ما فرص توقف دورة الفائدة الأمريكية ؟

ما فرص توقف دورة الفائدة الأمريكية ؟

أوصى المجلس الاستشاري للبنك المركزي الأمريكي برفع سعر الفائدة الأساسية نحو 15 مرة خلال العامين الأخيرين الماضيين، دون توقّف، وبقيمة مستمرة بلغت نحو ربع نسبة مئوية. وعندما يلتقي أصحاب الأموال تحت قيادة رئيس البنك بن بيرنانكيه مرة أخرى قريباً، سوف تكون خطوة تحريك سعر الفائدة للمرة السادسة عشرة. وهو ينوي حمل مبدأ الفائدة المستهدف لليوم المالي نحو 5 في المائة، وعلى هذا النحو، يمكن مساعدة البنك المركزي في تحقيق تزويد السيولة النقدية للاقتصاد بصورة مباشرة. وهذه النسبة تعتبر أعلى من بداية الرفع في السياسة المالية صيف عام 2004 بنحو 4 نقاط في المائة.
وأشار بيرنانكيه إلى احتمال إحداث توقّف في دورة الفائدة. وعقب تصريحه هذا ما زال سعر الفائدة الأساسية اليوم يقترب من المعدل الطبيعي، حيث لا يفترض الوضع الاقتصادي تقلّباً إضافياً، ولا يعمل على كبح نموه. ونظراً لهذا يُعتبر الشروع في فترة من التوقّف والاستراحة في دورة الفائدة أمراً منطقياً، وهي تمنح البنك المركزي الأمريكي الفرصة للحصول على بيانات اقتصادية مفصّلة بوجود راحة أكثر في الفرص، وإبعاد مخاطر الوضع الاقتصادي و الأسعار. وهنا يدور الأمر حول أكثر من ذلك، عندما تهدد أسعار النفط، والأجور المرتفعة برفع حجم التضخم أكثر، بينما من الممكن أن يؤدي الفتور في سوق العقارات إلى إحباط الاستهلاك الخاص، وكذلك الوضع الاقتصادي خلال النصف الثاني من العام الجاري.
ولكن يحقق التوقّف في دورة الفائدة شيئاً من المرونة في السياسة المالية الأمريكية، التي حدثت ما قبل بضعة أعوام: في صيف عام 2003، وعد البنك المركزي بالحفاظ على معدل متدنٍ للفائدة الأساسية لفترة طويلة من الزمن، برغم هذا، شهد الوضع الاقتصادي تقدّماً بصورة ملحوظة. وفي ربيع عام 2004 أعلن البنك زيادة طفيفة و على هذا الشكل، كان الهدف تجنّب الرفض المحتمل من الأسواق المالية والاقتصاد. وكانت هذه المحصلة، قياساً مع النمو و تضخّم أسعار الاستهلاك، سياسة ناجحة. وبرغم أنها بالفعل كانت قصيرة جداً، ولكن تم توجيه الوضع الاقتصادي المسيطر خلالها، وتلاشي المخاطر التي نشبت عن طريق فائض من السيولة، على سبيل المثال، في شكل من القفزات الضخمة في الأسعار في أسواق العقارات.
وعلى ما يبدو أن كل شيء ممكن، المزيد من الخطوات في اتجاه زيادة أو خفض سعر الفائدة ً. وتحظى توقعات خبراء البنوك فيما يتعلّق بسعر الفائدة الأساسية حتى نهاية العام باستعداد كبير للتقلّب من نحو نقطة واحدة في المائة، ويمكن قراءة الخوف من التضخّم المتزايد بفعل ارتفاع حجم أرباح القروض. ونظراً لتراجع اليقين بخطوات ارتفاع أخرى في الفائدة، رزح الدولار لضغط هائل. وليس اليورو والين فحسب، ولكن غيرها من العملات النقدية الأقل أهمية، مثل الدولار الكندي، و اليوان الكوري، تسجّل كلها أرباحاً في أسعار الصرف. ويُقيّم الدولار الكندي بصورة مرتفعة، وكانت آخر مرة وصل فيها إلى هذا الارتفاع منذ نحو ثلاثة عقود من الزمان، واليورو قوي جداً كما كانت حاله قبل عام واحد.
ولا يوجد أي تهديد لقيمة الدولار الأمريكي حتى هذه اللحظة . وتلعب الكثير من العوامل دوراً في التأثير على سعر الصرف في أسواق الأرباح، منها كذلك القلق المتزايد حول العجز المرتفع في الميزان الإنتاجي الأمريكي. وكان يُعد تطوّر فوائد البنك المركزي وفرق الفائدة لديها في النهاية الوجيزة للسوق المالية، مؤشراً موثوقاً تماماً إلى توجّه سعر الصرف من الدولار إلى اليورو.
ومع انفجار فقاعة "الاقتصاد الجديد، والكساد التالي، عمل البنك المركزي الأمريكي على خفض سعر الفائدة الأساسية من 6.5 إلى 1.75 في المائة، وهذا خلال الفترة ما بين كانون الثاني (يناير) و كانون الأول (ديسمبر) من عام 2001 فقط. ولأن البنك المركزي الأوروبي تقدّم بحذر لا يضاهى، نتج عن قفزة الفائدة الاسمية المعتبرة مساوئ فائدة على الدولار سريعاً؛ حيث فقدت العملة الأمريكية من قيمتها. وأعلن البنك المركزي الأمريكي قبل عام أمام البنك المركزي الأوروبي نهاية السياسة المالية الرخوة. وتقلّص حيز الفائدة، ووصل العام الماضي إلى وثبة في الفائدة من جديد: حيث سجّل الدولار ربحاً في سعر الصرف مقابل اليورو.
والآن على ما يبدو أن الاقتصاد الأمريكي يمر بفترة لم تعد تشهد ارتفاعاً حاداً في الفوائد الأمريكية والتي من المحتمل بالأحرى أن تشهد انخفاضاً، وفي المقابل، على البنك المركزي الأوروبي أن يتراجع مسافة لا بأس بها، ليتمكن من دحض مخاطر التضخم القائمة. وهنا يكتسب اليورو قوة. وإضافة إلى هذا أصبح من الواضح، أن الأمر لدى أسعار الصرف لا يدور حول أسعار مطلقة، ولكن حول أسعار نسبية للنقد. وتظهر تشريعات السوق هنا: عرض متزايد يؤدي لدى طلب ثابت غير متغيّر إلى انخفاض في الأسعار. ومن المفترض أن يشير البنك المركزي الأمريكي إلى اهتمامه بإجراء تعديلات على هيكل تبادل أسعار الصرف، خاصةً عندما يتهدد هدف استقرار الأسعار بعض المخاطر.

الأكثر قراءة