتفجير طاقات الشباب وثقتهم بتحمل المسؤولية وحرصهم على الاستفادة من أوقات الفراغ بالترفيه والتعليم والمشاركة الاجتماعية.
وتمكنت قافلة الخير طيلة سنواتها الثمان من نشر المفاهيم الصحيحة والأخلاق الحميدة وتنمية روح الإبداع والابتكار, وتقديم, برامج, ثقافية, تربوية, مهنية, ورياضية, من خلال تأهيل الشباب للعمل التطوعي المؤسسي بكفاءة وفاعلية مميزة للإسهام في تعزيز فعالياتها السياحية الترفيهية بصورة منضبطة بفضل تعاونها مع عدد من الجهات الحكومية والأهلية والخيرية.