خادمات.. هروب على كتف السائق!
الحصول على العاملة المنزلية “الخادمة” في السعودية سهل وصعب في الوقت نفسه .. الحصول عليها بالطرق الرسمية والنظامية يحتاج إلى طريق طويل، يبدأ من شهادة بالراتب من العمل، مرورا بمراجعة الاستقدام للحصول على التأشيرة، ثم إلى مكاتب الاستقدام الأهلية التي يدور حديث عنها في الوسط السعودي أن أغلبها لا تلتزم بالمواعيد، كما لا تلتزم بإحضار عمالة جيدة .. هذه السلسلة الطويلة تحتاج إلى أكثر من عشرة آلاف ريال وستة أشهر من الانتظار، ثم تصل العاملة إلى المنزل .. وبعد ذلك تبدأ قصص أخرى من الهروب والمرض والتلاعب .. ونادرا ما تمر الأمور بسلام على الأسرة.
ذلك كان عن الوسائل النظامية، لكن ماذا عن الوسائل غير النظامية؟ الأمر بسيط جدا .. لكن هل تأمن تشغيل عاملة بين أطفالك لا تعرف كيف أتت إلى البلد، ولا طريقة عملها، ووو.. إن كانت الإجابة بنعم فإن الحصول عليها لا
يحتاج إلا إلى تفحص قائمة أرقام منتشرة في أوساط المجتمع منهن “أم إبراهيم” .. أو “أم أحمد” أو “أم موسى”، وغيرهن .. لدى مثل هؤلاء تجد حاجتك .. لكن الضريبة: 200 ريال للوسيطة .. 50 ريالا للسائق الذي يتولى توصيلها إلى منزلك، ومبلغ من 1800 إلى ألفي ريال شهريا تدفع مقدما للوسيطة. ترى هل تتحمل أي تبعات لذلك، مثلا تفقد أشياء ثمينة، اختراق خصوصيات أسرتك، وأحيانا ربما يصل الأمر إلى الإضرار بالطفل، وربما تصحو صباحا فلا تجد العاملة الهاربة التي هربت مرة أخرى، وهكذا تدور العجلة .. وتقلب الأرقام للبحث عن أخرى .. إلى التفاصيل:
حالة هروب
فجأة دون مقدمات هربت العاملة المنزلية التي كانت تعمل على مدى ستة أشهر في بيتنا المكون من شقة في الرياض. صباح السبت الماضي تحول المنزل إلى خلية للبحث عن العاملة المفقودة، يبدو أنها خرجت فجرا دون أن نعلم عنها. الآن بدأنا في تحليل بعض الرموز التي حدثت على مدى شهر مضى – هكذا يروي أبو محمد قصته مع العاملة المنزلية. يعتقد أبو محمد أن سائقا ما هو المتهم الأول في هروب عاملته، لكنه لا يملك دليلا ماديا على ذلك. يتفق عبد الله – وهو قارئ لـ “الاقتصادية” سبق أن أرسل عدة مشاركات عن مشكلات هروب العاملات المنزليات على أن بعض السائقين يمتهنون تهريب العاملات المنزليات، حيث يستغلون وجودهم المستمر داخل الحارات وبذلك يتم التواصل بين السائق والخادمة الراغبة في الهروب لدى خروجها من المنزل لأي غرض. يقول أبو محمد: في أحد الأيام لاحظت أن العاملة تأخرت لدى خروجها بالقمامة ليلا .. وأنه لدى خروجه عادت فرأى عاملا يغادر الشارع مسرعا.
#2#
رواتب أم معاملة؟
يتساءل كثيرون عن سبب هروب الخادمات بهذا الشكل المثير للقلق، وبينما تتنوع الإجابات حول الأمر من القول بانخفاض الرواتب مقارنة بما يدفع للعمالة غير النظامية، أو تأخر الرواتب أو المعاملة الحسنة، إلا أن هناك اتفاقا في أوساط المجتمع على أن هناك من يقوم بتأليب العاملات على الهروب بعد انقضاء فترة الأشهر الثلاثة الأولى على اعتبار أنها إلزامية على المكاتب، حيث تلزم بإحضار بديلة. في هذا الإطار، يحاول كثير من مكاتب الاستقدام تسوية الخلافات بين الكفيل والخادمة خلال تلك فترة الأشهر الأولى لتفادي إحضار البديلة. تراوح رواتب العاملات المنزليات بين 800 وألف ريال تبعا لسنوات الخدمة في المنزل، حيث تحاول بعض الأسر تعويض العاملة وصرفها عن الهروب من خلال زيادة الراتب بعد مرور عامين أو ثلاثة، حيث ينتظر أنه بعد هذه الفترة تكون العاملة قد أثبتت جدارة. إذا من أين تأتي المشكلة؟
تبدأ – كما يقول أحد الكفلاء – من خلال إغراءات الحصول على راتب أعلى في منازل أخرى، حيث يراوح الراتب للهاربة بين 1800 وألفي ريال تبعا للمواسم سواء العامة أو مواسم طلب الأسرة ذاتها، حيث تحتاج بعض الأسر إلى عاملة إضافية أحيانا أثناء الولادة أو المرض أو رعاية كبير في السن. دافع الأسرة لهذا المبلغ لأنه يوفر عليها الوقت، وقيمة التأشيرات والاستقدام والإقامات، وبالتالي فإن دفع هذا المبلغ يبدو معقولا في نظرهم.
زيارة الأقارب .. مشكلة!!
أكثر ما يخيف بعض الأسر هو حضور عاملات منزليات هاربات يعملن في منازل الأقارب، حيث يشكل اجتماعهن فرصة لتبادل أرقام الهواتف وأساليب الهروب. من هذه الزاوية – تشير إحدى الكفيلات اللواتي صادفناها قرب دار رعاية الخادمات في الرياض إلى أنها حضرت لتبحث عن عاملتها الهاربة، وتلفت إلى أنها غادرت المنزل قبل شهر دون أن نعرف عنها شيئا. وتؤكد الكفيلة أن عاملتها لم تكن تفكر في الهروب لكن حضور إحدى القريبات وبرفقتها خادمة غير نظامية “هاربة” ربما شجعها على فعل ذلك. وتقول: لو طلبت زيادة الراتب لزدته لها، لكنها غادرت فجأة. حصول العاملة على هاتف جوال يبدو مشكلة، وهنا تقول بعض ربات البيوت إنهن يرفضن وجوده معهن مع تأمين الاتصال المهم للعاملة عن طريق هاتف أرباب البيوت.
قائمة هاتفية
لدى إعداد التقرير حصلنا على قائمة مكونة من أرقام هواتف أكثر من عشر سيدات - أغلبهن غير سعوديات - يعملن في مجال السمسرة. تحدثت مع أم موسى أولا فدار الحديث التالي:
- مرحبا أم موسى.
- أهلا .
- أريد شغالة.
- أي جنسية؟
- إندونيسية.
- لا .. عندي حبشية.
- بكم؟
- ألف خمس مية.
- وأنت كم حقك؟
- 200 ريال بس.
- تعرف تطبخ؟
- أيوه.
- والتنظيف؟
- أيوه .. اثنين مرة في الأسبوع!!
- لا .. كل يومين!!
- ما في مشكلة؟
- كيف التوصيل؟
- ليموزين.
- وين ساكن؟
- في الرياض.
- هي توقف عند الإشارة وأنت تأخذها؟
أنهيت المكالمة بعد أن تعللت باتصال آخر .. واتصلت باسم أم حنان التي أكدت أن لديها عاملة حبشية، بيد أنها اشترطت الاتصال من سيدة قبل توصيل العاملة. أم حنان في معرض عرضها لبضاعتها قالت إن الخادمة تعرف كل الطبخات السعودية بما فيها طعام نفاس النساء والولادة. حددت أم حنان 1800 ريال قيمة راتب العاملة و200 ريال لها. أما عن التوصيل فقال: ما في مشكلة!!
سمسار بنجالي لخادمة هندية
أحد الأرقام التي اتصلنا بها رد علينا من خلالها بنجالي. ادعى أن اسمه إسماعيل وقال إنه من الجنسية البنجالية، عرض بضاعته فكانت هندية!! قلت لكن لا يوجد عاملات هنديات الآن في السوق – قياسا بندرتهن مقارنة بفترة سابقة فقال: لا .. موجود. سأل عن المنزل فذكرت له أسم أحد الأحياء فقال إن السعر 1500 ريال، وأجرته كسمسار 500 ريال، واعترف دون مواربة أن العاملة هاربة من كفيلها. سألته عن التوصيل فقال إن الوعد سوق (.....) - أشار إلى أحد الأسواق الكبيرة في الرياض. الازدحام في مواقف الأسواق على ما يبدو يتيح توصيل العاملة المنزلية بأمان، في حين أن بعض الأسر لا تريد أن يعرف السائق موقع المنزل.
متاعب .. ومصاعب
يروي أبو علي قصته مع تشغيل العاملات المنزليات فيقول: مللت من دفع المبالغ بالاستقدام والهروب المحتوم، وأخيرا قررت تشغيل عاملة هاربة .. وفرت المال، لكن ذلك لا يعني أني مرتاح فنحن نغلق الأبواب الخارجية بإحكام، ولا ندعها ترد على الهاتف، وفي مرة اكتشفنا مع عاملة منزلية جوالا بعد شهرين من العمل، حيث كانت تدعي خلال تلك الفترة أنه لا يوجد لديها هاتف.
يرفض أبو علي القول إن الهروب سببه المعاملة داخل المنزل فيقول: أنا أعامل الخادمة معاملة رائعة لكنها في النهاية هربت .. أعتقد هناك مافيا تتكسب من ورائها .. وهي تعمل فترات متقطعة مما يسمح لها بالحصول على مبالغ أكثر خاصة خلال مواسم رمضان أو الأعياد أو أثناء ظروف ربات البيوت الطارئة. عند ذلك – يقول أبو علي – ستكون مضطرا لإحضار مثل هذه النوعيات.
في وسائل الإعلام السعودية تنشر بين الحين والآخر إعلانات تعرض خادمات منزليات. كثير من الأرقام المنشورة تبين لنا بعد الاتصال بها أنها لسمسارة وليست نظامية. وعلى الشبكة العنكبوتية تكثر المواقع التي تروج للعاملات الهاربات بكل سهولة.