أين اختفى انتعاش فصل الصيف؟
هل انتهى اتجاه البورصة نحو الهبوط وهل يطل علينا أخيرا ازدهار الصيف؟ في سويسرا يعتقد بعض الخبراء أن الربع الثالث من السنة سيحمل معه اتجاها نحو الصعود وهم يستشهدون في ذلك بالتذبذبات المحدودة في أسعار الأسهم وهو ما يدلل على تلاشي حالات التوتر لدى المستثمرين. يضاف إلى ذلك أن ثمة في الأفق الكثير من الأنباء الجيدة التي سيكشف النقاب عنها عندما يتم الإعلان عن نتائج أعمال نصف السنة للشركات المختلفة، ولهذا تكثر في البنوك السويسرية النصائح بشأن الإقبال على شراء الأسهم.
ولكن على الرغم من كل هذه الآمال فإن الربع الجديد لم يجلب معه الكثير من التوفيق للمتعاملين في البورصة، حيث إن مؤشر ( إس إم آي ) للسوق السويسرية الذي يتم حسابه على أساس 27 من الأسهم قد شهد بعض الأيام المبهجة، غير أن الأرباح لم تلبث أن تبخرت بسرعة.
ولكن هذا لا يثير أعصاب المتفائلين على أية حال, فبنك فونتوبل, على سبيل المثال, الذي كثيرا ما كانت تفشل تنبؤاته يصر على التمسك بتقديره بأن مؤشر إس إم آي سيصل عند نهاية العام إلى مستوى 8300 نقطة ، هذا على الرغم من الهبوط الذي شهدته البورصة في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) الماضيين . وهذا يعني أن بلوغ ذلك المستوى يتطلب زيادة في الأسعار بنسبة تصل إلى 8 في المائة . أما المحللون في بنك ليو فيقفون إزاء ذلك موقفا فيه شيء من التحفظ، وهم ينصحون الآن، كما في السابق، بترجيح وزن الأسهم على وزن القروض في الحقائب الاستثمارية للمستثمرين.
ومن المؤسسات التي يميل بنك ليو لتفضيلها على غيرها البنوك وشركات التأمين ، وممن يتبرع بتقديم نصيحة مماثلة أيضا مؤسسة تيم دوسون فون هيلفيا التابعة لبنك بيكتت السويسري الخاص في جنيف. حيث تتوقع هذه المؤسسة أن تنمو أسهم بنك الاتحاد السويسري والكريديت سويس بنسبة 30 في المائة. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن بنك الاتحاد السويسري قد نفذ ما سبق أن وعد به حيث تمت تجزئة سهمه بواقع سهمين مقابل السهم الواحد. ومن المتوقع أن تؤدي القيمة الاسمية الجديدة التي أصبحت الآن نصف ما كانت عليه سابقا إلى تحسين القدرة على المنافسة دوليا. والمحلل دوسون متفائل أيضا بالنسبة لأداء أسهم مؤسسات أخرى، فهو يتوقع مثلا نموا في قيمة أسهم شركة زيوريخ فايننشيال للتأمين في حدود 30 في المائة أيضا.
إن البنوك وشركات التأمين لا تكشف عن نتائج أعمالها لنصف السنة إلا في شهر آب (أغسطس) أما الأسرع بين الشركات, فهي شركات الأدوية حيث ستعلن شركة نوفارتس عن نتائج أعمالها وبعدها يجيء دور شركة روش. ومن المتوقع هنا الإعلان عن أرقام باهرة . ومن المعروف أن الشركات التي تطرح في الأسواق باستمرار أدوية جديدة وفاعلة لا تكون قد بلغت الأوج بعد. وكذلك بالنسبة لشركة نوفارتيس من المتوقع أن تكون نتائجها باهرة.
ولكن ماذا إذا خابت توقعات المتفائلين ولم تنتعش البورصة الانتعاش الصيفي المعتاد على الرغم من النتائج المشجعة لنصف العام الماضي؟
في مؤشر (إس إم آي) والمؤشر الآخر الأوسع منه "مؤشر الأداء السويسري" يوجد العديد من أسهم القطاعات الحرجة التي قلما تستجيب لتقلبات البورصة . وهذا ينطبق بشكل خاص على شركة نستله, إضافة طبعا لشركات الدواء والتكنولوجيا الحيوية: نوبل وفوناك وشتراومان وسينثيس. ومن الممكن أيضا إضافة شركة هولسيم للأسمنت إلى هذه المجموعة. إن الآلية الدفاعية لأسهم هذه الشركات لا تؤدي دائما النتيجة المطلوبة ، ففي شهر أيار (مايو) الماضي, على سبيل المثال, شهد مؤشر إس إم آي هبوطا لم تشهده المؤشرات الأوروبية الأخرى .
ترى هل يستطيع النمو الجيد للاقتصاد السويسري أن يدفع البورصة نحو آفاق أعلى؟ إن من المتوقع أن يحقق الاقتصاد السويسري نسبة نمو خلال العام الجاري تراوح بين 2.5 و3 في المائة، أي أكثر بكثير مما هو متوقع في ألمانيا . كما أن نسبة البطالة قد انخفضت إلى 3.1 في المائة. ومن الملاحظ أن العديد من الشركات السويسرية المدرجة أسهمها في البورصة لم يشعر كثيرا بالازدهار الداخلي لأن حجم مبيعاتها في السوق الداخلية محدود للغاية. أما فيما يتعلق بالشركات الصغرى الواردة في مؤشر إس بي آي إنديكس فالأمر مختلف، حيث إنها استفادت كثيرا من هذا النمو على مستوى المبيعات, كما على مستوى الأرباح. وهذا ينطبق على شركة غيبيريت للأدوات الصحية التي كان سهمها أحد أفضل الأسهم السويسرية لهدا العام. وهذا ينطبق أيضا على شركة جورج فيشر لإنتاج الآلات وقطع السكب للسيارات، وعلى شركة أربونيا فوستر لإنتاج معدات التدفئة والأدوات الصحية والمطابخ.