جدة: معامل خاصة لتبديل قطع الأجهزة الأصلية بأخرى مقلدة
تواجه سوق الصواريخ التي تعد من أكبر الأسواق الشعبية في المنطقة الغربية، سوء تنظيم وغياب الرقابة الحكومية اليومية من قبل وزارة التجارة وأمانة جدة، ما أسهم في ممارسة الوافدين الغش التجاري لجميع أنواع السلع، ونشر الفوضى، وأصبحت السوق ملاذا لبيع المسروقات.
السوق التي تحوي ما يقارب 30 مركزا تجاريا يتبعها 15 ألف محل، وأكثر من 15 ألف بسطة لبيع الملابس والأدوات الاستهلاكية والأواني المنزلية، لم يتوقف الوافدون عند ممارسة غشهم التجاري فقط، بل حولوا أجزاء منها إلى سوق لبيع قطع غيار السيارات المستعملة والمسروقة، وعرض المسروقات، وتصريفها عن طريق الباعة الجائلين، ومن المفترض أن تكون هذه السوق بجوار أسواق تشاليح السيارات شرقي جدة، التي خصصتها الأمانة.
ولوحظ، ومن خلال جولة ميدانية لـ «الاقتصادية» استغلال العمالة الوافدة الأجهزة الجديدة، حيث يقومون باستبدال قطع الغيار الأصلية التي تباع في السوق بسعر عال، بقطع مستعملة أو مقلدة، حيث تباع هذه الأجهزة بأعلى سعر، دون أن يعلم المستهلك أن قطع الجهاز مستبدلة.. فإلى تفاصيل الحوار الميداني:
#2#
معامل خاصة
لدى كثير من الوافدين معامل خاصة ومستودعات يعملون على تهيئة البضائع المستوردة والقادمة من ميناء جدة لاستبدالها بأجهزة مستعملة، حيث يتذمرون بأن العيب في هذه الأجهزة من بلد المنشأ، وأن الأجهزة الرقابية الحكومية لا تتأكد من مطابقة هذه الأجهزة للمواصفات، بل إن توليفها وتزويرها واضح وملموس لدى المستهلك، وتعمل هذه الأجهزة على التأكد من نظامية المحال فقط دون التأكد من مواصفات الأجهزة.
وتسيطر على السوق العمالة الوافدة بنسبة تتجاوز 80 في المائة، وتشكل السوق الشعبية خطرا، بسبب الحرائق حال اندلاعها، نتيجة قربها من بعضها، ما جعل رجال الدفاع المدني يؤكدون أن من أبرز الأسباب الرئيسة وراء تكرار الحرائق فيها عدم تمديد الأسلاك الكهربائية تمديدا سليما، وأن السوق ورغم شعبيتها تحتوي على أفضل العلامات العالمية، وأفخم الأزياء العربية والغربية، والمعدات والأجهزة من أوروبا الشرقية، كما تضم أيضا محال تبيع التحف والآثار العالمية، وبعض اللوحات الفنية، ويعود سبب توافر جميع المستلزمات التي يحتاج إليها الأشخاص في هذه السوق، نتيجة قربها من ميناء جدة ومنطقة مستودعات المواد الغذائية والأدوات الاستهلاكية، وأيضا قربها من المنطقة الصناعية، ما جعل البضائع المعروضة فيها متنوعة.
ملابس الأموات؟
يرتفع معدل الطلب على ملابس متوفين مستعملة يتم جمعها من قبل إفريقيات من النفايات، أو من خلال التصدق بها من الأسر السعودية بعد وفاة ذويهم على هؤلاء الإفريقيات، فيما حذرت الجهات الصحية من خطر ارتدائها، نتيجة تعرض مرتاديها لأمراض جلدية خطرة، وتباع هذه الملابس في سوق تعد من أضخم الأسواق للمتاجرة بالملابس المستعملة في المملكة.
#3#
وتقول مصادر طبية إن نقل الملابس المستعملة للأمراض الجلدية ولبس ملابس سبق استخدامها من أشخاص مرضى قد يكون سببا في نقل أمراض جلدية، منها أمراض الجرب وبعض الفطريات والأمراض المعدية.
ويلجأ إلى هذه السوق ذوو الدخل المحدود في أحياء جدة، لشراء الملابس بأسعار زهيدة جدا، حيث بدأ نشاط هؤلاء الأفارقة الذين يسيطرون على السوق منذ 20 عاما، التي تدر لهم دخلا جيدا، حيث تتراكم البضائع بشكل عشوائي، ما يعرضها إلى خطر الحريق.
وأصبحت تلك الملابس المستعملة سوقا رائجة في المنطقة الغربية، وتعرض هذه الملابس على شكل أكوام مبعثرة.
#4#
خطر صحي
رغم أن السواد الأعظم من مرتادي تلك البسطات من العمالة الوافدة، إلا أن كثيرين لا يعلمون أن لتلك الملابس أضرارا صحية حقيقية أكدها عدد من أطباء الجلدية، وأوضحوا أن من أبرزها حساسية الجلد وانتقال بعض أنواع البكتيريا التي تعيش في المنسوجات والملابس القطنية، ولا يمكن القضاء عليها حتى مع استعمال الطرق التقليدية في الغسيل باستخدام المنظفات الكيماوية والمياه الساخنة.
وفي جولة قامت بها «الاقتصادية» على هذه السوق لاحظت قيام الوافدين بغسل الملابس والأحذية بالمياه فقط.
ووفقا لأحد تجار الأجهزة الكهربائية في سوق الصواريخ جنوبي جدة، قال إن الوضع الذي تشهده السوق جراء ممارسة الوافدين غشهم التجاري على أجهزة التكييف والثلاجات التي يرتفع الطلب عليها بشكل سنوي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الجهات الرقابية لا تعمل على مراقبة هذه الأجهزة والغش الذي يمارسه الوافدون بشكل مستمر.
سبب الانخفاض
من جهته، أكد بدر العفيف رئيس لجنة الأجهزة الكهربائية في غرفة جدة انخفاض أسعار الأجهزة المغشوشة في سوق الصواريخ إلى 30 في المائة عن القنوات الرسمية للشركات المعتمدة التي تقوم بتوريد الأجهزة إلى الأسواق في المملكة.
#5#
وأشار العفيف إلى أنه ستشكل لجنة فورية منبثقة من اللجنة، للوقوف على الوضع، وتسجيل جميع الملاحظات، ومعرفة كيفية ممارسة خطط الغش التجاري.
وتابع العفيف «سنرفع لوزارة التجارة عن الوضع الحالي، وقد رفعنا خلال الفترة الماضية عدة عيوب ومخالفين تمكنوا من استبدال ماركات متدنية بماركات عالمية، تمت إحالتهم للوزارة لاتخاذ ما يلزم تجاه مخالفتهم الصريحة.
وطالب رئيس لجنة الأجهزة الكهربائية في غرفة جدة الأمانة وجمعية حماية المستهلك بضرورة التحرك العاجل أمام هذه الظاهرة التي ستغزو أسواق جدة، كما أن ممارسة مثل هذا الغش موجود في أسواقنا من ضعفاء النفوس، ولا بد للجهات الرقابية من التحرك ومتابعة مثل هذه الأمور.
وشدد العفيف على ضرورة شراء المواطنين والمقيمين أجهزتهم من القنوات الرسمية والمعتمدة في المملكة أو الأسواق المعروفة في جدة تفاديا لعدم وقوعهم في أجهزة مغشوشة.
#6#
عقوبات ورقية
إلى ذلك، أكد مصدر في وزارة التجارة أن هناك عقوبات رادعة وأنظمة حاسمة على كل من يثبت تورطه في ذلك، لأننا ندرك خطورة مثل هذه الممارسات.
من جهته، كشف عبد الله الغامدي مدير بلدية جنوب جدة وجود لجنة مكونة من البلدية والدفاع المدني والجوازات للسوق، حيث تقوم بجولات مستمرة تتم خلالها مصادرة كميات كبيرة من البضائع المقلدة والمنتهية الصلاحية.
وقال الغامدي إنه يتم التأكد من رخص المحال والعمالة الموجودة والبضائع من ناحية صلاحيتها للاستعمال الآدمي بالنسبة إلى المواد الغذائية وكذلك مراقبة البضائع التي تعرض خاصة البضائع المقلدة، وتتم مصادرتها، وخلال سوق الجمعة التي تقام كل جمعة تتم مصادرة وإتلاف كميات كبيرة من البضائع التي يعرضها البائعون الجائلون الموجودون في السوق منذ ساعات الصباح الأولى وأيضا للتأكد من مصادرها منعا للسرقات.
وأشار الغامدي إلى أن البضائع التي يتم الحراج عليها تقوم بتسجيل معلومات كاملة عن صاحبها وعن نوعية البضاعة، ويتم تزويد الجهات الأمنية بهذه المعلومات، وقد ساعدت هذه الإجراءات على الكشف عن سارق باع أغراضا مسروقة.
فرق سرية
العقيد مسفر الجعيد المتحدث الأمني لشرطة جدة أكد من جانبه، وجود توجيهات صادرة من مدير شرطة جدة بوضع عديد من الفرق السرية والرسمية وحاليا موجودة في السوق، وذلك لملاحقة الذين يقومون ببيع المسروقات والعمل على تتبع أوكارهم لضبطهم.
وقال العقيد الجعيد إن من يُضبط وهو يبيع مسروقات يُحول إلى التحقيق، ويتم اتخاذ الإجراء الصارم في حقه، كونها قضية نصب واحتيال وتمكنه من السرقة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك مكاتب خاصة لرجال الأمن يوجدون فيها على مدار الساعة لضبط الحالة الأمنية في السوق الشعبية.
خطر الحريق
من جهة ثانية، بين العميد عبد الله جداوي مدير الدفاع المدني في جدة، أن الإدارة لديها خطة إطفائية متكاملة يتم تطبيقها حال اندلاع حرائق في سوق الصواريخ، وأن فرق الإطفاء تقوم بالتأكد من شروط السلامة لجميع المحال التجارية الواقعة في نطاق هذه السوق، وأن الدفاع المدني شرع في وضع نقاط رئيسة تتمركز داخل السوق لإطفاء الحرائق حال اشتعالها.
وأشار جداوي إلى أن من يخالف تعليمات السلامة تتخذ في حقه الإجراءات النظامية، وأن حوادث الحرائق في السوق انخفضت عما كانت عليه العام الماضي، نتيجة لقيام لجان التفتيش المنبثقة من الإدارة بالتفتيش باستمرار.