خضار الصرف الصحي وورقياته .. من يحمينا؟
كيف لك أن تتخيل أن الخضار أو الورقيات التي تتناولها مع طعامك كل يوم تسقى بمياه الصرف الصحي غير المعالج.. أو حتى المعالج بشكل أولي؟.. أمر لا يحتاج إلى إجابة.
كيف ستكون ردة فعلك لو علمت أن الخضار الذي تتناوله لا يمر بأي مختبر ولا أي مركز فحص؟.. أيضا سؤال لا يحتاج إلى إجابة.
كيف ستتصرف لو قيل لك صراحة إن موردي هذه الخضراوات إلى الأسواق هم من العمالة السائبة التي لا يعرف لها طريق، ولا إلى مزارعها ممر.. أيضا سؤال لا يحتاج إلى إجابة.
لو علمت أن أكثر أسباب الإصابة بأمراض السرطان والتسمم الغذائي هي تناول هذه النوعيات من الخضار والورقيات.. أيضا سؤال لا يحتاج إلى إجابة.. إذن ما السؤال الذي يحتاج إلى إجابة.. السؤال هو: من المسؤول عن هذا الوضع؟ من نقاضي؟ من نلاحق؟ بمن نستعين بعد الله؟ هنا التفاصيل:
في هذا الجانب، حذر خبراء بيئون من خطورة عدم الكشف عن الورقيات والخضار في جدة التي تسقى بمياه الصرف الصحي وسط غياب تام من الجهات المختصة، وزاد التحذير من المطالبة بسرعة إنشاء مختبرات متخصصة لفحص الورقيات (الخس والجرجير والكزبرة والبقدونس) وغيرها من الأنواع الأخرى التي يكثر الطلب عليها، إضافة إلى الخضراوات الأخرى التي تسقى بمياه الصرف الصحي، وترش بكميات عالية من المبيدات لإزالة الروائح الكريهة منها وإعطائها لونا خاصا وجذابا وشكلا يغري المستهلك.
وقال مسؤولون وخبراء بيئيون إن تكلفة الجهاز الواحد لا تزيد على المليون ريال، حيث إن هذه الأجهزة قادرة على الكشف على الورقيات والخضار الملوثة التي تورد إلى الأسواق للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، وستحد هذه الأجهزة من عمليات الغش والتدليس ومعرفة مستوى المبيدات في الخضار والفواكه، وتزيد من طمأنة المستهلكين. وجاءت اعترافات تجار وبائعين بهذه المشكلة ليفتح الباب لمعالجة ومناقشة هذه القضية الخطيرة، وتهدد حياة الناس إذ يشير الشيخ عصمت أبو زنادة أحد تجار الخضار والفاكهة في سوق الخضار في جدة بوجود هذه المشكلة بقوله: (تم كشف العديد من المزارع في شرق وجنوب جدة إلا أنه تمت إزالتها). وزاد أبو زنادة بقوله "حال علمنا سقيهم المنتجات بالمياه الملوثة، تم وقف التوريد منهم، ونبلغ الجهات ذات العلاقة لتتبع مزارعهم وإزالتها".
#2#
#3#
وفي الجانب الرسمي كشفت لـ "الاقتصادية" وزارة الزراعة عن ضبطها نحو عشر مزارع للورقيات في جدة تسقى بمياه الصرف الصحي.
وتحدث خلال الجولة العديد من المواطنين متذمرين من هذه المشكلة وعدم تحرك الجهات المسؤولة لإنشاء مختبرات فحص للحد من خطورة الأمراض التي قد تتفشى، مشيرين إلى أنهم أصبحوا يعتمدون على أشخاص معينين في السوق لشراء الورقيات التي تسقى بمياه محلاة، وتأتي من مناطق بعيدة والطلب بكميات لتوريدها إلى بعض المحال التجارية حتى ولو كانت بأسعار عالية.
وأسهم غياب مختبرات وزارة التجارة والأمانة لاختبار الفواكه والخضراوات لقياس الجودة النوعية في تفاقم هذه الكارثة التي وصفها خبراء بيئيون بالخطرة، إلا أن الأمانة تقوم بالكشف على الورقيات الواردة إلى السوق بالكشف الظاهري فقط دون أخذ عينات عشوائية للتأكد من مدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
مختبرات الكشف
أكد لـ "الاقتصادية" الشيخ عصمت أبو زنادة أحد تجار الخضار والفاكهة في المنطقة الغربية أن وجود مختبرات لقياس الجودة النوعية سيسهم بحد كبير في ممارسات هذه العمالة الوافدة التي تقوم بسقي المزروعات بمياه الصرف الصحي، معترفا بصعوبة الكشف عنها بقوله "حتى الآن لا يمكن لنا الكشف عن ورقيات ملوثة، إلا بتقنيات عالية توفرها هذه المختبرات التي طالبنا سنوات الجهات المختصة بتوفيرها في حلقة جدة للخضار والفاكهة".
وقال أبو زنادة كتجار نقوم بشراء الكميات الواردة من هؤلاء العمالة، إلا أننا نوقف التعامل معهم فور سماع أخبار عن سقيهم المنتجات بالمياه الملوثة، ونبلغ الجهات ذات العلاقة لتتبع مزارعهم وإزالتها، مشيرا إلى أن الفترة الماضية تم كشف العديد من المزارع في شرق وجنوب جدة، إلا أنه تمت إزالتها. وأوضح أبو زنادة أن وجود المختبر سيحد من هذه القضية، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة والتجارة والأمانة تتولى القيام بجولات مكثفة للكشف على هذه الورقيات لمصادرتها نتيجة لضررها.
وأشار أبو زنادة إلى أن حجم مبيعات هذه الورقيات يفوق بشكل سنوي خمسة ملايين ريال، وتباع بأسعار معقولة للمستهلك النهائي، وجميعها منتجات محلية ولا توجد ورقيات في السوق مستوردة، وعاد أبو زنادة إلى أن الطرق التي نقوم بفحصها بشكل يومي بالطرق القديمة، إما بالتذوق ومعرفة طعمها وحال اختلافها تتم مصادرتها وإبعادها عن السوق بشكل نهائي.
#4#
#5#
#6#
وبين أبو زنادة أن المناطق التي تقوم بإنتاج هذه الورقيات تتمثل في مناطق شمال وشرق طريق المدينة المنورة ومناطق شمال منطقة مكة المكرمة، نظرا لتوافر الموارد المائية، مبينا في الوقت نفسه أن الجهة المخولة بتبني هذه المختبرات تتمثل في التجارة والأمانة، وتسهم هذه المختبرات التي تتبناها في الكشف على جميع الفواكه والخضراوات ومطابقتها للجودة النوعية.
ورقيات ملوثة
في جانب آخر، أوضح الدكتور علي عشقي خبير بيئي وأستاذ في كلية علوم البحار في جامعة المؤسس أن الخضراوات الورقية الملوثة التي تتوافد إلى سوق الخضار والفواكه في جدة تهدد سكان جدة بكارثة صحية مقبلة حال عدم تحرك الجهات الصحية والحكومية لاحتواء الوضع، مشيرا إلى أن سقيا هذه المزروعات بمياه الصرف الصحي يؤدي إلى وجود البكتيريا والفطريات على هذه الورقيات التي يتناولها المستهلكون بشكل يومي، إضافة إلى أن عمليات معالجة هذه المياه ثنائية أو ثلاثية لا يجدي بحلول، بل يسهم في ارتفاع معدل التلوث في النباتات بشكل عال جدا.وحذر عشقي من المبيدات الحشرية وما ينتج عنها من أمراض وأوبئة خطرة لا يعلم بها المزارع، حيث يقوم برش المبيدات على الورقيات لتقتل الحشرات، وبالتالي تؤدي إلى تلوثها بشكل تلقائي، مشيرا إلى أن منظمة الفاو العالمية حددت نسبة معينة من الرش، ولكن لا يلتزم بها المزارعون كقضية تلوث الخضار والفواكه في منطقة المدينة المنورة التي قام مزارعو المدينة برش منتجاتهم بنسب عالية من المبيدات القاتلة، أدت إلى رفع نسبة معدلات السرطان، ما جعل إمارة المدينة تتحرك في القضية لاحتواء الوضع.
وتابع عشقي حديثه بأنه ومن المفترض أن تدخل وزارة الزراعة في مثل هذه الأمور، مشيرا أن الخضراوات الورقية التي تأتي من دول عربية وأوروبية نسبة المبيدات الحشرية بها كبيرة، وتمنى من وزارة الزراعة وجود مختبرات في المناطق والمنافذ لأخذ عينات عشوائية من منتجات هذه الدول لمعرفة نسبة المبيدات الحشرية فإذا كانت معدلات الرش مرتفعة أصبحت درجات السرطان مرتفعة جدا ليتم وضع حلول لهذه الصادرات.
وحذر عشقي من تناول الورقيات الملوثة نتيجة تلوثها بنسب عالية، مطالبا بتفعيل وجود مختبر للجودة النوعية في الحلقة، ولا بد للجهات الصحية من التحرك بشكل عاجل حيال هذه الكارثة الصحية التي بدت آثارها.
تحركات مشتركة
أمانة جدة بدورها أوضحت حاجة أسوق الخضار والفواكه إلى مختبرات خاصة للكشف عن الورقيات والخضار التي ترد إلى السوق من تجار الخضار، حيث إن الاتهام بسقيها بمياه الصرف الصحي زاد وانتشر بقوة بين الناس. وطالب الدكتور ناصر الجار الله رئيس أسواق النفع العام في أمانة جدة بسرعة إنشاء مختبرات للجودة النوعية في الحلقة تعمل على فحص العينات العشوائية للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
وأشار الجار الله إلى أن الفرق الميدانية للأمانة في الحلقة تقوم بالفحص المبدئي والظاهري لها، ولكن ليست هذه نتيجة مؤكدة لخلوها من الاتهامات والتأكد من جودتها. وعن كيفية كشف المزارع التي تقوم بسقي مزروعاتها أفاد الجار الله بأنه صدرت تعليمات من الإمارة شددت على ضرورة تسجيل المربكات المقبلة التي تحمل على متنها هذه الورقيات، حيث نستطيع تتبعها واستدعاء مالكها عن طريق الجهات المختصة للوصول إلى هذه المزارع الملوثة، كما أنه تمت خلال الفترة الماضية مخاطبة أمانة القصيم والمدينة المنورة لمعرفة كيفية رصد الورقيات الملوثة التي تصل إلى السوق للاستفادة من خططهم في أمانة جدة.
أكد مصدر في وزارة الزراعة أن عدد المزارع التي تمت إزالتها في منطقة مكة المكرمة خلال العام الماضي بلغ 321 مزرعة، جميع مزارعيها اتضح قيامهم بسقي مزروعاتهم بمياه الصرف الصحي الملوثة، حيث تم رصدها من قبل لجنة دائمة إشرافية في منطقة مكة المكرمة ولجان ميدانية مشكلة من كل الجهات لمراقبة ومنع سقيا المزارع بمياه الصرف الصحي في كل من محافظة جدة والعاصمة المقدسة ومحافظة الطائف.
وأشار المصدر إلى أن عدد المزارع التي تم ضبطها بلغ 290 مزرعة في العاصمة المقدسة ومحافظة جدة، و31 مزرعة في محافظة الطائف، فيما بلغ عدد العمالة المخالفة التي تم ضبطها في هذه المزراع عامل واحد مخالف فقط، وأن جميع هذه المزارع الملوثة تمت إزالتها، وتم إخضاع جميع المزارعين للإجراءات النظامية المعمول بها في وزارة الزراعة، مبينا في الوقت نفسه أن عدد المساحة المزالة بالدونم بلغ 24.