نحو إنترنت للمكفوفين
نحو إنترنت للمكفوفين
<a href="mailto:[email protected]">iqtisad@fantookh.com</a>
بعد انتشار الإنترنت بالشكل الواسع التي انتشرت فيه في الفترة الأخيرة، أصبح من الصعب علينا أن نتخيل أن هناك أفراداً في المجتمع لم يستخدموا هذه الشبكة رغم قدرتهم المادية على الحصول على خدمة الإنترنت. ولكن هناك شريحة من المجتمع غير قادرة على الاستفادة من خدمات الإنترنت على الرغم من أن حاجتهم إلى الإنترنت لا تقل عن غيرهم بل أظنها أكثر، ألا وهم المكفوفون.
تشكل نسبة الأشخاص المكفوفين ما بين 1 و3 في المائة من سكان العالم، وتلك نسبة لا بأس بها. وقد أثبت العديد من المكفوفين أن لديهم قدرات ذهنية لا تقل عن الناس العاديين إن لم يكونوا أكثر تركيزاً. فمن المؤسف ألا يستفيد هؤلاء من أكبر مصدر للعلم والمعلومات في عصرنا الحالي والمتمثل في الإنترنت.
ولكن هناك من لم يستسلم لهذا الواقع، وبحث عن حل لهذه المشكلة. فهناك العديد من المحاولات والابتكارات لتمكين المكفوفين من استخدام الإنترنت. فقد قام شخص يدعى "بيتر جورني" في جامعة "أولدنبرج" قبل عدة أعوام بالتخطيط لإيجاد بديل عن الشاشة، والتي ليس من الممكن للمكفوفين استخدامها، ويعتمد هذا البديل على افتراض قوة سمع المكفوفين، حيث يعتمد الجهاز على إصدار نبرات صوتية تعطي للمستخدم تصورا عن مكان مؤشر الفأرة في شاشة الجهاز.
وفي مبادرة أخرى قامت جامعة الملك سعود في العام الماضي بدراسة مشروع يقتضي إنشاء معمل لأجهزة الحاسب الآلي ومقهى إنترنت مخصصين للمكفوفين، حيث تتوافر فيها لوحات مفاتيح تعتمد على طريقة "برايل" في الكتابة لتسهيل استخدامها بالنسبة للمكفوفين.
هذه مجرد أمثلة للمبادرات المبذولة في سبيل توفير الإنترنت للمكفوفين، وهناك العديد من الأفكار التي يمكن تطبيقها لتوفير خدمات الإنترنت للمكفوفين، منها توفير برامج تقوم بقراءة محتويات الشاشة أو الكلمات التي يكون مؤشر الفأرة عليها، وبرامج أخرى تتيح تصفح الإنترنت عبر التحدث بدلا من لوحة المفاتيح والفأرة.
من المهم تطوير مثل هذه البرامج والأساليب، حيث إن لدى المكفوفين قدرات ذهنية وإبداعية من المؤسف عدم إتاحة الفرصة لهم للاستفادة من الإنترنت في تطوير قدراتهم ومهاراتهم وخدمتهم للمجتمع. وإن طورت هذه الوسائل بشكل يتم من خلاله إتاحة جميع محتويات الإنترنت للمكفوفين، فإن هذا سيعتبر إنجازا كبيرا في مجال الإنترنت، وسيتيح الفرصة للمكفوفين للمساهمة في تطوير الإنترنت وتوسعها.
نتمنى أن نرى المزيد من هذه المبادرات في مجتمعنا، فالمكفوفون جزء من مجتمعنا يحتاج إلى اهتمام خاص، وإن حصلوا على الاهتمام المناسب، فإن بإمكانهم المساهمة في تطوير مجتمعنا، ونحن نحتاج إلى جهود جميع أفراد مجتمعنا للنهوض والتطور في مجال التقنية والمعلومات إن كنا نريد الارتقاء بمجتمعنا للوصول إلى أرقى المستويات في المجالات العلمية والتقنية. فهل يا ترى نرى مبادرة بإقامة مشروع بحثي تطبيقي تتبناه إحدى المؤسسات البحثية أو التجارية أو الخيرية يرى النور عن قريب؟