استبعاد رفع مؤسسة النقد السعودي لأسعار الفائدة العام المقبل

استبعاد رفع مؤسسة النقد السعودي لأسعار الفائدة العام المقبل
استبعاد رفع مؤسسة النقد السعودي لأسعار الفائدة العام المقبل

تخدم الميزانية العامة السعودية لعام 2011، غرضاً مزدوجاً يتمثّل في إظهار قدرة الدولة السعودية على مواصلة قيادتها لعملية التعافي الاقتصادي، والتأكيد على أنّ الحكومة السعودية تمتلك القدرة والإرادة للحدّ من تجاوز الميزانية العامّة المعلنة، الأمر الذي يتجلى بوضوح من خلال خفض معدل نمو هذه الميزانية. ويقع الانضباط المالي في صميم الإدارة الحكيمة لاعتمادات الميزانية العامة. وتقضي الميزانية التي أُعلن عنها في الـ 20 من كانون الأول (ديسمبر) بزيادة الإنفاق العامّ في عام 2011، بمعدل سنوي قدره 7.4 في المائة، ليسجّل بذلك رقماً قياسياً مرتفعاً قدره 580 مليار ريال سعودي. ويُعدّ معدّل نمو ميزانية عام 2011، من أدنى معدّلات نمو الميزانيات السعودية خلال العقد الأخير الذي نما فيه الإنفاق العامّ السعودي بأكثر من الضعف. في السنوات السبع إلى عام 2010، نمت المخصصات المرصودة للإنفاق بأكثر من 10 في المائة على أساس سنوي إلا في عام واحد.

#2#

في الحقيقة، تُعدّ التزامات هذه الميزانية ضخمة بالفعل، كما تُعدُّ اعتماداتها الأكبر في تاريخ المملكة. فالاعتمادات المخصصة للتعليم والتدريب والصحة والتنمية الاجتماعية والبنية التحتية ـــ التي تمثّل مجتمعة 46 في المائة من الميزانية ـــ نمت بمعدّلات: 8 في المائة، 12.3 في المائة، و10.4 في المائة، على التوالي. ويبرهن هذا الإنفاق الضخم على أنّ الدولة السعودية ماضية في خططها الرامية إلى توفير البنية التحتية الضرورية لرفاه سكانها، الذين تزداد أعدادهم بمعدل سنوي يفوق 2 في المائة بقليل، إلى جانب تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
وتتوقع ميزانية عام 2011، تسجيل عجز مالي قدره 40 مليار ريال سعودي لأنّ إجمالي الإيرادات المتوقّعة يبلغ نحو 540 مليار ريال سعودي، وهي السنة الثالثة على التوالي التي تتوقع فيها الحكومة السعودية تسجيل عجز مالي. وطبقاً لتقديراتنا، افترضت الحكومة السعودية عند إعداد هذه الميزانية متوسطاً متحفّظاً لسعر برميل خام غرب تكساس قدره نحو 58 دولاراً ومعدّلَ إنتاج نفطي قدره 8.7 مليون برميل يومياً. مكنت أسعار النفط المرتفعة من تحقيق فائض مالي كبير يبلغ 108.5 مليار ريال سعودي في عام 2010 بعد تسجيلها أول عجز مالي منذ سبع سنوات في عام 2009.
وتخصص الميزانية الجديدة أيضاً اعتمادات قدرها 256 مليار ريال سعودي للمشاريع الاستثمارية الجديدة و الساري مفعولها. وخلافاً للإنفاق الجاري الذي يغطي تكاليف دوريّة تُدفع مرّة واحدة كل فترة محدّدة، كالرواتب الشهرية، فإنّ الاعتمادات المخصصة لدعم المشاريع الاستثمارية تعكس حجم رأس المال والتمويل الموجّهيْن نحو تكوين أصول قادرة على تحقيق منافع اقتصادية مضاعَفة وبعيدة المدى. فقد تعهّدت الحكومة السعودية، مثلاً، ببناء 610 مدارس وإنجاز 6,600 كيلومتر من الطرق البرية قبل نهاية العام المقبل.
ومع أنّ نسبة إنفاق رأس المال التي تستهدفها الحكومة هي 45 في المائة من الإنفاق الكلّي، إلا أنّ القيمة الحقيقية لهذه النسبة ظلّت دون المستوى المستهدَف، خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2009، مثلاً، بلغت نسبة إنفاق رأس المال 30.2 في المائة من الإنفاق الكليّ. ومع أنّ هذه النسبة أعلى بكثير من العشرة في المائة التي سُجّلت في عام 2000، إلا أنها لا تزال دون المستوى المطلوب. من ناحية أخرى، كاد حجم الإنفاق الجاري أنْ يتضاعف منذ عام 2000، كما مثّل الجزء الأكبر من إجمالي تجاوزات الاعتمادات المعلنة. ويُعدُّ تحقيق التوازن اللازم بين الإنفاق الجاري وإنفاق رأس المال تحدياً رئيساً لصنّاع السياسة السعوديين في السنوات القادمة.
وبوجه خاصّ، تبرهن هذه الميزانية على أنّ الدولة السعودية مصممة على مواصلة برنامج تحفيز الاقتصاد الوطني في العام القادم، وذلك بغرض تعزيز النمو الاقتصادي، وتشجيع مستثمري القطاع الخاص على توسيع أنشطتهم الاستثمارية. ويتمتع القطاع الخاصّ السعودي بما يكفي من الحجم والخبرة والعمق للمشاركة في التنمية الاقتصادية، خصوصاً أنه بدأ يخرج بصورة تدريجية من مرحلة تلافي الاقتراض. لكنّ خفض معدّل نمو الميزانية يشير إلى أنّ الدولة السعودية تهدف أيضاً إلى الحدّ من تجاوز الاعتمادات المعلنة، الذي وصل إلى 25.5 في المائة من إجمالي الميزانية العامة في عام 2009 و 16في المائة في عام 2010.

النتائج المالية تفوق التوقّعات في عام 2010

عندما أعدّت الحكومة السعودية ميزانيتها لعام 2010، توقّعت تسجيل عجز ماليّ قدره 70 مليار ريال سعودي، الأمر الذي قد يكون أقل من العجز المالي المسجل في عام 2009 البالغ 86.6 مليار ريال سعودي. وأظهرت البيانات الأوّلية أن المملكة حققت فائضاً مالياً قدره 108.5 مليار ريال سعودي، ونُسب هذا الفائض إلى بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة نسبياً خلال الجزء الأكبر من العام الجاري. و فضلاً عن الانخفاض المحتمل في المشاريع الاستثمارية الرأسمالية من قبل شركة أرامكو السعودية هذا العام، فخلال الأشهر الـ 11 الأولى من عام 2010، بلغ متوسط سعر برميل النفط نحو 79 دولاراً، مقارنة بـ 62 دولاراً للبرميل في عام 2009. ونتيجة لارتفاع عائدات الصادرات النفطية، تجاوزت الحكومة السعودية عائدات النفط المستهدفة خلال العام الجاري وقدرها 470 مليار ريال سعودي ـ إذ بلغ إجمالي هذه العائدات 735 مليار ريال سعودي في عام 2010، أيْ أعلى بنسبة 11.5 في المائة من المستوى الذي توقعناه وقدره 658.9 مليار ريال سعودي.
وجاء الفائض المالي أكبر من الضعف من المبلغ الذي توقّعناه والبالغ 41.3 مليار ريال سعودي.. فقد أظهرت البيانات الأوّلية أنّ المملكة لم تنجح في تقليص نسبة تجاوز الميزانية المعلنة. وبلغ حجم الإنفاق العامّ 626.5 مليار ريال سعودي في عام 2010، مقابل الميزانية المعلنة والبالغة 540 مليار ريال سعودي ـ ما يشير إلى تجاوز تلك الميزانية بنسبة 16 في المائة.
في المقابل، تجاوز الإنفاق العامّ الحقيقي حجم الميزانية المعلنة في عاميّ 2008 و2009، بنسبة 25 في المائة. وفي الحقيقة، لا يمكن الاستمرار في هذا الاتجاه في المدى المتوسط، خصوصاً أنّ سعر النفط اللازم لموازنة الميزانية السعودية في ارتفاع مستمر. مع ذلك، ليس من المستغرب هذا الإنفاق الضخم، والحقيقية لأنّ الحكومة السعودية تحمّلت معظم أعباء تمويل المشاريع التنموية المحلية خلال الجزء الأكبر من عام 2010، وذلك بسبب النمو الضئيل للإقراض المصرفي، خصوصاً إلى القطاع الخاصّ. ونتوقع أنّ الحكومة السعودية ذات أولوية كبيرة للحد من أهداف الإنفاق.
واستمرت المملكة أيضاً في تقليص الدين العام في عام 2010. فقد نجحت في خفض مستواه من 225.1 مليار ريال سعودي في عام 2009، إلى 167 مليار ريال سعودي في العام الجاري. يعد هذا الانخفاض الكبير بنحو 22 في المائة أكثر من ما توقعناه. ويمثّل الدين العام حالياً 10.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بـ 80 في المائة في عام 2002، و103 في عام 1999. والدين العام السعودي داخلي بكامله ودائنه الرئيسي هو المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمؤسسة العامة للتقاعد، تليه البنوك المحليّة. وفيما يعاني عديد من اقتصادات مجموعة العشرين ارتفاع نسب الدين العامّ إلى إجمالي الناتج المحلي، برزت المملكة العربية السعودية كنموذج فريد من نوعه القادرة على خفض ديونها بصورة مستمرة وتحفيز اقتصادها بالإنفاق الرأسمالي.
لقد تمكنّت المملكة من تخفيف أعباء ديْنها العام بفضل احتياطياتها الضخمة من الأصول الخارجية التي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي، والتي بلغ صافي قيمتها في أواخر تشرين الثاني (أكتوبر) 1.61 تريليون ريال سعودي (434.7 مليار دولار). وعززت مؤسسة النقد العربي السعودي صافي أصولها الخارجية بواقع 90 مليار ريال سعودي خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2010. لكنْ خلال الفترة نفسها من عام 2009، قلّصت مؤسسة النقد العربي السعودي صافي أصولها الخارجية بواقع 183.2 مليار ريال سعودي لكي تتمكن الحكومة من موازنة الميزانية وسط تدنّي أسعار النفط. لكنّ الرياح هبت مجدّداً بما تشتهيه سفن المملكة خلال العام الجاري.
نحن نتوقّع أنْ يشهد العام القادم انخفاض الدين العام، وبالتالي تنخفض نسبة الدين العام الداخلي إلى إجمالي الناتج المحلي، علماً أنّ نسب الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي مرشّحة للارتفاع في الأسواق المتقدمة، بما فيها الولايات المتّحدة، حيث أطلق بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر برامجه لتحفيز الاقتصاد الأمريكي، ويُعرف باسم ''البرنامج الثاني لتعزيز المعروض النقدي QE2''. لذا، تتمتع المملكة بوضع مالي فريد ومريح جداً سمح لها بمواصلة توسيع الميزانية العامة من دون الوقوع تحت ديون تُثقل كاهل اقتصادها.

تحفيز القطاع الخاص
في العام القادم
من خلال أكبر ميزانية في تاريخها، ترسل المملكة رسالةً واضحة إلى السوق المحلية مفادها أنها ستواصل دعم خططها التنموية الطموحة بمبالغ مالية ضخمة. لكنْ في الوقت الذي أكّدت فيه ميزانية عام 2010، على مقاربة إنعاش الاقتصاد المحلي بقيادة الدولة السعودية؛ وهي مقاربة تبنّتها الحكومة السعودية أيضاً، يبدو أنّ الزخم سيتحوّل في العام القادم باتجاه تحفيز القطاع الخاصّ واتخاذ الإجراءات الرسمية اللازمة لضمان عودة المشاركة الفاعلة للمستثمرين المحليّين والأجانب، في عملية توسيع الاقتصاد السعودي. لذا، فإنّ الاستفادة من خبرة القطاع الخاصّ المحلي ودعمه المالي مشاريع الطاقة والمرافق والبنية التحتية، ستُصبح النقطة المركزية لمقاربة الدولة السعودية، الأمر الذي سيتجلى من خلال منح عقود جديدة إلى القطاع الخاص وبناء شراكات عامّة - خاصّة.
ومع أنّ ارتفاع أسعار النفط لفترة طويلة نسبياً مكّن الحكومة السعودية من إطلاق العديد من المشاريع الضخمة لتوسيع قطاعات الطاقة والبنية التحتية والنقل، إلا أنه آن الأوان للبدء في خفض معدلات نمو الإنفاق، خصوصاً الإنفاق الجاري، الذي مثّل نحو 70 في المائة من إجمالي الإنفاق العامّ في عام 2009، وغطى فئات عديدة يصعب خفض تكاليفها مع مرور الوقت، مثل رواتب موظفي القطاع العام، الأمر الذي فرض أعباءً هائلة على الميزانية العامة. وفي العام الجاري، نتوقع أنْ يتجاوز مجموع رواتب موظفي القطاع العامّ وحده 240 مليار ريال سعودي؛ وهذا عبء ثابت وثقيل على ميزانية المملكة.
ومع أننا نعتقد جازمين أنّ الدولة السعودية ستواصل سدّ أيّ فجوة استثمارية تنجم عن تقصير مستثمري القطاع الخاص، إلا أننا نعتقد أيضاً أنّ الحكومة السعودية تريد أنْ تتحمّل شركات القطاع الخاصّ مزيداً من المسؤوليات. وإذا رفض القطاع الخاصّ زيادة مسؤولياته الاقتصادية، فإنه سيواجه مشكلات هيكلية تُقلّص دوره الاقتصادي، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى تعزيز فرص تهميشه. حيث إن مخصصات قطاع التعليم ارتفعت ثلاث مرات من ناحية الحجم من عام 2000.
وتقضي ميزانية العام القادم بزيادة الإنفاق العامّ بنسبة 7.4 في المائة إلى 580 مليار ريال سعودي. وخصصت هذه الميزانية لـِ ''التعليم وتطوير القوّة العاملة''، تحديداً، اعتمادات كليّة قدرها 150 مليار ريال سعودي، مقارنة بـ 137.6 مليار ريال سعودي في عام 2010، ما يمثل 26 في المائة من إجمالي ميزانية العام القادم.
في عام 2010، ازدادت ميزانية التعليم بنسبة 12.8في المائة لأنّ الحكومة تعهّدت ببناء 1200 مدرسة جديدة (أكثر من ثلاث مدارس يومياً)، بينما ازدادت اعتمادات الرعاية الصحية والشؤون الاجتماعية بنسبة 51 في المائة، وذلك لتغطية رواتب موظفي هذين القطاعيْن وتكاليف بناء عديد من المستشفيات الجديدة، في المقام الأول. ونتوقع أيضاً أنْ تزداد اعتمادات الدفاع والأمن في الميزانية القادمة، علماً أنها مثّلت 31 في المائة من الاعتمادات الكليّة لميزانية العام الجاري. ولنْ يُعلن عن مستوى ميزانية الدفاع إلا في العام القادم.
في ما يلي، نورد المجالات الرئيسة التي أكّدت الحكومة السعودية على أولويتها في ميزانية عام 2011:
1. بلغت اعتمادات التعليم والتدريب 150 مليار ريال سعودي مقارنة بـ 137.6 ملبار ريال سعودي في عام 2010، فازدادت بنسبة 9 في المائة. وتقضي خطة التعليم والتدريب ببناء 610 مدارس جديدة، إضافة إلى المدارس التي ما زالت قيد الإنشاء وعددها 3200 مدرسة. لقد تضاعف الإنفاق العام على التعليم أكثر من ثلاث مرات خلال العقد الأخير ونما هذا الإنفاق بمعدل 50 في المائة، في عاميّ 2005 و2006 وحدهما. وفي الحقيقة، لا يمكن الاستمرار في توسيع ميزانيات التعليم بمثل هذه المعدلات المرتفعة؛ لذا، ليس من المفاجئ أنْ يتراجع معدّل نمو اعتمادات التعليم إلى 8 في ا لمائة في ميزانية عام 2011، بعدما بلغ 12.7 في المائة في عام 2010. وسيُنفَق معظم هذه الميزانية على رواتب موظفي المدارس الجديدة التي سيتم افتتاحها في العام المقبل.
2. نمت اعتمادات الرعاية الصحية والشؤون الاجتماعية بمعدّل 12.3 في المائة في ميزانية عام 2011، فارتفع مستواها إلى 68.7 مليار ريال سعودي بعدما قفز بمعدّل 51 في المائة في ميزانية عام 2010، إلى 61.2 مليار ريال سعودي. وتمثّل الاعتمادات الكلية للرعاية الصحية والشؤون الاجتماعية 11.8 في المائة من إجمالي ميزانية العام المقبل. وتشتمل خطط توسيع هذا القطاع على بناء 120 مستشفى جديد لإضافة 26,700 سرير.
3. بلغ مجموع اعتمادات قطاعات المياه والزراعة والبنية التحتية 50.8 مليار ريال سعودي في عام 2011، مقارنة بـ 46 مليار ريال سعودي في عام 2010، فنمت بمعدّل 10.4 في المائة. وتشتمل الخطط ذات العلاقة على الاستثمار في مشاريع المياه والصرف الصحي وتحلية مياه البحر. لقد نما الطلب المحلي على الكهرباء والماء بنحو 8 في المائة سنوياً. ونحن نتوقّع أنْ تحتاج المملكة إلى استثمار أكثر من تريليون ريال سعودي في هذا القطاع خلال السنوات الـ 15 القادمة لتلبية الطلب المحلي المتزايد على المياه والكهرباء. وفي تموز (يوليو) الماضي، رفعت شركة الكهرباء السعودية تعريفاتها لتزويد الشركات الصناعية والتجارية بالتيار الكهربائي بنحو 10 في المائة، ما يُعدُّ خطوة إيجابية نحو ترشيد استهلاك الكهرباء في المملكة. وقد تمثّل مراجعة هذه التعريفات أولوية سياسية رئيسة خلال السنوات القادمة. وينبغي على المملكة أن تتّخذ إجراءات عملية لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة في قطاعات توليد وتوزيع واستهلاك الكهرباء.
5. ارتفع مجموع الاعتمادات المخصصة لقطاعيّ النقل والاتصالات في ميزانية عام 2011 إلى 25.2مليار ريال سعودي، مقارنة بـ 23.9 مليار ريال سعودي في ميزانية عام 2010؛ فنما بمعدّل 5 في المائة. وتعكس زيادة هذه الاعتمادات مدى الحاجة إلى توسيع وتحديث البنية التحتية القائمة لكي تستوعب المشاريع الضخمة الجديدة. وتقضي الخطة ذات العلاقة بإنجاز نحو 6,600 كيلومتر من الطرق البرية خلال العام القادم، إضافة إلى 30,200 كيلومترا قيد التنفيذ. الدولة أيضاً تخطط لبناء أربعة مطارات جديدة، إضافة إلى تطوير وإعادة ترميم مطار الملك عبد العزيز.
6. ستتلقى الخدمات البلدية 24.5 مليار ريال سعودي من ميزانية عام 2011، مقارنة بـ 21.7 مليار ريال سعودي من ميزانية العام الجاري. ستغطي هذه الميزانية الطرق و الجسور والأنفاق المشتركة داخل المدن للمساعدة في تخفيف الاختناقات المرورية و المشاريع المتصلة بالبيئة.
7. تراجعت الاعتمادات المخصصة للمؤسسات الائتمانية المتخصصة للبرامج التمويلية بنحو2.7 في المائة لتصل إلى 47 مليار ريال لعام 2011. تشمل هذه المؤسسات صندوق الاستثمارات العامة، صندوق التنمية العقارية، صندوق التنمية الصناعية السعودية وغيرها من المؤسسات والصناديق التمويلية. ولقد تم صرف نحو 414.4 مليار ريال من قبل تلك المؤسسات في شكل قروض من إنشائها لدعم القطاعات الصناعية، الإسكان ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

توقعات السياسة النقدية في عام 2011
بصفة عامة، تشتمل ميزانية العام القادم على زيادات كبيرة في اعتمادات جميع القطاعات الرئيسة السعودية، لكنها تحثّ مؤسسات القطاع العام على عدم تجاوز الاعتمادات المعلنة، في محاولة منها لخفض الإنفاق الجاري إلى مستويات معقولة. لذا، لا بد من الانتظار لرؤية مدى تجاوب القطاع الخاصّ مع هذا المسعى من خلال توسيع نشاطه الاستماري، وما إذا كانت البنوك سترفع وتيرة نمو نشاطها الائتماني. مع ذلك، نحن نتوقّع أنْ يرتفع معدّل نمو الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ في العام القادم إلى 9.3 في المائة، ولكننا نستبعد أنْ يرتفع هذا المعدل مجدّداً إلى مستويات تفوق 10 في المائة قبل مرور سنة، على الأقل. وتتمتع البنوك السعودية الخاصة بسيولة ضخمة وبجميع مقومات توسيع نشاطها الائتماني. لكنّ نسبة القروض إلى الودائع في المملكة لا تزال الأدنى من نوعها في مجلس التعاون الخليجي. وخلافاً لمعظم دول المجلس الأخرى، لم تتكبد البنوك السعودية خسائر تُذكر جراء انخفاض أسعار العقارات، لا سيما أسعار العقارات التجارية التي مرّت بمرحلة تصحيحية. كما أنّ الإجراءات النقدية الحكيمة والصائبة لمؤسسة النقد العربي السعودي، التي لم تتطابق أحياناً مع الإجراءات النقدية التي اتخذتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أسهمت في احتواء جميع الأخطار الكبيرة المحتملة على النظام المصرفي السعودي الذي عزّز سيولته ومرونة رأسماله.
وعلى خلفية النمو التدريجي المتوقّع للنشاط الائتماني المصرفي في العام القادم، نستبعد أنْ تتخذ مؤسسة النقد العربي السعودي أيّ إجراءات لرفع أسعار الفائدة في العام القادم. لذا، ستواصل السياسة النقدية السعودية تشجيعها لنمو الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ، خصوصاً أنّ الضغوط التضخّمية الحالية لا ترتبط بأي عوامل نقدية. ويستفيد الوضع النقدي الراهن في المملكة من السياسة النقدية المرنة التي تتبعها الولايات المتّحدة. وفي هذا السياق، نستبعد أنْ يتخّذ بنك الاحتياطي الفيدرالي أي تدابير صارمة في العام القادم، خصوصاً أنّ الحافز النقدي الوحيد في أمريكا يتمثّل حالياً في عمليات شراء الأصول التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي. وسيساعد استمرار معدّلات البطالة المرتفعة، ومعدّلات التضّخم المنخفضة، في إبقاء أسعار الفائدة في الولايات المتّحدة قريبة من الصفر، وقد يستمر هذا الوضع خلال عديد من أشهر عام 2012. وكما سبقت الإشارة، فإنّ السياسة النقدية السعودية الحالية هي أكثر تناغماً بكثير مع نظيرتها الأمريكية، مقارنة بحقبة ما قبل الأزمة. ويدفعنا هذا التناغم إلى استبعاد إمكانية حدوث أي تحوّل جوهري في السياسة النقدية السعودية، كما يدفعنا إلى إهمال التكهنات التي تتحدث عن إمكانية إلغاء ربط الريال السعودي بالدولار الأمريكي.
وسواء أنجز بنك الاحتياطي الفيدرالي كامل برنامجه الثاني لتعزيز المعروض النقدي، أم لا (لأنّ الأسواق تعارض هذا البرنامج)، قد يترك هذا البرنامج بعض الأثر السلبي في قيمة الدولار الأمريكي. لكننا نعتقد أنّ مشكلات الديون السيادية لمنطقة اليورو ستتفاقم في العام القادم، الأمر الذي سيجعل عقاب الأسواق لليورو أقسى من عقابها للدولار، على الرغم من الانعكاسات السلبية المحتملة على قيمة الدولار الأمريكي جرّاء ضخّ بنك الاحتياطي الفيدرالي 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي. ويتوقع بنك كريديت أجريكول للخدمات المصرفية والاستثمارية أنّ ينخفض سعر صرف اليورو مقابل الدولار إلى دولار و30 سنتاً، مع نهاية العام القادم. ومن شأن هذا السيناريو أنْ يؤثّر إيجابياً في قيمة الريال السعودي، وأنْ يُعزز الموقع العالمي للدولار الأمريكي.

* مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي.

الأكثر قراءة