الاتحاد الأوروبي يحث على إعادة هيكلة نظام النفقات

الاتحاد الأوروبي يحث على إعادة هيكلة نظام النفقات

لم يُعرف الاتحاد الأوروبي حتى هذا اليوم بقدرته على إصدار قرارات سريعة. فقد مضى ما يزيد على عامين من الزمان، منذ أن طرحت مفوضية الاتحاد الأوروبي اقتراحها حول الميزانية الخمسية من عام 2007 حتى عام 2013، وبدأ النزاع فيما يتعلّق بالنفقات. وطلب المكلّفون الكبار بالنفقات الصافية تحديد الخزينة المالية لنحو واحد في المائة من دخل الناتج الإجمالي القومي كأقصى حد. ورفضت بريطانيا تقليص حجم مساهمات التخفيضات خاصتها، وأبت فرنسا التخلي عن المعونات المالية المقدّمة للقطاع الزراعي لديها. وأدرك النزاع نهايته قبل نحو خمسة أشهر في إحدى أمسيات كانون الأول (ديسمبر) . ومع بداية نيسان (أبريل) اتفقت الدول فيما بينها والبرلمان الأوروبي بتحديد الميزانية الإجمالية لمدة سبعة أعوام بما يعادل 864.4 مليار يورو.
وعلى ما يبدو فإن هناك بعض الأمور الإيجابية. ومن أولى تلك الأمور الإيجابية، أن هناك إجماعا وتوافقا، حيث يوفّر الاتحاد الأوروبي أعواماً تلو أعوام من الصراع حيال شؤون الميزانية. وأصبحت الحدود العليا للنفقات مثبّتة. وعلى ما يبدو أن النزاعات حيال تفاصيل النفقات والميزانية السنوية باتت أخفّ حدّة. وتوصل الأفراد مبكراً إلى اتفاق يكفي للتمكّن من وضع خطط مشاريع الاتحاد الأوروبي متعددة الأعوام قبل حلول عام 2007. ويمكن للتزويد أن يبدأ بدقة. وبالطبع فإن 864.4 مليار يورو أو 1.05 من دخل الناتج الإجمالي القومي للميزانية هي أقل بصورة واضحة من مليار يورو، التي طلبتها المفوضية. وهذا نجاح، حتى لو ضاع هدف النسبة المئوية الواحدة. والحقيقة أن نفقات الاتحاد الأوروبي كافة، وكذلك صناديق التكافل الجارية غير المتبعة في الميزانية، وصناديق التنمية الأوروبية، تقارب نحو 1.1 في المائة من دخل الناتج الإجمالي القومي. وثالثاً، الإيجابية الأفضل في حل وسط، حيث تخلّت دول الاتحاد الأوروبي عن دراسة النفقات، والدخل الإجمالي، والمساهمات لعامي 2008/2009.
ولا تكمن الفرصة في هذه النقطة، ولكن المبدأ الإلزامي في إعادة تشكيل الميزانية بالأساس، حيث عموماً كل ما هو في إطار المالية الجديد سيئ كسلفه. والأسوأ: أن الاتحاد الأوروبي لا يدرك الحقيقة، بأنه بحاجة أكبر إلى سياسة موجّهة لتزويد القدرة التنافسية، هذه السياسة التي تتضمّن ميزانية مهيكلة. ومن المفترض أن ينساب خلال الأعوام المقبلة ما يزيد على 70 في المائة من الميزانية في اتجاهين: لمساعدة الأقاليم الزراعية، وتزويد إعادة الهيكلة. وتتجنّب المعونات المالية المخصصة للأقاليم الزراعية إضافة عبء على المستهلكين و المكلّفين بالضرائب، حيث يواجه القطاع الزراعي المنافسة. والأكثر من هذا، تستفيد المنشآت الكبرى من المجادلة، التي تخدم التزويد، والمعونات الزراعية، وما تزال هذه المعونات بعيدة عن قبضة أيدي المنشآت الصغيرة والمزارعين الناشئين. ومن الممكن كذلك النزاع على منطق صناديق إعادة الهيكلة، حيث يظهر تأثير الأمر كما أنه شعوذة، عندما تسجّل المفوضية الوسيلة الأصلية القديمة ضمن مراكز القدرة التنافسية، لتدع الميزانية تظهر و كأنها متقدّمة.
وعندما تتحدّث الدول، والبرلمان الأوروبي، والمفوضية عن نفقات عام 2008، عليها أن تجيب على سؤالين: هل تريد أن تضع لهدف تزويد عمليات التحديث والتعليم عن طريق الاتحاد الأوروبي ميزانية ملائمة على حده؟ و : هل لديها الشجاعة لعدم رفع النفقات، ولكن تقليصها، هناك حيث تواجه هذا الهدف لدى الاقتصاد الزراعي، وصناديق إعادة الهيكلة؟ تنظر فرنسا بكل صعوبة إلى هذين السؤالين: هذه الطريق لن تؤدي على أية حال من الأحوال إلى الوصول للحل الوسط المتعلق بالقطاع الزراعي من عام 2003، إذا لم يرِد الاتحاد الأوروبي الاعتماد إلى الأبد على سياسة مدعومة بصورة عكسية. ومن الممكن أن تكون موافقة الحكومة في باريس أسهل، إذا غيّر المرء نظام المساهمات بوقت متزامن.
وهنا لا يدور الأمر حول تقليص التخفيضات المالية للإنجليز أكثر، والتي تم إطلاقها في عام 1984، بهدف مساعدة الضعف الاقتصادي في الدولة، التي تتضمّن المساعدات الزراعية. وبالفعل تم تقليص هذه التخفيضات المالية، وهي تعتبر من وجهة نظر القوى الاقتصادية البريطانية ليست عادلة أو منصفة، بنحو 10.5 مليار يورو في كانون الأول (ديسمبر). ولا يغيّر هذا شيئاً من الدور الخاص للبريطانيين. فعلى الاتحاد الأوروبي أن يجد نظاماً، يمكن أن يحدد العبء المُضاف على المكلّفين بالنفقات الصافية بصورة موحّدة. وفي المقابل يُعد الحل الوسط من كانون الأول (ديسمبر) بالنسبة لألمانيا في هذه النقطة أي شيء إلا أن يكون ملائماً. وفي خضم العلاقة فيما يختص بدخل الناتج القومي الإجمالي، فإن ألمانيا تُعد من أكبر الدول المكلّفة لدفع النفقات الصافية.
ومن الممكن أن ينشأ تحديد للعبء الصافي على بعض الأجزاء المعينة من الإنتاجية الاقتصادية في بعض مخصصات تخفيضات البريطانيين، والتخفيضات الخاصة لبعض الدول. ومن المفترض على المرء أن يكون حذراً للغاية في التفوه بكلمة واحدة أخرى عن ضريبة الاتحاد الأوروبي. وهذا من الممكن أن يوقظ الشهوات لدى المفوضية، والحقيقة تشير إلى رفع في سعر الضريبة، بما أن الدول في المقابل لن تعمل على الأغلب على تخفيض العبء الضريبي على مواطنيها. ولكن من المحتمل أن تطرح المفوضية هذه الوسيلة عام 2008. في أفضل الأحوال يخطر على ذهن الاتحاد الأوروبي في هذا الأمر، تشكيل ميزانية عام 2014 على الأقل بصورة مبتدعة، وأبعد الظن أن يسير الاتحاد الأوروبي أسرع من هذا، بالرغم من أنه لم يُعرف عنه هذا من قبل.

الأكثر قراءة