آسيا تبني وتحقق المزيد من فرص العمل والاستثمار
ليس من المفترض أن تكون سرعة القطار المغناطيسي عالية جداً دوماً، ولكن بالفعل تتوجّه الأنظار كافة إلى تعزيز خطوط السرعة العالية في الصين. وبالكاد يوحي تمديد هذه الخطوط هناك إلى أكثر من رمز يشير إلى برامج البنية التحتية في آسيا، حيث تتقافز الآمال.
ويوضح رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج :"نحن في حاجة إلى استثمارات في البنية التحتية في الهند خلال الأعوام المقبلة بما يعادل نحو 150 مليار دولار على الأقل و ستنفق نحو 50 مليار دولار منها على الأقل في بناء نحو 40 ألف كيلومتر من الشوارع حتى عام 2012. ونحو 12 مليار دولار منها سيتم ضخها في مضاعفة سعات الموانئ البحرية" كما تريد بكين إعمار مناطق غرب الصين التي تعاني من تراجع التنمية بما يزيد على 100 مليار دولار. ويقول هاروهيكو كورودا رئيس بنك التنمية الآسيوي: "تحتاج شرق آسيا وحدها خلال الأعوام المقبلة إلى نحو تريليون دولار بهدف المضي بعمليات التنمية في النقل والطاقة، والتوزيع".
البنية التحتية هي كل شيء يحتاج إليه المجتمع والاقتصاد العام في أي دولة، بهدف الوجود، والتمكن من النمو، بدءاً بالآبار و الشوارع، والقطارات، وأماكن الطائرات، والموانئ، حتى تزويد الطاقة، وشبكات الهاتف. وبالتالي، تظهر الحقيقة بأن البنية التحتية تحقق إسهاماً بالغ الأهمية في تقليص حجم الفقر. وهذا الأمر يتمركز على صعيدين: حيث إن البناء نفسه يحقق فرص العمل في الدول الفقيرة. وعلى هذا، حقق، على سبيل المثال، بناء شبكات الطرق والشوارع في نيبال فرص العمل لنحو 2700 شخص.
وتُعتبر البنية التحتية على وجه الخصوص كشرط للتمكن من جعل أحلام التداخل الآسيوي التجاري حقيقة واقعة فعلاً. فما بين عامي 1996 و 2005 نمت التجارة المتداخلة بين دول آسيا بمعدل نحو 8.5 في المائة سنوياً. وفي غضون هذه الفترة الزمنية، تضاعف حجم التنقّل والعبور المتجاوز للحدود من نحو 500 مليار كيلومتر للنقل إلى تريليون واحد. وتعني حركة نقل البضائع والأفراد تلك المزيد من التجارة، والمزيد من حجم المبيعات، وبالتالي المزيد من فرص العمل. وتساعد البنية التحتية في الحدّ من الفقر، ونقص البنية التحتية يؤدي إلى الهجرة، حيث دون طاقة لا تعمل المصانع. ولهذا يكرّس حابكو النسيج حول العالم أنفسهم في العمل في الصين وليس في الهند، لأن طرق النقل إلى الموانئ في الهند تستغرق بالمعدل نحو 21 يوماً أطول.
وحتى يتم تحقيق "الحلم الآسيوي"، الطريق السريع رقم واحد، والذي من المفترض أن يربط طوكيو مع إسطنبول، ستمر المزيد من الأعوام، وسيتم استنزاف المليارات. و بالفعل يظهر أكثر إيضاحاً بالنسبة للشرق الأقصى، بأن بناء وتعزيز البنية التحتية فعلياً غير قادر على حلّ المشاكل كافة، ولكنه على أية حال من الممكن أن يكون إسهاماً مهماً في حلّها. ولكن لا يمكن لليد العامة وحدها في آسيا أن تجمع المبالغ الضخمة كافة أكثر. وهنا ينضمّ اللاعبون الثلاثة المشاركون في المخطط: المؤسسات الثنائية، البنوك، والأسواق الرأسمالية، وكذلك المطوّرون الخاصون، والمشغّلون. ويزوّد بنك التنمية، أو البنك الدولي البنية التحتية إلى حدٍ كبير.
ولكن لا تمتلك آسيا سوقاً متطوّرة للقروض قادرة على التمويل. ولهذا يقترح كيم هوك سو، الأمين العام لمنظمة تنمية المحيط الهادئ – الآسيوية للأمم المتحدة، تأسيس بنك استثمارات آسيوي، بهدف التمكن من تمويل المشاريع الكبرى. "ووحدها جنوب آسيا تحتاج سنوياً إلى 200 إلى 300 مليار دولار. والأسواق المالية على استعداد لتقديم 50 مليار دولار كأقصى قيمة"، حسب ما ورد عن كيم.
وتوجد حالياً الكثير من مشاريع البنية التحتية والتي تُعد فعلاً مجدية للأرباح بصورة كبيرة. ولكن كذلك فإن الاستثناءات نظراً للمخاطر السياسية كبير. ويبدي المستثمرون الخاصون على نحو مفهوم اهتمامهم بالانضمام إلى مثل هذه المشاريع، فقط إذا تمتعوا بحرية كبيرة، وثقة من شركائهم، غالباً ما تكون الحكومة. و لا يمكن لأي دولة من دول آسيا، باستثناء سنغافورة، ضمان هذا على مدار عقد من الزمان.
وهناك ثلاث خصائص مشتركة بين المستثمرين في البنية التحتية: أغلبها أنهم غير محبوبين، ويواجهون دوماً المعارضة والمقاومة. وهم يفضلون تسليط الأضواء على العامة، ربما لهذا السبب لا يلاقون المحبة. وغالباً ما يعملون في المزيد من القطاعات. وتحاول مجموعة الاستثمارات السنغافورية الحكومية، تيماسيك - Temasek ، عن طريق الشركة المشغّلة للموانئ لديها "PSA "، شراء موانئ حاويات بحرية حول الكرة الأرضية تقريباً، وبتشغيل شبكة هواتف عن طريق مجموعة سينجتل - Singtel الممتدة من أستراليا إلى الهند. ولكن ثارت الرياح في وجهها، عندما تم الاستحواذ على مجموعة تيماسيك من قبل مجموعة الاتصالات، شين كورب – Shin Corp التابعة لعائلة رئيس الوزراء التايلاندي تاكسين شيناواترا
ويقول مونتيك سينج أهلوواليا، مدير المشاريع التمثيلي الهندي: "إن المشاريع المتقاطعة مع الدولة القطاع الأكثر تعقيداً. لأنها محكومة سياسياً دوماً، ولهذا بالتالي تمتد عبر عقود على نحوٍ صعب للغاية". وهذا ما تشير إليه التنمية في آسيا وخاصةً في إقليم ميكونج. ومع الصين، تايلاند، لاوس، فيتنام، وكمبوديا، حيث تعمل على قطاع الاقتصاد المخطط له خمس دول في الوقت ذاته بأنظمة حكومية مختلفة للغاية، ومصالح خاصة متفاوتة.
ولا يمكن لـراجيف لال المدير العام لمجموعة البنية التحتية الهندية الجديدة - IDHFC، أن يعمل على تهدئة كل هذا: "إن البنية التحتية منجم من الذهب. والآن تتمسك بها صناديق التحوّط والمقاولون، وتواصل القوى والأيدي العاملة في السوق متابعة تقليص القيود السياسية والبيروقراطية مع الزمن".
وبفضل الإنترنت، وخطوط الربط المتجاوزة للحدود المتزايدة، يمكن ببساطة أن تزيد حدة المقاومة على هذا الأساس. ولا سد، أو محطة توليد طاقة كهربائية، أو حتى شارع، يمكن بناؤه اليوم دون أن تظهر المعارضات. هنا تظهر ميّزة الصين.
واللعبة المناقضة هي الهند، حيث يقول بالانيبان شيدامرارام وزير المالية: "تنقصنا نزعة القاتل. علينا أن نمضي بمشاريع البنية التحتية خاصتنا في النهاية بالكفاءة نفسها الموجودة لدى الصينيين". "علينا أن نبني حتى عام 2010 في دلهي مطاراً جديداً". ولكن بكين تريد حتى عام 2008 أن تُنهي بناء مطارها الثاني حتى عام 2008.