من الممكن الوصول إلى ذروة الأداء الاقتصادي

من الممكن الوصول إلى ذروة الأداء الاقتصادي

مضى الاقتصاد في ألمانيا خلال الأشهر الماضية في سيره حيث أظهرت كافة المؤشرات تسارع معدلات النمو مع اقتراب الربع الثاني من العام الحالي من نهايته. وتتحدث مؤشرات عن وضع اقتصادي جيّد جداً على المستوى المحلي ربما يسوء خلال النصف الثاني من العام الجاري. وبالنظر إلى المستقبل، فإن مؤشرات الاقتصاد الجيدة حالياً تستدعي الحذر. حيث أظهر مؤشر التوقعات الاقتصادية التابع لمركز البحث الاقتصادي الأوروبي ZEW في مدينة مانهايم الألمانية بمشاركة نحو بضع مئات المحللين الماليين - أظهر تراجع توقعات المحللين بصورة واضحة للمرة الخامسة على التوالي خلال حزيران (يونيو). وتراجع المؤشّر في الموازنة ما بين الآراء السلبية الإيجابية نحو 12.2 إلى 37.8 نقطة، وبالتالي يسجّل بالكاد أعلى من قيمته التاريخية، التي يمكن أن يفسرها المرء على أنها الوضع الطبيعي. ويفقد المحللون ثقتهم بقوة واستمرار الازدهار. وعلى ما يبدو أن ارتفاع أسعار النفط منذ نيسان (أبريل) إلى نحو 70 دولارا، وقوة اليورو، ومظاهر ضعف الاقتصاد الأمريكي المتزايدة خلال النصف الثاني من العام الحالي أثرت سلبا على التوقعات.

كما ينظر إلى مؤشر مؤسسة أيفو- Ifo الاقتصادية في ميونيخ على أنه مؤشّر مهم ويقول هانز فيرنير رئيس مؤسسة إيفو إن الشركات تقدّر التوقعات الاقتصادية في حزيران (يونيو) على نحوٍ أسوأ للمرة الثانية على التوالي. بينما قيّمت الوضع الاقتصادي بصورة أفضل من التوقعات. وفي الماضي أشار هذا التفاوت ما بين الوضع والتوقعات إلى نقطة تحوّل في مؤشر مؤسسة إيفو وإلى فتور التطوّر الاقتصادي. وبالرغم من هذا، فإنه من المتوقّع تواصل الازدهار الاقتصادي في ألمانيا حتى العام المقبل، ومن الممكن حتى عام 2008. وتتمركز هذه الثقة في النمو المتسارع للاستثمارات في ألمانيا، ما يشير إلى انتعاش دائم قياساً بالتجربة والخبرة.
ومنذ بداية عام 2004، تتجه الشركات أكثر إلى الاستثمار في قطاع التجهيزات؛ ولا يعتمد هذا النمو على مراحل الانتعاش المبكرة في الاقتصاد. وحتى في قطاع البناء توجد بعض المؤشرات ابتداءً من النصف الثاني لعام 2005، حيث تتزايد الاستثمارات في قطاع الإنشاء والبناء. ويُعزى التراجع الملحوظ في الربع الأول لهذا العام إلى فترة الشتاء الطويلة، ومن الممكن أن يتم تعويض هذا التراجع خلال الربع الثاني. وارتفع حجم الإنتاج في نيسان (أبريل) في مجال العقارات والإنشاءات بنحو 20 في المائة مقابل الأرقام المسجلة في آذار (مارس). وسيعمل هذا العامل في المواكبة على تسارع النمو الاقتصادي خلال الربع الثاني.
ومن الصعب الحكم على مظاهر تطوّر الاستثمارات بعد أن تراجع الإنتاج من السلع الاستثمارية خلال شهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل) الماضيين. من الممكن أن يعمل هذا على تراجع الارتياح. وتعتمد استثمارات التجهيزات إلى حدٍ لا بأس فيه على الطلب القوي على التصدير. وستعمل قوة اليورو في الأشهر الماضية، على تراجع حجم التصدير في غضون نصف عام. وبالكاد تبدّلت قدرة المنافسة في الأسعار للاقتصاد الألماني مقابل أهم الشركاء التجاريين البالغ عددهم نحو 19.
وشكلت الاستثمارات في مجال التجهيزات والإنشاء خلال العام الماضي نحو 16 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. ومن ناحية إحصائية، فالأكثر وزناً هنا هو الاستهلاك الخاص، الذي يشكل وحده نحو 59 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. وهنا لا تظهر صورة الوضع الاقتصادي وردية جداً، كما هي الحال بالنسبة للاستثمارات، ففي الربع الأول ارتفع حجم الاستهلاك المحلي بالفعل نحو 0.6 في المائة مقابل الربع الذي سبقه؛ حيث تمت معادلة التراجع في الربع الأخير من عام 2005.
وارتفع مؤشر الاتحاد الأوروبي للثقة في الاستهلاك في ألمانيا أخيرا بصورة ملحوظة، وسجّل قيمة أعلى من قيمته السنوية. وعلى ما يبدو أن المستهلكين لديهم الرغبة في الاقتران بأحجام كبيرة من المشتريات؛ حيث انخفضت نسبة الادخار في الربع الأول بصورة طفيفة. وتتطابق هذه النتيجة مع التوقع حيث يميل المستهلكون للإنفاق والشراء تجاوبا مع استضافة ألمانيا لبطولة كأس العالم من جهة وقبل زيادة الضرائب في الأول من كانون الثاني (يناير) عام 2007 من جهة أخرى . ولم تتحسّن التوقعات بالدخل الإجمالي أخيراً أكثر، وتبقى تحت المعدل. ومن الممكن أن يعمل سعر النفط الأعلى على إفساد الدخل الإجمالي المتاح. وبلغ معدل التضخّم في شهر أيار (مايو) نحو 1.9 في المائة؛ ولكن ارتفعت التوقعات بالتضخم من قبل المستهلك بصورة كبيرة جداً.
وحتى الآن لا يمكن القول إن التحسّن القوي في سوق العمل سيعمل على دفع الازدهار. ولكن لا شيء يشير إلى تناقض الآراء المنتشرة في أوساط الخبراء الاقتصاديين، حيث إن الاقتصاد يعيش في هذه الأشهر أعلى معدلاته لكنه من المتوقع أن يضعف بعدها.

الأكثر قراءة