السُّل يقتل مليوني إنسان سنويا لشدة العدوى

السُّل يقتل مليوني إنسان سنويا لشدة العدوى
السُّل يقتل مليوني إنسان سنويا لشدة العدوى
السُّل يقتل مليوني إنسان سنويا لشدة العدوى

بين الدكتور سهل الهاجوج عالم أبحاث ورئيس وحدة أبحاث الدرن في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث أن مرض الدرن «السل» يقتل نحو مليوني إنسان سنويا ويصيب شخصا جديدا كل ثانية، أي أن ثلث سكان الأرض مصابون به، مضيفا أن السل مرض شديد العدوى وينتشر في كل أنحاء المعمورة، ولكن بنسب متفاوتة ويوجد له سلالات مقاومة للعلاج.

وأوضح الهاجوج أن هذا المرض كان قد اندحر في أواخر التسعينيات الميلادية بسبب الجهود المتضافرة من جميع المؤسسات الصحية التي تعنى به، ولكن للأسف الشديد لم تكتمل الفرحة، حيث بدأ يعود بقوة لأسباب عديدة منها الفقر والحروب والوضع الاجتماعي الاقتصادي وتحالف السل مع مرض الإيدز ليشكلا بهذا التحالف تحديا كبيرا يهدد الجنس البشري، مبيناً أن تكلفة علاج حالة واحدة مقاومة تبلغ ما يقارب 900 ألف ريال في السنة، وقد يتضاعف هذا المبلغ أضعافا كثيرة إذا ما كان المريض مصابا بسلالة شديدة المقاومة، منبهاً إلى وجود سلالات مستوردة من المرض دخلت المملكة بحسب بحث أجري عن طبيعة السلالات الموجودة في المملكة.

وكشف الدكتور سهل أنهم في وحدة أبحاث الدرن على وشك الانتهاء من مشروع وطني آخر مدعوم من قبل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وبالتعاون مع وزارة الصحة ويدرس مستوى مقاومة الجرثومة للعلاج لدينا، وهذه الدراسة هي الأولى من نوعها، حيث إنها دراسة شاملة تغطي كل مراكز الدرن في المملكة وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، كاشفاً أن النتائج الأولية تظهر أن مستوى مقاومة الجرثومة للعلاج ليس كبيرا، وقال: إن أهم إنجاز في نظري هو إنشاء قاعدة بيانات لهذه البحوث حتى تكون المعلومة الصحيحة متوافرة ويمكن الرجوع إليها.

ما أسباب الإصابة بالسل؟ وأين ينتشر؟ وما أعراضه وعلاماته؟

السل TB مرض بكتيري معد وقد يهدد حياة من يصاب به ويسببه ميكروب البكتيريا الفطري الدرني Mycobacterium Tuberculosis السل كان مرضا لا شفاء منه ذات يوم، لكن في الخمسينيات ظهرت مضادات حيوية فعّالة وانخفضت أعداد حالات السل بنسبة 75 في المائة، وتنبأ مسؤولو الصحة العامة بأن السل سيستأصل بحلول عام 2010. ارتفع من جديد معدل الإصابة بالمرض في عام 1985، بسبب انتشار السل في أوساط مرضى نقص المناعة البشرية - الإيدز. وتمكنت الدول المتقدمة من السيطرة عليه مجددا وتم خفض معدل الإصابة إلى مستويات لا تذكر من خلال برامج علمية مقننة ومدروسة ومن خلال أيضا إنفاق سخي على هذه البرامج من قبل الحكومات والمؤسسات الخيرية..
في البلدان النامية، لا يزال يشكل مشكلة ضخمة تسوء حالا بانتشار وباء الإيدز، والسل يقتل نحو مليوني إنسان سنويا ويصيب شخصا جديدا كل ثانية، أي أن ثلث سكان المعمورة مصابون به. ونحن نخشى مع تدهور الأوضاع الاقتصادية لكثير من الناس حول العالم عودة انتشار السل إلى مستويات عليا مجددا..

ما أعراضه وعلاماته؟

أعراض السل لا تقتصر على السل، وقد تتشابه مع أمراض أخرى مثل السرطان. وللسل الرئوي النشط أعراض منها الكحة لمدة أسبوعين أو أكثر، وقد يصاحبها دم وبلغم، والعرض الثاني هو الحمى ومن ثم فقدان في الوزن وتعرق ليلي وفقدان الشهية.

وللسل خارج الرئة أعراض بحس العضو المصاب، فعلى سبيل المثال قد تكون الفقرات سهلة الكسر أو تنكسر بصورة مفاجئة إذا كانت هي المصابة. وللسل المعوي أعراض منها الإسهال المزمن ونقص الوزن وآلام مصاحبة في البطن. أما إذا كانت السحايا هي المصابة فقد يصاب المريض بصداع وتقيؤ واضطراب في الوعي.

#2#

ما أسباب الإصابة بالسل؟

ضعف جهاز المناعة لسبب أو لآخر عوامل مساعدة على نقل المرض وانتشار العدوى:
السل مرض شديد العدوى، وهو ينتقل أساسا عندما يطرد مريض في طور نشاط المرض البكتيريا من رئتيه عن طريق السعال، فيستنشق الآخرون الرذاذ الصادر من رئتيه محملا بالعدوى، حيث تستقر البكتيريا في رئة من يستنشق هذا الرذاذ وتبدأ في التكاثر.
وسوء التغذية والازدحام الشديد والمساكن غير الصحية، التي لا يوجد بها تهوية جيدة هي العوامل التي تزيد من معدل الإصابة

الفئات الأكثر عرضة للإصابة:

- المشردون ومدمنو الكحول.

- العاملون في المستشفيات ومراكز أبحاث الدرن والمخالطون لمرضى الدرن المفتوح دون أخذ سبل الوقاية.

أين ينتشر؟

في كل أنحاء المعمورة ولكن بنسب متفاوتة.

يقال إن هناك نوعا من السل مقاوما للأدوية.. فهل هذا صحيح؟ وكيف يصبح مقاوما للأدوية؟
هذا الكلام صحيح، يوجد سلالات مقاومة بل ويوجد سلالات شديدة المقاومة أي أصبحت مقاومة للخط والخط الثاني من المضادات التي هي أكثر سمية للجسم وليست بنفس فعالية الخط الأول.

مضت عقود على تناقص في نسبة الإصابة بالسل، إلا أنه لوحظ تزايد في عدد حالات الإصابة به خلال السنوات الأخيرة: فما السبب؟

السل اندحر في أواخر التسعينيات الميلادية بسب الجهود المتضافرة من جميع المؤسسات الصحية التي تعنى به ولكن للأسف الشديد لم تكتمل الفرحة، حيث بدأ يعود بقوة لأسباب عديدة منها الفقر والحروب والوضع الاجتماعي الاقتصادي وتحالف السل مع مرض الإيدز ليشكلا بهذا التحالف تحديا كبيرا يهدد الجنس البشري. إذ كان أحد أهم أسباب عودة المرض هو هذا التحالف. وسبب مهم آخر هو ظهور سلالات مقاومة وسلالات أخرى شديدة المقاومة، إذ يوجد نحو نصف مليون إصابة بهذه السلالات شديدة المقاومة. والمشكلة في هذه السلالات أنها تنتشر بسرعة حول العالم.

#3#

ما نسبة الإصابة بالدرن في المملكة؟

بحسب ما هو منشور في تقارير منظمة الصحة العالمية فمعدل الإصابة بلغ 46 حالة لكل 100 ألف نسمة.

كم تبلغ تكلفة علاج مرض السل في العالم بصفة عامة والمملكة بصفة خاصة؟

تبلغ تكلفة علاج حالة واحدة مقاومة 250 ألف دولار أمريكي في السنة، وقد يتضاعف هذا المبلغ أضعافا كثيرة إذا ما كان المريض مصابا بسلالة شديدة المقاومة. ولا أمتلك معلومة عن تكلفة علاج المرضى لدينا.

هل أنت راض عن الدعم المقدم للأبحاث في مجال مكافحة هذا المرض وعلاجه؟

يقاس مستوى الدعم بالنظر إلى ما يتم صرفه على الدرن حول العالم. فعلى سبيل المثال هناك مؤسسة خيرية اسمهاThe Bill & Melinda Gates Foundation مؤسسة بيل وملييند جيتس ألزمت نفسها بدفع من عام 1994 حتى الآن ما مجموعه 13.839 مليار دولار أمريكي، أما المؤسسة الخيرية الأخرى وتسمى مجموعة العمل ضد الدرن بالتعاون مع مجموعة أوقفوا الدرنTB ACTION GROUP AND STOPT TB PARTENERSHIP صرفت ما مجموعه 510133145 دولارا من أجل محاربة الدرن وعلاجه وأبحاثه.

ونحن هنا في السعودية ما زلنا في بداية الطريق، وأتمنى أن أرى زيادة ضخمة وكبيرة في الدعم المادي لأبحاث الدرن لأننا نستطيع أن نحدث نقلة نوعية لو تمكنا من إجراء البحوث التي هي نصب أعيننا.

ألا يعتبر مرض السل من الأمراض القديمة التي عرفتها البشرية مبكراً، فلماذا تأخرت في القضاء عليه أسوة بعدد من الأمراض كالجدري وغيره؟

حتى أواخر الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي كانت بعض الدول المتقدمة التي تمتلك زمام البحوث والاختراعات كانت تعتقد أن الدرن لا يعنيها بشيء؛ إذ إنه مرض العالم الثالث والفقراء. فهم امتنعوا عن أبحاثه لأن المردود المادي بحسب اعتقادهم سيكون ضعيفا لأن الفقراء لن يستطيعوا شراء نتاج أبحاث بأثمان باهظة.

ولكن للأسف الشديد الدرن لا يحتاج إلى جواز سفر فهو ينتقل إلى هذه الدول من خلال المهاجرين وتنقل الناس. وشهدنا خلال العشرين سنة الماضية أبحاثا هائلة ومتطورة جدا تتمحور حول تشخيص الدرن وهي مكلفة بعض الشيء. أما بالنسبة للعلاج فالمشكلة تعود لجرثومة الدرن، حيث إنها أصبحت تقاوم العلاج. وصحيح القول إننا لم نشهد نقلة نوعية في العلاج وذلك لصعوبة الاكتشافات في هذا المجال.

ما أبرز إنجازات وحدة أبحاث الدرن وما البحوث التي قدمتها في هذا السياق؟

وحدة أبحاث الدرن عمرها الآن تسع سنوات وهو عمر قصير جدا وبدأت من الصفر، حيث لم يكن يوجد وحدة أبحاث درن في المملكة. ومنذ تأسيسها أخذت الوحدة على عاتقها البحث في الدرن على مستوى البحث الإكلينيكي والبحث ألأساسي. ولقد تمكنا - بحمد الله - من إنجاز مشروع ضخم كان على مستوى الوطن وبمشاركة وزارة الصحة وبدعم من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وتمت نشر النتائج بمجلة أمريكية علمية محكمة وهي من المجلات المهمة ويشار إليها بالبنان من ناحية الأبحاث المنشورة فيها. وتختصر باسم JCM.
وكان البحث عن طبيعة السلالات الموجودة في المملكة، وأظهرت نتائج البحث أن لدينا سلالات مستوردة وأخرى محلية، وأظهرت الدراسة أن الدرن يصيب للأسف الشديد الفئة العمرية المنتجة. وفي عام 2009 وبالتعاون مع مراكز عالمية تم التعرف على بكتريا غير درنية وهي في الغالب لا تتسبب بأي مرض، ولكن للأسف الشديد كانت قد أصابت أحد المرضى وأسميناه رياض - أي أنه أخذت اسمها من الرياض التي تم عزل الجرثومة من المريض فيها وتم نشر هذا السبق - لله الحمد.

ونحن الآن على وشك الانتهاء من مشروع وطني آخر مدعوم من قبل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وبالتعاون مع وزارة الصحة وندرس مستوى مقاومة الجرثومة للعلاج لدينا، وهذه الدراسة هي الأولى من نوعها، حيث إنها دراسة شاملة تغطي كل مراكز الدرن في المملكة وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.

والنتائج الأولية تظهر أن مستوى مقاومة الجرثومة للعلاج ليس كبيرا. وتعرف المقاومة هنا على أن تكون الجرثومة مقاومة للأيزونايد والرفامبسين وهما أهم علاجين للدرن. ولكن المقاومة الأحادية موجودة بنسب متفاوتة في مناطق الدراسة وقد تكون سببا لظهور المقاومة المتعددة، حيث تصبح الجرثومة فيما بعد مقاومة لأكثر من علاج. وقد تنشأ أيضا مقاومة الجرثومة للعلاجين المذكورين. ومن نتائج هذه الدراسة أن نسبة الإصابة بين المواطنين والمقيمين متساوية.

أما المنجز الأهم في نظري هو إنشاء قاعدة بيانات لهذه البحوث حتى تكون المعلومة الصحيحة متوافرة ويمكن الرجوع إليها. فنحن وبمساعدة إخصائي الكمبيوتر في قسم الإحصاء والبرمجة في مستشفى الملك فيصل التخصصي قد أنشأنا قاعدة بيانات تحتوي على البصمة الوراثية للسلالات المصنفة ونرغب أن نضيف لها نتائجنا الحالية والمعلومات الوبائية عن كل سلالة بحيث يسهل على الطبيب المعالج في أي مكان من وطننا الغالي أن يتابع المريض ويتابع نمط المقاومة إذا ما حدثت ويتابع أيضا نمط البصمة الوراثية، وهذا مهم جدا بحيث الطبيب يستطيع معرفة إذا ما كان مريضه قد انتكس أو أنه أصيب بسلالة جديدة أخرى ونحن ـــ لله الحمد ـــ متمكنون من تقنية إيجاد البصمة الوراثية عن طريق الجزيئية البيولوجية.

وهذه التقنية تمكننا أيضا من قياس مستوى النجاح لطريقة العلاج المباشر. وتمكننا أيضا من معرفة إذا ما كان هناك تفش للمرض أو كان هناك تلوث مخبري لعينات مرضى هم غير مصابين بالدرن، ولقد تمكنا من نشر ورقتين علميتين بخصوص نقل العدوى من شخص إلى آخر وبخصوص التلوث المخبري. ومن محاسن قاعدة هذه البيانات يستطيع الطبيب المعالج من متابعة مريضه ولو بعد عشرة أو 20 عاما. ونحن نعتقد أن قاعدة البيانات هذه إذا ما تم تسجيل بيانات المريض بها فإن الطبيب بمجرد أن يدخل رقم البطاقة للمريض بإمكانه استرجاع معلومات المريض بالمعلومات ولو بعد السنين. ومن فوائد قاعدة البيانات هذه هو الضبط الدقيق لعدد المرضى.

ومن الأبحاث أيضا نحن ننتظر دعما ماديا مهما من المدينة لنقود بتقييم اختبار جديد نسبيا للكشف عن الدرن الكامن لدى فئات من المرضى هم معرضون للإصابة بالدرن أو أن تتم ظهور الأعراض عليهم إذا كانوا مصابين أصلا والدرن لديهم كامن. هذه الفئات من المرضى يصبحون من الناس الأكثر عرضة للإصابة لأنهم سيتلقون علاجات تثبط جهازهم المناعي لأن لديهم مشكلات صحية أخرى.

الأكثر قراءة