مقاولون يتلاعبون بالاشتراطات الفنية في بناء المساجد
يفاجأ المصلون بين الحين والآخر بظهور بعض الغش في إصلاحات المسجد وبنائها, وربما يكتشفها مهندسون من جماعة المسجد في بعض المساجد نتيجة عدم وجود رقابة وإشراف على بعض المساجد، ولهذا شهد عدد من مدن المملكة انهيارات عدد من المساجد في السنوات الأخيرة، وهذه الانهيارات دون شك هي نتيجة للغش في البناء الذي يحدثه المقاولون القائمون على المساجد, إذ في أحايين كثيرة يقوم هؤلاء المقاولون بالتعاقد مع مقاولين أجانب من الباطن دون متابعة عملهم, ينتج عنه مثل هذه الانهيارات, وحدث قبل فترة أن انهار مسجد عثمان بن عفان في المخطط الجنوبي في محافظة مهد الذهب أثناء أداء الصلاة في المسجد, كما انهار سقف مسجد أيضا في مدينة جدة ''غربي المملكة'' تحت الإنشاء, وانهار مسجد تحت الإنشاء والتعمير في حي العوالي, وانهار جزء من مسجد سهيل بن عمرو بعد انهيار جزئي للدور العلوي للمسجد, وما حدث كان نتيجة الإهمال والغش التجاري في إنشاء المسجد المنشأ حديثا في المحافظة من قبل المقاول الذي أنهى المشروع وتسبب في حصول الكارثة ـ حسب قول المصلين في المسجد.
#2#
من جانبه, أوضح عبد الله العمري ــ مقاول سابق ــ أن ما يحدث للمشاريع الخيرية من انهيار كالمساجد وغيرها من المباني الأخرى نتيجة حرص المقاول على الكسب المادي وعدم الخسارة, حيث يحرص على الحصول على المناقصة بأقل سعر, مقارنة بسعر العمل في المشاريع الأخرى من تجارية أو سكنية, ومعروف أن مثل هذه المناقصات التي يكون فيها السعر الأقل يدخل فيها الصادق وغير الصادق أو حتى المبتدئون الذين يربحون هذه المناقصات بتقديمهم لعروض ذات سعر منخفض.
ويؤكد المقاول محمد يوسف أن هناك ــ مع الأسف ــ مقاولين ليس لديهم صدق في تعاملهم, وتمكث المشاريع والمساجد لديهم فترة أطول من مدة العقد, لكن ليس هناك من يحاسبهم, وهؤلاء ربما ليس لديهم القدرة على بناء المساجد والمباني, لكنهم يدخلون فيها حرصا على المال, وبعروض ضعيفة ربما لا تساعد على البناء بشكل جيد وبعضهم ربما جاء بمقاول من الباطن فيسهم في العمل دون أمانة ويحدث نتيجة ذلك الخلل في البناء, فلا بد من اختيار أصحاب الأمانة, خاصة في بناء المساجد حتى لا تتضرر المساجد في أوقات صعبة ويكون هناك ضحايا من المصلين.
ويقول الشيخ صالح بن مالك الصيعري إمام مسجد: إن انهيار بعض المساجد أحيانا يكون نتيجة لزيادة عدد المصلين, حيث إن بعض المساجد فيها كثافة في عدد المصلين فيكون لهذه الزيادة تأثير في المسجد, لذا ينبغي أن يكون هناك كشف على المساجد, خاصة القديمة, والتأكد من الجديدة قبل تسلمها أو متابعتها وهي تحت الإنشاء.
من جهته, يقول المهندس صالح السلطان: بالنسبة إلى انهيار مباني بعض المساجد ــ من وجهة نظري ــ يكون نتيجة عدم أخذ الاحتياطات الفنية واتباع المعايير الهندسية عند التأسيس, فلا بد من أن يكون التأسيس على تربة طفيلية دون عمل إحلال للتربة ودك جيد للتربة, وعدم الحيطة لوجود كيماويات في التربة قد تودي إلى تآكل وتفاعلات للخرسانة وحديد التسليح, يحدث هذا كلما قرب المبني من المصانع ومرامي النفايات أو غير ذلك بشكل جزئي أو كلي أو تؤدي إلي تقصير عمرها الافتراضي بحيث يجب إخلاؤها في أقرب وقت, في جميع الحالات المذكورة يجب التصميم وأخذ الاحتياطات وفقا لكل حالة وعمل الاختبارات الضرورية وأخذ المعلومات اللازمة لعمل تصميم مناسب, وعدم إسناد الأمر إلى غير أهله واستخراج التراخيص بطريقة صورية رغبة في التوفير. والانهيار أيضا يكون نتيجة للعمل العشوائي الذي يقوم به بعض المقاولين, حيث إن بعضهم لا يحضر مهندسا يشرف على المشروع ويكتشف الأخطاء التي تحدث وإصلاحها بل إن العمل يقوم على العمل البدائي، ولا يوجد المهندس المشرف وقت القيام بالعمل فينتج عن ذلك أخطاء, وهي قد تظهر مبكرا, وهذا ملاحظ، وأحيانا تكون هناك أخطاء واضحة ويرفض المقاول الحديث عنها, بل يحاول وضع الأعذار حولها، واطلعت على بعض المساجد التي تعاني هذا الأمر، لكن في حال تم عمل الإجراءات والأساليب الصحيحة التي تنجح المشروع, نسأل الله أن يوفق الجميع لكل خير.
ومن جانبه, يقول الشيخ مسعود الغامدي الداعية الإسلامي المعروف, معلوم أن أي عمل لا بد عند توليه أن تكون هناك أمانة في تنفيذه خاصة المساجد، لكن يبدو أن الأمانة - كما قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ تنزع في آخر الزمان, لذلك نزعت الأمانة من بعض الناس, خاصة في مثل هذه المشاريع الخيرية التي ينتظرها الناس ولا سيما المساجد، والمسؤولية في الدرجة الأولى تقع على المقاول الذي نجد ـــ مع الأسف الشديد ــ عدم اهتمامه بها البتة فقط حرصه على المقابل وكم الربح, لهذا لا تستغرب أن بعضهم يأخذ المشروع ثم يسلمه من الباطن لآخرين قد لا يكونون مهتمين بهذا العمل النبيل المتمثل في بناء بيوت الله, والمسؤولية في المقام الأول تقع على المقاول عند انهيار مبنى أي مسجد يتعاقد عليه, خصوصا أن ذلك يترتب عليه ذهاب أرواح بريئة في لحظات نتيجة هذا الإهمال من المقاول وعدم المتابعة والمراقبة.
من جانبه, يقول الشريف هاشم النعمي الحقيقة في الفترة الأخيرة حدثت انهيارات لعدد من المساجد في عدد من مدن المملكة, وهذا غالبا يكون نتيجة لعدم اهتمام المقاول بالأمور الفنية في مبنى المسجد الذي يقوم بتشييده، ويسهمون في بناء بعض المساجد دون وعي ودون اهتمام يذكر، لذلك لا بد من التنبه لذلك ومحاسبة المقصرين, أما تركهم وعدم متابعتهم سيسهم في استمرارية هذه الأخطاء، وعلى بعض المقاولين أن يراجعوا حساباتهم, ويعملوا بأمانة ويحرصوا على إتقان عملهم لأن تركه لمقاولين من الباطن هو الذي يسبب انهيار المباني, ويجب وضع العمالة تحت المراقبة لمعرفة الخلل وهم ينفذون ما يعطى لهم من المقاولين وربما يتم ذلك بطريقة عشوائية, فلا بد من المتابعة لهم والمراقبة لهذه الأعمال.