المؤسسات المالية لا تمتلك الخبرة والمعرفة بهندسة منتجات إسلامية مبتكرة

المؤسسات المالية لا تمتلك الخبرة والمعرفة بهندسة منتجات إسلامية مبتكرة
المؤسسات المالية لا تمتلك الخبرة والمعرفة بهندسة منتجات إسلامية مبتكرة
المؤسسات المالية لا تمتلك الخبرة والمعرفة بهندسة منتجات إسلامية مبتكرة

تحولت إحدى جلسات المنتدى المصرفي الإسلامي في كوالالمبور KLIFF إلى ما يمكن وصفه بجلسة “مصارحة” انتقادية لقوام الصيرفة الإسلامية وشكلها الحالي.

حيث اعترف محمد نضال الشعار الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، بعدم امتلاك المؤسسات المالية الخبرة والمعرفة أو حتى السابقة الخاصة بهندسة منتجات مبتكرة إسلامية بشكل كامل.

ودعا الشعار المصرفيين إلى إيلاء اهتمام أكثر لما يعرف بـ «صيرفة الأفراد» وذلك عبر تقديم منتجات مبتكرة لهم، داعيا في الوقت نفسه إلى استخدام مصطلح «المالية العاطفية» لوصف حالة 1.6 مليار مسلم الذين ينتظرون من هذه المنتجات أن تلبي حاجتهم الاستثمارية.

وتابع : «إننا نحاول بناء نظام مالي يتم دمجه مع النظام العالمي. أما على صعيد (صيرفة) التجزئة (الخاصة بالأفراد)، فعلينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ونصف هذا النوع من التمويل بالمالية العاطفية Emotional Finance بدلا من المالية الإسلامية».

وعما يقصده الشعار بهذه العبارة التي لفتت أنظار الحضور، يقول الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية: “إننا نعمل على مستوى يشهد طلبا عاليا من صيرفة الأفراد الذين ينتظرون منتجات من قبلنا. وعليه فلا بد أن نكون صادقين معهم، وذلك عبر تقديم منتجات لا تسبب الإرباك لهم (يقصد عدم فهمهم لها)”، وواصل: “فهم يأتون لك بعواطفهم (الخاصة بالإقبال على المنتجات الإسلامية) التي نعرضها عليهم.

واقترح الشعار إقامة مجلس شرعي أعلى يقوم بمهمة وضع المعايير الخاصة بالمنتجات المصرفية الإسلامية ويزيل في الوقت نفسه الاختلافات التي تحصل في المنتجات.
من المتعارف عليه أن بنوك التجزئة تعتمد على ودائع عملائها لتمويل محفظات قروضها والاستفادة من الفائدة التي تجنيها من هذه العمليات كربح صاف لها. وعلى العكس من ذلك، يعتمد نموذج الصيرفة الاستثمارية على سوق الجملة Wholesale Market لتمويل عملياته. إلا أن هذه السوق تعتمد على عمليات تجارية مع البنوك وليس الأفراد. ما يعني أن هذه البنوك الاستثمارية معرضة لضغط في سيولتها مقارنة ببنوك التجزئة. ودائما ما تستهدف بنوك التجزئة الأفراد من خلال منتجات القروض والرهن العقاري المخصصة لهم، مقابل بنوك الاستثمار التي تستهدف منتجاتها الشركات.

وفي جلسة الأمور المحاسبية، ناقش نيك شاهرايزل سليمان، من شركة برايس ووترهاوس كوبرز، الاختلافات في معايير المحاسبة «التقليدية» مع نظيراتها الإسلامية من هيئة المحاسبة، حيث قال: «من المهم أن نكون مدركين للاختلافات المحاسبية، على اعتبار أنها يمكن أن تؤثر في كيفية الإبلاغ عن الموجودات والأرباح في البيانات المالية. فربما تكون هناك كذلك اختلافات في وجهات النظر المحاسبية والقانونية بخصوص التعاملات المالية الإسلامية”. وتابع: «ينشأ التضارب في حالات معينة حين يتوقع الفقهاء الشرعيون أن تكون المعالجة المحاسبية متفقة مع وجهات نظرهم».

وتوجد في العادة ثلاثة معايير محاسبية مطبقة على مستوى العالم وهي بين «المعايير الدولية للإبلاغ المالي» IFRS ، والمعايير المحاسبية الخاصة في الولايات المتحدة GAAP وتلك الخاصة بهيئة المحاسبة.

الافتقار إلى الابتكار

وعلى خلاف الدبلوماسية المعتادة من المسؤولين التنفيذيين، انتقد الشعار علانية وبشكل غير مباشر ما تقوم به بعض المصارف التقليدية تجاه «أسلمة» المنتجات المصرفية، وذلك بإزالة الغلاف التقليدي لهذه المنتجات وإعادة تغليفها بغلاف ذي صبغة شرعية، حيث قال: «علينا التفريق بين إعادة التغليف المتطابقة مع الشريعة وبين تَصنّع شرعية المنتج”.
وواصل: «فعندما تأخذ منتجا تقليديا وتبدأ بتعذيبه وتكسير ذراعيه ورجليه حتى يستشهد فإن هذه مشكلة»، مشيرا إلى أن هذه المنتجات المتصنعة شرعيتها موجودة في الأسواق حاليا.
#2#
عندها عرج الشعار إلى مسألة ابتكار المنتجات التي أشار إلى أنها ستأتي في وقتها، من دون أن يحدد فترة زمنية لذلك. حيث يقول إن احتياجات العميل تبقى كما هي، سواء كان مسلما أو غير مسلم. فعليه أن يقترض ويشتري أسهما ويحصل على تأمين وما شابه ذلك”.
يذكر أن عديدا من المصارف العالمية الكبرى تزعم أنها مستمرة في عملها الدائم حول ابتكار المنتجات الخاصة بالأفراد، إلا أن الشعار، ومن موقع احتكاكه بالمصارف الإسلامية، اعترف بعدم قدرة تلك المؤسسات على تقديم منتجات مصرفية مبتكره innovative products. حيث يقول : «في الوقت الحالي، لا نملك الخبرة و المعرفة او حتى السابقة الخاصة بهندسة منتجات مبتكرة وإسلامية بشكل كامل، لدرجة أنها تختلف بشكل جذري عن المنتجات التقليدية».

وفي جلسة الموارد البشرية، قال محمد إيزانيغني كبير الإداريين الماليين في “خزانة ناشنال”، إن هناك حاجة ماسة إلى موارد رأس المال البشري ذات النوعية الجيدة للوفاء بالطلب في الصناعة. فالاتجاه العام الحالي هو مجرد تدوير للوظائف بين المؤسسات والبنوك. ويقصد إيزانيغني أن المصرفيين الإسلاميين لا يستمرون في وظائفهم نفسها، بل يتنقلون لأكثر من جهة بسبب زيادة الطلب عليهم. وعن المنتجات يقول إيزانيغني: «هياكل المنتجات في حاجة إلى درجة معينة من التوحيد المعياري (المقصود بذلك هو فهم السمات المميزة) للحصول على قبول عام وشامل، وبالتالي الحصول على عمق في السوق».
#3#
وفي الجلسة الخاصة بالتكافل، قال نور أزمان زينل، رئيس قسم تطوير المنتجات في شركة برودنشال: إن منتج صناديق الاستثمار المهيكلة الذي تقدمه شركات التكافل ـــ يكون في العادة محميا من حيث رأس المال ـــ حيث يدار في العادة من قبل البنوك الاستثمارية بهدف إدارة صندوق التبرع فقط.

وفي جلسة الفقهاء، ذكرالفقيه المصرفي عصام محمد إسحاق من البحرين أن هناك منتجات في الخليج تخالف المبادئ الشرعية المتفق عليها بالإجماع مقارنة بالنقطة التي دائما ما تثار ضد الماليزيين والمتعلقة ببيع العينة التي يوجد لها على الأقل مرجع في المذهب الشافعي, وهي مدرسة لها احترامها الواسع''. وأوضح عصام أن مسألة تعهد المضارب بشراء الصكوك عند استحقاقها، التي ابتكرها أولا أهل الخليج، لا يوجد لها أساس في مدارس الفقه الأربع!

وفي حين يأخذ الخليجيون على الماليزيين إجازتهم بيع العينة، تزداد الخلافات اتساعاً بشأن جواز استخدامات بعض أشكال التورق، التي أثارت حالة من التشويش في السوق، لدرجة أن مؤيدي هذا المنتج حذروا من عواقب كارثية إذا تم إلغاء هذا الهيكل. والتورق أحد أسس صناعة التمويل الإسلامي البالغ حجمها تريليون دولار ويستخدم على نطاق واسع كأداة للتمويل وإدارة السيولة، كما أن التورق في شكله البسيط هو شراء سلعة بثمن آجل ثم بيعها وتحصيل ثمنها نقدا. والتورق المنظم مشابه لذلك، غير أن المعاملات تتم من خلال البنوك. ولا يختلف التورق العكسي عن التورق المنظم إلا في أن المشتري يكون مؤسسة مالية تسعى إلى تدبير سيولة.

وكان مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي قد اعتبر التورق المنظم والتورق العكسي ‘’تحايلا’’ بهدف وضع قناع على استخدام الربا.
ولا تزال مسألة ''شرعنة'' المنتجات الإسلامية بحسب المدارس الفقهية, التي تتبع لها ماليزيا والخليج, مشكلة تؤرق الصناعة، فقد فقدت سوق الصكوك العالمية في 2008 ما يصل إلى نحو 31 مليار دولار كمبيعات كان منتظرا تحققها لولا أزمة الائتمان العالمية، والجدل الشرعي الذي أحدثته تصريحات محمد تقي عثماني، رئيس المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة، الذي صرح أن نحو 85 في المائة من الصكوك الصادرة كانت غير ملتزمة بالأحكام الشرعية بسبب وجود اتفاقيات إعادة الشراء.

الأكثر قراءة