مَن يرفض المبادرة يتحمّل وزر العراق!
في الحوار المطول الذي تم مع «الاقتصادية» ونُشر في عدد أمس وقف المفكر العراقي المعروف عبد الحسين شعبان وقفة صدق مع النفس ووقفة صدق مع كل عراقي، فمن موقعه المهم البعيد عن الاستقطاب والأحزاب وصف مبادرة خادم الحرمين الشريفين، بأنها (فرصة تاريخية) للعراق لكون المملكة (تعد ثقلا عربيا وإقليميا وعالميا واتسمت سياستها بالاعتدال والحكمة والوقوف مسافة واحدة من جميع الأطياف العراقية)، وهي كما يقول مبادرة لإخراج العراق من الفراغ السياسي الذي يعيشه، والذي سوف يؤدي استمراره إلى مزيد من الفوضى والدمار.
ومن موقعه المستقل دعا شعبان كل العراقيين، جميع أطراف الصراع، إلى الإحساس بالمسؤولية التاريخية، ومن مبدأ حسن الظن يعتقد أن الأطراف لديها إحساس بالمسؤولية وتتفهم دقة الموقف الذي يعيشه العراق، فالبلد منذ سبعة أشهر لم يخرج بحكومة إجماع وطني رغم أن العراق كما يقول قد (عاش حالة من الفوضى والألم والدمار وغياب الدولة والسلطة وفراغها الدستوري ناهيك عن الفساد المالي والإداري المستشري في ظل حالات من الفقر والموت المعلن وغير المعلن).
وبحكم أنه مواطن عراقي يرى أن له الحق الأدبي والأخلاقي بأن يحاسب كل من يرفض ولا يستجيب لهذه المبادرة، ويقول (أرى أن أي طرف لن يتحلى بالمسؤولية وعدم التعاون مع المبادرة سيكون الطرف الرئيس في زيادة حدة الفوضى وسيحّمله العراقيون جميعا مسؤولية عدم إنجاح هذه المبادرة، لأنها مبادرة لإنقاذ العراق). ويقول أيضا (من يقف ضد المبادرة مباشرة وغير مباشرة يسهم عمليا في عزله عن حالة الإجماع الوطني العراقي).
هذا الصوت العراقي العربي الذي يرفعه الدكتور عبد الحسين شعبان ليس الوحيد، فأغلب العراقيين الذين يعيشون حالة التشرد بعيدا عن بلادهم يتطلعون، بل يحلمون بالمسار الذي يأخذ جميع العراقيين إلى إعادة بناء العراق ليكون دولة تقوم على المبادئ والأخلاق الإنسانية، دولة يحتكم فيها الناس إلى القانون وليس إلى مبادئ الطائفة والعشيرة، والمؤسف أن في العراق من لا يريد للعراق أن يكون دولة قانون.
الذين خرجوا في العراق وذكروا أن المبادرة جاءت متأخرة وأنها تتعارض مع جهود قائمة وتشكل مسارا مزدوجا، هؤلاء هم الذين عناهم الدكتور شعبان حينما قال إن مَن يقف ضد المبادرة سيكون هو مَن يُحمّله العراقيون مسؤولية الفوضى وضياع فرص السلام، وسيقدّم نفسه في إطار المتآمرين على مصالح العراق، خصوصا بعد دخول العراق في فوضى متداخلة المعالم ضاعت فيها الأهداف وتناطح أصحاب المصالح والدمار يستهدف الجميع.
إن من لديه أدنى إحساس بالمسؤولية لن يقبل بالوضع الذي يعيشه العراق، ومَن يقف ضد إخراج العراق من أزمته، هؤلاء ماذا يميزهم عن صدام حسين.. تكاد الوجوه تكون هي الوجوه والأصوات هي الأصوات!
كنا نحلم بأن يكون العراق وطنا لكل العرب، وطنا يفتح أبوابه لمَن يعشقون تاريخه وعروبته وأرضه ونخيله وحكايات أهله، ولكن هناك مَن يريد العراق له وحده!