ابن حميد: الأمن بمعناه الشامل من أهم مكونات بناء الدولة ومقوماتها

أوضح الشيخ صالح بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أن مفهوم الأمن الفكري يتمثل في حفظ العقول من المؤثرات الفكرية والثقافية المنحرفة عن منهج الاستقامة سواءً في مجال الشهوات أو الشبهات، مشيرا إلى أن حماية الأمن والمجتمع من الانحراف السلوكي والخلقي، والوقوف أمام من يريد زعزعة ثوابت الدين والعبث بمقدرات الوطن وقيمه الفاضلة وعاداته الإسلامية، يشمل كل جوانب الإصلاح الاجتماعي والخلقي والتربوي. وقال ابن حميد في كلمته بمناسبة انعقاد اجتماع مديري الفروع الخامس لمديري عموم الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحت عنوان "تعزيز الأمن الفكري المنطلقات والوسائل": لقد جاءت الشريعة بحفظ الضرورات الخمس (الدين والعقل والمال والعرض والنفس)، وأول تلك الضرورات هي حفظ الدين وصيانته وتحريم أي اعتداء عليه بقولٍ أو فعل، ويشمل ذلك الاعتداء على العقول ومحاولة تغييرها عن فطرة الله التي فطر الناس عليها، وعليه فإن الأمن الفكري داخل ضمن هذه الضرورة المأمور بحفظها.
وأبان أن الأمن بمعناه الشامل من أهم مكونات بناء الدولة ومقوماتها، وهو ضرورة لقيام الدين والحياة، وعامل أساسي لاستقرار الشعوب، وإن أمان الأفكار وسلامتها من الخلل والانحراف هو الركيزة الأولى لتحقيق هذا الأمن الشامل. وقال: "إن ارتكاب الآثام والمعاصي والتهاون في الواجبات المفروضة وترك التحاكم للشريعة الإسلامية والحفاظ على عزتها ومكانتها، وحصر الدين في المسجد تمييع وتفريط، وخلل في الفكر والسلوك، وانحراف عن جادة الحق والصواب". وأضاف: تتلخص مقومات بناء الأمن الفكري ووسائل تعزيزه في غرس العقيدة الصحيحة وتنقيتها من جميع الشوائب، ولزوم منهج الكتاب والسنة، وتقوية الوازع الديني في النفوس، وزيادة الإيمان وتقويته لدى الأفراد والجماعات قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}، لافتا إلى أن مما يعزز الأمن الفكري إبراز الجوانب الأخلاقية والسلوكية الحسنة التي جاء بها دين الإسلام وتطبيقها وتمثلها في جوانب الحياة، وإظهار وسطية الإسلام واعتداله وتوازنه وترسيخ الانتماء لهذا الدين الوسط، ومعرفة الأفكار المنحرفة وبيان خطرها والمنع من نشرها والوقوع فيها، ومحاربة المحاولات التي ترمي إلى المساس بثوابت الدين وأحكام الشريعة أو تهديد الوحدة الوطنية، والتعامل بكل حزم مع دعاة الانحراف الفكري بكافة أنواعه. وأوضح ابن حميد وسائل تعزيز الأمن الفكري بإشاعة ثقافة الحوار داخل المجتمع بكل مؤسساته الرسمية وغير الرسمية، وتكثيف برامج التصحيح الفكري باستخدام وسائل الاتصال الجماهيري، وبخاصةٍ شبكة الإنترنت.
وأردف قائلا: "مما يعزز الأمن الفكري الأخذ على يد كل مخطئ فكرياً ومنحرف سلوكياً ومنهجياً ومنعه من الإخلال بالأمن الفكري للمجتمع، وقد ضرب النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ في ذلك مثلاً بليغاً في قوله: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً". الأمر الذي يبرز أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تعزيز الأمن الفكري واستقرار سفينة الأمة. وشدد رئيس المجلس الأعلى للقضاء، على أهمية التحصين الفكري من التأثيرات الفكرية والسلوكية المنحرفة في أهمية التنشئة الاجتماعية السليمة عن طريق المؤسسات المختلفة، مؤكدا أن رجال العلم وأهله والمؤسسات التعليمية والتوعوية تشكل جانباً مهماً في توطيد الأمن الفكري وحماية المجتمع ـــ وبخاصةٍ الشباب ـــ من الهجمات الفكرية المنحرفة على السلوك والأخلاق. وعن دور الإعلام، قال ابن حميد: "إن الإعلام بوسائله كافة يشكل جانباً مهماً في المحافظة على ثوابت هذا الدين وحماية جنابه من المؤثرات الضالة، وتكوين الثقافة الإسلامية ونشرها، واستغلال تعدد وسائل الإعلام في الوقت الحالي بما يحقق الأمن الفكري لأفراد المجتمع كافة". وأبان أن دور المساجد والقائمين عليها يبرز في ترسيخ وسطية الإسلام والدعوة للتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه والتحذير من الأفكار الضالة والتوجهات المنحرفة، والعمل على تحقيق رسالة المسجد الشاملة للجوانب الاجتماعية والعلمية والتربوية