الشركات الذكية تدرك فوائد مبادرات التعليم الإلكتروني

الشركات الذكية تدرك فوائد مبادرات التعليم الإلكتروني

الشركات الذكية تدرك فوائد مبادرات التعليم الإلكتروني

عندما تحتاج شركة ما إلى تدريب موظفين جُدُد أو إدخال منتج جديد مهم، كان الأمر في كل مرة ينطوي على سفر الأفراد إلى مراكز التدريب التابعة للشركة أو إلى اجتماعاتها الخاصة بالمبيعات، علاوة على النفقات الباهظة لتذاكر الطيران وتكاليف الوجبات والإقامة في الفنادق.
وإذا أرادت الشركة تجنب نفقات الطيران، فعليها شحن كميات هائلة من الأوراق أو أكوام من الأقراص المدمجة إلى الموظفين الذين غالباً ما يفقدونها أو يهملون قراءة المادة التي تحتويها. أما في يومنا هذا، فقد اكتشفت الشركات الكبرى أن بوسعها التخلص من كثير من الوقت اللازم للسفر وتقليص تكلفة شحن الورق والبلاستيك من خلال بناء نظم تعلم إلكتروني على الشبكة، وهو ما يسميه بعض من هذه الشركات بـ"الجامعات الافتراضية" Virtual University.
إن هناك فوائد استراتيجية وأيضاً لوجيستية وراء هذا النهج، فالشركات تعوّل على التعليم الإلكتروني من أجل تسريع عملية تدشين منتجات جديدة، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للشركات العالمية، ولا سيما شركات التصنيع وشركات الأدوية التي تحتاج إلى تنسيق تدشين المنتجات الجديدة في نقاط متباعدة حول العالم.
ترى بعض الشركات أن الخاصية التفاعلية والرسوميات المتطورة لنظم التعليم الإلكتروني ذات التصميم الجيد من شأنها مساعدة الموظفين في التعليم على نحو أسرع والاحتفاظ بمزيد من المعرفة وجعلهم أغزر إنتاجاً على نحو أسرع من قضاء أسابيع من التدريب في الفصول الدراسية. وتتيح هذه الأساليب أيضاً للموظفين فرصة للحصول على مزيد من السيطرة على ما يتلقونه من تدريب، مما يمكنهم من البحث عن دورات معدّة خصيصاً لتتواءم مع مساراتهم المهنية المعينة والتسجيل لحضورها.
تقوم الشركات بتطوير تطبيقات للتعليم الإلكتروني لتلقين مهارات الاستخدام الملائم للمنتجات والمعدات أو مهارات من قبيل السياسات التنظيمية أو ممارسات العملاء. ويتم استخدام التعليم الإلكتروني على نحوٍ متزايد لتعريف الموظفين الجدد بشركاتهم، أو لإطلاع الموظفين المخضرمين على أحدث الفوائد وسياسات العلاقات الإنسانية.
وتبقى الحقيقة القائلة إن التعليم الإلكتروني مازال أمامه طريق طويل قبل أن يلحق بركب طرق التدريس التقليدية القائمة على الكتيبات الورقية المطبوعة ومحيطات الفصول الدراسية، وذلك على حد قول مايكل برينان الذي يعمل كبيراً لمحللي خدمات التعليم لدى شركة البحوث "إنترناشونال داتا كورب" التي تتخذ من مدينة بريمنجهام في ولاية ماساتشوستس مقراً لها.
وحسب تقديرات شركة إنترناشونال داتا كورب؛ فإنه بداية من عام 2001 بلغ إجمالي ما تم إنفاقه على تقنية التعليم الإلكتروني زهاء 5.7 مليار دولار، أي ما يمثل قرابة 26 في المائة من إجمالي سوق تدريب الشركات، حسبما يشير برينان. وينبغي أن يزيد هذا المبلغ ليصل إلى زهاء 21.1 مليار دولاراً و48 في المائة من سوق تدريب الشركات خلال العام الجاري 2006.
أما شركة الاستشارات بوز ألن هاميلتون، ومقرها هاميلتون، فهي متحفظة إلى حد ما، وقدرت حجم سوق التعليم الإلكتروني في عام 2004 بنحو 14 مليار دولار.
وتشير تقديرات شركة جارتنر جروب إلى أن الطلب على محتوى التعليم الإلكتروني سيكون قوياً بما يكفي لجعل مصممي التعليم على الشبكة من بين أصحاب المهارات الوظيفية العشر الأكثر طلباً بين الشركات العالمية.
وتتكون الأغلبية العظمى من تطبيقات التعليم الإلكتروني المطروحة حالياً في الأسواق من نظم لإدارة التعليم تسمح للموظفين بالدخول إلى شبكة الإنترنت لإيجاد الدروس المناسبة وجدولتها، بغض النظر عما إذا كانت تدريباً على الشبكة أم في الفصل الدراسي. ولكن ثمة فئة أخرى من التطبيقات تكتسب شهرة هي نظم إدارة المحتويات، وذلك من البائعين من أمثال فيوبوينت كورب، ودوسنت إنك، وكليك تو ليرن، التي توفر أدوات تتيح للمؤسسات إيجاد محتوى تعليمي لتدريب الموظفين والعملاء والموردين على أي مجموعة من المهارات أو المعارف تقريباً.

مكتبة التعليم

كان لدى شركة فورد موتور أهداف مماثلة عندما قامت بتطوير نظام طموح يستخدم تقنية بحث الشبكة العصبية لمساعدة الموظفين في إيجاد وجدولة الدورات التي تنعقد على الشبكة وداخل الفصول الدراسية. يقول إيد سكيتش، الذي يشغل منصب مدير شبكة فورد للتعليم، ومقرها ديربورن في ولاية ميتشجان بقوله "لقد قمنا بتأسيس مكتبة تكاد تضارع مكتبة الكونجرس وتضم كافة أشكال التعليم" المتاحة داخل مصنع السيارات العالمي.
بدأت "فورد" في تطوير هذا الحل منذ ثلاث سنوات بهدف إقامة نظام بحث وتسجيل وجدولة على الشبكة لمعظم أقسام الشركة وفروعها الفنية. ويشير سكيتش إلى انتهاء الشركة من إعداد برامج تدريبية على الشبكة لأقسام التسويق والمبيعات والموارد البشرية وتقنية المعلومات، مضيفاً أن شبكة التعليم شارفت على الانتهاء مع تخطيط متطلبات التدريب لتطوير المنتجات "التي تعتبر فرعا هندسيا وفنيا ضخما. ونحن نفعل الشيء نفسه مع التصنيع".
ويضيف سكيتش قائلاً: "لقد بدأنا بالجماعات الكبيرة من الأفراد"، ولكن الشبكة تقوم الآن بتطوير موارد تدريبية لبعض من المجتمعات الأصغر حجماً من قبيل قسم الشؤون القانونية ومصممي السيارات والمصممين. ومع جاهزية نظام التعليم الإلكتروني يسهل على الأقسام الأصغر حجماً التي تتكون من عمالة تبلغ 400 فرداً فما دون "أن تضع لنفسها خريطة طريق تدريبية وتدخلها فوراً في الهيكل" وأن تمتلك برنامجها التدريبي الخاص على الشبكة مقابل تكلفة مالية زهيدة.
يوجد في قلب هذا النظام نظام الدخول إلى المعلومات القائم على الشبكة العصبية الخاصة بشركة أوتونومي كورب، الذي يمكن ربطه بأي تطبيق يقوم بإدارة مجلدات كبيرة من البيانات غير المنظمة. وتتيح الشبكة العصبية للمستخدمين البحث في شبكة فورد للتعليم لإيجاد دورات تدريبية في الفصول الدراسية أو على الشبكة تتواءم مع احتياجاتهم.
تم تصميم هذا النظام الخاص بشركة أوتونومي بناء على نظام إدارة التعليم الخاص بشركة سابا سوفتوير إنك، الذي يعالج عملية الجدولة للتدريب الذي يتم داخل الفصول الدراسية. ويمكن للمستخدمين إما أن يدشنوا من فورهم التطبيق التدريبي أو يمكنهم اختيار الدورة التدريبية على الإنترنت وتشغيلها عندما يكون لديهم متسع من الوقت. إن قدرة الشبكة العصبية الخاصة بنظام أوتونومي هي التي أقنعت فورد بأنها ستكون الأداة المثلى لتنظيم الكميات المهولة من النصوص غير المنظمة التي ستدخل في النظام.

أهداف طموحة
يمكن بالفعل الآن الدخول إلى هذا النظام من قبل الآلاف من موظفي "فورد"، ويقدر سكيتش أنه في غضون أكثر من سنة بقليل، من الراجح أن نحو 100 ألف موظف سيدخلون إلى النظام لإيجاد برنامج تدريبي يتناسب مع الحاجات الخاصة بكل فرد منهم.
يقول سكيتش: "في مرحلة أكثر تقدماً على هذا الطريق سنحصل على شريحة أكبر من إجمالي عدد العاملين البالغ 350 ألف عامل، بمن في ذلك عمال التجميع في منشآتنا التصنيعية. ولا بد للمرء من امتلاك شيء نشيط جداً لتقديم نتائج بحثية جيدة".
ويمضي سكيتش موضحاً بقوله إن شركة فورد لا تخامرها أية مخاوف بشأن إمكانية توسع شبكة فورد للتعليم، وهي راضية عما شهدته من حيث قدرة أوتونومي على دعم ما يمكن أن يكون مشروعاً طموحاً على نحو متزايد. وبمجرد أن تتمكن "فورد" من تشغيل النظام في أقسامها الخاصة ستوجه اهتمامها إلى ربط شبكتي الموردين والموزعين الخاصتين بها. يوفر هذا النظام الآن بالفعل أموالاً لـ "فورد" ويقول سكيتش: إنه بمرور الوقت ستجني الشركة فوائد على عدد من الجبهات.
نذكر على سبيل المثال أن شبكة التعليم أتاحت لـ "فورد" تقليص الوقت الذي ينفقه العاملون في التدريبات التي تتم في الفصول الدراسية التابعة لبرنامج توكيد الجودة Six Sigma، وهو عبارة عن معيار متبنّى على شكل واسع بين المصنّعين. وثمة قرابة 15 ألف عامل يحصلون على هذه الدورة سنوياً، وهي عادة ما تكون عبارة عن برنامج يتكون من خمسة أيام في الفصول الدراسية.
تمكنت "فورد" من تقليص هذه الأيام الخمسة إلى ثلاثة فقط في الفصول الدراسية من خلال توجيه الموظفين إلى الدخول إلى الإنترنت وتعلم أساسيات برنامج Six Sigma واجتياز الاختبار كي يستطيعوا التأهل لتدريب الفصول الدراسية.
ويشير سكيتش في هذا الصدد بقوله: "لقد وفر لنا ذلك النهج الذي اتبعناه 17 مليون دولار في صورة تكاليف استخدام لمجرد برنامج واحد".
ورُغم رغبة سكيتش في تزويد أرقام محددة، إلا أنه كشف أن تطوير شبكة فورد للتعليم المحسنة بنظام أوتونومي لإدارة المعلومات قد تكلف أقل من عشرة ملايين دولار.
ومن واقع تجربة "فورد"؛ فإنه يعد شيئاً اقتصادياً أن تصمم الشركات برنامجاً للتعليم الإلكتروني لأي دورة تدريبية سيحضرها أكثر من 500 شخص. ومن المرجح أن تقل نقطة تعادل النفقات والأرباح مع اكتساب "فورد" خبرة إضافية في تصميم دورات التعليم الإلكتروني.
ومن المحتمل أيضاً أن تتمكن فورد من إدرار عائد لا بأس به من خلال بيع البرنامج كحزمة تعليم إلكتروني، حيث يوضح سكيتش قائلاً "إننا نعتقد أن تصنيف Fortune 1000 يعني الأشخاص الذين يمكنهم أن يبدوا اهتماماً فورياً بهذا". ويستطرد قائلاً: إنه رغم قيام "فورد" بتطوير النظام كتطبيق مصنوع خصيصاً "إلا أنه في مرحلة متقدمة على هذا الطريق ستكون لدينا الرغبة – من الناحية النظرية – في طرح حزمة نهائية للشركات الأصغر حجما".
وعلى حد قول سكيتش، فإن هذه التقنية قابلة للتطبيق بسهولة على الصناعات الدوائية والطبية، وقد تلقت "فورد" بالفعل استفسارات من القوات المسلحة والمجتمع الأكاديمي وصناعة الكيميائيات. ولن تنظر "فورد" في أمر بيع النظام إلى منافسين مباشرين في دنيا صناعة السيارات. ولكن هذه مسألة معقدة لأن "فورد" لديها اهتمام ببيع الحزمة إلى شبكة الموردين، ولكن – والحديث على لسان سكيتش – "بعض من منافسينا يعملون أيضا كموردين لنا، لذا فالحياة معقدة كثيراً في أيامنا هذه".

"بلاك آند ديكار": مزيد من الوقت للعدد

أما بالنسبة لمصنّع العُدد الكهربائية بلاك آند ديكار، فقد كان الهدف يتمثل في تنفيذ نظام للتعليم الإلكتروني أكثر تطوراً دون إنفاق ملايين الدولارات على التطبيقات ذات التكلفة المستمرة العالية من أجل إيجاد المحتويات.
كان القرار الأساسي بالنسبة لـ "بلاك آند ديكار" يتمثل فيما إذا كانت تستخدم نظاماً لإدارة التعليم يركز بشكل رئيسي على جدولة الدورات والتسجيل فيها أو نظام لإدارة محتوى التعليم يساعد أيضا في تصميم واستخدام دورات على الشبكة. وكما يقول مات ديفيو الذي يعمل مديراً للتدريب والتوظيف في شركة بلاك آند ديكار، ومقرها مدينة تاوسون في ولاية ميريلاند، فإن شركته قررت استخدام حزمة التعليم الإلكتروني القائمة على الويب التي تنتجها شركة فيوبوينت كورب، لأنها تمتلك المزيج المناسب من قدرات إدارة الدورات مصحوبة بأدوات سهلة الاستخدام نسبياً لإيجاد المحتويات. وقد اختارت "بلاك آند ديكار فيوبوينت" بعد تقييم عشر شركات تنتج برمجيات التعليم الإلكتروني أوصت بها دراسة أجراها طلاب ماجستير إدارة الأعمال في جامعة ميريلاند في إطار منهجهم الدراسي.
يوضح ديفيو بقوله "لقد كنا مقتنعين تماماً بفكرة أننا لا نملك ملايين من الدولارات نلقي بها في عملية إيجاد المحتويات". وتشمل الحزمة تطبيقاً لإيجاد المحتويات يتيح لطاقم التدريب في الشركة تصميم دوراته التدريبية الخاصة على الشبكة، وهذه الدورات أكثر تفاعلاً، وتشتمل على رسوميات أكثر تطوراً من الدورات التدريبية الأصلية التي على غرار العروض التقديمية والتي قامت الشركة بتطويرها منذ ثلاث سنوات من أجل موقعها التدريبي الأصلي على الويب، وذلك على حد قول ديفيو.
وكما يقول ديفيو؛ فإن تلك الدورات الأصلية كانت أكثر من مجرد نسخ من ملفات التدريب الورقية الأصلية التي تم مسحها ضوئياً وإدخالها إلى نظام التعليم الإلكتروني. "فسرعان ما اكتشفنا أن قدرة رجالنا على استرجاع ما تعلموه تبلغ ضعف ما كانت عليه" في التدريب الذي يتم في الفصول الدراسية. إن هذه الفوائد المبكرة هي التي شجعت "بلاك آند ديكار" على بناء نظام أكثر تطوراً.
وغير هذا النظام الأسلوب الذي تتبعه الشركة في التدريب، وهو يوفر للشركة قدراً كبيراً من المال الذي اعتادت ذات يوم إنفاقه نظير تكاليف السفر لحضور دوراتها التدريبية القديمة التي كانت تنعقد في الفصول الدراسية. وكانت الشركة معتادة على توفير أسبوعين من التدريب الأولي، ولكن في ظل وجود نظام فيوبوينت، سيمضي الموظفون الجدد زهاء يومين في بيوتهم يتلقون دورات على الشبكة توفر – بشكل رئيسي – معلومات حول فوائد الشركة وخلفيتها، وقد أدى هذا العمل الأولي على الشبكة إلى خفض أسبوع كامل من الدورة التدريبية على الشبكة. ويشير ديفيو بقوله: "هذا يعني أسبوعاً أقل من تكاليف الفنادق"، مضيفاً أن الشركة تتوقع استرداد استثمارها الأولي في النظام في غضون نحو ثلاث سنوات.
إن الأمر لا يتوقف فحسب على قدرة الموظفين الجدد على استرجاع قدر أكبر من هذه المعلومات، بل يتعداه إلى كون النظام يعطيهم أيضاً مزيداً من الوقت الذي يعملون فيه في منتجات الشركة من العدد الكهربائية. لقد اعتاد الموظفون الجدد على إمضاء ما يصل إلى 80 في المائة من وقتهم في التدريب في الفصول الدراسية وزهاء 20 في المائة من وقتهم في ورش التدريب على العدد. وكما يقول ديفيو فإن "الحال قد تبدل الآن إلى العكس، فنمضي نحو 20 في المائة من وقتنا في غرف الدرس و80 في المائة في النشاط التفاعلي باستخدام العدد".

الخروج إلى النور
قامت "بلاك آند ديكار" بتدشين النظام الجديد مع دورتها الأكثر شعبية والتي تعمل على تدريب الموظفين المعينين حديثاً، حيث قامت الشركة بتطبيق برنامج تجريبي مع نحو 25 متدرباً في البداية، ثم 150 آخرين لاحقاً. ويقول ديفيو إنه بحلول أواخر الصيف خرج النظام إلى النور رسمياً مع قرابة ألف من الموظفين الجدد والمتدربين في مجالي المبيعات والتسويق، بمن فيهم بعض من موظفي خدمة العملاء الذين يتولون الرد على الأسئلة المطروحة عبر الهاتف يومياً.
بعد ذلك ستمنح الشركة لموظفي شبكتها الخاصة بمراكز الخدمة مدخلاً إلى نظام التدريب على الشبكة كي يتمكنوا من معرفة المعلومات الأساسية عن "بلاك آند ديكار"؛ إضافة إلى تعلم كيفية خدمة منتجات الشركة. وبحلول نهاية العام ستكون دورات تدريبية جديدة على الشبكة جاهزة لتدريب الموظفين حديثاً في المجموعة الهندسية بالشركة. وكما يشير ديفيو، فإن هذا يشتمل على خريجي الجامعات الذين يحملون درجة في الهندسة ولكن تعوزهم الخبرة في مجال تصميم العدد الكهربائية.
إن الفائدة الأساسية طويلة المدى للنظام ستتمثل في تسريع عملية تدشين المنتجات الجديدة. وبدأت الشركة منذ الربع الأول من عام 2003، في استخدام هذا النظام في توزيع مواد المبيعات ومواصفات المنتجات على قوة مبيعاتها العالمية، وهي العملية التي حسنت كفاءة برنامجها الخاص بالتدريب على المبيعات تحسيناً جوهرياً، على حد قول ديفيو.
تتم العملية الحالية يدوياً وتتطلب من الشركة شحن الملفات الورقية وأقراص مدمجة إلى ممثلي المبيعات حول العالم. وفي عام 2004 تمثلت الخطة في تدشين منتجات جديدة بطريقة واحدة، ألا وهي من خلال نظام التعليم الإلكتروني. يقول ديفيو "الشيء الرائع في هذه العملية هو أنها ستكون دائماً على الشبكة"، وسيتخلص هذا من المشكلة التي تعاني منها قوة المبيعات المتمثلة في فقدانهم المتكرر الملفات الورقية أو تركها لدى العملاء أو وضع الأقراص المدمجة في غير موضعها.

استرضاء المراجعين

يمتلك مصنّع العقاقير Astra Zeneca PLC استثمارات كبيرة في تطوير برنامج لإدارة التعليم على الشبكة أتاح له متابعة نوعية البرامج التدريبية بدقة والتي أتمها موظفوه بنجاح.
يقول ريك إلمر الذي يشغل منصب مدير عملية التدريب لدى "أسترازينيكا"، ومقرها ويستبورو في ولاية ماساشوستس، إنه في صناعة شديدة الانضباط يتعين على الشركة أن تثبت أن فنيي إنتاجها مدربون تماماً على إجراءات التشغيل المعيارية لإنتاج عقاقير آمنة وفعالة.
ويوضح إلمر بقوله: إن لكل وظيفة لائحة – سواء كانت الوظيفة كيميائي أم مهندس مصادقة أم مشغل آلة إنتاج – تحتوي على مجموعة من المتطلبات التدريبية، ولا بد أن تتمكن الشركة من أن تثبت لمراجعي إدارة الأغذية والعقاقير أن السجل التدريبي لكل موظف مكتمل ودقيق وعصري.
ثمة تحد آخر كان يتمثل في أن الإجراءات يتم تنقيحها على نحو متكرر، مما كان يعني وجوب إخطار كثير من الموظفين بحاجتهم إلى نيل قسط من التدريب على الإجراءات المنقحة وحاجتهم إلى الالتحاق بالدورات المناسبة ليلاحقوا أحدث التطورات.
يستطرد إلمر قائلاً: إن عملية حفظ السجلات كانت بأكملها قائمة على الورق، "وعندما تكون منخرطاً في عملية قائمة على الورق وتحتوي على خطوات متعددة وتتضمن الكثير من الأشخاص تكون هناك احتمالات أكثر بكثير لوقوع أخطاء".

تجنب العقوبات

يقول إلمر إن مسألة التأكد من حصول جميع العاملين على تدريب كامل لهو أمر مهم، فهناك جزاءات تفرض نظير الفشل في ضمان حصول جميع العاملين على تدريب معاصر، وتراوح هذه الجزاءات بين توجيه خطاب تحذير وفرض غرامات ويصل الأمر في أسوأ حالات الإهمال الفاضح إلى استصدار أوامر قضائية بوقف عجلة الإنتاج.
وهناك احتمال قائم بأن يفقد أحد مصنّعي العقاقير ترخيصه الفيدرالي لإنتاج العقاقير، ويتم منعه فعلاً من ممارسة الصناعة إذا تسبب التدريب المعيب في إنتاج عقاقير فيها خلل أو تعرض السلامة العامة للخطر.
يقول إلمر: "إن مراجعي إدارة الأغذية والعقاقير يتسمون بالحرص الشديد والاتساق التام والدقة البالغة"، وهذا يعني أن مصنّعي العقاقير سيقطعون شوطاً بعيداً لضمان ألا يجد المراجعون خللاً في سجلاتهم التدريبية. وقررت "أسترازينيكا" تنفيذ نظام التعليم على الشبكة الخاص بشركة بلاتو سيستمز المحدودة للاحتفاظ بالبرنامج التدريبي على مساره. وقد اختارت "أسترازينيكا" نظام بلاتو على وجه التحديد لأنه سهل الاستخدام؛ حيث كان بمقدوره الدخول إلى قواعد بيانات متعددة لجمع وترتيب سجلات التدريب الأساسية، وأمكنه دمج المعلومات التي يحصل عليها من الويب؛ علاوة على توفير الشركة دعماً جيداً لمنتجها، وذلك على حد قول إلمر.
ويوضح إلمر أن النظام يحتفظ بسجل يحتوي على جميع مكونات التدريب الذي تطلب الشركة من كل موظف الحصول عليه. وفي كل مرة تقوم الشركة بتنقيح أحد إجراءات التشغيل، يقوم النظام بإخطار الموظفين المعنيين بالحاجة إلى نيل أحدث التدريبات.
ويقوم النظام أيضاً بإصدار إخطارات بالبريد الإلكتروني إذا قصّر أحد الموظفين في دراسة أحدث الإجراءات أو إتمام متطلباته التدريبية في غضون فترة زمنية معينة.
ويضيف إلمر قائلاً: إن الفوائد الأساسية من وراء نظام بلاتو تتمثل في أنه يتيح للموظف الفرد أن يدخل إلى الشبكة ليدخل إلى مهامه التدريبية. ويمكن لمديري الأقسام متابعة وضع دورة مرؤوسيهم التدريبية للتأكد من سيرهم وفق الجدول الموضوع، أو – إذا لم يكن الحال كذلك – التأكد من عودتهم إلى مسارهم.
يقول إلمر "لقد أجبرنا نظام بلاتو على تطبيق منهج غاية في الاتساق والنظام" في تخصيص المكونات التدريبية لجميع العاملين، حيث كان هناك غياب ملحوظ للاتساق قبل استخدام الشركة هذا النظام، مضيفا أنه " كان مجهوداً ضخماً، ولكن إذا رجعنا إلى الوراء وجدنا أنه كان لا بد منه".
وحسبما يقول إلمر، فإن "أسترازينيكا" لم تقم بتحليل العائد على الاستثمار الخاص بنظامها لإدارة التعليم، لأنه مهم جداً لإدارة برنامجها التدريبي وحفظها للسجلات. ورغم الكم الكبير من الوقت الذي استغرقه اختيار وتنفيذ نظام بلاتو؛ فإنه يؤتي ثماره من ناحية مطلب استمرار امتثال شركة أسترازينيكا للوائح إدارة الأغذية والعقاقير.

"واتشوفيا كورب": ميزة تنافسية

قامت مؤسسة Wachovia Corp – التي تعد رابع أكبر شركة قابضة للمصارف في الولايات المتحدة، التي تمتلك أصول تفوق قيمتها 325 مليار دولار – بتنفيذ التعليم الإلكتروني كطريقة للحصول على ميزة تنافسية وتخفيض التكاليف، وذلك كما يقول سكوت ستاكر الذي يشغل منصب نائب رئيس "واتشوفيا" لنظم التعليم المتقدمة ومقرها مدينة شارلوت في ولاية نورث كارولينا.
ويضيف ستاكر قائلاً: إن أهم فائدة تجنيها "واتشوفيا" من التعليم الإلكتروني هي الإسراع إلى السوق، موضحاً أنه باستخدام مزيج من نظام لإدارة التعليم وإقامة المؤتمرات عبر الإنترنت ووسائل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية يمكن لشركة واتشوفيا "الوصول إلى عشرات الآلاف من الأشخاص بشكل سريع نسبياً". وتضم الشركة الحالية – التي تشكلت من خلال عملية الدمج التي تمت في سبتمبر (أيلول) من عام 2001 لكل من "واتشوفيا" وشركة فرست يونيان المصرفية التي مقرها شارلوت – في الوقت الحالي زهاء 100 ألف موظف. ويشير ستاكر إلى أنه كان عضواً في فريق تابع لشركة فرست يونيان، حيث بدأ ذلك الفريق في عام 2000 في النظر إلى التعليم الإلكتروني كوسيلة للسيطرة على تكاليف طلبات التزويد بالعمالة وتيسيرها.
يستطرد ستاكر قائلاً "رأينا هذا الأمر كوسيلة، لا للتخلص من الأفراد بل للسماح لمن لدينا من أفراد بالقيام فعلاً بالمزيد من التدريب"، دون الاضطرار إلى السفر وتلقي المزيد من الدورات التي تتم وجها لوجه. لقد قامت الشركة بتطوير ما يطلق عليه ستاكر وصف "الجامعة الافتراضية" باستخدام مزيج من نظام "سنترا وان" لإدارة التعليم الإلكتروني الذي تنتجه شركة سينترا سوفتوير ونظام ويبيكس للمؤتمرات على الإنترنت ووسائل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، لبث دورات إلى مكاتبها في أنحاء البلاد.
تستخدم "واتشوفيا" هذا النظام من أجل تدريب جميع مستويات الإدارة في الشركة – تقريباً – وقد تم استخدامه مع الموظفين الجدد وإخصائيي المبيعات والتسويق ومديري الحسابات. وقد استخدمت الشركة هذا النظام لتدريب أكثر من 2600 موظف حتى الآن، ويقدر ستاكر أن هذا المجهود وفر زهاء 450 ألف دولار.
ثمة مجموعة شركات أخرى تريد تدشين برنامج تدريبي سيتمخض عن تدريب عدد يصل إلى عشرة آلاف شخص خلال أكثر من 18 شهراً، لأنها تقدّر أن بوسعها توفير ما يصل إلى ثمانية ملايين دولار في العام في صورة تكاليف سفر باستخدام فصل "سينترا" الدراسي الافتراضي.

"دلتا إيرلاينز": الدقة في التدريب

شرعت شركة Delta Airlines في استخدام التعليم الإلكتروني كوسيلة لتنظيم ومتابعة برامجها التدريبية بمستوى صارم من الدقة، يقارب النحو الذي تتابع به عملياتها الخاصة بالحجز والرحلات، وذلك على حد قول بيل كلاين مدير التعليم في شركة دلتا إيرلاينز ومقرها مدينة أطلنطا في ولاية جورجيا. وكما يضيف كلاين؛ فإن ثمة هدفاً رئيسياً آخر يشتمل على تدريب موظفي الشركة على مر الوقت على أداء أدوار متعددة عبر المؤسسة، لكي يكونوا جاهزين للقيام بوظائف مختلفة مع تغير حاجات الشركة.
ويوضح كلاين أنه من أجل هذه الغاية قامت دلتا باستخدام نظام باثلور سيستمز لإدارة التعليم على الشبكة حتى تتمكن من جدولة عملية التدريب في الشركة ومتابعتها وإعداد تقارير حولها بشكل دقيق.
ويلاحظ كلاين قائلاً: لم نستطع فعل هذا باستخدام الورق أو أقلام الرصاص لإنقاذ أرواحنا غداً إذا دعت الحاجة لذلك.
ويذكر كلاين أن نظام "بالثور" يتيح لمجموعة التدريب إعداد تقارير عن عدد الصفوف التي تم تقديمها، وعدد ما تم إلغاؤه منها، وعدد من تم تسجيلهم من أفراد، وعدد من فشلوا في الحضور. وهذا يوفر ذات المستوى من التفصيل الذي تتوقعه شركة الطيران عند الإفادة عن جداول مواعيد الرحلات وأحمال المسافرين والأداء المتسم بالدقة في المواعيد.
يأتي الوفر الرئيسي في التكلفة من عدم الحاجة إلى توظيف بين ثمانية وعشرة أفراد لا لشيء إلا لإدارة عملية التسجيل في الصفوف وإعداد تقارير عنها. وأحد البرامج التدريبية الأساسية التي يعمل على تطويرها كلاين هو دورة دلتا في "ثقافة الأعمال"، التي يقوم على رعايتها رئيس شركة دلتا فريدريك رايد. ويتم تصميم دورة ثقافة الأعمال لمنح الموظفين فهما أساسياً عن كيفية عمل شركة دلتا وصناعة الطيران التجاري. وفي نهاية عام 2002 حصل قرابة 45 ألف موظف من موظفي "دلتا" الذين يربون على 60 ألف موظف على هذه الدورة.
ورُغم أن جميع هذه الشركات إما في المراحل الأولى أو المتوسطة من تطوير برامجها الخاصة بالتعليم الإلكتروني، إلا أنها تعلن أنها تعطي بالفعل الفوائد الأولية التي تصوروها لهذه البرامج. إن البرهان الحقيقي على نجاح هذه النظم هو أن التعليم الإلكتروني يثبت، يوما بعد يوم، جدارته ليصبح الطريقة المعيارية التي تستخدمها الشركات في تدريب جميع موظفيها منذ التحاقهم بالعمل وحتى المستوى التنفيذي.

الأكثر قراءة